تراجع «الاقتصاد الموازي» لـ«حزب الله» في سوريا بسبب ضرب إسرائيل المعابر

أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم من لبنان إلى سوريا وهم يسيرون بجوار حفرة ناجمة عن ضربة إسرائيلية 28 أكتوبر 2024 (رويترز)
أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم من لبنان إلى سوريا وهم يسيرون بجوار حفرة ناجمة عن ضربة إسرائيلية 28 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

تراجع «الاقتصاد الموازي» لـ«حزب الله» في سوريا بسبب ضرب إسرائيل المعابر

أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم من لبنان إلى سوريا وهم يسيرون بجوار حفرة ناجمة عن ضربة إسرائيلية 28 أكتوبر 2024 (رويترز)
أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم من لبنان إلى سوريا وهم يسيرون بجوار حفرة ناجمة عن ضربة إسرائيلية 28 أكتوبر 2024 (رويترز)

أدّى الاستهداف الإسرائيلي المستمر والمكثف للمعابر بين لبنان وسوريا، خصوصاً غير الشرعية، إلى تراجع «الاقتصادي الموازي» لـ«حزب الله» وجهات سورية نافذة، والقائم على عمليات تهريب ضخمة لمواد أساسية من لبنان إلى الأراضي السورية، تُدرّ عليهما ملايين الدولارات.

ولكن مصادر متابعة في دمشق، رأت أن الحزب يسعى جاهداً لاستمرار هذا «الاقتصاد»؛ لأنه بات بحاجة إلى مصاريف كبيرة، في ظل الحرب وستتضخم كلما طالت أيامها.

معبر جوسية الحدودي بين لبنان وسوريا بعد غارة إسرائيلية في 28 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

وذكرت مصادر محلية في ريف محافظة حمص الغربي، المحاذية لمنطقة البقاع اللبنانية، أنه وقبل تصاعد الحرب الإسرائيلية على «حزب الله» في لبنان، كانت عشرات الصهاريج المحملة بالمحروقات تُشاهد بشكل شبه يومي في أنحاء المحافظة بعد عبورها من الأراضي اللبنانية.

إلا أن مشاهد أرتال تلك الصهاريج -كما تحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط»- باتت «قليلة منذ اشتداد الحرب» في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، وتكثيف إسرائيل من استهدافها لأغلبية المعابر الشرعية وغير الشرعية، لافتة إلى أنه تبع ذلك اشتداد لأزمة توفر المحروقات في حمص وعموم مناطق نفوذ الحكومة السورية وارتفاع ثمنها في السوق السوداء.

أعلام سوريا و«حزب الله» في القصير خلال يونيو 2013 (أ.ف.ب)

وأشارت المصادر إلى أنها كانت تشاهد أيضاً أعداداً كبيرة من الشاحنات الكبيرة المغطاة في أنحاء المحافظة بعد عبورها من الأراضي اللبنانية، وقد تكون محملة بمواد أساسية أو دخان. وأضافت: «أيضاً هذا المشهد تراجع إلى حدٍّ بعيد».

وذكرت المصادر، أن عمليات التهريب الصغيرة للأجهزة الإلكترونية والمواد الغذائية من لبنان إلى المحافظة، التي كان يقوم بها أشخاص سوريون محسوبون على الحزب من المعابر غير الشرعية، تراجعت بشكل كبير بسبب الخوف من الضربات الإسرائيلية.

وأوضحت مصادر متابعة في دمشق، أن «اقتصاد الظل» أو «الاقتصاد الموازي» لـ«حزب الله» ولجهات سورية نافذة في مناطق نفوذ الحكومة، قائم منذ ما قبل الحرب الإسرائيلية على الحزب وعلى غزة، وهو يتم، كما يتردد، بالتنسيق ما بين الحزب من جهة ومراكز نافذة في الجيش السوري، ويقوم على عمليات تهريب ضخمة من المعابر غير الشرعية، وفي كلا الاتجاهين، ولكن أغلبها من الأراضي اللبنانية إلى الأراضي السورية، وتتضمن بعض المواد الأساسية (محروقات، غاز، دخان، مواد غذائية...).

معبر حدودي بين سوريا ولبنان (أرشيفية - المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وأشارت المصادر إلى أن «الاقتصاد الموازي» قبل الحرب الإسرائيلية على لبنان كان بالنسبة لـ«حزب الله» رافداً مالياً إضافياً للدعم الذي يتلقاه من إيران، في حين بالنسبة للنظام السوري -إضافة إلى أنه يُدر عليه أموالاً كثيرة- يُشكل جزءاً من الحل لبعض أزمات السوق الداخلية.

ولفتت المصادر إلى أنه مع تصعيد إسرائيل حربها على «حزب الله» قبل أكثر من شهر ونصف الشهر، وتكثيف قصفها للمعابر الشرعية وغير الشرعية بين لبنان وسوريا لقطع إمدادات السلاح والذخيرة التي يتلقاها الحزب عبر الأراضي السورية، والقادم أغلبها من إيران، من خلال الأراضي العراقية، «ضربت إسرائيل بشكل غير مباشر «الاقتصاد الموازي» لـ(حزب الله) والنظام السوري».

وأضافت: «نتيجة هذه الضربات خفّ «الاقتصاد الموازي» للحزب والنظام السوري، وسيخف أكثر إذا استمرت إسرائيل في مراقبة المعابر وضربها، ومن ثم ستزداد أزمة (حزب الله) المالية».

مسافرون يتحدثون إلى مسؤولين حكوميين عند معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان بعد ضربة إسرائيلية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر، أن «حزب الله» بات بحاجة إلى أموال ومصاريف كبيرة مع استمرار وتصاعد الحرب، ومن ثم فهو بحاجة ماسة إلى «الاقتصاد الموازي» وسيسعى لاستمراره، وبكل أشكاله.

ووفق ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، استهدفت إسرائيل المعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية بين سوريا ولبنان 32 مرة خلال 6 أسابيع من التصعيد على تلك المناطق، في إطار سعيها لتعطيل عودة الفارين إلى لبنان، ومنع وصول الإمدادات والمساعدات إلى الداخل اللبناني.


مقالات ذات صلة

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة من موقع غارة إسرائيلية على معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا - 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر إلى 92

قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم (الجمعة)، إن عدد قتلى القصف الأخير الذي شنَّته إسرائيل على مدينة تدمر، في ريف حمص الشرقي بوسط البلاد هذا الأسبوع ارتفع

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».