ترنح الهدنة يقلق اللبنانيين ويوقظ مخاوف تهجير ثانٍ

ليلة رعب عاشها العائدون إلى قراهم ومنازلهم

سيارات في حي السلم في ضاحية بيروت الجنوبية حيث المباني المدمرة والمتضررة نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
سيارات في حي السلم في ضاحية بيروت الجنوبية حيث المباني المدمرة والمتضررة نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

ترنح الهدنة يقلق اللبنانيين ويوقظ مخاوف تهجير ثانٍ

سيارات في حي السلم في ضاحية بيروت الجنوبية حيث المباني المدمرة والمتضررة نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
سيارات في حي السلم في ضاحية بيروت الجنوبية حيث المباني المدمرة والمتضررة نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

عاش أهالي جنوب لبنان ليلة رعب (الاثنين - الثلاثاء) مع ترنح الهدنة، وتوسيع إسرائيل عمليات قصفها؛ رداً على عملية «تحذيرية» نفَّذها «حزب الله»، مستهدفاً موقع رويسات العلم في مزارع كفرشوبا المحتلة، بعد أكثر من 70 خرقاً قام به الجيش الإسرائيلي، منذ بدء سريان وقف إطلاق النار، يوم الأربعاء الماضي.

ولم ينتظر قسم من الأهالي أن تتضح الصورة، فحزموا بعض أغراضهم واستعجلوا مغادرة قراهم وبلداتهم، بينما فضَّلت الأكثرية، التي عادت حديثاً إلى مناطقها، التروي وانتظار ما إذا كانت الحرب ستُجدَّد، أم أن ما يحصل هو مجرد محاولة من الطرفين لتحسين شروطهما، وفرض تطبيق معين لبنود الاتفاق الموقَّع بوساطة أميركية.

ولا تنكر فاطمة (44 عاماً) أنها وعشرات سواها من أهالي بلدتها الجنوبية، الواقعة شمال نهر الليطاني، حزموا حقائبهم مع إعلان «حزب الله» استهداف رويسات العلم، وخروج تصريحات إسرائيلية تهدِّد بتوسعة العمليات، «لكنني فضَّلت التروي قبل الذهاب وأطفالي الثلاثة في رحلة تهجير جديدة، خصوصاً أن هذا الموضوع ترك أثراً نفسياً كبيراً فيهم».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نزال نخشى أن تنهار الهدنة في أي لحظة، وخوفنا الكبير من تهجير ثانٍ سيكون أكثر مرارة».

متطوعون يعملون على التنظيف وإزالة الردم تحت أحد الجسور في ضاحية بيروت الجنوبية (د.ب.أ)

وأشارت «الوكالة الوطنية للإعلام» إلى «أجواء متوترة سيطرت في قضائي صور وبنت جبيل، وانعكست على حركة الحياة اليومية للأهالي العائدين من رحلة النزوح الشاقة، متخوفين من تكرارها».

وقال أحمد (50 عاماً)، وهو أحد أبناء صور: «إن المدينة قبل يومين عادت تعج بالنشاط والحياة، والمئات بدأوا بترميم منازلهم، لكن بعد ما حصل مساء الاثنين، أعاد كثيرون حساباتهم، فماذا لو أنهوا عمليات الترميم والصيانة وتجدَّدت الحرب؟».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «كثيرون لا يأبهون لذلك، وسيواصلون إصلاح الأضرار، لكن البعض يفضِّل انتظار انقضاء هذا الأسبوع ليتضح ما إذا كانت لجنة المراقبة الدولية، ومع انطلاق عملها، ستنجح في منع انهيار الهدنة».

وأظهر فيديو تم تداوله، مساء الاثنين على مواقع التواصل الاجتماعي، عشرات السيارات تتجه من مناطق الجنوب إلى مدينة صيدا، إلا أن مصادر ميدانية أكدت أن «الأعداد بقيت ضئيلة، وأكثرية مَن نزحوا مساء لديهم أقارب في صيدا».

خوف من نزوح جديد

وليس واضحاً إذا ما كانت الدولة اللبنانية بلورت خطة لاستيعاب موجة نزوح جديدة، خصوصاً أن معظم النازحين الذين كانوا في مدارس غادروها، وبدأ العمل على تجهيزها لاستقبال التلامذة من جديد.

ولم يقتصر الخوف والرعب على أهالي الجنوب، بل طال أيضاً أهالي البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. وقال أحد سكان الضاحية، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إنه «لم تُسجَّل إطلاقاً أي حالة نزوح مساء الاثنين، لكن لا يمكن إنكار أننا عشنا في قلق وخوف، خصوصاً أن مسيَّرة إسرائيلية واصلت التحليق ليلاً على علو منخفض». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الوضع لا يزال غير مطمئن، لكن لا يمكن أن نتهجَّر مجدداً ما دام الوضع لا يزال مضبوطاً نوعاً ما».

وتحسباً لتجدد الحرب وانهيار الهدنة، أبقى كثير من أهالي الضاحية الجنوبية، كما الجنوب، على منازل استأجروها خلال الشهرين الماضيين قي مناطق تُعدّ «آمنة».

وقالت ميسا (35 عاماً) لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن الإيجارات مرتفعة جداً، ونحن ندفع 600 دولار شهرياً لإيجار منزل في إحدى بلدات المتن، لكن أعتقد بأنه من الأفضل أن نستمر شهرين إضافيَّين ريثما يتضح مصير الهدنة. لسنا مستعدين لتكرار التجربة المريرة السابقة بالبحث عن مأوى لائق وآمن إذا تجدَّدت الحرب فجأة».


مقالات ذات صلة

المعارضة اللبنانية لتطبيق القرارات الدولية وإسقاط ثلاثية «جيش - شعب - مقاومة»

المشرق العربي اجتماع لقوى المعارضة في مقر حزب «القوات اللبنانية» (موقع القوات)

المعارضة اللبنانية لتطبيق القرارات الدولية وإسقاط ثلاثية «جيش - شعب - مقاومة»

رفعت المعارضة في لبنان سقف مواقفها مطالبة بنزع سلاح «حزب الله» وإسقاط ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل بعد اتفاق وقف إطلاق النار (إ.ب.أ) play-circle 00:45

الجيش اللبناني ينتشر جنوباً والإسرائيلي ينسحب من القرى التي دخلها

يستمر التوتر على الحدود الجنوبية للبنان مع الخروقات الإسرائيلية اليومية، في موازاة استكمال الجيش اللبناني انتشاره في الجنوب مع بدء انسحاب الجيش الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة أرشيفية لقصف إسرائيلي على قرية الضهيرة جنوب لبنان في 11 أكتوبر 2023 (رويترز)

مقتل شخص بضربة إسرائيلية على جنوب لبنان رغم سريان وقف النار

قُتل شخص، الثلاثاء، جراء ضربة نفّذتها مسيّرة إسرائيلية على جنوب لبنان، وفق ما أوردت وزارة الصحة اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبانٍ مدمَّرة عند الحدود الجنوبية (رويترز)

الجهود الدبلوماسية تنجح باحتواء تجدد التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل

نجحت الجهود والاتصالات الدبلوماسية في احتواء التصعيد الذي شهده جنوب لبنان، ليل الاثنين، وكاد ينذر بتفلّت الأمور مجدداً.

يوسف دياب
المشرق العربي أشخاص يقفون قرب مبانٍ متضررة في خربة سلم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» جنوب لبنان اليوم (رويترز)

مسؤول عراقي يحذّر من تداعيات خطيرة على المنطقة إذا انهار اتفاق وقف النار في لبنان

أكد مستشار الأمن القومي العراقي ضرورة احترام اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، محذراً من أن انهيار الاتفاق ستكون له تداعيات خطيرة على لبنان والمنطقة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الجيش السوري يُبعد الفصائل المسلحة نحو 20 كيلومتراً عن حماة

عناصر من الفصائل السورية المسلحة يركبون في الجزء الخلفي من شاحنة ببلدة صوران بين حلب وحماة (أ.ف.ب)
عناصر من الفصائل السورية المسلحة يركبون في الجزء الخلفي من شاحنة ببلدة صوران بين حلب وحماة (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوري يُبعد الفصائل المسلحة نحو 20 كيلومتراً عن حماة

عناصر من الفصائل السورية المسلحة يركبون في الجزء الخلفي من شاحنة ببلدة صوران بين حلب وحماة (أ.ف.ب)
عناصر من الفصائل السورية المسلحة يركبون في الجزء الخلفي من شاحنة ببلدة صوران بين حلب وحماة (أ.ف.ب)

أفادت الوكالة العربية السورية للأنباء، اليوم الأربعاء، بأن الجيش أبعد الفصائل المسلّحة في شمال غربي البلاد نحو 20 كيلومتراً عن مدينة حماة، التي تحاول الفصائل، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، التقدم نحوها.

وذكرت الوكالة أن قوات الجيش تُواصل عملياتها ضد مواقع ومحاور تحركات الفصائل المسلّحة بريف حماة الشمالي، وتمكنت من «توسيع نطاق أمان المدينة بنحو 20 كيلومتراً، بعد القضاء على أعداد» من المسلحين.

في السياق نفسه، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الجيش السوري شنّ هجوماً مضاداً، في الليلة الماضية، وأبعد «هيئة تحرير الشام» عن مدينة حماة، التي أمّنتها قوات الجيش السوري «بدعم جوي وبري».

عناصر من الفصائل السورية المسلحة يركبون في الجزء الخلفي من شاحنة ببلدة صوران بين حلب وحماة (أ.ف.ب)

وعلى مدى الأيام الماضية، شنّت فصائل مسلّحة في شمال غربي سوريا، بقيادة هيئة تحرير الشام، هجوماً عسكرياً سيطرت خلاله على حلب وإدلب، وتُواصل التقدم باتجاه مدينة حماة، في حين نفى الجيش السوري، أمس، ما ورد من تقارير حول دخول الفصائل منطقتَي الصواعق والمزارب في المدينة.

وكان المرصد قد أفاد أمس بأنّ الفصائل المسلحة باتت «على أبواب» مدينة حماة في وسط سوريا، فيما أكّد الجيش أنه أرسل تعزيزات.

وبحسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويعتمد على شبكة كبيرة من المصادر في سوريا فقد «نزحت عشرات العائلات» من مناطق عدة في ريف حماة الغربي والشمالي. وتمكنت الفصائل من السيطرة على مدن وبلدات عدة في ريف حماة الشمالي «بعد اشتباكات عنيفة» مع قوات الجيش السوري.