المعارضة اللبنانية لتطبيق القرارات الدولية وإسقاط ثلاثية «جيش - شعب - مقاومة»

إجماع على نزع سلاح «حزب الله» ونقاش مفتوح حول الاستحقاق الرئاسي

اجتماع لقوى المعارضة في مقر حزب «القوات اللبنانية» (موقع القوات)
اجتماع لقوى المعارضة في مقر حزب «القوات اللبنانية» (موقع القوات)
TT

المعارضة اللبنانية لتطبيق القرارات الدولية وإسقاط ثلاثية «جيش - شعب - مقاومة»

اجتماع لقوى المعارضة في مقر حزب «القوات اللبنانية» (موقع القوات)
اجتماع لقوى المعارضة في مقر حزب «القوات اللبنانية» (موقع القوات)

رفعت المعارضة اللبنانية سقف مواقفها مطالبة بنزع سلاح «حزب الله»، وإسقاط ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» التي تنص عليها البيانات الوزارية؛ «تمهيداً للانطلاق بمرحلة جديدة من تاريخ لبنان».

وجاءت هذه المواقف في اجتماع عقدته كتل ونواب قوى المعارضة (تمثل 31 نائباً)، في مقر حزب «القوات اللبنانية»، حيث كان يعقد الاجتماع الدوري لكتلة «الجمهورية القوية» برئاسة سمير جعجع.

وفيما كان واضحاً الاتفاق على المطالبة بضرورة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرارات الدولية، ولا سيما تلك المرتبطة بنزع سلاح «حزب الله»، لم يحسم الاجتماع الأول خيار المعارضة، في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، وأبقت النقاش مفتوحاً بشأنه، بعدما سقط ترشيحها للوزير السابق جهاد أزعور، الذي كان قد اتفق عليه المجتمعون مع كتلة «التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل.

وتقول مصادر نيابية شاركت في الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إن المعارضة أرادت التأكيد على وحدتها حول رؤية وطنية واحدة، وكان هناك إجماع على أنه لا عودة إلى ما قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والأمور المرتبطة بسلاح «حزب الله»، وأهمية العمل على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار المرتكز على القرار «1701»، ويتضمن ذلك القرار «1559»، الذي ينص على حلّ ونزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية.

تباين وجهات نظر

وتقر المصادر بأن هناك «تبايناً في وجهات النظر في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، وتحديداً لجهة المرشح الذي ستبذل المعارضة جهودها في الأسابيع المقبلة لاختياره انطلاقاً من مواصفات تتفق عليها، ليتولى قيادة لبنان في المرحلة المقبلة، بحيث سيكون التركيز والنقاش مفتوحاً في الاجتماعات المقبلة على هذا الأمر، من دون قطع الطريق على إمكانية إعادة التواصل والانفتاح مع باسيل الذي أعلن فك تحالفه مع (حزب الله)، لأنه يرفض مرشح (الثنائي الشيعي) للرئاسة، الوزير السابق سليمان فرنجية».

وفي حين لم يتطرق البيان الرسمي الذي تلاه النائب سليم الصايغ إلى ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» المنصوص عليها في البيانات الوزارية، قال الصايغ: «لن نقبل بأي بيان وزاري يعيد معادلة جيش - شعب - مقاومة لأنها لم تعد موجودة بفعل قرار اتفاق وقف إطلاق النار».

وهذا الأمر أكدته المصادر النيابية، موضحة أن «إسقاط الثلاثية يجب أن يكون أمراً طبيعياً ولا بحث فيه بعد الاتفاق الذي وافق عليه (حزب الله) بنفسه».

رئيس حزب «القوات» سمير جعجع (حزب القوات)

وقال النواب، وفق البيان إن اجتماعهم جاء في مرحلة مفصلية يمر بها لبنان «تتطلب عملاً مكثفاً لتثبيت الأمن والاستقرار، والإسراع بإعادة بناء الدولة ومؤسساتها على أسس صلبة إصلاحية، انطلاقاً من الثوابت السيادية والدستورية والديمقراطية».

وأضاف البيان: «تؤكد كتل ونواب قوى المعارضة ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار من خلال استعجال تطبيق الآليات والخطوات العملية التي وافقت عليها الحكومة في جلستها المنعقدة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، خصوصاً لجهة تطبيق القرارات الدولية (1559، 1680، 1701) والبنود ذات الصلة في (اتفاق الطائف)، والتعاطي الحازم مع الخروقات، وضبط السلاح وحصره مع الجيش اللبناني، وانتشار الجيش اللبناني على الحدود والأراضي اللبنانية كافة، وذلك سعياً للوصول إلى دولة فعلية يبسط الجيش اللبناني سيادة الدولة على أراضيها كافة، وحماية حدودها، وضبط كل معابرها، تمهيداً للانطلاق بمرحلة جديدة من تاريخ لبنان تكون نقيض المرحلة السابقة التي لم تأت على اللبنانيين إلا بالمآسي والانهيارات والنكبات والحروب».

عقدة الانتخابات الرئاسية

وعن الانتخابات الرئاسية، قال المجتمعون إن «تاريخ 9 يناير (كانون الثاني) (موعد جلسة الانتخاب التي حددها رئيس البرلمان نبيه بري) يجب أن يكون التاريخ الحاسم لانتخاب رئيس ملتزم بتطبيق الدستور، وتنفيذ البنود الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار، وقيادة الإصلاحات المطلوبة للخروج من الأزمة المؤسساتية والمالية والاقتصادية، والشروع في بناء دولة القانون والمؤسسات واستعادة سيادتها على كامل أراضيها»، وأكدوا: «لهذا الهدف، سنكثف الجهود والاتصالات مع الكتل النيابية كافة في محاولة للتفاهم حول مرشح يحظى بتأييد واسع مع التمسك بالمواصفات المطلوبة لمرحلة بناء الدولة التي نؤمن بها».

وشدّدوا في الوقت عينه على ضرورة أن تكون الجلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس بحسب الدستور.

وحضر الاجتماع إلى جانب نواب «القوات»، النواب، عن كتلة حزب «الكتائب اللبنانية»، نديم الجميل وسليم الصايغ، وعن كتلة «تجدد»، أشرف ريفي وفؤاد مخزومي وميشال معوض، وعن كتلة «تحالف التغيير» وضاح الصادق وميشال الدويهي ومارك ضو وأديب عبد المسيح.

موقف «التنمية والتحرير»

ردّ النائب قاسم هاشم، في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان، على مواقف المعارضة، معبراً عن «أسفه لما صدر عن قوى ما يسمى المعارضة في مقاربتها لاتفاق وقف إطلاق النار، ودور الجيش الوطني، وكأن المطلوب إعفاء العدو الصهيوني من ارتكاباته وممارساته العدوانية لخرقه وقف إطلاق النار، وقضمه أجزاء من الأراضي اللبنانية، واعتدائه حتى على حرمة الأموات، فأي سيادة تتحدثون عنها وباسمها».

وقال: «معيب أن تصل الأمور إلى هذا الدرك، فبدلاً من إدانة العدو وممارساته، إذا بصوت هذه القوى تبرر الاعتداءات، وهمها إرضاء الخارج مهما كانت نتائج هذه السياسة، ومعها أصبح الصمت أبلغ».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تدفع بتعزيزات إلى كفركلا وتواصل نسف بيوت جنوب لبنان

المشرق العربي جنود إسرائيليون ينتشرون قرب الجدار الفاصل مع لبنان (رويترز)

إسرائيل تدفع بتعزيزات إلى كفركلا وتواصل نسف بيوت جنوب لبنان

دفعت القوات الإسرائيلية الأربعاء بتعزيزات جديدة إلى المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، استعداداً للتوجه إلى بلدة كفركلا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن في واشنطن (أ.ب) play-circle 01:45

بلينكن لتسليم ترمب «خطة متكاملة» لغزة ما بعد الحرب

حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المجتمع الدولي على دعم خطته لما بعد الحرب في غزة، كاشفاً أنها ستسلم إلى الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترمب.

علي بردى (واشنطن)
الاقتصاد نواف سلام يلوّح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون في قصر بعبدا (وكالة حماية البيئة)

سلام بعد تكليفه: الأزمة الاقتصادية وإعادة إعمار لبنان على رأس الأولويات

تعهد رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام، الثلاثاء، بالعمل على بناء الدولة الحديثة في لبنان الذي دمرته الأزمات المتوالية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي منازل مدمرة في جنوب لبنان كما تظهر من الجانب الإسرائيلي للحدود (رويترز)

تفجيرات إسرائيلية «ممنهجة» لمنازل ومنشآت حيوية في بلدات جنوب لبنان

نفذ الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، «تفجيرات ممنهجة» لمنازل لبنانية في 3 قرى حدودية على الأقل، استكمالاً لعملية تدمير واسعة ينتهجها بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني المنتَخب حديثاً جوزيف عون يتحدث أمام البرلمان اللبناني (أ.ف.ب)

عون: الدولة والشعب «مسؤولان عن تحمُّل عبء الصراع» مع إسرائيل

كشف الرئيس اللبناني جوزيف عون الثلاثاء أن الدولة والشعب «مسؤولان عن تحمُّل عبء الصراع» مع إسرائيل

«الشرق الأوسط» (بيروت)

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
TT

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)

ثلاث رسائل أساسية يحملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته القصيرة للبنان الجمعة، وهي الزيارة الثالثة من نوعها بعد الزيارتين اللتين قام بهما بعد حادثة تفجير المرفأ صيف عام 2020؛ وتتناول «سيادته على أراضيه، وإصلاحه اقتصاده لتوفير التنمية والازدهار، والمحافظة على وحدته».

ويحط ماكرون في بيروت وبمعيته وفد رسمي ضيق، يضم وزيري الخارجية والدفاع جان نويل بارو وسيباستيان لو كورنو، ومبعوثه الخاص إلى لبنان الوزير السابق جان إيف لو دريان، وعدداً قليلاً من النواب ومجموعة من الشخصيات التي لديها صلات «خاصة» بلبنان، وهم مدعوون شخصيون لماكرون.

ووفق البرنامج المتوافر، فإن ماكرون سيلتقي العماد عون في قصر بعبدا، بعدها سيتحدث الرئيسان إلى الصحافة. كذلك سيلتقي ماكرون الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ورئيس الوزراء المكلف نواف سلام الذي سبق لفرنسا أن اقترحته رئيساً لحكومة إصلاحية مقابل انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وفي سياق اجتماعاته، سيلتقي ماكرون قادة الفينول في مقر السفير الفرنسي في بيروت ورئيسي مجموعة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار «الجنرالين الأميركي والفرنسي» لمراجعة كيفية تطبيق الاتفاق، والعمل على تسريع انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني.

تريد باريس أن تكون إلى جانب لبنان اليوم وغداً، كما كانت بالأمس، وهي تعتبر، وفق المصادر الرئاسية، أن لبنان «بلد أكبر من حجمه»، وأنه «يتحلى، في الشرق الأوسط اليوم، بقيم سياسية ورمزية واستراتيجية». وتعتبر هذه المصادر أن «انخراط فرنسا إلى جانب لبنان، اليوم، يمكن أن يتم في ظروف أفضل بعد انتخاب عون وتكليف سلام، وبسبب التطورات التي حصلت في الإقليم». وباختصار، تريد باريس أن «تساهم في بزوغ لبنان الجديد».

يحتل ملف «السيادة» الأولوية في المقاربة الفرنسية، التي تذكر مصادرها بما قامت وتقوم به باريس لمساعدة الجيش اللبناني، إن بالتجهيز أو بالتدريب، أو للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإقامة لجنة المراقبة.

وتركز فرنسا على أهمية تمكين الدولة اللبنانية بفرض الرقابة على حدودها، والسيطرة على كامل أراضيها، معتبرة أن ذلك يعد «جزءاً لا يتجزأ من تنفيذ القرار 1701». وتضيف المصادر، المشار إليها، أن ثمة «فرصة للبنانيين لإظهار أنهم قادرون على ترميم سيادتهم». أما بخصوص الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، فقد قالت المصادر الرئاسية إن باريس تريد أن يتم وفق البرنامج الموضوع له، داعية إسرائيل، و«حزب الله» أيضاً، إلى الالتزام به.

ثمة عنصر آخر أشار إليه قصر الإليزيه، في معرض العمل لسيادة لبنان، ويتمثل في تركيز وزير الخارجية الفرنسي، عند زيارته لدمشق ولقائه أحمد الشرع، على «ضرورة احترام السيادة اللبنانية، وفرض الرقابة على الحدود، ومنع التهريب، وألا تكون سوريا مصدر تهديد لجيرانها»؛ وهي المسائل نفسها التي تناولها ميقاتي في زيارته إلى سوريا مؤخراً.

تقيم باريس فاصلاً بين عودة السيادة وبين دعوة «حزب الله» للتحول إلى حزب سياسي مثل بقية الأحزاب العاملة في لبنان، وهي تدرج هذا التحول في إطار المحافظة على وحدة لبنان. وتقوم القراءة الفرنسية على اعتبار أن «حزب الله» فقد الكثير من قدراته العسكرية ومن قياداته، وخسر استراتيجياً بسبب سقوط نظام الأسد، ويصعب عليه اليوم التزود بالسلاح كما كان الحال في السابق.

وبالنظر لكل هذه التحولات، فقد ذكرت مصادر «الإليزيه» أن الرئيس ماكرون «شجع دوماً (حزب الله) على التحول إلى حزب سياسي، وأنه كان جزءاً من طاولة الحوار التي ترأسها ماكرون في عام 2020، وأن الطريق إلى ذلك يمر عبر التخلي عن سلاحه، والدخول بشكل كامل في اللعبة السياسية» اللبنانية. وترى باريس أنه «بدلاً من ميزان القوى الذي كان سائداً في السابق، فإن المطلوب أن يدخل (حزب الله) في عقد سياسي حكومي، ما يمكن من عودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي، ويحافظ على وحدة جميع اللبنانيين».

أما الرسالة الثالثة التي يحملها ماكرون، فعنوانها «رغبة باريس في الاستمرار في مواكبة اللبنانيين ومساعدتهم على القيام بالإصلاحات البنيوية المطلوبة منهم»، التي تمر بداية بتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يعد شرطاً لإعادة إنهاض الاقتصاد اللبناني.

وتعتبر فرنسا أن لا مساعدات للبنان «من غير ترميم الثقة الدولية به»؛ الأمر الذي يحتاج إلى توفير الشفافية و«تنظيف» الاقتصاد. والأهم من ذلك، أن باريس التي تريد العمل من أجل إنهاض الاقتصاد اللبناني، تصر على إجراء الإصلاحات من أجل أن تكون قادرة على تعبئة الأسرة الدولية من أجل مساعدة لبنان. ولدى سؤالها عما إذا كانت فرنسا تحضر لمؤتمر دولي، على غرار الذي دعت إليه الخريف الماضي لدعم الجيش واللبنانيين، لم توفر إجابة واضحة، بل فهم أن فرنسا لن تتردد في القيام بكل مع هو مفيد من أجل مساعدة لبنان.

وأشارت المصادر الفرنسية، أكثر من مرة، إلى العمل المشترك الذي تقوم به باريس بالتشاور والتنسيق مع السعودية، وأيضاً مع الولايات المتحدة، بما في ذلك فريق العمل الذي سيصل إلى البيت الأبيض في «حقائب» دونالد ترمب، مؤكدة أن التشاور «مستمر» مع واشنطن، وأن الطرفين «توصلا إلى رؤية مشتركة» بالنسبة للبنان.