الرئيس السوري يتعهد باستخدام القوة للقضاء على «الإرهاب»

من حلب إلى حماة وحمص... ساعات من القلق الشعبي العصيب

مدنيون يحملون أمتعتهم أمام محطة كهرباء خلال فرارهم من القتال بين معارضين والجيش السوري في الجزء الشرقي من محافظة حلب الأحد (أ.ف.ب)
مدنيون يحملون أمتعتهم أمام محطة كهرباء خلال فرارهم من القتال بين معارضين والجيش السوري في الجزء الشرقي من محافظة حلب الأحد (أ.ف.ب)
TT

الرئيس السوري يتعهد باستخدام القوة للقضاء على «الإرهاب»

مدنيون يحملون أمتعتهم أمام محطة كهرباء خلال فرارهم من القتال بين معارضين والجيش السوري في الجزء الشرقي من محافظة حلب الأحد (أ.ف.ب)
مدنيون يحملون أمتعتهم أمام محطة كهرباء خلال فرارهم من القتال بين معارضين والجيش السوري في الجزء الشرقي من محافظة حلب الأحد (أ.ف.ب)

تعهَّد الرئيس السوري بشار الأسد بـ«استخدام القوة للقضاء على الإرهاب». وقال خلال اتصال مع القائم بصلاحيات الرئيس في أبخازيا: «سنواصل الدفاع عن استقرار ووحدة أراضينا»، وفق بيان رئاسي سوري نشرته وسائل الإعلام الرسمية.

وأكد الأسد أنه مع حلفائه «قادرون على ضرب الإرهابيين ومن يدعمهم». وقال إن «الإرهابيين لا يمثلون الشعب ولا مؤسسات الدولة، بل يمثلون فقط الأجهزة التي تُشغِّلهم وتدعمهم».

بدوره، شدد وزير الخارجية السوري، بسام الصباغ، على أن الدولة ستعمل على استعادة الأمن والاستقرار وصون وحدة وسيادة وسلامة أراضيها. وذلك خلال اتصالات هاتفية مع نظرائه الإماراتي والأردني والفنزويلي، وقال: «سنواصل حربنا لمكافحة الإرهاب» وأن «هجوم الجماعات الإرهابية على حلب وإدلب، أدى إلى ترهيب المدنيين وتعطيل جميع مناحي الحياة، وأفضى إلى موجة نزوح كبيرة».

سكان محليون قرب لافتة «حماة ترحب بكم» على طريق سريع يؤدي إلى محافظة حماة وسط غرب سوريا الأحد (أ.ف.ب)

جاء ذلك بعد ساعات من القلق العصيب عاشها السوريون في مناطق سيطرة دمشق، بالتوازي مع دخول مدينة حلب حالة حظر تجول فرضتها الفصائل المسلحة المعارضة بعد سيطرتها على معظم أحياء المدينة وريفها، وتقدمها في ريف حماة الشمالي.

مصادر أهلية في حلب، قالت إن ليلة السبت كانت هادئة نسبياً في المدينة، وقبل سريان حظر التجول، خرج المدنيون إلى الأسواق للتزود بالمواد التموينية الغذائية، وكادت المحلات الكبرى تفرغ من المواد الغذائية الأساسية، كما استمرت التغذية الكهربائية العامة مع انقطاعات في بعض الأحياء، ولوحظ استمرار التغذية في بعض المناطق لساعات طويلة، غالباً لتراجع الضغط عليها نتيجة توقف المصانع والورش والمدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية وغيرها.

كما استمرت محطات الوقود في العمل، وفي المقابل انقطعت المياه عن أحياء غرب المدينة وسط هواجس من حصول أزمة مياه لتوقف الموظفين عن العمل في مؤسسة المياه العامة.

وقالت المصادر إن الفصائل المسلحة حاولت طمأنة المدنيين، وبادرت بتوزيع الخبز بعد توقف الأفران لعدم وصول الدقيق والمحروقات إليها.

وشن الطيران الحربي الروسي أربع غارات جوية، الأحد، استهدفت مشفى الجامعة وسط مدينة حلب، أسفرت عن سقوط 5 قتلى عسكريين ومدنيين، بالإضافة إلى عدد كبير من الجرحى، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار إلى أن أربعة مدنيين قُتلوا بينهم سيدة وعنصر في الدفاع المدني إضافةً إلى نحو 50 جريحاً، جراء غارات جوية روسية استهدفت مخيماً للمهجرين في حي الجامعة بمدينة إدلب.

يعاينون الدمار إثر غارات روسية - سورية استهدف منطقة إدلب شمال سوريا (إ.ب.أ)

كما نفَّذ الطيران الحربي الروسي منذ ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد، سلسلة من الغارات الجوية استهدفت محيط مدن وبلدات مورك وخان شيخون وكفرنبل وحزارين وتل كوكبة بريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، التي سيطرت عليها «هيئة تحرير الشام» حديثاً.

ومع وصول الفصائل المسلحة إلى ريف حماة الشمالي، مساء السبت، سادت حالة من الذعر الشديد في محافظتي حماة وحمص، وقالت مصادر أهلية إنه كانت هناك مخاوف من دخول الفصائل المسلحة إلى بلدات محردة والسقيلبية وكفربهم، ذات الغالبية المسيحية، خشية تفجر صراع طائفي، وقد حاولت السلطات المحلية، لا سيما الميليشيات الرديفة للقوات الحكومية، طمأنة الأهالي وإعلانهم الجاهزية للتصدي لأي اعتداء، وذلك قبيل وصول التعزيزات العسكرية إلى ريف حماة الشمالي وبدء الهجوم المضاد. ولفتت المصادر إلى سرعة سريان القلق والذعر في الريف الحموي الجنوبي الغربي، لا سيما القرى ذات الغالبية العلوية، حيث خرج الأهالي في بعض قرى مصياف إلى الطرقات العامة بحثاً عن وسيلة نقل تُقلّهم إلى مناطق آمنة، ومنهم من أمضى ساعات في العراء، ليل السبت.

وفي مدينة حمص وريفها كانت المخاوف أكبر لتركز الميليشيات الرديفة وذويهم والتابعين لإيران و«حزب الله» في عدة أحياء منها، بالإضافة إلى انتشارهم في معظم الريف الغربي بحمص على الحدود مع لبنان. وقالت المصادر إن المدنيين تخوفوا من تفجر الصراع مجدداً في حمص «المنهكة»، التي تهجر معظم سكانها خلال الحرب، رغم وجود رغبة شعبية بالتخلص من الإيرانيين والميليشيات التابعة لها.

في شمال حمص، تجددت الدعوات في بلدة تلبيسة الواقعة على الطريق الدولي «دمشق - حمص - حماة - حلب». للانضمام إلى الفصائل المسلحة والمشاركة في عملية «رد العدوان، بعد انسحاب القوات الحكومية من الحواجز على مداخل البلدة وقيام الأهالي بإحراقها».

سيارات لمقاتلين تابعين للفصائل المسلحة على طول الطريق السريع الدولي حلب - دمشق (أ.ف.ب)

وشبهت المصادر القلق الذي ساد مناطق سيطرة دمشق بـ«كرة النار» التي أنذرت بحالة فوضى وانفلات أمني، قبل أن يعود الهدوء إلى تلك المناطق مع إعلان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أن قواتها «تقوم بمهامها الوطنية في التصدي للتنظيمات الإرهابية في مختلف المناطق»، داعيةً السوريين إلى «عدم تصديق ما يُنشر من شائعات وأكاذيب تتعلق بالوضع الميداني أو تمس القيادة العسكرية».

كما أكد مصدر عسكري سوري تنظيم القوات الحكومية «خطاً دفاعياً معززاً، وهي في كامل الجاهزية»، لصد أي هجوم محتمَل، بعد نفيه عدم دخول الفصائل المسلحة إلى بلدات ريف حماة الشمالي ومنها السقيلبية، وحيالين، ومحردة، واللطامنة، وحلفايا، وطيبة الإمام، ومعان، وصوران، ومعر شحور وباقي البلدات المجاورة.

من جانبه أكد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، تمكن القوات الحكومية من تحـصـيـن خطوط دفاع تمتد من أطراف حماة الشمالية وصولاً إلى بلدة السقيلبية، وقلعة المضيق، التي دخلتها «هيئة تحرير الشام» يوم السبت، وتعرضت فيها لكمين أسفر عن أسـر عدد من عناصرها. وأضاف في تصريحات للإعلام أن تعزيزات كبيرة من الفرقة 25 التابعة للقوات الحكومية والمدربة من روسيا وصلت إلى بلدات السقيلبية و محردة وخطاب ومعردس، وأقامت حـزام حـمايـة لوجودها في حماة. مشيراً إلى وقوع استهداف في ريف حمص، لثلاث سيارات وقتل ستة مقاتلين من الميليشيات الإيرانية، كما قُتل سبعة من «هيئة تحرير الشام» لدى محاولتهم نقل الأسـلـحـة.


مقالات ذات صلة

بوتين وبزشكيان يؤكدان دعمهما «غير المشروط» لسوريا

المشرق العربي صورة دمار من موقع غارة في إدلب بسوريا نُشرت في 2 ديسمبر 2024 (رويترز)

بوتين وبزشكيان يؤكدان دعمهما «غير المشروط» لسوريا

تعهّد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والإيراني مسعود بزشكيان بتقديم «دعم غير مشروط» للرئيس بشار الأسد في ظلّ الهجوم المباغت الذي تشنّه فصائل مسلحة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي أحد عناصر «الخوذات البيضاء» يركض بعد قصف قوات الحكومة السورية مدينة إدلب (أ.ب)

روسيا تؤكد دعمها الرئيس السوري... واستمرار الغارات على مواقع «الفصائل» في ريف حلب

قُتل 11 مدنياً، على الأقل، بينهم 5 أطفال، الاثنين، جراء غارات نفّذها الطيران الروسي والسوري، مع إعلان «الكرملين» أن موسكو مستمرة في دعم الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية عناصر من الفصائل السورية المسلحة بالقرب من بلدة تل رفعت في شمال سوريا (أ.ف.ب)

طهران: استمرار وجود المستشارين العسكريين في سوريا بناء على طلب دمشق

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم (الاثنين)، إن وجود المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا سيستمر بناء على طلب دمشق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي دخان يتصاعد وسط المعارك بين الجيش السوري والفصائل المسلحة في حلب (د.ب.أ) play-circle 01:42

فصائل عراقية موالية لإيران تعبر الحدود لمساعدة الجيش السوري

قال مصدران عسكريان سوريان، لوكالة «رويترز»، إن فصائل موالية لإيران تدخل دمشق من العراق لمساعدة الجيش السوري في قتال الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من «قسد» على أحد المحاور في حلب (أرشيفية - المرصد السوري لحقوق الإنسان) play-circle 01:42

القوات الكردية تنسحب من شمال شرقي حلب بموجب اتفاق مع الفصائل

قال القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، إن ما وصفها بأنها «الفصائل المسلحة الموالية لتركيا» قطعت ممراً إنسانياً حاولت «قسد» فتحه.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

برّي يتهم إسرائيل بـ«خرق فاضح» لاتفاق وقف إطلاق النار

نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني خلال انعقاد مجلس النواب في بيروت 31 مايو 2022 (رويترز)
نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني خلال انعقاد مجلس النواب في بيروت 31 مايو 2022 (رويترز)
TT

برّي يتهم إسرائيل بـ«خرق فاضح» لاتفاق وقف إطلاق النار

نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني خلال انعقاد مجلس النواب في بيروت 31 مايو 2022 (رويترز)
نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني خلال انعقاد مجلس النواب في بيروت 31 مايو 2022 (رويترز)

اتهم رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، الاثنين، إسرائيل بـ«خرق فاضح» لاتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه الأسبوع الماضي وأنهى التصعيد مع «حزب الله».

وقال بري، ممثل الحزب في مفاوضات الهدنة التي جرت بوساطة أميركية، في بيان، إن «ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من أعمال عدوانية» في القرى الحدودية، مع «استمرار الطلعات الجوية وتنفيذ غارات استهدفت أكثر من مرة عمق المناطق اللبنانية... يمثل خرقاً فاضحاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

من جهته، أبلغ وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الاثنين، نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر، بضرورة التزام كل الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بين الدولة العبرية و«حزب الله»، وفق ما أعلنت الوزارة الفرنسية.

وأوضحت أن بارو أكد لساعر في اتصال هاتفي «الحاجة إلى أن يحترم كل الأطراف اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان»، بعدما نفّذت الدولة العبرية سلسلة غارات جوية منذ بدء سريان الاتفاق، الأربعاء الماضي.

جنود إسرائيليون يجرون بدورية في مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الاثنين (أ.ب)

واستهدفت مسيّرة إسرائيلية، في وقت سابق اليوم، جرافة للجيش اللبناني في أثناء تنفيذها أعمال تحصين داخل مركز العبّارة العسكري في منطقة حوش السيد علي بالهرمل في شرق لبنان؛ مما أدى إلى إصابة أحد العسكريين بجروح متوسطة.

كما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل شخص في غارة جوية إسرائيلية على مرجعيون قرب الحدود مع إسرائيل.

ويسري، منذ فجر الأربعاء، وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، تم التوصل إليه بوساطة أميركية، أنهى نزاعاً بدأ في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بعد يوم من اندلاع الحرب في قطاع غزة بين الدولة العبرية وحركة «حماس» الفلسطينية، إثر فتح «حزب الله» ما سماها «جبهة إسناد» لغزة من جنوب لبنان.