عودة مؤقتة إلى الضاحية تكرر الأسئلة عن مصائر سكانها

معالمها تغيرت... ولم يخلُ شارع من الأضرار والدمار

امرأة تقف على الدمار في الضاحية الجنوبية مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (إ.ب.أ)
امرأة تقف على الدمار في الضاحية الجنوبية مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (إ.ب.أ)
TT

عودة مؤقتة إلى الضاحية تكرر الأسئلة عن مصائر سكانها

امرأة تقف على الدمار في الضاحية الجنوبية مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (إ.ب.أ)
امرأة تقف على الدمار في الضاحية الجنوبية مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (إ.ب.أ)

لم تبدِّد الاحتفالات المحدودة بالعودة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت أسئلة الناس وأسفَهم على ما حل بممتلكاتهم؛ فالضاحية التي يعرفها هؤلاء، تغيرت معالمها، ولا يخلو شارع فيها من دمار وأضرار، مما يحول دون العودة الفورية لقسم كبير من سكانها، خلال أسبوع، على أقل تقدير.

والزحمة التي شهدتها الضاحية ناتجة عن زيارة سكانها النازحين منها لتفقد منازلهم، وإخراج حاجياتهم، ومشاهدة الدمار. نادراً ما وجد السكان منزلاً بلا أضرار يستطيع إيواءهم... فيما لجأ آخرون إلى البلاستيك لتغطية نوافذ تعرَّضت للتكسير والتهشيم؛ ما يمكِّنهم من السكن في منازلهم، ويحميهم من صقيع الشتاء.

وتقول مريم التي عادت الخميس إلى منزلها؛ حيث شرعت في ورشة التنظيف وإزالة الركام، إنها تفقدت المنزل يوم الأربعاء، ووجدت الزجاج قد تكسر، مما دفعها للاستعانة بلفائف النايلون والبلاستيك بديلاً عن الزجاج في الوقت الراهن، حتى تسكن منزلها. وتشير إلى أن الصناعيين «يستمهلوننا لمدة أسبوع لإعادة تركيب زجاج بسبب الطلب الكثيف، كما أن زوجي فضّل عدم إجراء التصليحات قبل أن تجري الحكومة الكشف المفصل على الأضرار وتوثيقه».

تغيرت معالم الضاحية جراء القصف، في واحد من الأحياء قرب جامع بئر العبد، تعرضت معظم الأبنية لأضرار بالغة، وهو مشهد مكرَّر في حارة حريك، والجاموس، والحي الأبيض، وحي الأميركان، والسانت تيريز، والليلكي.

جانب من الدمار الهائل الذي شهدته الضاحية الجنوبية (أ.ب)

تُسمع زفرات المتنقلين في الضاحية لدى وصولهم إلى كل مبنى تعرض للاستهداف. «أوف... انظر إلى هذا المبنى»، يقول شاب يقود دراجته النارية، ويرشده صديقه إلى مبنى آخر احترق من الأسفل في منطقة الرويس... أما على أوتوستراد هادي نصر الله، وتحديداً قرب فرن الوفاء: «فقد بات الطابق الثالث طابقاً أرضياً»، في إشارة إلى مبنى سقطت 3 طوابق منه على الأرض، وهبطت الطوابق العلوية إلى الأسفل من دون تدميرها... أما في الحي الأبيض، إلى يمين «مسجد القائم»، فثمة بناية منحنية، بعد تدمير مبنيين إلى جوارها.

يجمع الناس في الضاحية على عبارة واحدة: «قصف بغرض الأذى»، في إشارة إلى الغارات الإسرائيلية التي تكثفت في الأسبوع الأخير، واستهدفت تحقيق أكبر مقدار من الأضرار.

والواضح أن الغارات التي استهدفت مباني الضاحية، في الفترة الأولى من الحرب، كانت تتقصد إنزال المباني وطحنها... أما في الأسبوع الأخير، فإن القنابل كانت تستهدف الطوابق العلوية، مما يتيح لعصف الانفجار ترك أضرار كبيرة في المباني المحيطة. على مسافة مائتي متر، تطايرت الشظايا إلى 8 أبنية في منطقة الشياح، مما أصابها بأكملها بأضرار كبيرة. ويتكرر الأمر في بئر العبد؛ فقد سقطت جدران مبانٍ محيطة بموقع الاستهداف، وأدَّت إلى أضرار هائلة في عشرات الشقق.

يهزّ ربيع برأسه لدى سؤاله عن منزله بعد خروجه من المبنى حاملاً بعض الأمتعة الشتوية: «الحمد لله أننا بخير... ماذا عسانا نقول؟»، يسأل بحسرة، مشيراً إلى أنه يطلق على نفسه لقب «الناجي»، ويوضح: «نجونا بأرواحنا... هذا ما استطعنا القيام به... الباقي كان خارج إرادتنا».

اكتظاظ العائدين إلى الضاحية (إ.ب.أ)

تتنقل تعابير الأسى على وجوه سكان الضاحية من زائر إلى آخر. الجميع مندهش من حجم الدمار، ويطرح معظمهم أسئلة مكررة: «مَن سيعوّض؟ من سيرمم؟ ماذا نفعل الآن؟ هل نبقى خارج منطقتنا أو نعود؟ متى العودة؟»... تبدو تلك أسئلة وجودية بالنسبة لعشرات الآلاف الذين لا يجدون إجابات مقنعة، ولا تفاصيل عن المرحلة المقبلة؛ فتفقد الأضرار انتهى بضبابية تنتظر بياناً من مجلس الوزراء، أو تعهُّداً من «حزب الله»، ولا تقنعها معلومات وتصريحات متفرقة لا تتضمن أي إجابات حاسمة.

بين كل هؤلاء، يخرج بعض المحتفين بالعودة إلى الضاحية. ثمة موكب على دراجات نارية سار بها عشرات الشبان بين الركام مطلقين أبواق الدراجات وأناشيد الحزب وخطابات سابقة لأمينه العام السابق، حسن نصر الله. يرحب هؤلاء بالعائدين، وهم أولئك الزائرون المؤقتون؛ فالخروج من الضاحية لا يزال واقعاً، وليس ترفاً، قبل وقف إطلاق النار، وربما لأسابيع بعده.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يقومون بعملية البحث عن مفقودين تحت الأنقاض في بلدة الخيام (الوكالة الوطنية للإعلام)

مقتل وإصابة 8 أشخاص بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان

قُتل 6 أشخاص، وأصيب اثنان في جنوب لبنان بقصف إسرائيلي استهدف حافلة وسيارة، في أكبر حصيلة منذ اتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي خلال عملية فرز أصوات النواب في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية (د.ب.أ)

مفاوضات ما بين الجولتين تضم «الثنائي الشيعي» إلى التوافق النيابي

لم يكن إخراج انتخاب الرئيس جوزيف عون سهلاً، بسبب العائق الدستوري المتمثل في نص «المادة 49»، الذي يمنع انتخاب موظفي الفئة الأولى قبل مرور سنتين على استقالتهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص الرئيسان أمين الجميل وحافظ الأسد خلال قمة عدم الانحياز في نيودلهي عام 1983 (غيتي)

خاص حافظ الأسد لأمين الجميل: لهذه الأسباب باقون في لبنان

تنشر «الشرق الأوسط» فصلاً جديداً من كتاب وزير الخارجية اللبناني السابق إيلي سالم بعنوان «الفرص الضائعة».

المشرق العربي أحد أفراد قوات حفظ السلام الإسبانية التابعة لـ«اليونيفيل» يقف أمام أنقاض المباني المدمرة في قرية برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان

نفذت القوات الإسرائيلية عصر اليوم (الأربعاء) تفجيرات في بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان، عقب توغل قوة إسرائيلية باتجاه الأحراج الواقعة بين بلدتي عيتا الشعب ودبل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

نتنياهو يرسل وفداً برئاسة مدير الموساد إلى قطر لإجراء محادثات بشأن الرهائن

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يرسل وفداً برئاسة مدير الموساد إلى قطر لإجراء محادثات بشأن الرهائن

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، السبت، إن إسرائيل سترسل وفداً برئاسة رئيس جهاز الموساد إلى قطر لمواصلة المحادثات بشأن اتفاق محتمل لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.

وأضاف مكتب رئيس الوزراء، في بيان، أن نتنياهو «عقد جلسة نقاش لتقييم الوضع حول قضية الرهائن مع وزير الدفاع ورؤساء الأجهزة الأمنية، ومع المعنيين بالملف والمبعوثين من الإدارات الأميركية المنتهية الولاية والقادمة».

وتابع: «في نهاية الجلسة، وجّه رئيس الوزراء رئيس الموساد ورئيس (الشاباك)، واللواء نيتزان ألون، والمستشار السياسي أوفير فالك بالتوجه إلى الدوحة، بهدف مواصلة دفع صفقة الإفراج عن رهائننا».

وتلعب قطر، إلى جانب الولايات المتحدة ومصر، دور الوسيط في محادثات متواصلة منذ أشهر خلف الكواليس؛ بهدف التوصل إلى هدنة في غزة والإفراج عن الرهائن.

لكن باستثناء أسبوع توقف فيه القتال أواخر عام 2023، وتم خلاله إطلاق سراح عشرات الرهائن المحتجزين لدى «حماس» في مقابل فلسطينيين كانوا في السجون الإسرائيلية، فشلت جولات التفاوض المتتالية خلال الحرب.

وانتهت جولة سابقة من الوساطة في ديسمبر (كانون الأول) بإلقاء كل طرف اللوم على الآخر بالفشل؛ إذ اتهمت «حماس» إسرائيل بوضع «شروط جديدة»، في حين اتهمت الدولة العبرية الحركة الفلسطينية بوضع «عقبات جديدة» أمام التوصل إلى اتفاق.