صور الأقمار الاصطناعية تثير مخاوف... هل تسعى إسرائيل لإقامة منطقة عازلة بجنوب لبنان؟

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية بليدا في جنوب لبنان - 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية بليدا في جنوب لبنان - 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)
TT

صور الأقمار الاصطناعية تثير مخاوف... هل تسعى إسرائيل لإقامة منطقة عازلة بجنوب لبنان؟

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية بليدا في جنوب لبنان - 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية بليدا في جنوب لبنان - 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)

تقع قرية رامية الصغيرة في جنوب لبنان، على قمة تلة على بعد مسافة قصيرة سيراً على الأقدام من الحدود الإسرائيلية، وقد تم محوها تقريباً من الخريطة بفعل الضربات الإسرائيلية. وفي قرية مجاورة، تُظهر صور الأقمار الاصطناعية مشهداً مماثلاً، تلة كانت مغطاة بالمنازل، تحولت الآن إلى بقعة من الركام.

وقامت الطائرات الحربية والقوات البرية الإسرائيلية بشن غارات وهجمات في جنوب لبنان، خلال الشهر الماضي. وتقول إسرائيل إن الهدف منها هو إضعاف جماعة «حزب الله»، وإبعادها عن الحدود وإنهاء أكثر من عام من إطلاق الحزب النار على شمال إسرائيل، منذ بداية الحرب في قطاع غزة.

وحتى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) والقوات اللبنانية في الجنوب تعرضت لإطلاق نار من القوات الإسرائيلية، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان بإمكانهم البقاء في مكانهم.

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية رامية في جنوب لبنان - 24 أكتوبر 2024 (أ.ب)

وفرَّ أكثر من مليون شخص من القصف مما أدى إلى إفراغ جزء كبير من الجنوب. ويقول بعض الخبراء إن إسرائيل ربما تهدف إلى إنشاء منطقة عازلة خالية من السكان، وهي استراتيجية طبقتها بالفعل على طول حدودها مع غزة.

ويبدو أن بعض الشروط لإنشاء مثل هذه المنطقة موجودة بالفعل، وفقاً لتحليل وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية لصور الأقمار الاصطناعية والبيانات التي جمعها خبراء رسم الخرائط، والتي تُظهر اتساع نطاق الدمار عبر 11 قرية بجوار الحدود.

وتقول إسرائيل إنها تهدف إلى إبعاد «حزب الله» لمسافة كافية حتى يتمكن مواطنوها من العودة بأمان إلى منازلهم في الشمال التي يهاجمها الحزب، لكن المسؤولين الإسرائيليين يعترفون بأنه ليس لديهم خطة ملموسة لضمان بقاء «حزب الله» بعيداً عن الحدود على المدى الطويل. وهذا هو محور التركيز الرئيسي في محاولات الولايات المتحدة للتوسط في وقف إطلاق النار.

وتقول أورنا مزراحي، الباحثة البارزة في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، إن الهدف المباشر لإسرائيل ليس إنشاء منطقة عازلة، لكن هذا قد يتغير. وتضيف: «ربما لن يكون أمامنا خيار آخر سوى البقاء هناك حتى نحصل على ترتيب يضمن لنا أن (حزب الله) لن يعود إلى المنطقة».

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية محيبيب في جنوب لبنان في 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)

وباستخدام صور الأقمار الاصطناعية التي قدمتها شركة «Planet Labs PBC»، حددت وكالة «أسوشييتد برس» خطأ مكوناً من 11 قرية، جميعها تقع على بعد 4 أميال (6.5 كيلومتر) من الحدود اللبنانية مع إسرائيل، التي تضررت بشدة في الشهر الماضي، بسبب الهجمات الإسرائيلية.

ووجد التحليل أن الأضرار الأكثر شدة في الجنوب جاءت في القرى الأقرب إلى الحدود، حيث من المحتمل أن يكون ما بين 100 و500 مبنى مدمر أو متضرر في كل منها، وفقاً لكوري شير من مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك، وغامون فان دير هوك من جامعة ولاية أوريغون، وخبراء آخرين.

وعندما سُئل عما إذا كان ينوي إنشاء منطقة عازلة، قال الجيش الإسرائيلي إنه «يشن غارات محدودة بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة»، ضد أهداف لـ«حزب الله»، مشيراً إلى أن الحزب «زرع عمداً» أسلحة في المنازل والقرى التي يستهدفها الجيش. ولم تقم إسرائيل ببناء أي قواعد أو تمكنت من الحفاظ على وجود دائم في جنوب لبنان حتى الآن وفقاً لـ«أسوشيتد برس».

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية عيتا الشعب في جنوب لبنان - 24 أكتوبر 2024 (أ.ب)

وتقول الوكالة الأميركية إنه من الممكن أن تحاول إسرائيل الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف النار من خلال الدمار الذي لحق بجنوب لبنان.

وكتب يوسي يهوشوا، المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أن الجيش يحتاج إلى «ترسيخ إنجازاته العملياتية» لدفع «حزب الله» والحكومة اللبنانية ودول الوساطة «لقبول نهاية (الحرب) في ظل ظروف مناسبة من أجل إسرائيل».

ويخشى بعض اللبنانيين أن يعني ذلك احتلال أجزاء من الجنوب بعد 25 عاماً من إنهاء إسرائيل احتلالها هناك.


مقالات ذات صلة

لبنان: قصف إسرائيلي يطول بلدة الجية الساحلية ومنطقة البقاع

المشرق العربي الدمار يظهر في موقع الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت قرية في سهل البقاع الشرقي بلبنان (أ.ف.ب)

لبنان: قصف إسرائيلي يطول بلدة الجية الساحلية ومنطقة البقاع

كشفت وسائل إعلام لبنانية رسمية أن ضربة جوية إسرائيلية واحدة على الأقل استهدفت مبنى سكنياً في بلدة الجية الساحلية جنوبي بيروت اليوم (الثلاثاء).

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية حافلة تسير بينما يتصاعد الدخان على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في شمال إسرائيل، 4 نوفمبر 2024 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: «حزب الله» أطلق نحو 90 قذيفة صاروخية على إسرائيل

قال الجيش الإسرائيلي إن جماعة «حزب الله» اللبنانية أطلقت نحو 90 قذيفة صاروخية باتجاه إسرائيل اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي من موقع غارة إسرائيلية في قرية دوريس بقضاء بعلبك في سهل البقاع شرقي في 4 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

عدد ضحايا الحرب في لبنان يتخطى 3 آلاف قتيل و13 ألف جريح

قالت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم (الاثنين)، إن عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي المستمر على البلاد ارتفع إلى 3002 قتيل و13492 مصاباً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مواطن يمشي على أنقاض مبنى في بلدة دورس في بعلبك (أ.ف.ب)

إسرائيل تهجّر 70 % من سكان بعلبك في شرق لبنان

عادت بلدة ميس الجبل عند الحدود الجنوبية إلى الواجهة مع قيام الجيش الإسرائيلي بتفخيخ وتفجير خط كبير بطول 500 متر.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مجتمعاً مع السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون (رئاسة الحكومة)

ميقاتي ينتقد «صمت المجتمع الدولي على جرائم العدوان الإسرائيلي»

أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنّ «تمادي العدو الإسرائيلي في عدوانه على لبنان والجرائم التي يرتكبها قتلاً وتدميراً، هي برسم المجتمع الدولي الساكت على ما يجري».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مقتل 4 فلسطينيين في عمليتين عسكريتين بشمال الضفة الغربية

جرافة عسكرية إسرائيلية ومركبات تعمل أثناء غارة إسرائيلية على مخيم الفارعة للاجئين بالقرب من مدينة طوباس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
جرافة عسكرية إسرائيلية ومركبات تعمل أثناء غارة إسرائيلية على مخيم الفارعة للاجئين بالقرب من مدينة طوباس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

مقتل 4 فلسطينيين في عمليتين عسكريتين بشمال الضفة الغربية

جرافة عسكرية إسرائيلية ومركبات تعمل أثناء غارة إسرائيلية على مخيم الفارعة للاجئين بالقرب من مدينة طوباس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
جرافة عسكرية إسرائيلية ومركبات تعمل أثناء غارة إسرائيلية على مخيم الفارعة للاجئين بالقرب من مدينة طوباس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

قُتل فجر اليوم (الثلاثاء) 4 فلسطينيين بقصف طائرات مُسيَّرة إسرائيلية، خلال عمليتين عسكريتين شمال الضفة الغربية، حسبما أفادت عدة مصادر فلسطينية «وكالة الصحافة الفرنسية». وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان عن «شهيدين بقصف الاحتلال على قرية الشهداء جنوب جنين».

وقال محافظ جنين كمال أبو الرب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نفذ جيش الاحتلال هجوماً بطائرة مُسيَّرة على مثلث الشهداء في بلدة قباطية فجر الثلاثاء، ما أدى إلى استشهاد كل من محمد عصعوص (40 عاماً) وقريبه شوقي عصعوص (38 عاماً)».

وتقع قرية قباطية جنوب مدينة جنين ومخيمها، وينفذ فيها الجيش الإسرائيلي بين فينة وأخرى عمليات عسكرية، يقول إنه يستهدف خلالها مجموعات مسلحة فلسطينية. وبالتزامن مع العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن قتيلين في بلدة طمون جنوب محافظة طوباس، شمال الضفة الغربية.

وقال محافظ طوباس والأغوار الشمالية أحمد أسعد، إن «العملية العسكرية الإسرائيلية بدأت بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً، وتم خلالها قصف منزل، ما أدى إلى استشهاد هاني بني عودة، وهو من بلدة طمون». وقال أسعد: «هناك شهيد آخر انقسم إلى أشلاء نتيجة القصف»، وقام الجيش بالتحفظ على الجثمان، وهو ما أكدته وزارة الصحة الفلسطينية، وقالت إن هويته «لم تُعرف» بعد. وأشار أسعد إلى أن الجيش الإسرائيلي قام بتجريف عدة طرق داخل مخيم الفارعة القريب من طمون.

من جانبه، أعلن «الهلال الأحمر الفلسطيني» في بيان له، أن طواقمه «انتشلت جثمان الشهيد هاني بني عودة فجر اليوم، من داخل منزل كانت تحاصره قوات الاحتلال». ورداً على استفسارات «وكالة الصحافة الفرنسية» قال الجيش الإسرائيلي إنه يفحص الأمر.

وينفِّذ الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية واسعة في مخيمات شمال الضفة الغربية، في جنين، وطولكرم، ونابلس، وطوباس. وارتفعت وتيرة هذه العمليات عقب الهجوم الذي نفذته حركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.

وبمقتل الأربعة يرتفع عدد الفلسطينيين الذي قتلوا في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر إلى ما لا يقل عن 754 فلسطينياً. وقُتل هؤلاء برصاص الجيش الإسرائيلي أو برصاص المستوطنين. وهذه الحصيلة أعدتها «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى تقارير وزارة الصحة الفلسطينية.

وفي الجانب الإسرائيلي قتل 24 شخصاً على الأقل، في هجمات نفذها فلسطينيون خلال الفترة نفسها، وفقاً لأرقام إسرائيلية رسمية.