لبنان: التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين آتٍ... ولا يرتبط بالرئاسة

لأن حرب إسرائيل على لبنان مديدة بغياب الضغط الأميركي

قائد الجيش العماد جوزيف عون يقدم التعازي بضابط قُتل في الجنوب 26 أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
قائد الجيش العماد جوزيف عون يقدم التعازي بضابط قُتل في الجنوب 26 أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

لبنان: التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين آتٍ... ولا يرتبط بالرئاسة

قائد الجيش العماد جوزيف عون يقدم التعازي بضابط قُتل في الجنوب 26 أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
قائد الجيش العماد جوزيف عون يقدم التعازي بضابط قُتل في الجنوب 26 أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

تنظر القوى السياسية في لبنان إلى ما ستؤدي إليه الانتخابات الرئاسية الأميركية على أنها محطة يمكن من خلالها استقراء المسار العام للحرب الدائرة في الجنوب ومدى استعداد الرئيس العتيد للضغط على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، للتسليم بوقف إطلاق النار بعدما انقلب عليه مرات عدة واستمر في عدوانه من دون أن يلقى الضغط المطلوب من واشنطن، لعله يدفع لبنان للرضوخ لشروطه لتطبيق القرار الدولي 1701 على نحو يتطابق مع تفسيره له، بخلاف التفسير اللبناني، كونه لن يؤمّن، من وجهة نظره، الضمانات المطلوبة لنزع سلاح «حزب الله» وانكفائه إلى ما بعد جنوب الليطاني.

استمرار الحرب يجعل التمديد ضرورة

ويفتح استمرار الحرب في جنوب لبنان الباب أمام تدارك الفراغ في المؤسسات العسكرية والأمنية، بإحالة الممدد لهم إلى التقاعد، بدءاً بقائد الجيش العماد جوزف عون في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان في منتصف مايو (أيار) المقبل، وذلك بالتمديد لهما لعام جديد، إضافة إلى المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، شرط الفصل بين التمديد وانتخاب رئيس الجمهورية، الذي لا يزال يدور في حلقة مفرغة.

ولا يرتبط انتخاب الرئيس بوقف النار فحسب، بل لأن الظروف المحيطة بإنهاء الشغور في الرئاسة الأولى، سواء أكانت محلية أم دولية، ليست ناضجة حتى الساعة، وذلك على الرغم من إلحاح المجتمع الدولي على إخراج الانتخاب من أزمته بعدم ربطه بالتهدئة في الجنوب.

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون وقائد قوات «يونيفيل» الجنرال أرولدو لاثارو (الأمم المتحدة)

بري لم يقل كلمته بعد

ولن يكون في وسع البرلمان التمديد للقادة العسكريين والأمنيين ما لم تعقد جلسة تشريعية بدعوة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، يسبقها الاتفاق على جدول أعمال، كما حصل سابقاً، ومن بين بنودها التصويت على اقتراح قانون ينص على التمديد لهم، علماً بأن بري لم يقل كلمته حتى الساعة. والموقف نفسه ينسحب على حليفه «حزب الله»، وإن كان يشترط فصل التمديد عن انتخاب رئيس للجمهورية، فيما «التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل باقٍ على موقفه برفضه التمديد؛ لأنه يرفع من الحظوظ الرئاسية للعماد جوزف عون، ويتيح له التقدم على منافسيه في السباق إلى الرئاسة.

رعاية بري للتمديد

على الرغم من أنه نُقل عن الرئيس بري قوله إنه لم يعرف حتى الساعة ما إذا كان النواب المنتمون لحركة «أمل» سيصوّتون، كما في السابق، على اقتراح القانون الذي يقضي بالتمديد لقادة الأجهزة العسكرية والأمنية، فإن مصادر نيابية تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه سيرعى التمديد لتفادي الشغور المترتب على إحالتهم للتقاعد في ظل الظروف الحرجة الناجمة عن مواصلة إسرائيل حربها التدميرية على لبنان، التي تستدعي توفير حصانة السلم الأهلي، بعدم تعريضه إلى أي شكل من أشكال الاهتزاز.

لكن هناك زحمة في اقتراحات القوانين التي يُفترض أن تتقدم بها أكثر من كتلة نيابية، افتتحها نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان، الذي حصر اقتراحه بالتمديد لقائد الجيش، معللاً الدوافع التي تستدعي التمديد له، على الرغم من أنها تنطبق على غيره من قادة الأجهزة الأمنية.

قائد الجيش مع رئيس مجلس النواب نبيه بري (الوكالة الوطنية)

اقتراح عدوان

وعلمت «الشرق الأوسط»، من مصادر نيابية متعددة، أن معظم الكتل النيابية فوجئت بتفرّد عدوان بطلب التمديد للعماد عون وحده، مع أنها كانت على تواصل معه للتوافق على التقدم من الأمانة العامة للمجلس النيابي بصيغة موحدة تقضي بأن يشمل التمديد قادة الأجهزة الأمنية.

وكشفت المصادر النيابية أن أطرافاً في المعارضة كانت أول من فوجئ بحصر عدوان التمديد لقائد الجيش، وقالت إن المفاجأة انسحبت أيضاً على كتلة «الاعتدال» التي تواصلت معه واستوضحت منه الأسباب الكامنة وراء تفرّده باقتراحه.

وكان جواب عدوان، حسب المصادر، أن لا شيء يمنع الكتل النيابية أن تتقدم باقتراحات قوانين تقضي بشمول التمديد قادة الأجهزة الأمنية، على أن يصار، كما حصل في التمديد الأول، إلى دمجها باقتراح واحد صدّقت عليه الأكثرية النيابية.

«الاعتدال» مع التمديد

وتأكد أن كتلة «الاعتدال» تتشاور حالياً مع عدد من الكتل النيابية، استعداداً للتقدم في اليومين المقبلين، باقتراح قانون يقضي بالتمديد لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية من رتبتي لواء وعماد، مع أن قائد الجيش هو وحده من يحمل رتبة عماد.

ويُفترض أن يتقدم «اللقاء الديمقراطي» باقتراح مماثل في حال قرر أن يعيد النظر في مسودة أولى تقترح أن يشمل التمديد جميع العاملين في الأسلاك الأمنية والعسكرية على اختلاف رتبهم، حتى نهاية عام 2025، فيما تميل كتلة نواب تحالف «قوى التغيير» التي تضم: مارك ضو، ووضاح الصادق، وميشال الدويهي، إلى إعداد اقتراح قانوني يقضي بأن يستفيد جميع العسكريين والأمنيين من التمديد لعام واحد، بذريعة أن لبنان في حرب مع إسرائيل، تتطلب منه تفادي حصول شواغر في المؤسسات الأمنية بصرف النظر عن رتبهم.

ميقاتي ينأى بنفسه وبالحكومة

لذلك، فإن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تنأى بنفسها عن إعداد مشروع قانون بالتمديد لهم، وتترك المهمة، كما في التمديد الأول، للكتل النيابية لتفادي طعن وزير الدفاع موريس سليم بالتمديد للعماد عون، بذريعة أنه لا يحمل توقيعه، وهو كان اقترح بحضوره وزملائه الجلسة شرط ملء الشغور في قيادة الجيش والمجلس العسكري، وهذا ما قوبل برفض ميقاتي إصدار التعيينات بغياب رئيس الجمهورية، وهو يتفق مع باسيل في هذا الخصوص، قبل أن يسحب الأخير اعتراضه ولو مؤقتاً؛ لأن ما يهمه إبعاد عون الذي يتصدر لائحة المتنافسين عن الرئاسة.

وعليه، يبقى الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي»، وليد جنبلاط، من أشد المطالبين بالتمديد لهم، ولا يؤيد أن ينوب عن العماد عون رئيس الأركان اللواء حسان عودة، على الرغم مما يتمتع به من قدرات وكفاءات عسكرية، وذلك للحفاظ على التوازن وعدم الإخلال به، خصوصاً في المؤسسة العسكرية ودورها إلى جانب القوى الأمنية الأخرى في الحفاظ على السلم الأهلي في ظل تأكيده بأن الحرب طويلة.


مقالات ذات صلة

الطائرة الإغاثية السعودية الـ19 تصل إلى لبنان

الخليج الطائرة الإغاثية السعودية التاسعة عشرة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية (واس)

الطائرة الإغاثية السعودية الـ19 تصل إلى لبنان

وصلت إلى مطار رفيق الحريري الدولي في مدينة بيروت الثلاثاء الطائرة الإغاثية السعودية التاسعة عشرة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان فوق جنوب لبنان (رويترز)

لبنان: «حزب الله» يستهدف تجمعاً لقوات إسرائيلية قرب مارون الراس

أعلن «حزب الله» اللبناني في بيان أن عناصره استهدفوا منتصف ليل أمس الاثنين تجمعاً لقوات إسرائيلية عند الأطراف الجنوبية الغربية لبلدة مارون الراس.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي ينظر عبر منظار بندقية إلى جنوب لبنان من إسرائيل (رويترز)

فصائل عراقية تتبنى هجوماً بطائرات مسيّرة على جنوب إسرائيل

أعلنت «المقاومة الإسلامية في العراق» التي تضم تحالف فصائل مسلحة موالية لإيران، مسؤوليتها عن هجوم بطائرات مسيّرة استهدف اليوم (الثلاثاء)، جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية حافلة تسير بينما يتصاعد الدخان على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في شمال إسرائيل، 4 نوفمبر 2024 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: «حزب الله» أطلق نحو 90 قذيفة صاروخية على إسرائيل

قال الجيش الإسرائيلي إن جماعة «حزب الله» اللبنانية أطلقت نحو 90 قذيفة صاروخية باتجاه إسرائيل اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية أفراد من قوات الأمن الإسرائيلية يراقبون المتظاهرين المتدينين وهم يغلقون الشارع أثناء مظاهرة ضد التجنيد الإجباري في القدس في 31 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يصدر 7 آلاف أمر تجنيد لأفراد من يهود الحريديم

سيرسل الجيش الإسرائيلي 7 آلاف أمر تجنيد لأفراد من مجتمع الحريديم اليهودي المتدين الأسبوع المقبل، في خطوة وافق عليها وزير الدفاع يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إسرائيل مسحت 29 بلدة لبنانية من الخريطة

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية عيتا الشعب في جنوب لبنان - 24 أكتوبر 2024 (أ.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية عيتا الشعب في جنوب لبنان - 24 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

إسرائيل مسحت 29 بلدة لبنانية من الخريطة

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية عيتا الشعب في جنوب لبنان - 24 أكتوبر 2024 (أ.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية عيتا الشعب في جنوب لبنان - 24 أكتوبر 2024 (أ.ب)

واصلت إسرائيل مسح قرى لبنانية حدودية من الخريطة، بتفخيخها وتفجيرها، في حين تشير التقديرات الأولية للخسائر الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على لبنان إلى ما يقارب الـ20 مليار دولار أميركي.

ويقول الباحث في «الشركة الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين لـ«الشرق الأوسط»، إن «نحو 29 قرية ومدينة تمتد على طول 120 كيلومتراً من الناقورة غرباً إلى شبعا شرقاً، دُمّرت معظمها بشكل كلي»، مضيفاً أن «عدد الوحدات السكنية المدمّرة هناك يبلغ نحو 25 ألف وحدة».

من جانبه، يشير الخبير العسكري والاستراتيجي العميد حسن جوني، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «تفجير القرى والمنازل الأمامية يدخل في إطار استراتيجية إسرائيل لبناء منطقة عازلة بعمق 3 كلم على امتداد الحدود اللبنانية – الإسرائيلية».

وفي سوريا، أفيد عن مقتل عنصرين من «حزب الله» اللبناني وإصابة 5 بجروح خطيرة، نتيجة ضربات إسرائيلية على مزارع في بلدة نجها بريف دمشق جنوب منطقة السيدة زينب.

ووفقاً لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فإن المزارع المستهدَفة، كانت تُستخدم سابقاً من قبل «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله».