أحلام لمياء النازحة إلى كورنيش بيروت: مكان مسقوف قبل هطول الأمطار

إقامة في العراء... وصعوبات حتى إيجاد البديل

لمياء فرحات إلى جانب خيمتها في منطقة الرملة البيضاء في بيروت (الشرق الأوسط)
لمياء فرحات إلى جانب خيمتها في منطقة الرملة البيضاء في بيروت (الشرق الأوسط)
TT

أحلام لمياء النازحة إلى كورنيش بيروت: مكان مسقوف قبل هطول الأمطار

لمياء فرحات إلى جانب خيمتها في منطقة الرملة البيضاء في بيروت (الشرق الأوسط)
لمياء فرحات إلى جانب خيمتها في منطقة الرملة البيضاء في بيروت (الشرق الأوسط)

بمقعدين خشبيين، وبضعة حبال رفيعة، تعلق لمياء فرحات خيمتها التي صنعتها من شراشف هشة، وتحاذيهما وسادتان ومفرش للنوم، على كورنيش الرملة البيضا في العاصمة بيروت، حيث تعيش منذ 20 يوماً.

تقول فرحات لـ«الشرق الأوسط»: «أتيت إلى هنا من الضاحية، بعد أن اختبرت العيش في مراكز إيواء مختلفة، وفضلت العيش في العراء»؛ إذ تنقلت لمياء بين برج حمود والجبل قبل أن تلجأ إلى الكورنيش وتستقر هناك.

وفرحات، واحدة من عشرات العائلات التي لجأت إلى الواجهة البحرية لمدينة بيروت، هرباً من القصف الإسرائيلي. لم تجد بديلاً مناسباً، كما كثيرين لا تسعفهم إمكاناتهم على استئجار منازل، وهي مشكلة عامة تحاول السلطات إيجاد حلول لها.

لا مقومات حياة

ولمياء سيدة خمسينية، من بلدة مجدل سلم الجنوبيّة، نزحت من منزلها في حارة حريك في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، منذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية الموسعة على لبنان، لتعيش حياة تنعدم فيها أدنى مقومات الحياة، فلا سقف يأويها من شمس الصيف وبرد الشتاء وعتمة الليل، ولا طعام وشراب، ولا ملابس نظيفة.

تقول لمياء: «أنام وأستيقظ هنا، لم أتعرض لسوء كوني أفترش الكورنيش إلى جانب نازحين كثر، لكنني أعاني كثيراً، بات جسمي متسخاً؛ إذ منذ أتيت إلى هنا لم أتمكن من الاستحمام وتبديل ملابسي، أنزل إلى الحاكورة (بجانب الشاطئ) لأقضي حاجتي. لم يسبق أن عشنا هكذا حياة، ولكنها فعلياً ليست حياة».

تلوذ بالكورنيش البحري هرباً من القصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية (الشرق الأوسط)

ثلاثة أطفال

وفي الخيمة أيضاً، يعيش ثلاثة أطفال مع لمياء، حسن (9 أعوام)، وسيلينا (8 أعوام)، وشقيقتهما الصغرى (5 أعوام)، فهي تعتني بهم منذ تركتهم والدتهم لأسباب خاصة، وباتوا أطفالها الذين يرافقونها في رحلة النزوح والتشرد.

وبعينين دامعتين، تخبر عما تعانيه من ظروف صحية ومعيشية صعبة، تقول: «أنا مريضة ضغط وسكري، أعاني أمراضاً مزمنة، ولا أتناول راهناً الغذاء المطلوب، يحضرون لنا وجبات الطعام، لكنني لا أشعر بالجوع، نريد العودة إلى حياتنا الطبيعية ليس أكثر، حياتنا ما قبل الحرب. اليوم، قمت بكنس الكورنيش، على مقربة من الخيمة، كأنني أسكن منزلاً، خيمتي تعادل فكرة البيت راهناً، لكنني مرعوبة من اقتراب موعد الشتاء».

ألعاب أطفال ودمى

من يدخل الخيمة المتواضعة والمنظمة في آن، يلمح ألعاب الأطفال والدمى: «تأتي إحدى الجمعيات إلى هنا، تحضر للأطفال الحلوى والمياه المعدنية وبعض الملابس والطعام ليس أكثر، لكن هذا لا يكفي، نريد سقفاً يحتوينا معاً؛ كي نحتضن بعضنا وننام. هم هدية الله لي لأتونس بهم في آخر أيام حياتي».

ومنذ يومين، أُخبرت لمياء بأن عليها ترك الكورنيش وتأمين نقلها إلى مركز الكرنتينا تقول: «لا مشكلة لدي إلى أين سيتم نقلي راهناً، أود فقط أن أنتقل إلى مكان مسقوف قبل هطول الأمطار، الكرنتينا أو أي مكان آخر، لكنني حتماً لن أقبل بإزالة الخيمة لأجل مظهر الكورنيش ليس أكثر».

وعن الخيارات المتاحة، تتحدث عن مراكز سمعت عنها في منطقة الجناح، وقد تلجأ إليها، ولكنها ربما لن تكون آمنة، حسبما تقول، فرغم كل الظروف الصعبة والبشعة التي تعيشها، ترى أن البحر والكورنيش يَقِيانها مخاطر التعرض للقصف والعدوان الإسرائيلي.

خيمة متواضعة تُؤوي لمياء وثلاثة أطفال (الشرق الأوسط)

أصعب الحروب

في ساعات الصباح الأولى، ارتفعت أمواج البحر، فسقط على لمياء وأطفالها الثلاثة، رزاز المياه: «شعرت باقتراب هطول الأمطار، لكن الله لطيف بنا، نحن عباده، الذين لا حول لنا ولا قوة، لم يرسل الشتاء بعد؛ لأننا لا نزال في الشوارع. لم أصادف أن عشت ظروفاً مماثلة طوال حياتي، رغم الحروب الكثيرة التي عايشتها، لكن هذه الحرب هي الأصعب».

رغم ما تعيشه راهناً، تروي كيف بات الحي الذي تسكنه، وكذلك الشوارع المحيطة، من الأمام والخلف، «كلها تبدلت معالمها، لكن الحمد لله ما زال منزلي بخير، لا ريب في كونه متصدعاً، ولكن أتمنى ألا يتمّ تدميره بالكامل كما باقي منازل الجيران هناك، كي أتمكن من أن أعود إليه بعد انتهاء الحرب، فآوي إليه، وأعيش فيه؛ كي لا يبقى حالي على ما هو عليه اليوم، نازحة في الشارع».

وكان النائب ملحم خلف، قال، الأربعاء، بعد لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: «تتم متابعة ملف النازحين على الكورنيش والرملة بشكل حثيث»، وأضاف: «خلال الساعات المقبلة، سيتم تخصيص مبنى ثان يتسع لنحو أربعمائة شخص، ويمكن استقبالهم بدءاً من الغد، وبالتالي يمكننا أن نؤمّن لكل الأشخاص اللبنانيين الذين لا يزالون على الطرق، من ساحة الشهداء إلى الرملة البيضاء، أماكن إيواء».


مقالات ذات صلة

الإنذارات والغارات الإسرائيلية تحوّل بعلبك إلى مدينة أشباح

المشرق العربي سحابة من الدخان الكثيف ناتجة عن الغارات الإسرائيلية تعلو قلعة بعلبك الأثرية في شرق لبنان (الشرق الأوسط)

الإنذارات والغارات الإسرائيلية تحوّل بعلبك إلى مدينة أشباح

أكد رئيس بلدية بعلبك أن المدينة «تتعرض لتهجير منظّم»، معلناً أن «نسبة النزوح تخطّت 80 في المائة».

حسين درويش (شرق لبنان)
شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يسكب «ماء بارداً» على المتحمسين لوقف إطلاق النار في لبنان أو غزة

وضع نتنياهو شروطاً جديدة للاتفاق مع لبنان، وأبدى إصراره على أن يتضمن الاتفاق بنداً يحفظ لإسرائيل حرية العمليات في لبنان في إطار أي تسوية لإنهاء الحرب.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي ميقاتي: التصعيد الإسرائيلي لا يبعث على التفاؤل بوقف إطلاق النار

ميقاتي: التصعيد الإسرائيلي لا يبعث على التفاؤل بوقف إطلاق النار

تنتظر الحكومة اللبنانية من المبعوث الرئاسي الأميركي، آموس هوكستين، نتائج اتصالاته في تل أبيب

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية نقل جثمان امرأة قُتلت في حيفا الخميس (أ.ف.ب)

مقتل 7 أشخاص في إسرائيل بهجمات «حزب الله»

في أكبر حصيلة من القتلى المدنيين الإسرائيليين منذ الهجوم البري على الأراضي اللبنانية قبل 37 يوماً، قُتل 7 أشخاص وأُصيب ثامن بجروح خطيرة في خليج حيفا والمطلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا السيسي خلال استقباله وليام بيرنز في القاهرة (الرئاسة المصرية)

لقاء السيسي وبيرنز... مساعي الوسطاء تتواصل لدفع «هدنة غزة»

حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من «خطورة استمرار التصعيد على المستوى الإقليمي بما له من تداعيات جسيمة على شعوب المنطقة كافة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)
نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)
TT

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)
نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس، بعد عامين من شغور المنصب.

وعقد البرلمان جلسة الانتخاب، الخميس، وكان قد عرض قائمة مرشحين لمنصب الرئيس، وهم محمود المشهداني، وسالم العيساوي، وطلال الزوبعي، وعامر عبد الجبار.

وقال البرلمان في بيان صحافي، إن «عدد المصوتين لانتخاب رئيس البرلمان في الجولة الأولى بلغ 271 نائباً». وحصل فيها المشهداني على 153 صوتاً، والعيساوي على 95 صوتاً.

وبحسب الدستور العراقي، فإن الفوز بمنصب رئيس البرلمان يحتاج إلى تصويت الأغلبية المطلقة (النصف زائد واحداً) من أعضاء البرلمان العراقي البالغ عددهم 329 نائباً.

وفرضت النتيجة الأولى على البرلمان الذهاب إلى جولة ثانية، صوّت فيها 269 نائباً، وانتهت بفوز المشهداني بـ182 صوتاً، وبمنصب رئيس البرلمان.

رئيس البرلمان بالوكالة يدلي بصوته في جلسة 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

وقالت مصادر سياسية، لـ«الشرق الأوسط»، إن نواب ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، صوتوا لصالح المشهداني، في توافق نادر مع رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.

وكان الحلبوسي، رئيس حزب «تقدم» الذي يصنف نفسه ممثلاً للأغلبية السنية، عقد ليلة الأربعاء - الخميس مشاورات مطولة مع قادة أحزاب سنية، قالت مصادر مطلعة إنها انتهت على توافق بشأن ترشيح المشهداني.

وأفادت مصادر، بأن الاتحاد الوطني الكردستاني عارض في البداية انتخاب المشهداني، إلا أن الأخير أجرى مشاورات مع نواب الحزب في البرلمان قبل ساعات من انعقاد جلسة انتخابه.

موظفان في البرلمان خلال عملية احتساب أصوات انتخاب رئيس المجلس (إكس)

وقبل الجلسة بساعات، دعا المشهداني «الكتل السياسية إلى دعم ترشيحه لإنهاء أزمة استغرقت وقتاً طويلاً»، في حين دعا منافسه سالم العيساوي النواب إلى «المحافظة على العملية الديمقراطية من خلال رفض فرض الإرادات على مواقفهم السياسية».

وقالت مصادر برلمانية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المالكي والحلبوسي وصلا إلى مقر البرلمان قبل بدء الجولة الثانية، لإقناع النواب بدعم ترشيح المشهداني، وكان من بينهم نواب من المكون السني الذين كانوا يرغبون بترشيح العيساوي للمنصب.

وفشل النواب مراراً في انتخاب رئيس للبرلمان، في ظل انقسام سياسي حاد بين القوى السنية، ومحاولات القوى الشيعية فرض مرشح سني دون غيره.

ويسيطر تحالف «الإطار التنسيقي» الشيعي على البرلمان الذي يضم 329 نائباً، رغم وجود تباينات سياسية بين أقطاب هذا التحالف.

محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)

مَن المشهداني؟

وعاد محمود المشهداني، الطبيب ذو الخلفية الإسلامية، إلى الواجهة بعد مرور نحو 16 عاماً على إقالته من منصب رئيس البرلمان العراقي. وُلد الرجل ببغداد عام 1948، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها، ثم التحق بكلية الطب عام 1966 وحصل فيها على شهادة البكالوريوس، ثم تخرج برتبة ملازم أول طبيب عام 1972، ليعمل طبيباً في الجيش العراقي.

والمشهداني الذي انتُخب اليوم (الخميس) رئيساً للبرلمان، أول رئيس تشريعي في العراق بعد عام 2003، كما كان رئيساً للاتحاد البرلماني العربي عام 2008.