القوات الكردية تبدأ الانسحاب من شمال شرقي حلب بموجب اتفاق مع الفصائل

TT

القوات الكردية تبدأ الانسحاب من شمال شرقي حلب بموجب اتفاق مع الفصائل

عناصر من «قسد» على أحد المحاور في حلب (أرشيفية - المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من «قسد» على أحد المحاور في حلب (أرشيفية - المرصد السوري لحقوق الإنسان)

صرح مصدران بالفصائل السورية وأحد السكان، الاثنين، بأن قوات «وحدات حماية الشعب الكردية» بدأت الانسحاب من المناطق الخاضعة لسيطرتها في القطاع الشمالي الشرقي من مدينة حلب بموجب اتفاق مع الفصائل المسلحة.

وذكر المصدران لوكالة «رويترز»، أن الاتفاق على الانسحاب من الشيخ مقصود وبستان الباشا ومناطق أخرى في المدينة يسمح للمدنيين بالمغادرة إلى مناطق في شمال شرقي سوريا تحت سيطرة الأكراد.

وكان القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، قد صرح في وقت سابق اليوم أن ما وصفها بأنها «الفصائل المسلحة الموالية لتركيا» قطعت ممراً إنسانياً حاولت «قسد» فتحه بين مناطقها في شمال شرقي سوريا وبين حلب ومنطقة تل رفعت والشهباء، مؤكداً استمرارهم في محاولة إخراج السكان بأمان.

وأضاف عبدي، على منصة «إكس»، أن قوات «قسد» واجهت هجمات مكثفة من عدة جهات مع انسحاب الجيش السوري وحلفائه من حلب؛ مما دعاها للتدخل و«فتح ممر إنساني بين مناطقنا الشرقية وحلب ومنطقة تل رفعت لحماية شعبنا من المجازر».

وتابع: «لكن هجمات المجموعات المسلحة المدعومة من الاحتلال التركي قطعت هذا الممر... قواتنا دافعت ببسالة عن أهلنا في حلب وتل رفعت والشهباء».

وأكد قائد «قسد» على أن قواته تعمل على التواصل مع «كل الجهات الفاعلة» في سوريا، لتأمين حماية الأكراد وإخراجهم بأمان من منطقة تل رفعت والشهباء باتجاه المناطق الآمنة في شمال شرقي البلاد.

وأضاف: «تستمر مقاومة قواتنا لحماية أهالينا في الأحياء الكردية بمدينة حلب».

وتل رفعت في الأساس مدينة ذات غالبية عربية، لكن مع شن أنقرة والفصائل الموالية لها هجوماً على منطقة عفرين عام 2018، ثم سيطرتها عليها، تدفَّقت عشرات آلاف العائلات الكردية إليها.

وتقع المدينة في جيب يسيطر عليه المقاتلون الأكراد في ريف حلب الشمالي، حيث يقدر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وجود أكثر من مائتي ألف كردي محاصرين فيها حالياً من قبل الفصائل السورية الموالية لأنقرة.

وغالباً ما تشهد تل رفعت مناوشات بين القوات الكردية والفصائل السورية الموالية لأنقرة التي تسيطر على مناطق في محيطها.

ولطالما لوَّحت تركيا خلال السنوات الماضية بمهاجمة منطقتَي تل رفعت ومنبج، باعتبارهما جزءاً من «منطقة آمنة» قالت سابقاً إنها تريد إقامتها قرب حدودها الجنوبية.

وجاءت السيطرة على تل رفعت، الأحد، تزامناً مع سيطرة «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على أحياء مدينة حلب، ثاني كبرى مدن سوريا، لتصبح بذلك خارج سيطرة الحكومة السورية، للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في عام 2011.

وبدأت «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً قبل فكّ ارتباطها مع تنظيم «القاعدة») مع فصائل مسلحة أقل نفوذاً، الأربعاء، هجوماً غير مسبوق، ويعد الأعنف منذ سنوات في محافظة حلب، حيث تمكنت من التقدم بموازاة سيطرتها على عشرات البلدات والقرى في محافظتَي إدلب (شمال غربي) وحماة (وسط) المجاورتين.

وأصبحت حلب (ثانية كبريات مدن سوريا) خارج سيطرة الحكومة السورية للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع، مع سيطرة الفصائل المسلحة على كل الأحياء بالمدينة، حيث كانت تنتشر قوات الجيش، حسبما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، (الأحد).


مقالات ذات صلة

من يقاتل في سوريا ولماذا؟

تحليل إخباري دورية تركية وروسية بالقرب من بلدة الدرباسية في سوريا، الجمعة 1 نوفمبر 2019 (أ.ب)

من يقاتل في سوريا ولماذا؟

بعد الهجوم المباغت الذي شنّته فصائل سورية مسلّحة ضد الجيش السوري في مناطق بشمال سوريا، يعود إلى الواجهة الحديث عن الأطراف المتحاربة في البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تمرين عسكري لفصائل من «الحشد الشعبي» (أ.ب)

تضارب حول دخول فصائل عراقية إلى سوريا

انتشرت تقارير بأن جماعات مسلحة تابعة لـ«الحشد الشعبي» العراقي عبرت الحدود مع سوريا لمساندة الجيش السوري، بينما نفت بغداد ذلك، وأكدت سيطرتها الكاملة على الحدود.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ) play-circle 00:42

إردوغان: نأمل في التوصل إلى اتفاق لتحقيق الاستقرار في سوريا

قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، اليوم الاثنين، إن بلاده تراقب الوضع في شمال سوريا، مشدداً على ضرورة حماية وحدة الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
تحليل إخباري الصورة التي بثَّتها «سانا» عبر حسابها في «إكس»

تحليل إخباري «المسيّرات» تغير موازين المواجهة في شمال سوريا

في صورة احتفالية غير مألوفة في الإعلام الحربي ظهر عدد من الجنود السوريين مع مدنيين وأطفال يقفون خلف طائرة مسيَّرة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي السوداني يترأس اجتماعاً طارئاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني الاثنين (رئاسة الوزراء)

الفصائل المسلحة السورية: لا نشكّل تهديداً لأمن العراق

في تطور لافت بشأن الأزمة السورية وإمكانية انعكاس تداعياتها على دولة العراق، وجّهت حكومة «الإنقاذ السورية» رسالة تطمين إلى بغداد.

فاضل النشمي (بغداد)

«حزب الله» تجنَّب نقمة بيئته بـ«بدل إيواء»

مواطن يقف على أنقاض منزله المُدمَّر في صور بجنوب لبنان (رويترز)
مواطن يقف على أنقاض منزله المُدمَّر في صور بجنوب لبنان (رويترز)
TT

«حزب الله» تجنَّب نقمة بيئته بـ«بدل إيواء»

مواطن يقف على أنقاض منزله المُدمَّر في صور بجنوب لبنان (رويترز)
مواطن يقف على أنقاض منزله المُدمَّر في صور بجنوب لبنان (رويترز)

في الوقت الذي لا تزال فيه الدولة اللبنانية بموقع المترقب لخطوات دولية بموضوع تأمين الأموال اللازمة للتعويض عن المتضررين من الحرب الإسرائيلية وإطلاق عملية إعادة الإعمار، وبغياب أي خطوات رسمية حتى مرتبطة بإجراء مسح للأضرار وتوثيقها، يبدو أن «حزب الله» يتجه لمواصلة دفع بدلات إيواء للعائلات التي دُمّرت منازلها بالكامل؛ سعياً لاستيعاب نقمتهم وتجنباً لأي أزمة بينه وبين بيئته.

12 ألف دولار للعائلة

وقال مصدر قريب من «حزب الله» إن دفع بدلات الإيواء سيبدأ قريباً، متجنباً تحديد المبالغ. ولفت المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك مراحل ستمرّ بها عملية إعادة الإعمار تبدأ بالكشف والتخمين وصولاً للدفع.

وتشير معلومات إلى أن الحزب خصص مبلغ مليار دولار لدفع بدلات إيواء لهذه العائلات، وسيخص كل عائلة بمبلغ 12 ألف دولار مقسمة بين 6 آلاف دولار بدل إيجار لعام كامل، و6 آلاف لشراء مستلزمات المنزل المستأجر.

وتناقل مناصرون للحزب معلومات مفادها أنه أوعز للمتضررين بالبدء بإصلاح الأضرار البسيطة (زجاج، نوافذ، أبواب) على أن يحصلوا على المبالغ التي دفعوها بعد إبراز الفواتير وصور الأضرار. أما بالنسبة للأضرار الكبيرة، فستنظر الكشف من قِبل اللجان المختصة.

وكان الحزب اطلق منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي منصة «صامدون» الموجَّهة بشكل أساسي إلى النازحين وتقديم المساعدة المادية لهم، وهي تراوحت بين 300 و400 دولار لكل عائلة.

تفادي أزمة داخل بيئته

ويشير الناشط السياسي ورئيس تحرير موقع «جنوبية» علي الأمين إلى أنه «لا إعلان رسمياً حتى الساعة بخصوص التعويضات، لكن وصلت للناس معلومات عن دفع بدلات إيواء تتراوح ما بين 12 و14 ألف دولار سنوياً للذين دُمّرت منازلهم بالكامل. وفي عام 2006 حصل الشيء نفسه وكانت المبالغ التي تم دفعها هي نفسها تقريباً».

ويلفت الأمين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الناس ينتظرون خطوة كهذه منذ وقف النار، ولا شك أن المهمة والأضرار كبيرة

والحزب يدرك أن إدارة الظهر في مسألة كهذه هو إعلان مواجهة مع أبناء بيئته، ومن هنا فالإسراع في دفع المبالغ هدفه تفادي خلق أزمة عميقة مع ناسه، خصوصاً أن هذا الحد الأدنى المنتظر وأضعف الإيمان بعد ما جرى، بانتظار إعادة الإعمار».

أعداد العائدين

وفيما نُقل عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في لبنان، الاثنين، أن أكثر من 570 ألف شخص عادوا إلى منازلهم ومدنهم وقراهم، رجَّحت مصادر رسمية أن تكون نسبة العائدين تجاوزت الـ80 في المائة ممن نزحوا نتيجة الحرب، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن 120 ألف شخص هم أبناء نحو 40 قرية حدودية أمامية دمرها الجيش الإسرائيلي ولا يزال يحتلها، هم جزء أساسي ممن لم يعودوا بعد إلى منازلهم.

وبحسب المصادر، فإن الدولة اللبنانية تتحدث عن تكلفة تتراوح بين 5 و6 مليارات دولار لإعادة الإعمار، تتوقع أن تتكفل قطر ودول خليجية أخرى تأمينها. وحتى الساعة لم تكلف الحكومة أي جهة بالكشف عن الأضرار على الأرض، في حين لم ينتظر قسم كبير من المتضررين حصول ذلك فباشروا بترميم منازلهم ومحالهم التجارية على نفقتهم الخاصة.

ويقول محمد ج (40 عاماً) وهو أحد أبناء الضاحية الجنوبية وقد تضرر منزله ومحله التجاري لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتوق للعودة إلى بيوتنا وأشغالنا؛ لذلك بدأنا بإصلاح ما تضرر، وسنقدم الفواتير للمعنيين. فإذا عوَّضوا علينا كان به وإذا لم يعوّضوا فالله يعوَّض علينا. أما أن نستمر في التواجد خارج منطقتنا بانتظار الفرج، فذلك لن يحصل».

العائدون من سوريا والعراق

وعاد في الأيام الماضية آلاف اللبنانيين الذين كانوا قد غادروا إلى سوريا والعراق إلى بلدهم، علماً أن المعلومات تشير إلى أن «حزب الله» أوعز إلى اللبنانيين المحسوبين على بيئته بالعودة فوراً ويقوم بتنظيم هذه العودة؛ وذلك على أثر الهجوم الواسع الذي بدأته الفصائل المعارضة.

وتشير الأرقام إلى أن أكثر من ألف شخص يغادرون العراق يومياً عبر منفذ القائم الحدودي، علماً أن عدد العائلات اللبنانية التي دخلت إلى العراق قد وصلت إلى حدود الـ6000 عائلة، بما يعادل قرابة 20 ألف شخص.

وأعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية أن «العوائل اللبنانية بدأت العودة إلى ديارها وفق آلية يسيرة»، لافتة إلى أن «عدد العوائل اللبنانية الوافدة إلى العراق بلغ 6 آلاف، قَدِمت عبر منفذ القائم ومطاري بغداد والنجف الأشرف، ووزعت بين أماكن إقامة لائقة».

وبحسب مفوضية اللاجئين، يقدّر عدد الأشخاص الذين عبروا إلى لبنان من سوريا عبر معبرَي جديدة يابوس والجوسية منذ وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024 بـ28183 شخصاً، باعتبارهما المعبرَين الوحيدَين اللذين يعملان بعد استهداف إسرائيل بقية المعابر.

وتشير المفوضية إلى أن الحكومة اللبنانية لا تزال تعطي الأولوية لدخول المواطنين اللبنانيين، لافتة إلى أنه «تتم معالجة إجراءات الدخول للمواطنين السوريين الذين يحملون تصريح إقامة في لبنان أو تذكرة طيران خارج لبنان».

سيدة تلتقط صوراً لمبنى مٌدمَّر في مدينة صور (رويترز)

الحدود بحمى الجيش

ولمواكبة عودة النازحين اللبنانيين إلى بلداتهم، عقد وزير الداخلية والبلديات اللبناني في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، الاثنين، اجتماعاً مع المحافظين؛ للبحث في التدابير على صعيد المحافظات.

وقال بعد الاجتماع: «نحن أمام تحدي إعادة الإعمار وكل ما يتعلق بإزالة الردميات ومكان وضعها، والتنسيق سيكون كاملاً مع الوزارات والأجهزة المعنية». وأضاف: «النزوح بات خفيفاً والأغلبية الساحقة من النازحين عادوا إلى قراهم».

وإذ شدد على أن «الحدود اللبنانية بحمى الجيش والأمن العام»ـ مطالباً المحافظين بـ«التعاون الدائم مع القوى الأمنية وعقد مجالس أمن فرعية للبحث في ما قد يحصل»، أكد أن «الأزمة المتعلقة بالوجود السوري لم تؤثّر على استيعاب النازحين بالتعاون مع المحافظين واللجان المختصّة»، لافتاً إلى أن نحو 400 ألف سوري كانوا في لبنان عادوا إلى بلدهم في الشهرين الماضيين.