لاريجاني صوّب الموقف الإيراني بتأييده موقف لبنان بتطبيق الـ«1701»

حضر لتبديد التساؤلات بترك «حزب الله» وحيداً في المواجهة

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)
TT

لاريجاني صوّب الموقف الإيراني بتأييده موقف لبنان بتطبيق الـ«1701»

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

الجديد في زيارة مستشار المرشد الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت يكمن في أنه توخّى من لقاءاته إعادة تصويب الموقف الإيراني الذي عبّر عنه وزير الخارجية عباس عراقجي، ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، في زيارتيهما الأخيرتين، وأحدث ردود فعل سلبية، عبّر عنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وقيادات في المعارضة؛ كانت وراء اضطرار قاليباف إلى توضيح ما قصده بقوله إن بلاده تتفاوض مع فرنسا لتطبيق القرار الدولي «1701».

رسالة إيرانية إلى الداخل اللبناني

فالموفد الإيراني حضر خصوصاً إلى بيروت لاستيعاب ردود الفعل وسحبها من التداول، وبادر إلى إطلاق مجموعة من المواقف، رغبة منه في تمرير رسالة إيرانية إلى الداخل اللبناني، ومن خلاله إلى المجتمع الدولي، بتأكيده، وللمرة الأولى بلا أي مواربة، أن طهران تدعم أي قرار تتخذه الحكومة و«المقاومة» لتطبيق القرار «1701»، وتؤيّد انتخاب أي رئيس يتوافق عليه اللبنانيون.

وحرص لاريجاني، في معرض إعادة تصويبه الموقف الإيراني حيال الوضع السائد في لبنان، في ضوء تصاعد وتيرة الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل، على تجنّب أي ذكر لربط جبهة الجنوب بغزة و«وحدة الساحات»، بخلاف ما شدّد عليه عراقجي وقاليباف في هذا الخصوص؛ لأنه لا مصلحة لإيران بالدخول في اشتباك سياسي مع غالبية القوى السياسية اللبنانية التي تعدّ أن الربط بين الجبهتين لم يعد قائماً وأصبح من الماضي، ولا يمكن صرفه سياسياً في ظل تفرّد الحزب في إسناده لغزة من دون أن يلقى الدعم المطلوب من «محور الممانعة»، مع خروج النظام السوري منه فعلاً لا قولاً.

حرص على تأييد موقف الحكومة

كما حرص لاريجاني على تأكيد وقوف إيران خلف الحكومة في مفاوضاتها لتطبيق الـ«1701» لقطع الطريق على اتهامها بأنها تسبّبت بتعطيل تنفيذه للتوصل لوقف النار، بدلاً من تحميل المسؤولية لإسرائيل التي تضع شروطاً يستحيل على لبنان الأخذ بها.

وبكلام آخر، فإن إيران، بلسان لاريجاني، سعت لاستيعاب التوتر الذي سيطر على علاقتها بميقاتي، على خلفية اعتراضه الشديد على ما سمعه من عراقجي وقاليباف، خصوصاً بالنسبة إلى إصرارهما على الربط بين جبهتي الجنوب وغزة؛ مما يؤدي إلى تعطيل الجهود للتوصل لوقف النار ونشر الجيش في الجنوب تمهيداً لتطبيق الـ«1701»، وبالتالي فإنها بتصحيحها لموقفها أرادت إعلام الولايات المتحدة الأميركية، ولو بطريقة غير مباشرة، استعدادها للانخراط في المساعي الدولية لإنهاء الحرب في لبنان.

لقاء مع ممثلي «محور الممانعة»

وفي هذا السياق، التقى لاريجاني، بالإضافة إلى رئيسي البرلمان نبيه بري، والحكومة نجيب ميقاتي، ممثلين عن «محور الممانعة»، بشقَيه اللبناني والفلسطيني، في حين اعتذر نواب «اللقاء الديمقراطي» عن عدم الحضور، انسجاماً مع قرار جنبلاط الأب بمقاطعة لقاءات الموفدين الإيرانيين إلى لبنان؛ احتجاجاً على استخدام إيران الورقة اللبنانية لتوظيفها في مفاوضاتها مع واشنطن.

لذلك، شملت لقاءات لاريجاني أهل البيت من المنتمين إلى «محور الممانعة»، وتوخى من خلالها -كما علمت «الشرق الأوسط»- طمأنة «حزب الله» بأن إيران تواصل دعمها له، ولم تتركه وحيداً في المواجهة، وذلك رداً على التساؤلات التي أخذت تتفاعل داخل حاضنته الشعبية، وتدور حول الأسباب الكامنة وراء عدم مبادرتها لمناصرة حليفها الأول على امتداد المنطقة العربية في تصديه للعدوان الإسرائيلي، خصوصاً أنها كادت تخرج عن السيطرة وتظهر للعلن مع دعوة طهران إلى عدم توسعة الحرب الدائرة في لبنان لتشمل الإقليم، وكأنها تستخدم، من وجهة نظر المعارضة، الورقة اللبنانية لتحسين شروطها في مفاوضاتها غير المباشرة مع واشنطن التي لم تنقطع، وهي تترقّب مدى استعداد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإعادة تحريكها.

مساعدة النازحين وإعادة الإعمار

فإيران -حسب المصادر السياسية- تصر على تثبيت حضورها في الساحة اللبنانية، لتأكيد شراكتها في الجهود الرامية للتوصل لوقف النار، وهي أعادت صياغة موقفها بما يتناسب والتوجه اللبناني الرسمي لإنهاء الحرب بتطبيق القرار «1701»، لعلها تتمكّن من الدخول في مصالحة مع المجتمع الدولي على قاعدة التعاون معه لنزع فتيل التفجير في لبنان.

وكشفت عن أن لاريجاني أبلغ ممثلي «الممانعة» أن طهران أعدّت العدة لتقديم المساعدات إلى النازحين في أماكن إيوائهم؛ لكن الحصار البحري والبري والجوي المفروض عليها حال دون إيصالها إلى بيروت، ونقلت عنه استعداد طهران لتكون شريكة في إعادة إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي على لبنان، لافتة إلى أنه لم يتطرّق إلى كل ما يمت بصلة إلى المفاوضات الإيرانية - الأميركية، ولا إلى الاستعدادات الإيرانية للرد على استهداف إسرائيل عدداً من المنشآت الإيرانية، مكتفياً بالقول إنها تمكّنت من ترميم ما أحدثه العدوان من دمار.

وعليه، فإن لاريجاني، كما تقول المصادر، أراد بالدرجة الأولى من لقائه مع «الممانعة» التوجه بخطاب مباشر إلى جمهور «حزب الله» لطمأنته بأنه لن يُترك وحيداً، وأن لا صحة لكل ما يُشاع بخلاف ذلك. فهل نجح في إيصال رسالته، بالإنابة عن المرشد الإيراني علي خامنئي، إلى جمهور «المقاومة»؟


مقالات ذات صلة

تركيا تحذّر إسرائيل من توسيع حربها

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تحذّر إسرائيل من توسيع حربها

حذر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان من توسيع إسرائيل حربها في المنطقة قائلاً إن هناك دولاً أخرى ستواجه اعتداءاتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يبحثون عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت مدينة النبطية (أ.ف.ب)

إسرائيل تجدد محاولات التوغل في جنوب لبنان بعد فشل الاختراق بالقطاع الغربي

جدد الجيش الاسرائيلي السبت، هجومه على القطاع الغربي في جنوب لبنان، في محاولة لتحقيق اختراق فشل في تحقيقه يومي الخميس والجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

الدفاع المدني اللبناني… ضحية الحرب الإسرائيلية

تركت المجزرة التي اقترفتها إسرائيل، ليل الخميس، باستهدافها في مدينة بعلبك، شرق لبنان، مركز الدفاع المدني علامات استفهام حول خلفية هذا الاستهداف.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق بإمكان الجميع بدء حياة أخرى (أ.ب)

شبل الأسد «سارة» أُجليت من لبنان إلى جنوب أفريقيا لحياة أفضل

بعد قضاء شهرين في شقّة صغيرة ببيروت مع جمعية للدفاع عن حقوق الحيوان، وصلت أنثى شبل الأسد إلى محمية للحيوانات البرّية بجنوب أفريقيا... هذه قصتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دخان القصف الجوي الإسرائيلي يتصاعد في أحد أحيار مدينة صور الجنوبية (أ.ف.ب)

اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية و«حزب الله» في الجنوب وغارات على «الضاحية» وصور 

استهدفت غارات إسرائيلية، السبت، مدينة صور في جنوب لبنان. كما استهدفت غارات جديدة ضاحية بيروت الجنوبية بعد إصدار الجيش الإسرائيلي تعليمات بإخلاء أحد أحيائها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

عودة الحركة إلى معبر البوكمال بعد احتواء توتر عشائري

معبر البوكمال (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
معبر البوكمال (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

عودة الحركة إلى معبر البوكمال بعد احتواء توتر عشائري

معبر البوكمال (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
معبر البوكمال (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

نجحت دمشق في احتواء التوتر في مدينة البوكمال، وفُتح معبر البوكمال الرسمي على الحدود السورية ـ العراقية، بعد نحو 10 أيام من إغلاقه على خلفية اشتباكات عشائرية محلية بين عشيرة الحسون، وعشيرة المشاهدة التي ينضوي عدد من أبنائها في ميليشيا «الفوج 47»، التابعة للحرس الثوري الإيراني.

وشهدت مدينة البوكمال وريفها مواجهات عنيفة، وتم قطع الطرق وإغلاق المعابر مع العراق، وأظهرت العشائر الموالية لدمشق مشاعر كراهية للوجود الإيراني، وصلت حد المطالبة بطرد الميليشيات التابعة لإيران من البوكمال، ما أقلق طهران التي تجهد لتجذير وجودها في دير الزور وإحكام سيطرتها عليها بشتى الوسائل. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الحركة المرورية في معبر البوكمال الرسمي مع العراق عادت بشكل «تدريجي»، وشهد المعبر، صباح اليوم (السبت)، «حركة عبور من الأراضي السورية إلى العراق» وذلك بـ«التوازي مع نشاط الحركة، ونقل البضائع المهربة في معبر السكك غير الرسمي».

اتفاق تهدئة بين عشيرة الحسون وميليشيات «الفوج 47» التابعة للحرس الثوري الإيراني في البوكمال (المرصد السوري)

وجاء ذلك، بعد الأحداث التي تفجّرت في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، قبل أكثر من أسبوع، التي أدت إلى توتر كبير في مدينة البوكمال وأطرافها، وانقطاع الطريق في المدينة والطريق مع العراق.

وأفادت مصادر إعلامية محلية، في وقت سابق، بعبور 3 شاحنات إيرانية مغلقة يوم الجمعة، من العراق باتجاه محافظة حمص وسط سوريا، مع تضارب الأنباء حول محتوياتها، في حين قالت وسائل إعلامية مقربة من دمشق إنها محملة بالمساعدات للبنانيين الوافدين إلى سوريا.

ويعدّ معبر البوكمال، الذي يقابله على الجانب العراقي معبر القائم في محافظة الأنبار، نقطة نفوذ إيرانية استراتيجية، بوصفه بوابةً رئيسيةً للطريق البري الذي يصل إيران بسوريا ولبنان عبر العراق، كما يعدّ معبراً رئيسياً بين سوريا والعراق منذ استعادة دمشق وطهران السيطرة عليه عام 2017، وطرد تنظيم «داعش» منه.

وتجهد إيران في تجذير نفوذها في محافظة دير الزور، حيث تتمركز الميليشيات التابعة لها في مناطق سيطرة دمشق غرب نهر الفرات. وقالت مصادر محلية في دير الزور لـ«الشرق الأوسط» إن إيران تراهن في بسط نفوذها بين العشائر عبر إقناع زعماء العشائر المحلية بأنهم من سلالة آل البيت، وتنشر عبر مراكزها الثقافية معلومات ودراسات تكشف عن الجذور التاريخية لتلك العشائر، في لعب واضح على «وتر الأصل والحسب والنسب» في شد العصب العشائري.

مقاتلون من العشائر في البوكمال (متداولة)

مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، قال (السبت) إن إيران «متمسكة باستمرار نفوذها بشكل كبير جداً في محافظة دير الزور الاستراتيجية، أو في القسم الخاضع لسيطرة قوات النظام والإيرانيين في غرب الفرات، بالإضافة إلى القرى السبع التي تقع بالقرب من قاعدة حقل كونيكو»، وذلك رغم المحاولات الروسية «لتحجيم الدور الإيراني في دير الزور عبر توزيع المساعدات، وإرسال مستشارين وضباط روس مع قوات النظام إلى مناطق السيطرة الإيرانية».

وكان المرصد أصدر تقارير عدة، في وقت سابق، عن إخضاع عناصر محليين تم تجنيدهم لدورات تدريبية. وقال إنه لم يتضح بعد الهدف من تلك الدورات، هل هي لمحاربة «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، أم لمحاربة القوات الأميركية. وقال المرصد إن الذين تم تجنيدهم سابقاً من أبناء دير الزور، وهم بالعشرات، كانوا من المطلوبين للخدمة الإلزامية لدى القوات الحكومية بهدف الإعفاء من الخدمة الإلزامية، وقد تم تدريبهم في أحد المعسكرات في دير الزور لإقحامهم على جبهات الانتشار الإيراني، بعد انحسار حضور الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» اللبناني في دير الزور؛ نتيجة الانصراف إلى مواجهة إسرائيل والتمركز عند الحدود السورية - اللبنانية.

جندي عراقي يراقب الأوضاع بالقرب من الحدود العراقية - السورية عند معبر «البوكمال - القائم» الحدودي (أرشيفية - رويترز)

وبحسب المرصد، تسعى دمشق إلى فرض سيطرتها الكاملة في محافظة دير الزور وتحجيم دور الميليشيات الإيرانية، مع التشكيك بإمكانية تحقيق ذلك بحسب المرصد، الذي أكد أنه حتى الآن لم تنجح دمشق «سوى في القرى السبع في تحجيم دور الإيرانيين والطلب منهم الخروج من المنطقة وعدم استهداف القواعد الأميركية»، لكن الميليشيات الإيرانية باتت «تستهدف القواعد الأميركية من ضفاف نهر الفرات الغربية».