من يقاتل في سوريا ولماذا؟

دورية تركية وروسية بالقرب من بلدة الدرباسية في سوريا، الجمعة 1 نوفمبر 2019 (أ.ب)
دورية تركية وروسية بالقرب من بلدة الدرباسية في سوريا، الجمعة 1 نوفمبر 2019 (أ.ب)
TT
20

من يقاتل في سوريا ولماذا؟

دورية تركية وروسية بالقرب من بلدة الدرباسية في سوريا، الجمعة 1 نوفمبر 2019 (أ.ب)
دورية تركية وروسية بالقرب من بلدة الدرباسية في سوريا، الجمعة 1 نوفمبر 2019 (أ.ب)

أصبحت الحرب الأهلية في سوريا محط اهتمام من جديد بعد استيلاء فصائل مسلحة على حلب، واشتعال خطوط الجبهة، التي كان الوضع ساكناً فيها لسنوات، مما سيكون له تبعات على المنطقة وخارجها.

ما الذي يحدث؟

شنت الفصائل المسلحة هجوماً مباغتاً في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) انطلاقاً من مناطق إلى الشمال والشمال الغربي من مدينة حلب التي اجتاحتها في 29 و30 نوفمبر (تشرين الثاني)، مما أجبر القوات الحكومية على الانسحاب.

وهذه هي أول مرة تتغير فيها السيطرة على المدينة منذ عام 2016 عندما هزمت القوات الحكومية، بدعم من روسيا وإيران، الفصائل المسلحة التي كانت تسيطر على المناطق الشرقية من حلب.

مقاتلون من الفصائل السورية المسلحة يقومون بدورية في محيط المطار في مدينة حلب شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
مقاتلون من الفصائل السورية المسلحة يقومون بدورية في محيط المطار في مدينة حلب شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

واستمرت الفصائل المسلحة في التقدم بمناطق إلى الجنوب والجنوب الغربي من حلب، واستولت على أراضٍ في محافظة حماة.

وتوعدت الحكومة بالرد. وتشن روسيا، التي نشرت قوات جوية في سوريا خلال عام 2015 لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، غارات جوية لدعم الجيش السوري.

ويمثل هذا أخطر تصعيد للصراع منذ سنوات، مما أدى إلى زيادة عدد القتلى، البالغ عددهم مئات الآلاف، منذ عام 2011 حين اندلعت الحرب الأهلية.

واضطر أكثر من نصف سكان سوريا، الذين كان عددهم 23 مليون نسمة قبل الحرب، إلى ترك منازلهم منذ ذلك الحين وأدت الحرب إلى فرار الملايين إلى الخارج كلاجئين.

ممن تتألّف الفصائل المسلحة؟

بدأت «هيئة تحرير الشام» الهجوم، وكانت تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة» وكانت الجناح الرسمي ﻟ«تنظيم القاعدة» في الحرب السورية حتى انقطعت العلاقات بينهما في عام 2016.

ظلت «هيئة تحرير الشام» بقيادة أبو محمد الجولاني القوة المهيمنة لفترة طويلة في منطقة إدلب، التي تعد جزءاً من هلال في شمال غرب البلاد حافظت الفصائل المسلحة فيه على موطئ قدم رغم تحقيق الجيش السوري مكاسب في مناطق أخرى.

تصنف الولايات المتحدة وروسيا وتركيا ودول أخرى «هيئة تحرير الشام» منظمة إرهابية.

وشن تحالف آخر من الفصائل السورية المسلحة هجوماً منفصلاً من مناطق في شمال حلب. ويحظى هذا التحالف من الفصائل الذي تطلق عليه تسمية «الجيش الوطني السوري» بدعم تركيا.

مسلحون من الفصائل السورية يلتقطون صوراً سيلفي في مطار النيرب العسكري في حلب، سوريا 2 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
مسلحون من الفصائل السورية يلتقطون صوراً سيلفي في مطار النيرب العسكري في حلب، سوريا 2 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

لماذا اشتعل الصراع الآن؟

رغم أن السلام ظل بعيد المنال، لم يتحرك الوضع على خطوط الجبهة منذ سنوات مع تقسيم سوريا إلى مناطق تنتشر فيها قوات أجنبية على الأرض.

ولدى روسيا وإيران نفوذ في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وتشكل أكبر جزء من سوريا. وتنشر الولايات المتحدة قوات في الشمال الشرقي والشرق لدعم «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد. وتنشر تركيا قوات على الأرض في الشمال الغربي الذي تسيطر عليه فصائل مسلحة.

لكن ميزان القوى الإقليمية اهتز بسبب الصراع الدائر بين إسرائيل وإيران والجماعات المسلحة التي تدعمها طهران منذ أكثر من عام.

مقاتلان من فصائل شيعية من العراق ولبنان خلال اشتباكات في سوريا في نوفمبر 2013 (أ.ب)
مقاتلان من فصائل شيعية من العراق ولبنان خلال اشتباكات في سوريا في نوفمبر 2013 (أ.ب)

وتلقت جماعة «حزب الله» اللبنانية تحديداً، المدعومة من إيران، ضربات موجعة خلال شهرين من الحرب مع إسرائيل. وساعد «حزب الله»، الذي أوقف إطلاق النار مع إسرائيل، الأسبوع الماضي، الجيش السوري، على استعادة حلب في عام 2016.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان على شبكة «سي إن إن»، إن محاولة الفصائل استغلال الوضع الجديد ليست مستغربة وسط تعرّض الداعمين الرئيسيين للحكومة السورية، إيران وروسيا و«حزب الله»، للضعف والتشتيت بسبب الصراعات الإقليمية وحرب أوكرانيا.

واستقر الوضع على نطاق واسع في شمال غرب سوريا منذ عام 2020 بسبب اتفاق بين روسيا وتركيا التي عبرت عن زيادة إحباطها من عدم توصل الأسد إلى اتفاق مع الفصائل لإنهاء الصراع.

وعبّر مسؤولون أمنيون أتراك عن شعورهم بقلق متزايد إزاء الهجمات التي تشنها قوات الحكومة السورية على الفصائل، رغم أن أنقرة تعمل على وقف هجمات الأخيرة.

صورة نشرتها وزارة الدفاع العراقية تظهر نقل معدات عسكرية عراقية باتجاه الحدود مع سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
صورة نشرتها وزارة الدفاع العراقية تظهر نقل معدات عسكرية عراقية باتجاه الحدود مع سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن الأسد والفصائل بحاجة إلى التوصل إلى تسوية.

ومن المخاوف التركية الرئيسية، القوة التي تتمتع بها جماعات يقودها الأكراد في سوريا. وهذه الجماعات متحالفة مع الولايات المتحدة لكن تركيا تعدها إرهابية. وذكرت «وكالة أنباء الأناضول»، المملوكة للدولة التركية، أن «الجيش الوطني السوري» استولى على مدينة تل رفعت من «وحدات حماية الشعب» الكردية.

وأكدت روسيا وإيران دعمهما للحكومة السورية.

جنود من الجيش السوري ينتشرون في ريف كوباني، سوريا 19 يوليو 2022 (رويترز)
جنود من الجيش السوري ينتشرون في ريف كوباني، سوريا 19 يوليو 2022 (رويترز)

هل هناك خطة للسلام؟

أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً في عام 2015 بهدف إنهاء الصراع، ودعا إلى صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة وممارسة الحكم بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة.

ولم ينفذ القرار على الإطلاق.

وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا جير بيدرسن إن التصعيد يظهر فشلاً جماعياً في تحقيق عملية سياسية، ودعا إلى إجراء مفاوضات حقيقية لإنهاء الصراع.


مقالات ذات صلة

اتصال السوداني ــ الشرع يكسر الجمود

المشرق العربي 
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مستقبلاً وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في بغداد، 14 مارس 2025 (إعلام حكومي)

اتصال السوداني ــ الشرع يكسر الجمود

كسر اتصال بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والرئيس السوري أحمد الشرع، جمود العلاقات بين البلدين.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مجموعة من الأشخاص يسيرون في شارع من دون كهرباء في دوما شمال شرقي العاصمة السورية دمشق 10 نوفمبر 2014 (أ.ف.ب - أرشيفية)

انقطاع عام للكهرباء في كل أنحاء سوريا

أفادت وزارة الطاقة السورية بأن أعطالاً عدة تسببت في انقطاع الكهرباء عن أنحاء سوريا، وأنه يتم العمل على معالجة المشكلات.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي نص الاتفاق بين الدولة السورية و«قسد» في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب

اتفاق الدولة السورية مع «قسد» على الانسحاب العسكري من حلب

أعلن في محافظة حلب، شمال سوريا، مساء الثلاثاء، عن اتفاق بين مجلس حيي الأشرفية والشيخ مقصود، وممثلي لجنة الرئاسة السورية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي غراف يشرح عدد الضحايا في أحداث الساحل مارس الماضي (المركز السوري للإعلام وحرية التعبير)

الأمن العام في طرطوس يتعهد بمحاسبة قتلة عائلة بريف بانياس

تعهد الأمن العام في محافظة طرطوس السورية بمحاسبة كل «من يخل بالسلم»، معتبراً الجريمة التي وقعت في قرية (حرف بنمرة) في ريف بانياس، جريمة «تخل بالسلم الأهلي».

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع وعقيلته لطيفة الدروبي يستقبلان مجموعة من الأطفال السوريين في قصر الشعب بدمشق أول أيام عيد الفطر (أ.ف.ب)

الإليزيه ينشر تفاصيل «خريطة طريق» لسوريا بعد قمة «خماسية شرق المتوسط»

«خريطة طريق» أوروبية جديدة لسوريا تربط مجدداً المساعدات بشروط أمنية وسياسية، وتتطرق إلى 5 أبواب، وتدعو لمعالجة ملف النازحين في «إطار إقليمي».

ميشال أبونجم (باريس)

كردستان العراق: منفذ الهجوم على احتفال «آشوريّ» ينتمي إلى «داعش»

عراقيون يرتدون الزي التقليدي للأشوريين احتفالاً بعيد «أكيتو» في دهوك (أ.ب)
عراقيون يرتدون الزي التقليدي للأشوريين احتفالاً بعيد «أكيتو» في دهوك (أ.ب)
TT
20

كردستان العراق: منفذ الهجوم على احتفال «آشوريّ» ينتمي إلى «داعش»

عراقيون يرتدون الزي التقليدي للأشوريين احتفالاً بعيد «أكيتو» في دهوك (أ.ب)
عراقيون يرتدون الزي التقليدي للأشوريين احتفالاً بعيد «أكيتو» في دهوك (أ.ب)

أعلنت سلطات دهوك في إقليم كردستان العراق، الأربعاء، أن الهجوم الذي نفَّذه سوريٌّ على احتفال لمسيحيين في المدينة كان «عملاً إرهابياً».

كان المنفذ قد تسلل، نهار الثلاثاء، إلى حشد من المسيحيين السريان خلال احتفالهم بعيد «أكيتو» وسط المدينة، قبل أن يخرج فأساً ويضرب شاباً وامرأة تبلغ من العمر 70 عاماً، إلى جانب رجل أمن.

وبدأت المسيرة الاحتفالية من أمام كنيسة «مريم العذراء» وسط دهوك، حيث تقدم المشاركون عبر الشارع الرئيسي وصولاً إلى ساحة الاحتفال في مجمع مازي. وقال شهود عيان إن المنفذ هتف «دولة إسلامية... دولة إسلامية» بينما كان يهاجم المرأة، حسب شبكة «روداو» الكردية.

صورة مركَّبة نشرتها شبكة «روداو» لجانب من المسيرة ولحظة القبض على منفذ الهجوم
صورة مركَّبة نشرتها شبكة «روداو» لجانب من المسيرة ولحظة القبض على منفذ الهجوم

وأظهرت مقاطع فيديو تداولتها منصات محلية مجموعة من الأشخاص وهم يلقون القبض على منفذ الهجوم الذي كان يلوِّح بإشارة ويردد «دولة إسلامية». وقال شمعون شليمون، نائب محافظ دهوك، إن التحقيقات الأولية أظهرت أن الشخص الذي نفَّذ الهجوم يحمل الجنسية السورية، و«بسبب الشعارات التي رددها، من الواضح أن العمل إرهابي». وفي وقت لاحق، أكدت مصادر أمنية أن «منفّذ الهجوم اعترف لقوات الشرطة بانتمائه إلى أحد التنظيمات الإرهابية». وقال المصدر الأمني إن «التحقيقات مستمرة مع المنفّذ إلى حين التأكد من دوافع الهجوم، وما إذا كان هناك من يتعاون معه في المدينة».

محتفلون بعيد «أكيتو» يحملون علماً للآشوريين في العراق (أ.ب)
محتفلون بعيد «أكيتو» يحملون علماً للآشوريين في العراق (أ.ب)

في وقت لاحق، أفاد مجلس أمن إقليم كردستان بأن الشخص الذي هاجم احتفالية عيد «أكيتو» ينتمي إلى جماعة تابعة لتنظيم «داعش». وقال المجلس في بيان صحافي: «بينما كان سكان دهوك يحتفلون بعيد أكيتو، قام شخص يحمل أفكاراً إرهابية تابعة لـ(داعش) بمهاجمة مواطنين في السوق بأداة حادة».

وأشار البيان إلى أن «القوات التابعة لمديرية أمن دهوك اعتقلت المهاجم الذي تبين أنه من الجنسية السورية».

من جهته، أكد محافظ دهوك علي تتر، خلال مؤتمر صحافي، أن نتائج التحقيقات الجارية بشأن الحادثة ستُعلن فور الانتهاء منها.

وأدان تتر بشدة «الهجوم اللا إنساني»، وشدد على أنه «لن يؤثر على التعايش السلمي في كردستان». وقال المحافظ إن الأجهزة الأمنية ملزمة بتوفير الحماية لأتباع جميع الديانات من المسيحيين والإيزيديين والسريان والكلدان والآشوريين والمكونات الأخرى التي تعيش في كردستان. وأصدرت مديرية الصحة العامة في دهوك بياناً أكدت فيه أن المصابين يتلقون الرعاية الطبية اللازمة.

منفّذ الهجوم ضرب امرأة وشاباً ورجل أمن خلال مسيرة احتفالية في مدينة دهوك (أ.ب)
منفّذ الهجوم ضرب امرأة وشاباً ورجل أمن خلال مسيرة احتفالية في مدينة دهوك (أ.ب)

وهذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها دهوك هجوماً من هذا النوع، إذ يحتفل الكلدان والسريان سنوياً في الأول من أبريل (نيسان) بعيد رأس السنة البابلية الآشورية، وخلال الهجوم الأخير كان يوجد أكثر من 8 آلاف شخص، نصفهم من خارج إقليم كردستان، وفقاً لتقارير محلية.

وتنظَّم في عيد «أكيتو» احتفالات ومهرجانات فنية وثقافية، إلى جانب رحلات ترفيهية تتخللها رقصات ودبكات تراثية.