مفوّض «الأونروا»: حظر الوكالة سيؤدي إلى فراغ ومعاناة أكبر للفلسطينيين

TT

مفوّض «الأونروا»: حظر الوكالة سيؤدي إلى فراغ ومعاناة أكبر للفلسطينيين

المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني يتحدث خلال اجتماع «التحالف الدولي لتطبيق حل الدولتين» في الرياض يوم 30 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني يتحدث خلال اجتماع «التحالف الدولي لتطبيق حل الدولتين» في الرياض يوم 30 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

قال رئيس «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين»، التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)، أمس (الأربعاء)، إن القوانين الإسرائيلية التي تمّ تمريرها أخيراً، التي تحظر فعلياً أنشطة الوكالة في إسرائيل ستترك فراغاً من شأنه أن يكلف مزيداً من الأرواح، ويخلق مزيداً من عدم الاستقرار في غزة والضفة الغربية.

وقال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة «الأونروا»، في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، إن التشريع «في نهاية المطاف ضد الفلسطينيين أنفسهم»، ويحرمهم فعلياً من مزود فعال للخدمات المنقذة للحياة والتعليم والرعاية الصحية.

وتحدَّث لازاريني، على هامش المؤتمر الذي نظّمه التحالف العالمي من أجل حل الدولتين، وهي مبادرة أنشأتها الحكومة السعودية وحضرها وزراء خارجية من الدول العربية والإسلامية والأفريقية والأوروبية.

و«الأونروا»، هي الوكالة الرئيسية التي تشتري وتوزع المساعدات في قطاع غزة، حيث يعتمد ما يقرب من كامل سكان القطاع، البالغ عددهم نحو 2.3 مليون فلسطيني، على الوكالة من أجل البقاء وسط حرب إسرائيل التي تستمرّ منذ نحو 13 شهراً مع جماعة «حماس» المسلحة.

يلجأ عشرات الآلاف من الفلسطينيين النازحين إلى المدارس التي تديرها «الأونروا». وتقول جماعات الإغاثة الأخرى إن البنية التحتية القوية التي تمتلكها الوكالة منذ عقود في جميع أنحاء غزة لا يمكن تعويضها. حتى الآن، لم تطرح إسرائيل أي خطة لتوصيل الغذاء والدواء وغيرهما من الإمدادات لسكان غزة في غياب «الأونروا».

تتهم إسرائيل «حماس» ومسلحين آخرين بأنهم تسللوا إلى «الأونروا»، مستخدمين منشآتها، وأنهم يأخذون مساعدات، وهي ادعاءات لم تقدم إسرائيل أدلةً كافيةً عليها، وفق «أسوشييتد برس».

وتقطع القوانين التي أقرّها البرلمان الإسرائيلي، هذا الأسبوع، كل العلاقات مع «الأونروا»، وتحظر عملياتها في إسرائيل. وبما أن عمليات الوكالة في غزة والضفة الغربية يجب أن تمر عبر السلطات الإسرائيلية، فإن القوانين تهدِّد بإغلاق أنشطة الوكالة هناك أيضاً. ومن المتوقع أن تدخل القوانين حيز التنفيذ في غضون 3 أشهر.

وقال لازاريني لوكالة «أسوشييتد برس»، متحدثاً من العاصمة السعودية، الرياض، حيث يحضر مؤتمراً لمناقشة الصراع في الشرق الأوسط: «إذا تمّ تنفيذ القرار الإسرائيلي، فسيكون ذلك بمثابة كارثة كاملة».

وأضاف: «هذا من شأنه أن يخلق فراغاً. كما أنه سيغذي مزيداً من عدم الاستقرار في الضفة الغربية وغزة... إن إنهاء (الأونروا) أنشطتها في غضون الأشهر الـ3 يعني أيضاً موت مزيد من الناس في غزة».

صورة لمدخل مكاتب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بالقدس في 29 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

وأشار لازاريني إلى أن الوكالة تبحث عن «طرق إبداعية للحفاظ على استمرار عملياتها». وناشد الجمعية العامة للأمم المتحدة، والجهات المانحة، الدعمَ؛ لمواصلة تقديم الخدمات. ودعا إسرائيل إلى إلغاء القرار أو تمديد فترة السماح، التي تبلغ 3 أشهر. وقال إن إسرائيل لم تتواصل رسمياً مع الوكالة بعد اعتماد القوانين الجديدة.

لعقود من الزمان، قامت «الأونروا» بتشغيل شبكات من المدارس والمرافق الطبية وخدمات أخرى في جميع أنحاء غزة والضفة الغربية، وكذلك في لبنان وسوريا والأردن. وفي غزة بشكل خاص، تلعب الوكالة دوراً رئيسياً في الحفاظ على الخدمات الاجتماعية والاقتصاد، بوصفها مصدر التعليم والرعاية الصحية لمعظم السكان.

وأوضح لازاريني أن القوانين تهدد بإغلاق العمليات كلها، مما يؤثر في تعليم ورفاهية مئات الآلاف من الأطفال في المستقبل.

وقال: «لدينا اليوم شخص واحد من كل شخصين في غزة دون سن 18 عاماً، من بينهم 650 ألف فتاة وفتى يعيشون بين الركام، مصابون بصدمة شديدة في سن بين المدرستين الابتدائية والثانوية».

وتابع: «التخلص من (الأونروا) أيضاً وسيلة لإخبار هؤلاء الأطفال بأنكم لن يكون لكم مستقبل. نحن نضحي بتعليمكم فقط. التعليم هو الشيء الوحيد الذي لم يُنتزع أبداً من الفلسطينيين».

تأسست «الأونروا» لمساعدة ما يقدَّر بنحو 700 ألف فلسطيني فروا أو طُردوا من إسرائيل خلال حرب عام 1948، التي تلت إعلان دولة إسرائيل. وهي تقدم الآن الدعم للاجئين وأحفادهم، الذين يبلغ عددهم نحو 6 ملايين في جميع أنحاء المنطقة.

وقال لازاريني إن القوانين الإسرائيلية «تتويج لسنوات من الهجوم على الوكالة». وأضاف: «الهدف هو تجريد كل فلسطيني من وضع (اللاجئ)».

فلسطينيون يصطفون للحصول على الأدوية في «المركز الصحي الياباني» التابع لـ«الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة في 29 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

تقول إسرائيل إن «مئات المسلحين الفلسطينيين يعملون لصالح (الأونروا)»، دون تقديم أدلة، وإن أكثر من 12 موظفاً شاركوا في هجوم (حماس) في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، الذي أشعل فتيل الحرب الأخيرة، حسب وكالة «أسوشييتد برس».

فصلت الأمم المتحدة 9 موظفين بـ«الأونروا» بعد أن وجدت تحقيقات داخلية أنهم ربما شاركوا في الهجوم. لدى «الأونروا» نحو 30 ألف موظف في جميع أنحاء المنطقة، بمَن في ذلك 13 ألف موظف في غزة، معظمهم فلسطينيون.

وتقول إسرائيل إن «حماس» تدير مدارس لـ«الأونروا»، وغيرها من المرافق في غزة، وقد ضربت عدداً منها بغارات جوية. وتنفي «الأونروا» مساعدة الجماعات المسلحة عن علم. وتقول إنها تتحرك بسرعة لتطهير صفوفها من أي مسلحين مشتبه بهم. وقال لازاريني إن إسرائيل لم ترد على استفسارات «الأونروا» للحصول على تفاصيل حول مزاعم أخرى، بما في ذلك استخدام الجماعات المسلحة مباني الوكالة. وقال إنه مع استمرار القتال، لم تتمكّن الوكالة من التحقق من هذه المزاعم. ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل.

وأضاف لازاريني: «إذا أردنا أن ننجح في أي انتقال سياسي مستقبلي، فنحن بحاجة إلى وكالة مثل (الأونروا)، التي تعتني بالتعليم والصحة الأساسية للاجئين الفلسطينيين» حتى تكون هناك دولة أو إدارة قادرة على القيام بذلك.


مقالات ذات صلة

«الأمم المتحدة» تحذر من تفاقم الجوع في غزة والسودان ومالي

العالم فلسطينيون يتجمعون للحصول على مساعدات غذائية مقدمة من برنامج الأغذية العالمي في جباليا بشمال غزة (رويترز)

«الأمم المتحدة» تحذر من تفاقم الجوع في غزة والسودان ومالي

حذرت وكالات الأغذية، التابعة للأمم المتحدة، من تفاقم مستويات الجوع، خلال الأشهر السبعة المقبلة، في أجزاء كثيرة من العالم، وأكثرها إثارة للقلق غزة والسودان.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي فتاة تسير داخل مدرسة تحوّلت إلى ملجأ للنازحين الذين فروا من بعلبك والمناطق المحيطة بها في دير الأحمر (رويترز)

«اليونيسيف»: طفل واحد على الأقل يُقتل كل يوم في لبنان

قالت «اليونيسيف»، اليوم، إن طفلاً واحداً على الأقل يُقتل كل يوم في لبنان منذ الرابع من الشهر الحالي، مع اندلاع القصف الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز تتحدث خلال جلسة لمجلس حقوق الإنسان بجنيف 27 مارس (أ.ف.ب)

إسرائيل تطالب باستقالة المقررة الأممية لحقوق الإنسان بحجة «معاداة للسامية»

طالب السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، الأربعاء، باستقالة المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي التي نددت بـ"استئصال الفلسطينيين" من أرضهم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى لقائه فيليب لازاريني في الرياض الأربعاء (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث علاقات التعاون مع «الأونروا»

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع فيليب لازاريني مفوض عام وكالة «الأونروا» المستجدات في غزة، وتداعياتها الإنسانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مقر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في غزة (رويترز) play-circle 00:35

بعد حظرها «الأونروا»... هل أعلنت إسرائيل الحرب على الأمم المتحدة؟

تدهورت العلاقة التي طالما كانت شائكة بين إسرائيل والأمم المتحدة لما يمكن عدُّه إعلان حرب، هذا الأسبوع، مع حظر الكنيست نشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين

«الشرق الأوسط» (جنيف)

لبنان يوجّه تهمة الإثراء غير المشروع لمحافظ المصرف المركزي السابق

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)
TT

لبنان يوجّه تهمة الإثراء غير المشروع لمحافظ المصرف المركزي السابق

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

قال مسؤولون قضائيون، الخميس، إن السلطات اللبنانية وجّهت تهمة الإثراء غير المشروع إلى محافظ مصرف لبنان السابق، وأصدرت مذكرة توقيف بحق المصرفي المحتجز، وهي الثانية في أقل من شهرين.

وقال المسؤولون الأربعة -شرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين للتحدّث لوسائل الإعلام- إن قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، نقولا منصور، وجّه اتهاماً لرياض سلامة (74 عاماً) بشأن شقة تم استئجارها في فرنسا لتكون مكتباً بديلاً للبنك المركزي إذا دعت الضرورة لذلك.

وقال المسؤولون إن سلامة استأجر الشقة من «شريكته السابقة»، آنا كوساكوفا، مقابل نحو 500 ألف دولار سنوياً.

وأضافوا أن الشقة صغيرة، وتكاد تكون خالية تقريباً، باستثناء عدد قليل من أجهزة الكومبيوتر، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وبعد استجواب سلامة، أصدر نقولا مذكرة توقيف بحقه. وكان سلامة محتجزاً لدى السلطات اللبنانية منذ أوائل سبتمبر (أيلول).

ودأب سلامة منذ سنوات على نفي الاتهامات بالفساد والاختلاس والإثراء غير المشروع الموجهة إليه، ويصر على أنه حقق ثروته من ممتلكات موروثة واستثمارات ووظيفته السابقة بصفته مصرفياً استثمارياً في «ميريل لينش».

وفي أوائل سبتمبر، اتهم لبنان سلامة باختلاس 42 مليون دولار بعد يوم من اعتقاله. وأنهى سلامة فترة ولايته التي استمرت 30 عاماً محافظاً للبنك المركزي قبل عام، في حين تُحقق عدة دول أوروبية في مزاعم بارتكاب جرائم مالية، ويُلقي كثيرون في لبنان باللائمة على سلامة في الأزمة المالية الخانقة التي تعصف بالبلاد منذ أواخر عام 2019.