ترمب قد يغيّر المعادلة في سوريا

توقعات بوقف تطبيق قانونَي «قيصر» و«مناهضة التطبيع»

معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان بعد أن تسببت ضربة إسرائيلية في حفرة كبيرة عرقلت المرور من خلاله (أ.ف.ب)
معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان بعد أن تسببت ضربة إسرائيلية في حفرة كبيرة عرقلت المرور من خلاله (أ.ف.ب)
TT

ترمب قد يغيّر المعادلة في سوريا

معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان بعد أن تسببت ضربة إسرائيلية في حفرة كبيرة عرقلت المرور من خلاله (أ.ف.ب)
معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان بعد أن تسببت ضربة إسرائيلية في حفرة كبيرة عرقلت المرور من خلاله (أ.ف.ب)

ترمب قال بشكل واضح من دون أن يكشف عن تفاصيل أخرى، مفضلاً ترك الأمر لمرحلة لاحقة، إنه سيطلب من الأطراف المعنية «الوقف الفوري لإطلاق النار والانتقال إلى طاولة المفاوضات»، كما أكد أنه سيوجه تحذيرات مباشرة إلى إيران لوقف تمويل ميليشياتها.

وفي حين كانت الأنظار تتجه نحو الخطط والسياسات التي كانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ترغب في تنفيذها بمنطقة الشرق الأوسط، على اعتبار أن حظوظ مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، كانت مؤاتيه، فإن الأوضاع انقلبت رأساً على عقب بعد فوز دونالد ترمب.

بحسب مقالة رأي في صحيفة «واشنطن بوست»، كانت إدارة بايدن تسعى إلى محاولة تقديم مساعدة لسوريا من أجل التخلص من السيطرة الإيرانية. وتقول إن كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة تريدان مساعدة دمشق لمنع إيران من الاستمرار في إمداد «حزب الله» عبر الحدود السورية، في الحرب التي تخوضها ضده إسرائيل.

الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية بجدة مايو 2023 (رويترز)

ويعتقد المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون أن الرئيس السوري بشار الأسد قد يدعم مثل هذه الضوابط؛ لأنه أصبح مستاءً من الوجود الإيراني القاسي في دمشق. وإذا نجح الأسد في الحد من عمليات إعادة الإمداد الإيرانية، فإن إدارة بايدن تبدو مستعدة لإيماءات متبادلة، على أساس «خطوات إيجابية لخطوات إيجابية».

وينقل الكاتب عن مصدر إسرائيلي، قوله: «نحن نأمل في أن نتمكن من جعل الأسد، على الأقل، يوقف تدفق الأسلحة إلى (حزب الله) عبر سوريا، وربما أكثر». وأضاف: «الولايات المتحدة مستعدة لمنح السوريين بعض الفوائد إذا سلكوا هذا الطريق».

اتصالات المعارضين

وبحسب سوريين ناشطين في ملف الأزمة السورية في واشنطن، فإن هذا التوجه ليس جديداً، وقد بدأ منذ العام الماضي، وأن الاتصالات معهم لم تشمل فقط ممثلين عن إدارة بايدن، بل وعن الرئيس السابق ترمب، في ظل المساعي الجارية لإحداث فرق على الأرض في ملف الأزمة السورية.

يقول أيمن عبد النور، الناشط السياسي المعارض، إن مساعدين للسيناتور الجمهوري، بن كاردن، أبلغوهم منذ نحو عام، أن قانون مناهضة وقف التطبيع مع نظام الأسد، سيتم تجميده، بما يتيح عملياً إعادة التواصل مع النظام السوري.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن الديمقراطيين في المقابل هددوا بأن أي محاولة لتعطيل هذا التجميد سيجري رفضها، خصوصاً أن الجمهوريين متفقون معهم في هذا الأمر.

عمال الإنقاذ فوق أنقاض مبنى منهار بعد زلزال ضرب اللاذقية الساحلية غرب سوريا (رويترز)

تابع عبد النور أن الأمر نفسه سينطبق على قانون «قيصر» الذي جرى تجميد عدد من مواده بعد الزلزال الذي ضرب سوريا، فبراير (شباط) 2023، وتحول إلى «تقليد» جرى الحفاظ عليه في تمرير الكثير من القضايا، من بينها تمرير اتفاق خط نقل الغاز إلى لبنان عبر الأراضي السورية، وكذلك خط النفط إلى سوريا. وهو ما توسع أيضاً عبر تمكين الأمم المتحدة من تنفيذ عدد من المشروعات وزيادة ميزانيتها في سوريا، رغم أنها تتعارض مع قانون قيصر.

مواقف مختلفة بين الحزبين

غير أن عبد النور يقول إن الاتصالات التي كانت تجري مع إدارة بايدن، ومع المرشحة كامالا هاريس، لم تكن بمستوى اللقاءات التي جرت مع دونالد ترمب. فمقابل لقاء واحد عبر دائرة «زووم» مع هاريس بتنظيم من مؤسسة «إينغايجمنت»، أجرى ترمب 4 لقاءات شخصية مباشرة، مع السوريين واللبنانيين، إضافة لـ15 لقاء من مستشاريه وأفراد من عائلته ومن والد صهره اللبناني، عرضوا فيها موقفه من كيفية وقف الحروب في المنطقة.

أرشيفية لعناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري)

يضيف المعارض السوري أن ترمب قال بشكل واضح من دون أن يكشف عن تفاصيل أخرى، مفضلاً ترك الأمر لمرحلة لاحقة، إنه سيطلب من الأطراف المعنية «الوقف الفوري لإطلاق النار والانتقال إلى طاولة المفاوضات». كما أكد ترمب أنه سيوجه تحذيرات مباشرة إلى إيران لوقف تمويل ميليشياتها، وأنه سيقوم بفرض قيود على المصادر المالية لطهران، تحقيقاً لهذا الأمر.

أكراد سوريا!

في المقابل، يقول بسام إسحاق، ممثل مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، الجناح السياسي لـ«قسد»، في واشنطن، إن ما يسمعونه من الديمقراطيين والجمهوريين، لم يتعد حتى الآن «الوعود الكلامية». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن الحذر هو سيد الموقف، وخصوصاً الآن بعد فوز ترمب.

قصف تركي على مواقع «قسد» في شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

يضيف إسحاق أنهم يرغبون في معرفة مشروعاته الخاصة بشمال شرقي سوريا، وبما يتعلق بمستقبل القوات الأميركية الموجودة في تلك المنطقة التي يبلغ عددها نحو 900 عنصر، باعتبار أن ترمب كان قد أمر في عام 2019 بسحبها، لكنه أوقف القرار، بعد ضغوط من مستشاريه ومن «البنتاغون» نفسه.

ويوضح ممثل (مسد) في أميركا أنهم لا يعرفون بعدُ كيف ستكون علاقة ترمب مع تركيا ورئيسها رجب طيب إردوغان، علماً أنهم يتخوفون من أن تأتي أي صفقة مع أنقرة على حسابهم.

في ختام هذا التقرير قد يتساءل كثيرون إن كان العد العكسي لتحريك «المياه الراكدة» في الأزمة السورية قد بدأ؟ وهل سيترجم ترمب وعوده الانتخابية بما يؤدي إلى حلحلة الكثير من الملفات والحروب المندلعة والمترابطة في المنطقة؟ أسئلة تحتاج الانتظار قليلاً للإجابة عليها، إلى أن يعود ترمب، رسمياً، إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.


مقالات ذات صلة

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

حصاد الأسبوع روبيو

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

ترمب يختار بوندي لـ«العدل» بعد انسحاب غايتز

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بام بوندي، المقربة منه والعضوَ في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل بعد انسحاب

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)
الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)
TT

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)
الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

يتعامل الأردن مع تحديات أمنية وسياسية خطِرة على حدوده الشمالية مع سوريا، والشرقية مع العراق، والغربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. ومع التحدّي الأخير يتعامل الأردن بحذر شديد مع مخطّطات الحكومة اليمينية المتطرفة في تل أبيب، ودعوات تهجير الفلسطينيين التي عدّتها عمّان «إعلان حرب عليها»، لتتعاظم هواجس داخلية تفرض نفسها على صنّاع القرار بقوة.

ومع بدء الدورة الأولى من عمر مجلس النواب العشرين الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ظل وجود كتلة معارضة «حرجة» تملك 31 مقعداً قابلة للزيادة تمثلها كتلة «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع الحزبية لجماعة الإخوان المسلمين غير المرخّصة في البلاد.

الملك عبد الله الثاني يستعرض حرس الشرف قبل افتتاح أعمال البرلمان الأردني (أ.ف.ب)

قياس شرعية الانتخابات

بدأت القصة الجديدة بين السلطة الأردنية والحركة الإسلامية من قياس «شرعية» الانتخابات الأخيرة، بعد مشاركة نواب الحركة حصولهم على قرابة نصف مليون صوت على مستوى البلاد كافة، من أصل نحو مليون و600 ألف مقترع شاركوا في الانتخابات، إلى جانب حصدهم أيضاً مقاعد مُخصّصة للمرأة والشركس والشيشان في عدد من الدوائر المحلية، على مستوى المحافظات.

وباعتراف الحزب المعارض بنزاهة الانتخابات، تكون المعايير التي سعى الإسلاميون إلى تكريسها مرتبطة فقط بعدد المقاعد التي يحصلون عليها، مستندين إلى سيطرتهم على وعي الرأي العام، من خلال امتلاكهم منابر دينية وإعلامية غير متوافرة لخصومهم.

كانت ثمة تحذيرات جاءت على ألسنة شخصيات سياسية وازنة وخبرات قانونية، من أن قانون الانتخاب الذي توافقت عليه لجنة ملكية، ومنح صوتين للناخب أحدهما لدائرته المحلية والآخر للدائرة العامة المخصصة مقاعدها الـ41 للأحزاب، أبرزها أن الصوت الثاني سيكون «صوتاً مجانياً» مُعطىً لمرشحي الحركة الإسلامية، لكن هذه التحذيرات قوبلت بالسخرية.

كان «عرّابو» القانون يسخرون من التحذيرات، وسط ثقة مُفرطة بأنفسهم، بينما سعى «طباخو» القانون إلى تشكيل أحزاب سياسية قيل إنها ستنافس الحركة الإسلامية، بل ستقلّص عدد مقاعدهم. لكن الحقيقة جاءت بعكس توقعات استطلاعات الرأي السرّية، بل إن تلك التوقعات جاءت بمبالغات لا صلة لها بالواقع.

استناداً إلى ما سبق، ونتيجة لمراجعات مراكز قرار و«جرد الحسابات»، أُقيل ضباط كبار في جهاز الاستخبارات العامة، وسياسياً أعيد تموضُع شخصيات في مواقع متقدمة في الديوان الملكي، وتحييد آخرين، مع إلزام الحكومة الجديدة بتدوير الزوايا الاقتصادية الحادة في موازنة العام المقبل، واختصار تصريحاتها بالشأن السياسي. ومن المتوقع أن تطال التغييرات مواقع متقدِّمة، أمنية وسياسية قبل نهاية العام.

وحسب مخضرمين سياسيين، كان من السهل الطعن بدستورية قانون الانتخاب النافذ، خصوصاً في ظل التعارض الواضح في نصوص احتساب درجة الحسم (العتبة) التي جاءت نتيجتها بمضاعفة عدد مقاعد الحركة الإسلامية على الأقل.

وقد استند هؤلاء إلى نصّين متعارضين في حسابات الفوز والخسارة في الانتخابات، ثم إنه رغم التحذيرات أدّى الإصرار على الخطأ لنتائج غير متوقعة، وسقوط استطلاعات الرأي المسكوت عنها، والتي «أُجريت بطرق غير علمية»، كما وصفها مطّلعون تحدثت معهم «الشرق الأوسط».

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال افتتاح أعمال دورة جديدة للبرلمان (رويترز)

خطاب العرش... بين السطور

في الثامن عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي انطلقت أعمال الدورة العادية من عُمر مجلس النواب العشرين، بعد إلقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خطاب العرش. وحمل الخطاب بين سطوره «مفاتيح» لسياسة الأردن، في ظل تحوّلات كبيرة، لعل أهمها إدارة العلاقات الأردنية مع الحليف الأميركي بعد فوز دونالد ترمب بفترة رئاسية جديدة، والمفاجآت التي قد تحملها سياساته، عطفاً على سياساته وقراراته في دورته السابقة، ومدى الحرج الذي قد يتسبّب به الرجل في لقاءاته الرسمية وتصرفاته الشخصية.

لم يأخذ الكلام الملكي المساحة اللازمة من التحليل وقراءة ما بين السطور، واكتفى المحللون بإبراز فقرات من الخطاب تتعلق بالشأن الداخلي، إثر قول الملك إن مستقبل بلاده «لن يكون خاضعاً لسياسات لا تلبّي مصالحه أو تخرج عن مبادئه»، واصفاً الأردن بـ«الدولة الراسخة الهوية، التي لا تغامر في مستقبلها».

ولم يتطرّق المحلّلون إلى سقوط عبارة «حل الدولتين» من الخطاب والاكتفاء بالإشارة إلى «السلام العادل والمشرّف هو السبيل لرفع الظلم التاريخي عن الأشقاء الفلسطينيين»، مع تمسّك الأردن بأولوية إعادة «كامل الحقوق لأصحابها ومنح الأمن للجميع، رغم كل العقبات وتطرّف الذين لا يؤمنون بالسلام».

قراءة في سلوك «الإسلاميين»

بعد الرسائل الملكية تلك، دخل النواب في منافسة محمومة على مقاعد الرئاسة وانتخاب أعضاء المكتب الدائم للمجلس. وجاءت النتيجة حاسمة لصالح الرئيس الأسبق أحمد الصفدي الذي نافسه النائب صالح العرموطي (الإسلامي)، الآتي محمولاً على أكتاف أعلى الأصوات على مستوى الدوائر المحلية.

أراد «الإسلاميون» في المجلس إيصال «مظلوميتهم» إلى الشارع، فبعد إعلان خمس كتل حزبية تحالفها في انتخابات الرئاسة والمكتب الدائم، كانت منافسة كتلة حزب «جبهة العمل الإسلامي» غير مُجدية؛ نظراً لقرارهم بعزل أنفسهم عن أي تحالفات حتى مع المستقلين من أعضاء المجلس، ولم ينجحوا إلا في استقطاب 6 نواب من خارج كتلتهم (الـ31 نائباً)، على الرغم من وجود 23 نائباً مستقلاً، مع توزّع 115 من النواب على 12 حزباً فازوا بمقاعد بعد تجاوز درجة الحسم في الانتخابات النيابية الأخيرة.

هؤلاء، بالإضافة إلى حزب «جبهة العمل الإسلامي»، جاؤوا على التوالي: حزب «الميثاق»، و«إرادة»، و«الوطني الإسلامي»، و«تقدّم»، و«الاتحاد»، و«الأرض المباركة»، وحزب «عزم»، وحزب «العمل»، وحزب «العمال»، و«المدني الديمقراطي»، وحزب «نماء».

ويُدرك الإسلاميون صعوبة التحالف، وكانوا قد ضيّعوا فرصة قدّمها قبل انتخابات الرئاسة وقتها المرشح الصفدي؛ إذ ضمن لهم مقعدين في المكتب الدائم هما مقعد النائب الثاني للرئيس، وأحد مقعدي المساعدين للرئيس، ورئاسة بعض اللجان. غير أنهم آثروا الانعزال ورفض التفاوض، فكانت فكرتهم المركزية - كما وصفها مقربون منهم في حوارات مع «الشرق الأوسط» - أنهم يريدون «إيصال رسائل» تُفيد بتعرّضهم لحصار ومحاربة من قبل الأحزاب الرسمية، وبذلك يحصدون المزيد من الشعبية أمام الشارع الأردني، وهذا ما حصل فعلاً.

وبالفعل، تابع الإسلاميون خطتهم في انتخابات الرئاسة والمكتب الدائم، وسعوا للترشح عن مقعدي النائب الأول والثاني للرئيس. وبعد استعراضات تحت القبة، انسحب مرشحو الحركة في رسالة أرادوا منها التذكير بقدرتهم على المشاغبة في مواجهة توزيع المواقع القيادية في المجلس.

إلا أن ما استقرت عليه خطة المواجهة معهم تحت القبة سيحرمهم أيضاً فرص الفوز برئاسة اللجان النيابية الدائمة، وعلى رأس هذه اللجان: المالية، فلسطين، التوجيه الوطني، الاقتصاد والاستثمار، الشؤون الخارجية، والحريات العامة، وفق مصادر تحدثت إلى «الشرق الأوسط».

إقرار الموازنة المالية أبرز تحدٍّ يواجه الحكومة الأردنية مع بدء مناقشة القانون في البرلمان (بترا)

مواجهة مرتقبة

يُدرك صنّاع القرار في الأردن اليوم مدى خطورة وجود كتلة «حرجة» بحجم كتلة «جبهة العمل الإسلامي» تحت قبة المجلس، لا سيما أنه عُرف عنهم التزامهم في حضور الجلسات التشريعية، وبراعتهم في اختيار مداخلاتهم في الجلسات الرقابية، في ظل احتكارهم لعبة النصاب في التصويت على قرارات المجلس.

ثم إن للإسلاميين صدقيتهم في الإعلام المحلي، وهم الذين استخدموا التواصل الاجتماعي بفاعلية في إيصال صوتهم. ولذا فهم يستخدمون لعبة شحن الشارع بمظلوميتهم وكشفهم عن خفايا التصويت على القرارات في المجلس.

وبرأي متابعين، فإن الحصيلة الشعبية لحزب «جبهة العمل الإسلامي» قابلة للارتفاع في ظل ضعف حجة من يواجههم في العمل العام.

لكن ما غاب عن حسابات المطبخ السياسي لـ«جبهة العمل الإسلامي» (وحاضنته الأم جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة)، أنهم قد يكونون الأداة الأهم في التحذير من مخاطر أمن واستقرار المملكة في ظل استمرار نشاطهم السياسي الذي يعرف استخدام الشارع وعاطفته في الاشتباك مع مؤسسات الدولة؛ إذ بمجرد وجود الإسلاميين في المجالس المنتخبة سيوزّع رسائل إلى عدة جهات، أهمّها تحكم اليمين الإسلامي في دولة عُرفت بالاعتدال... وهذا قد يقلب الطاولة على أحلام الحركة في السيطرة والسلطة.

بداية مُقلقة لعلاقة متوترة

أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية حزمة استحقاقات صعبة. وستكون البداية بـ«حفلة» البيان الوزاري وبدء «ماراثون» مناقشة النواب لمضامينه، وهنا سيستغل نواب الحركة الإسلامية المنبر البرلماني لشن هجمات على الحكومة، وتشويه صورتها، منتصرين بذلك أمام الشارع بعد حجبهم الثقة.

وبعد طيّ صفحة الثقة المضمونة للحكومة، سيدخل استحقاق مشروع قانون الموازنة والوحدات المستقلة لسنة 2025. وتكراراً سيصعد نواب الحركة إلى المنبر ليضاعفوا حصّتهم في الشارع، ولن تنتهي الدورة البرلمانية العادية قبل أن يكون لـ«جبهة العمل الإسلامي» الحصّة الأكبر من معركة الرأي العام.

في المقابل، ما يمكن أن تشهده الدورة الحالية في ملف ساخن قد يعيد المشهد لما قبل عام 2011، هو القرار المُرتقب في حل نقابة المعلمين مطلع ربيع العام المقبل. هذا الملف قد يعيد «تسخين» المشهد المحلي على «صفيح» قضية المعلمين وعودتهم إلى الحراك. وللعلم، كان آخر نقيب للمعلمين قبل قرار قضائي جمّد أعمال النقابة وأغلق أبوابها، نائب جاء عن قائمة الحزب الإخواني التي ترشحت على مقاعد الدائرة الحزبية العامة.

رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان (أ.ف.ب)

نقاط ضعف الحكومة وقوتها

مرتكز القوة لحكومة جعفر حسّان التي أقسمت اليمين مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هو شخصية رئيسها. فحسّان يتمتع بصفات الاستقامة والنزاهة، ورفض الاستجابة للضغوط من مختلف القوى والجهات، وقدرته على العمل تحت الضغط بعيداً عن الأضواء. لكن إذا كانت هذه الصفات تصلح لمهمة من نوع إدارة مكتب الملك الخاص، فإنها قد لا تكون مطلوبة تماماً في شخصية رئيس الحكومة.

وحسّان أدار مكتب الملك في حقبتين مختلفتين، وفي عودته للمرة الثانية خلال السنوات الخمس الماضية استطاع الرجل الانفتاح على الآراء، مستفيداً من تنوع ناصحيه ومحبيه، إلا أن مزايا الرئيس نفسه لا تنسحب بالضرورة على بقية فريقه الحكومي؛ إذ بين اختياراته الوزارية مَن قد يدخل الحكومة كاملة في أزمات متعددة.

وأيضاً، بين وزراء حسّان أشخاص لم يسبق لهم تجربة العمل العام، ناهيك بأن ضمن فريقه طامحين في موقع حسّان نفسه، وبينهم من سبق له العمل البرلماني، بل عُرف عن هؤلاء قدرتهم على استفزاز مجالس النواب ومحاولة التذاكي على التشريعات، قبل كشف الأخطاء التي ارتكبت، ومنها أخطاء قانوني الانتخاب والأحزاب.

في هذا السياق، يحقّ عُرفاً لرئيس الوزراء إجراء أول تعديل وزاري على فريقه الحكومي مباشرةً بعد نيل الحكومة الثقة من مجلس النواب، مع توفير مظلة مشاورات «شكلية» لصالح فرص توزير شخصيات من أحزاب لها أذرع نيابية في المجلس الذي بدأت أعماله رسمياً منذ 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.