من «سبايك»إلى «ألماس»... «حزب الله» يستخدم صواريخ استنسختها إيران من طراز إسرائيلي

عناصر من «حزب الله» تشارك في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نُظمت في عرمتى بلبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «حزب الله» تشارك في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نُظمت في عرمتى بلبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

من «سبايك»إلى «ألماس»... «حزب الله» يستخدم صواريخ استنسختها إيران من طراز إسرائيلي

عناصر من «حزب الله» تشارك في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نُظمت في عرمتى بلبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «حزب الله» تشارك في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نُظمت في عرمتى بلبنان (أرشيفية - رويترز)

أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، السبت، نقلاً عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين، بأن «حزب الله» اللبناني استخدم نوعاً من الصواريخ، استنسخته إيران من طراز إسرائيلي استولى عليه الحزب في حرب 2006.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولي دفاع إسرائيليين وغربيين وخبراء في الأسلحة قولهم إن من المعتقد أن مقاتلي «حزب الله» استولوا على صواريخ «سبايك» المضادة للدبابات خلال حرب 2006، وأرسلوها إلى إيران التي صنعت نسخاً منها.

وبعد 18 عاماً، يستخدم مقاتلو «حزب الله» الصواريخ، بعد تسميتها «ألماس»، ضد قواعد مدفعية إسرائيلية وأنظمة اتصال ودفاع جوي بقوة ودقة كافية، لتُشكل تهديداً خطيراً على القوات الإسرائيلية.

وقال محمد الباشا، محلل أسلحة الشرق الأوسط، الذي يدير شركة استشارية للمخاطر مقرها فرجينيا، للصحيفة، إن صاروخ «ألماس» مثال على الاستخدام المتزايد للأسلحة المُصنعة في إيران، والتي «تُغير بشكل أساسي ديناميكيات القوة الإقليمية».

وأضاف الباشا: «ما كان في السابق يعد انتشاراً تدريجياً لأجيال الصواريخ القديمة تحوَّل إلى نشر سريع للتكنولوجيا المتطورة عبر ساحات القتال النشطة».

ووفق الصحيفة، فصواريخ «ألماس» من بين مخزونات أسلحة «حزب الله» التي استولت عليها القوات الإسرائيلية منذ بدء غزوها للبنان قبل نحو شهرين، وفقاً لمسؤولين دفاعيين إسرائيليين، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة معلومات استخباراتية حساسة.

وبرزت الصواريخ بوصفها أحد الأسلحة الأكثر تطوراً بين مخبأ كبير من الذخائر ذات الجودة المنخفضة في الغالب، بما في ذلك صواريخ «كورنيت» المضادة للدبابات المصممة في روسيا.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأسبوع الماضي أن القوات الإسرائيلية المتقدمة في جنوب لبنان عثرت على مخزونات كبيرة من الأسلحة الروسية التي تعزز قدرة «حزب الله» القتالية.

و«ألماس» صاروخ موجه لا يحتاج إلى خط نظر مباشر لإطلاقه من المركبات البرية والطائرات دون طيار والمروحيات والصواريخ المحمولة على الكتف. إنه ما يُسمى بصاروخ الهجوم العلوي، ما يعني أن مساره الباليستي يمكن أن يضرب من فوق أهدافه مباشرة بدلاً من الجانب، ويضرب الدبابات؛ حيث تكون مدرعة بشكل خفيف وعرضة للخطر.

يبدو أن معرضاً، خلال عام 2023 يعرض المعدات العسكرية الإيرانية التي استضافتها وزارة الدفاع، أظهر صاروخين قصيري المدى من طراز «ألماس». وهناك ما لا يقل عن 3 أنواع معروفة من صواريخ «ألماس»، كل منها مطور عن سابقتها.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، قال باحثو «ألما» في إسرائيل إن «حزب الله» يبدو أنه يستخدم الجيل الرابع الأحدث الذي -من بين تحسينات أخرى- أرسل صوراً أكثر وضوحاً لرحلته إلى مشغليه.

ويمكن أن يحمل صاروخ «ألماس» نوعين من الرؤوس الحربية، وفقًا لمجموعة «CAT-UXO»، وهي مجموعة للتوعية بالذخائر. ويمكن لأحدهما أن ينفجر على مرحلتين، ما يسهل اختراق الدروع، والآخر عبارة عن قنبلة وقود هوائية تنفجر في كرة نارية.

وظهرت صواريخ «ألماس» لأول مرة بعد سنوات من انتهاء حرب «تموز 2006». فبعد وقت قصير من انتهاء الحرب، فحص الجيش الإسرائيلي مخزون المعدات التي نشرها في لبنان. ووفق الصحيفة، ظهرت تناقضات بين ما جرى إدخاله إلى لبنان، وما تمت إعادته، وما تم تأكيد تدميره في القتال. وأصبح من الواضح أن نظام صواريخ «سبايك» بأكمله، بما في ذلك قاذفة وعدة وحدات صاروخية، قد تُرك على الأرجح في الميدان، وفقاً لاثنين من مسؤولي الدفاع الإسرائيليين.

ومنذ تلك اللحظة، عرفت إسرائيل أن هناك خطراً كبيراً من نقل الأسلحة إلى إيران؛ حيث يمكن تفكيكها وعكس هندستها.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

المشرق العربي الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)

إسرائيل تطبق الحصار على مدينة الخيام تمهيداً لاقتحامها

قطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد إلى مدينة الخيام، وأحكمت طوقاً على المقاتلين الموجودين فيها، بعد تقدمها إلى بلدة ديرميماس المشرفة على مجرى نهر الليطاني

نذير رضا (بيروت)
خاص صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

خاص «وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

بعد قراره التراجع عن «وحدة الساحات» واقتناعه بـ«فصل المسارات»، باتت القوى السياسية لا تتردد باعتبار التزام «حزب الله» السابق بهذه الاستراتيجية خطأ استراتيجياً.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي عمال إنقاذ يبحثون بين الركام عن ناجين في موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة البسطة في وسط بيروت (أ.ب)

تضارب حول اغتيال رئيس «هيئة العمليات» بـ«حزب الله» في غارة وسط بيروت

تضاربت الأنباء حول هوية القيادي من «حزب الله» الذي استهدفته غارة إسرائيلية عنيفة في وسط العاصمة اللبنانية، أدت إلى مقتل 11 شخصاً وإصابة آخرين بجروح

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

أفادت تقارير إعلامية لبنانية اليوم (السبت) بمقتل خمسة في قصف إسرائيلي استهدف بلدة شمسطار في بعلبك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية بالتوصل إلى وقف إطلاق النار، بتحديد العناوين الرئيسية لخريطة الطريق في مقاربته لمرحلة ما بعد عودة الهدوء إلى جنوب لبنان، بانسحاب إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها تمهيداً لتطبيق القرار الدولي «1701»، وتعد بأنها تأتي في سياق استعداد الحزب للعبور من الإقليم -أي الميدان- إلى الداخل اللبناني عبر بوابة الطائف.

فالبنود التي حددها قاسم في مقاربته لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار تنم، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، عن رغبته في إضفاء اللبننة على توجهات الحزب وصولاً إلى انخراطه في الحراك السياسي، في مقابل خفض منسوب اهتمامه بما يدور في الإقليم في ضوء تقويمه لردود الفعل المترتبة على تفرُّده في قرار إسناده لغزة الذي أحدث انقساماً بين اللبنانيين.

وتعدّ المصادر أنه ليس في إمكان الحزب أن يتجاهل الوقائع التي فرضها قرار إسناده لغزة، وأبرزها افتقاده لتأييد حلفائه في «محور الممانعة»، وكاد يكون وحيداً في المواجهة، وتؤكد أن تفويضه لرئيس المجلس النيابي، نبيه بري، للتفاوض مع الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، وتوصلهما إلى التوافق على مسوّدة لعودة الهدوء إلى الجنوب، يعني حكماً أنه لا مكان في المسوّدة للربط بين جبهتي غزة والجنوب وإسناده لـ«حماس».

انكفاء الحزب

وتلفت المصادر نفسها إلى أن عدم اعتراض الحزب على المسوّدة يعني موافقته الضمنية على إخلاء منطقة الانتشار في جنوب الليطاني والانسحاب منها، إضافة إلى أن قواعد الاشتباك المعمول بها منذ صدور القرار «1701»، في آب (أغسطس) 2006، أصبحت بحكم الملغاة، أسوة بإنهاء مفعول توازن الرعب الذي كان قد أبقى على التراشق بينهما تحت السيطرة.

وتقول المصادر نفسها إنه لا خيار أمام الحزب سوى الانكفاء إلى الداخل، وإن ما تحقق حتى الساعة بقي محصوراً في التوصل إلى وقف إطلاق النار العالق سريان مفعوله على الوعود الأميركية، فيما لم تبقَ الحدود اللبنانية - السورية مشرّعة لإيصال السلاح إلى الحزب، بعدما تقرر ضبطها على غرار النموذج الذي طبقه الجيش على مطار رفيق الحريري الدولي، ومنع كل أشكال التهريب من وإلى لبنان، إضافة إلى أن وحدة الساحات كادت تغيب كلياً عن المواجهة، ولم يكن من حضور فاعل لـ«محور الممانعة» بانكفاء النظام السوري عنه، رغبة منه بتصويب علاقاته بالمجتمع الدولي، وصولاً إلى رفع الحصار المفروض عليه أميركياً بموجب قانون قيصر.

لاريجاني

وفي هذا السياق، تتوقف المصادر أمام ما قاله كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي لاريجاني، لوفد من «محور الممانعة» كان التقاه خلال زيارته إلى بيروت: «إيران ترغب في إيصال المساعدات إلى لبنان لكن الحصار المفروض علينا براً وبحراً وجواً يمنعنا من إرسالها، ولم يعد أمامنا سوى التأكيد بأننا شركاء في إعادة الإعمار».

وتسأل ما إذا كان التحاق الحزب بركب «اتفاق الطائف»، الذي هو بمثابة ملاذ آمن للجميع للعبور بلبنان إلى بر الأمان، يأتي في سياق إجراء مراجعة نقدية تحت عنوان تصويبه للعلاقات اللبنانية - العربية التي تصدّعت بسبب انحيازه إلى «محور الممانعة»، وجعل من لبنان منصة لتوجيه الرسائل بدلاً من تحييده عن الصراعات المشتعلة في المنطقة؟ وهل بات على قناعة بأنه لا خيار أمامه سوى التوصل إلى وقف إطلاق النار، رغم أن إسرائيل تتمهل في الموافقة عليه ريثما تواصل تدميرها لمناطق واسعة، وهذا ما يفتح الباب للسؤال عن مصير الوعود الأميركية، وهل توكل لتل أبيب اختيار الوقت المناسب للإعلان عن انتهاء الحرب؟

تموضع تحت سقف «الطائف»

ولم تستبعد الدور الذي يعود لبري في إسداء نصيحته للحزب بضرورة الالتفات إلى الداخل، والتموضع تحت سقف «اتفاق الطائف»، خصوصاً أن المجتمع الدولي بكل مكوناته ينصح المعارضة بمد اليد للتعاون معه لإخراج لبنان من أزماته المتراكمة.

وتقول إن الحزب يتهيب التطورات التي تلازمت مع إسناده لغزة، وتسأل هل قرر إعادة النظر في حساباته في ضوء أن رهانه على تدخل إيران لم يكن في محله؛ لأن ما يهمها الحفاظ على النظام وتوفير الحماية له، آخذة بعين الاعتبار احتمال ضعف موقفها في الإقليم؟

لذلك فإن قرار الحزب بأن يعيد الاعتبار للطائف، يعني أنه يبدي استعداداً للانخراط في الحراك السياسي بحثاً عن حلول لإنقاذ لبنان بعد أن أيقن، بحسب المصادر، بأن فائض القوة الذي يتمتع به لن يُصرف في المعادلة السياسية، وأن هناك ضرورة للبحث عن القنوات المؤدية للتواصل مع شركائه في البلد، وأولهم المعارضة، مع استعداد البلد للدخول في مرحلة سياسية جديدة فور التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس، ليأخذ على عاتقه تنفيذ ما اتُّفق عليه لتطبيق الـ«1701».

وعليه لا بد من التريث إفساحاً في المجال أمام ردود الفعل، أكانت من المعارضة أو الوسطيين، على خريطة الطريق التي رسمها قاسم استعداداً للانتقال بالحزب إلى مرحلة سياسية جديدة، وهذا يتطلب منه عدم الاستقواء على خصومه والانفتاح والتعاطي بمرونة وواقعية لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، واستكمال تطبيق «الطائف»، في مقابل معاملته بالمثل وعدم التصرف على نحو يوحي بأنهم يريدون إضعافه في إعادة مؤسسات البلد، بذريعة أن قوته اليوم لم تعد كما كانت في السابق، قبل تفرده في إسناده لغزة، وما ترتب عليها من تراجع للنفوذ الإيراني، بالتلازم مع عدم فاعلية وحدة الساحات التي تتشكل منها القوة الضاربة لـ«محور الممانعة» الذي لم يكن له دور، ولو بحدود متواضعة، بتوفير الدعم للحزب كونه أقوى أذرعته في الإقليم، وبالتالي هناك ضرورة لاحتضانه لاسترداده إلى مشروع الدولة.