طريق «البقاع – بيروت» هدف إسرائيلي لضرب خط إمداد «حزب الله»

استهداف شاحنة محملة بالصواريخ… وبلديات المنطقة ترفض استخدام طرقاتها «لنقل الأسلحة»

TT

طريق «البقاع – بيروت» هدف إسرائيلي لضرب خط إمداد «حزب الله»

بقايا السيارة التي كانت محمَّلة بالأسلحة واستُهدفت بغارة إسرائيلية في عاريا (رويترز)
بقايا السيارة التي كانت محمَّلة بالأسلحة واستُهدفت بغارة إسرائيلية في عاريا (رويترز)

تحوّلت الطريق التي تربط البقاع ببيروت، ومنها إلى الجنوب، إلى هدف إسرائيلي دائم لضرب خط إمداد «حزب الله» عبر استهداف السيارات المدنية والعسكرية التابعة له، لا سيما بعد الحصار الجوي والبري الذي فرضته إسرائيل لمنع نقل الأسلحة.

واستهدف الطيران الإسرائيلي، الأربعاء، حافلة صغيرة مقفلة تابعة لـ«حزب الله» محمّلة بالأسلحة على الطريق الدولية التي تربط بيروت بمناطق الجبل وشرق لبنان، مما أدى إلى مقتل شخصين. ويأتي هذا الاستهداف ضمن سياق الاستهدافات الإسرائيلية التي تنفذها إسرائيل ضد عناصر وقياديين في «حزب الله» في مختلف المناطق اللبنانية، لكنها المرة الأولى، منذ بدء الحرب، التي تستهدف فيها سيارة محمّلة بالسلاح.

وقالت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» إن «مسيَّرة معادية استهدفت سيارة نقل صغيرة على طريق عاريا (شرق بيروت)، مما أدى إلى اندلاع النيران فيها». وأفادت بقطع هذه الطريق الدولية الذي يصل بيروت بشرق لبنان ودمشق بالاتجاهين بسبب «حادث أمني»، قبل أن تفيد باستهداف مسيّرة إسرائيلية بصاروخٍ سيارةً على مفترق عاليه – القماطية.

وبينما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني تأكيده أن «الحافلة تابعة لـ(حزب الله) وكانت فيها ذخيرة»، انتشرت صور ومقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر السيارة التي تعرضت للاستهداف والصواريخ التي سقطت على الطريق، بعدما سمع أهالي المنطقة أصوات أكثر من عشرة انفجارات أشارت المعلومات إلى أنها من الصواريخ التي كانت في داخل السيارة، وهو ما أثار الخوف والهلع في صفوف أهالي المنطقة.

وأدى الانفجار إلى احتراق الحافلة والأشجار المحاذية للطريق عند موقع الغارة وسط انتشار كبير للجيش والدفاع المدني والصليب الأحمر. وأقفل الجيش الطريق لبعض الوقت، حيث عملت وحداته على تفجير الذخائر التي تطايرت في المكان.

وبعد وقت قصير من الاستهداف انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور لحافلات صغيرة أشارت المعلومات إلى أن شباناً من المنطقة عمدوا إلى توقيفها لأنها محمَّلة بالأسلحة. وأكدت مصادر محلية في عاليه أن سيارتين مشابهتين للسيارة المستهدفة، سلكتا الطريق الداخلية داخل عاليه، وعمد شبان إلى اعتراضها، قبل أن يعترضها الجيش وتُنقَل تحت إشرافه إلى مكان لم يحدَّد.

واستنكرت بلديتا عاريا والكحالة استخدام طرقاتهما لنقل الأسلحة، وقالتا في بيان: «بعد تكرار عمليات استهداف السيارات على الطريق الدولية التي تعبر البلدتين، تستنكر بلديتا عاريا والكحالة استخدام الطرق الدولية والآليات المدنية لانتقال المسلحين ونقل الأسلحة والذخائر مما يعرِّض العابرين وأبناء البلدتين للمخاطر التي تطول حياتهم وأملاكهم». وتمنت البلديتان «على الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الشرعية التدخل فوراً لاتخاذ التدابير التي تمنع استخدام الطرق الدولية والمناطق الآمنة لأغراض عسكرية ورفع الخطر الذي يهدد المدنيين».

واستهداف الأربعاء ليس الأول من نوعه على هذه الطريق وفي هذه المنطقة، بحيث كان قد استهدف صاروخ صامت يُعرف باسم «نينجا» سيارة يقودها عنصر في «حزب الله» في 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، مما أدى إلى اختراق زجاج السيارة وإصابة قدم السائق فيما نجت عائلته، و يوم الاثنين الماضي، استهدف صاروخ من مسيّرة إسرائيلية سيارة، من دون أن يؤدي إلى وقوع إصابات، بعدما كان قد قُتل قبل نحو أسبوع شخصان في غارة من مسيّرة إسرائيلية في المنطقة نفسها.

وعن هذه الاستهدافات، يقول العميد المتقاعد والخبير العسكري يعرب صخر، لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن ممر العبور الرئيسي والأسرع بالنسبة إلى (حزب الله) ولنقل إمداداته هو عبر منطقة المديرج ضهر البيدر ومن ثَمَّ الكحالة - عاريا وصولاً إلى بيروت، ويبدو واضحاً أنها تحت الرقابة الإسرائيلية الشديدة، وهو ما تُظهره الاستهدافات المتتالية لـ(حزب الله) على هذه الطريق».

ويضيف: «من الواضح أن (حزب الله) يعمد إلى نقل إمداداته عبر هذه الطريق لنقلها إلى منطقة الجنوب التي تعد جبهة الاختبار الأخيرة بالنسبة إليه، وذلك بعد الحصار البري الإسرائيلي الخانق الذي أدى إلى قطع المعابر مع سوريا، وبعد تقليص مخزونه وقدراته من الأسلحة والصواريخ التي يستخدمها بشكل يومي والاستهداف الإسرائيلي لمخازنه».

تأتي هذه الاستهدافات المتتالية لطريق البقاع – بيروت بعد الحصار البري الذي أحكمته إسرائيل على «حزب الله» باستهدافها معبر القاع، من البقاع الغربي، على الأراضي السورية وقبلها معبر المصنع بين لبنان وسوريا، حيث قال الجيش الإسرائيلي إنه دمّر نفقاً أرضياً تحت الحدود اللبنانية - السورية، كان «حزب الله» يستخدمه «لنقل كثير من الوسائل القتالية» لاستخدامها في جنوب لبنان، محذراً من أنه «لن يسمح بتهريب هذه الوسائل القتالية ولن يتردد في التحرك إذا اضطر إلى ذلك».

وتَمثَّل الحصار الجوي الإسرائيلي في منع الطائرات الإيرانية والعراقية من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي، حيث أُخضعت السفن التجارية القادمة إلى لبنان لتفتيش دقيق.

عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون بموقع استهداف السيارة التي كانت محملة بالأسلحة في منطقة عاريا (رويترز)

مع العلم أنه وقبل أكثر من عام، وتحديداً في شهر أغسطس (آب) 2023 كان قد قُتل شخصان في الكحالة في اشتباكات دارت بين عناصر من «حزب الله» وعدد من سكّان البلدة ذات الأغلبية المسيحية، بعد انقلاب شاحنة تابعة للحزب هناك كانت محمّلة بالأسلحة، مما أثار غضب الأهالي، ونُقلت بعدها إلى أحد المراكز العسكرية التابعة للجيش اللبناني.


مقالات ذات صلة

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين إقليميين وأميركيين قولهم اليوم (الجمعة)، إن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

نفّذت القوات الأسرائيلية أوسع اختراق بري داخل العمق اللبناني، منذ بدء الحرب، بوصولها إلى مشارف نهر الليطاني من جهة ديرميماس، وفصل النبطية عن مرجعيون.

نذير رضا (بيروت)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام إلى بلاده

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
TT

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام إلى بلاده

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)

رأت أنقرة أنَّ الرئيس السوري، بشار الأسد، لا يريد السلام في بلاده، وحذرت من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب في الشرق الأوسط بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية آستانة»، التي أوقفت إراقة الدماء في سوريا. وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أنَّ جهود روسيا وإيران، في إطار «مسار آستانة» للحل السياسي مهمة للحفاظ على الهدوء الميداني، لافتاً إلى استمرار المشاورات التي بدأت مع أميركا بشأن الأزمة السورية.

وقال فيدان، خلال كلمة في البرلمان، إنَّ تركيا لا يمكنها مناقشة الانسحاب من سوريا إلا بعد قبول دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود، مضيفاً أن موقف إدارة الأسد يجعلنا نتصور الأمر على أنه «لا أريد العودة إلى السلام».