إسرائيل تستهدف تجمعات عمرانية في لبنان لفرض أمر واقع «بالنار»

إثر مراوحة بالعملية البرية وتعثر التسوية الدبلوماسية

لبنانيون يتفقدون مربعات عمرانية استهدفتها غارات إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
لبنانيون يتفقدون مربعات عمرانية استهدفتها غارات إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستهدف تجمعات عمرانية في لبنان لفرض أمر واقع «بالنار»

لبنانيون يتفقدون مربعات عمرانية استهدفتها غارات إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
لبنانيون يتفقدون مربعات عمرانية استهدفتها غارات إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

اندفع الجيش الإسرائيلي إلى تصعيد غير مسبوق بالقصف الجوي في جنوب لبنان وشرقه، إثر مراوحة في العملية البرية وبالمبادرات الدبلوماسية التي فشلت في مساعيها لوقف إطلاق النار، حيث ركز الجيش الإسرائيلي على استهداف المدن والتجمعات العمرانية في الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينتي صور وبعلبك التي سُجلت فيها ثلاث مجازر ظهر الجمعة.

الضاحية الجنوبية

ولم تمضِ ساعات على مغادرة مبعوثَي البيت الأبيض إلى إسرائيل، آموس هوكستين وبريت ماكغورك، إلى تل أبيب، حتى استأنف الجيش الإسرائيلي قصف الضاحية الجنوبية لبيروت بعد انقطاع دام خمسة أيام. ونفذ الطيران الإسرائيلي فجر الجمعة، أكثر من 14 غارة طالت 11 موقعاً على الأقل تنتشر على مساحات جغرافية واسعة، وأدت إلى تدمير واسع في المباني والمربعات السكنية في حارة حريك والحدت وبرج البراجنة، وذلك بعد إنذارات بالإخلاء أصدرها الجيش فجراً.

مناصر لـ«حزب الله» يجول بين ركام ناتج من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية (أ.ب)

شرق لبنان

لكن تلك الإنذارات، لم تصدر ظهر الجمعة، حين شن سلاح الجو غارات عنيفة تركزت على قرى وبلدات في شرق لبنان، وأسفرت عن ثلاثة مجازر، حسبما أعلنت السلطات اللبنانية. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، الجمعة، بمقتل 23 شخصاً جراء غارات إسرائيلية على قضاء بعلبك في شرق البلاد. وقالت إن 12 شخصاً قتلوا نتيجة قصف إسرائيلي على حي سكني ببلدة أمهز في بعلبك، مشيرة إلى أن عمليات رفع الأنقاض تتواصل في موقع الحي الذي استهدفته إسرائيل. ولفتت إلى أن سبعة آخرين قُتلوا في غارة أخرى استهدفت منزلاً في وسط بلدة يونين في بعلبك، وقالت إن نحو 20 مواطناً كانوا موجودين في المنزل لحظة الهجوم. كما لفتت إلى أن الطيران الإسرائيلي قصف أيضاً منزلاً في بلدة نحلة بقضاء بعلبك؛ مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين.

ويأتي القصف على قرى بعلبك، بعد يومين من الإنذارات التي دعت سكان مدينة بعلبك لإخلاء أحيائها، وتصاعدت التحذيرات الدولية والمحلية من استهدافات تطول المواقع الأثرية المدرجة على لوائح «يونيسكو».

الدخان يتصاعد من مبانٍ استهدفتها غارات إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)

صور والجنوب

وقبل أن تنتهي الدعوات لاستدعاء سيارات الإسعاف ومعدات رفع الأنقاض في قرى بعلبك، استهدفت غارة مبنى في مدينة صور الساحلية في جنوب لبنان الجمعة، من دون إنذار إسرائيلي مسبق بالإخلاء. وطالت الغارة مبنى يقع على الكورنيش الشمالي للمدينة، انهار بشكل كامل وسط تصاعد سحابة كثيفة من الدخان، في حين انتشرت فرق الإسعاف من أجل انتشال الجرحى والقتلى، وذلك غداة تعرّض المدينة ومحطيها لـ«سلسلة غارات» إسرائيلية استهدفت المنطقة.

وتحدثت وسائل إعلام لبنانية عن قصف استهدف قرى وبلدات المجادل والشهابية ومنزل في الطيري وبنت جبيل والحنية وشقرا وبرعشيت وصفد البطيخ وبين كفررمان والجرمق من جهة زريقون وجبل الريحان ومجرى الليطاني بين المحمودية ومرجعيون وحي المسلخ في النبطية، فضلاً عن وادي جيلو وعيتيت ودير عامص وياطر وكفرا وحداثا ورشاف ووادي العزية، والزرارية، ومجدل زون، وعربصاليم، وحومين التحتا، ودير الزهراني وانصار. وفي جبل لبنان، أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة، أن الغارة الإسرائيلية على بلدة القماطية ليلاً، أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة خمسة آخرين بجروح.

استهداف المسعفين

وتركز إسرائيل على قصف المسعفين؛ إذ أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، عن مقتل 178 مسعفاً منذ بدء الحرب، ووصل عدد الجرحى إلى 279 جريحاً، في حين ارتفع عدد الآليات المستهدفة إلى 246. وأعربت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، عن «قلق بالغ» من الهجمات الإسرائيلية التي تطال مرافق صحية وعاملين في القطاع الصحي في لبنان، مؤكدة أن «الرعاية الصحية يجب ألا تكون هدفاً وأن العاملين في المجال الصحي يجب ألا يكونوا هدفاً».

رجل إطفاء يقف وسط ركام ناتج من غارات إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

مراوحة بالعمليات البرية

وترافق التصعيد بالقصف مع مراوحة في العملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان التي تقف، منذ الاثنين الماضي، على أطراف مدينة الخيام، في حين تراجعت المعارك على جميع المحاور الأخرى في القطاعين الغربي والأوسط.

وتراجعت الاندفاعة الإسرائيلية باتجاه الخيام، حيث لم يعلن «حزب الله» عن التصدي إلا لمجموعة واحدة من الجيش الإسرائيلي في جنوب شرقي المدينة، في وقت كثفت الطائرات الإسرائيلية غاراتها الجوية على الأحياء السكنية فيها، وسجلت أكثر من 12 غارة على البلدة ليل الجمعة، بالتزامن مع قصف مدفعي بالقذائف الفسفورية.

وقال المعاون السياسي لرئيس البرلمان (نبيه بري) النائب علي حسن خليل، الذي يتحدر من الخيام، أن «العدو لم يستطع الدخول إلى مدينة الخيام، ويواجه بمقاومة عنيفة على مشارفها، وهو لم يحقق أياً من أهدافه بل يتعرض لخسائر كبيرة».

إطلاق صواريخ

في المقابل، واظب «حزب الله» على إطلاق الصواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي؛ إذ أُصيب 11 شخصاً، بجراح، إثر سقوط صاروخ أُطلق من لبنان، وشظايا اعتراضية، في قرية شعب في منطقة الجليل، شمالي إسرائيل، وذلك بعد إعلان «حزب الله» عن استهداف مستعمرة كرمئيل، بصلية صاروخية، وأطلق صواريخ أيضاً باتجاه كريات شمونة ومستعمرة معالوت ترشيحا.

وأعلن «حزب الله» في بيان صادر عن غرفة العمليات المركزية، أن «خطوط الإمداد نحو الجبهة ومحاور الاشتباك لم تنقطع» منذ بدء الحرب على لبنان، و«ما زالت الجبهات تُرفد بالسلاح والعدد اللازم وفق الخطط المُعدّة مُسبقاً». وقال إنه، منذ 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، نفذ 655 عملية إطلاق للصواريخ، بينها صواريخ دقيقة تُطلق للمرة الأولى، معلناً عن 63 عمليّة خلال الأيام الثلاثة الماضية، وبعمق وصل إلى 105 كلم حتّى الضواحي الشمالية لتل أبيب.


مقالات ذات صلة

غسان سلامة لـ «الشرق الأوسط»: العالم مُقبِل على حروب أوسع

المشرق العربي غسان سلامة

غسان سلامة لـ «الشرق الأوسط»: العالم مُقبِل على حروب أوسع

مع انقضاء الربع الأول من الألفية الثالثة، يرجّح غسان سلامة، الممثل السابق للأمين العام للأمم المتحدة، «حروباً أوسع» في مناطق من العالم، وأن تلجأ «دول قادرة»

ميشال أبونجم (باريس)
العالم العربي القوات الإسرائيلية تفجر عدة منازل في جنوب لبنان (رويترز)

مقتل شخصين وجرح آخر في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان

قتل شخصان وجرح شخص آخر في غارة إسرائيلية مساء اليوم (الاثنين) على جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون وقائد قوات الـ«يونيفيل» الجنرال أرولدو لاثارو يتجولون في بلدة الخيام (أ.ف.ب) play-circle 00:55

ميقاتي يشدد على تطبيق «1701»... وقيام لجنة المراقبة بدورها

جدّد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي التأكيد على أولوية تطبيق القرار 1701، مشدداً على أنه «ممنوع أن يكون هناك أي عائق أمام الجيش للقيام بواجباته».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أوتوستراد بيروت - الجنوب (إ.ب.أ)

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

يتفرغ «حزب الله» لإعادة ترتيب بيته الداخلي باستكمال بنيانه السياسي والتنظيمي.

محمد شقير (بيروت)
العالم العربي مدرّعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) (أ.ف.ب)

«يونيفيل» تطلب من الجيش الإسرائيلي تسريع انسحابه من جنوب لبنان

حضَّت قوة «يونيفيل» في لبنان الجيش الإسرائيلي على تسريع انسحابه من جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«هدنة غزة»... الخلافات تتواصل والتفاؤل يتراجع

فلسطينيون حول بقايا حافلة أصيبت بقصف إسرائيلي في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطينيون حول بقايا حافلة أصيبت بقصف إسرائيلي في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»... الخلافات تتواصل والتفاؤل يتراجع

فلسطينيون حول بقايا حافلة أصيبت بقصف إسرائيلي في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطينيون حول بقايا حافلة أصيبت بقصف إسرائيلي في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)

تحدثت تقديرات إسرائيلية جديدة عن «تصاعد الخلافات وتراجع التفاؤل» في أروقة مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، بموازاة محادثات شهدتها القاهرة، وأخرى لا تزال تستضيفها الدوحة منذ الأسبوع الماضي لحسم الاتفاق، واتهامات نقلها إعلام أميركي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ«تعمد» إفشال الصفقة المرتقبة.

وسط هذه الأجواء، أعلن نتنياهو، أمس، أنه تم إحراز تقدم في المفاوضات الجارية مع «حركة المقاومة الإسلامية» الفلسطينية (حماس) بشأن الرهائن المحتجزين في غزة، لكنه لا يعرف متى ستظهر نتائج ذلك. وتحدث خلال كلمة ألقاها في الكنيست عن «إنجازات عظيمة» عسكرياً على جبهات عدة دفعت بـ«حماس» وقادتها إلى تخفيف مطالبها السابقة.

وسارع أبو عبيدة، المتحدث باسم «كتائب القسام» للرد بمنشور على «تلغرام»، قال فيه إن مصير الرهائن «مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي لمئات الأمتار في بعض المناطق التي تتعرض للعدوان».