تحركات روسية لتعزيز مسار التعاون مع الأسد

شويغو يدعو لمساعدة الحكومة السورية في «ظروف إقليمية صعبة ومتوترة»

محمد بن زايد خلال استقباله سيرغي شويغو (وام)
محمد بن زايد خلال استقباله سيرغي شويغو (وام)
TT

تحركات روسية لتعزيز مسار التعاون مع الأسد

محمد بن زايد خلال استقباله سيرغي شويغو (وام)
محمد بن زايد خلال استقباله سيرغي شويغو (وام)

وجه سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، سيرغي شويغو، رسائل مهمة خلال زيارته أبوظبي، أمس الثلاثاء. ومع أن أجندة محادثاته مع رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، تطرقت إلى رزمة واسعة من الملفات التي تهم الطرفين، لكن التركيز على الملف السوري والدعوة لتعزيز مسار المصالحة والانفتاح على دعم الحكومة السورية، في الظروف الإقليمية الراهنة، حملت إشارات مهمة إلى أولويات موسكو حالياً، لجهة ضمان عدم انزلاق الوضع نحو انخراط سوريا في المواجهة المشتعلة في فلسطين ولبنان.

وقال المسؤول المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، إن «الوضع في منطقة الشرق الأوسط، لا يزال صعباً ومتوتراً للغاية، ومن المهم مواصلة إعادة دمج سوريا في البيئة الإقليمية».

قوات إسرائيلية تسير بدورية في هضبة الجولان السوري المحتل 22 اكتوبر (إ.ب.أ)

ونقلت الخدمة الصحافية لجهاز مجلس الأمن الروسي: «من المهم مواصلة إعادة الدمج النشط لسوريا في البيئة الإقليمية، وتعزيز العودة الكاملة لهذا البلد إلى الأسرة العربية، وتحفيز استثمارات دول الخليج الأخرى في الاقتصاد السوري».

ووفقاً للبيان، فإن شويغو ناقش في الإمارات العربية المتحدة، مع القيادة السياسية العليا في البلاد، رزمة من الملفات التي تتعلق بالعلاقات الثنائية والوضع في منطقة الشرق الأوسط، الذي «لا يزال صعباً ومتوتراً للغاية».

دخان يتصاعد وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية بالقرب من الحدود مع إسرائيل يوم 26 أكتوبر (رويترز)

وأشار المكتب الصحافي، إلى أن سكرتير مجلس الأمن الروسي، الذي قام خلال الأسابيع الأخيرة بعدد من المهام الخارجية بتكليف مباشر من بوتين، رحب بالجهود الكبيرة التي تبذلها دولة الإمارات لمساعدة الجمهورية العربية السورية في التغلب على الأزمة الاقتصادية الحادة. ودعا شويغو، إلى تقديم مزيد من الدعم السياسي والاقتصادي للحكومة السورية وتعزيز عمليات التطبيع معها على المستويين العربي والإقليمي.

وتطرقت نقاشات شويغو في أبوظبي، إلى «الوضع في سوريا ومكافحة الجماعات الإرهابية، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والوضع في ليبيا، ومسائل التفاعل بين أجهزة الأمن في روسيا والإمارات بالتفصيل».

وقالت أوساط إعلامية روسية، إن تحركات شويغو خلال الأسابيع الأخيرة، ركزت على منع انزلاق الوضع في المنطقة إلى مواجهة كبرى، يمكن أن تسبب أضراراً فادحة للمصالح الروسية في المنطقة.

سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو مع الرئيس السوري العاصمة السورية دمشق سبتمبر الماضي (سانا)

وزار شويغو في 16 أيلول (سبتمبر) الماضي، دمشق، والتقى الرئيس بشار الأسد، وبحث معه «مجموعة من الملفات ذات الصلة بالأمن الدولي والإقليمي»، والعلاقات الثنائية بين سوريا وروسيا وآفاق تعزيزها.

وفي اليوم التالي توجه إلى طهران، في زيارة لم تكن معلنة مسبقاً على جدول أعماله. ورأى متابعون في موسكو، أنها هدفت إلى حث الإيرانيين على عدم توسيع نطاق المواجهة، كما حمل خلالها رسائل واضحة، بأن موسكو تعارض أي توجه لدفع الحكومة السورية للانخراط في المواجهة المتفاقمة في المنطقة.

هاربون من الحرب في لبنان الى سوريا عبر "المصنع" رغم دمار المعبر من القصف الاسرائيلي (رويترز)

ومع التحذيرات السياسية والرسائل التي حملتها جولات شويغو الإقليمية، فإن زيارته إلى أبوظبي تكتسب بعداً مهماً، لأنها تناولت إلى جانب تقييم الوضع السياسي والأمني في المنطقة، أهمية تنشيط الدعم الاقتصادي للحكومة السورية التي تواجه أزمة خانقة داخلياً، تضاعف من الصعوبات التي تمر بها بسبب الظروف الإقليمية المعقدة.

وكانت أوساط إعلامية تحدثت في الأيام الأخيرة، عن أن موسكو تبذل جهوداً سياسية كبرى من أجل تحييد سوريا عن الحرب الدائرة في الإقليم، ومن هذه الجهود الاتصالات مع دول عربية عديدة لتفعيل الوساطة والضغط على النظام السوري لعدم إظهار معالم واضحة لدخوله في المواجهة إلى جانب إيران.

الصواريخ الإسرائيلية استهدفت مؤخرا شاحنات داخل معمل للسيارات الإيرانية وسط سوريا (المرصد السوري)

لكن وفقاً لمصادر المعارضة السورية، فإن هذه الجهود الروسية لم تحقّق المأمول منها، خاصة بعد أن انتقلت المعارك إلى جنوب لبنان الذي يسيطر عليه «حزب الله»، حيث زاد استخدام طهران للأراضي السورية من أجل تمرير الدعم للحزب.

وقبل يومين، نقلت قناة «سوريا» التلفزيونية القريبة من المعارضة، معلومات خاصة تشير إلى إجراء روسيا محادثات مستمرة مع الجانب الإيراني بهدف ضبط تحركاته وتمركز الفصائل التابعة له على الأراضي السورية، من أجل تجنب مزيد من التصعيد الإسرائيلي.

ميليشيات إيرانية في سوريا (المرصد السوري)

وقالت، إن لدى روسيا مخاوف حقيقية من توسع الضربات الإسرائيلية لتشمل مواقع عسكرية تتبع النظام السوري، أو أن تتخذ «تل أبيب» قراراً بتوسيع توغلها جنوب سوريا، في وقت لا تستطيع فيه موسكو إظهار رفضها العلني للنشاط الإسرائيلي، تجنباً لعدم دفع الأخيرة للانحياز أكثر لصالح أوكرانيا، وتوسيع الدعم لها رداً على أي سلوك روسي قد تفسره تل أبيب أنه دعم لإيران في مواجهتها.

في هذا الإطار، فإن التحركات الروسية النشطة، بما فيها الزيارة الأخيرة إلى أبوظبي، تسعى إلى تحقيق هدفين رئيسيين، وفقاً لمصادر في موسكو، الأول، هو تأكيد تطابق وجهات النظر مع الشركاء في المنطقة بضرورة منع انزلاق الوضع نحو مواجهة أوسع، والثاني ضمان استقرار الوضع السياسي والاقتصادي في سوريا خلال هذه المرحلة المعقدة.

على صعيد آخر، حملت زيارة وزير الخارجية والمغتربين بسام صباغ، إلى بيلاروسيا، الحليف الأقرب إلى موسكو، نتائج مهمة على صعيد تعزيز تنسيق دمشق مع الجانب البيلاروسي.

وقال الوزير إنه ناقش مع نظيره البيلاروسي، مكسيم ريجينكوف، في مينسك، تعزيز التنسيق بين البلدين بشأن المسائل السياسية، بما في ذلك الدعم المتبادل في المحافل الدولية، إضافة إلى بحث تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والإنسانية. الزيارة جاءت في إطار مشاركته بالمؤتمر الدولي الثاني للأمن الأوراسي في مينسك.

وعقب المحادثات الثنائية، أدلى وزيرا الخارجية بتصريح صحافي، وأوضح صباغ أنه أجرى تبادلاً مثمراً وبناءً لوجهات النظر مع نظيره البيلاروسي إزاء العديد من المسائل، كما استعرضا مختلف جوانب التعاون الثنائي. وأشار وزير الخارجية والمغتربين، إلى أنه جرى التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية في كلا البلدين، إضافة إلى بحث تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والإنسانية.

عناصر أمن ومن الدفاع المدني تعاين حطام السيارة التي انفجرة في حي المزة بدمشق أمس (أ.ف.ب)

وقال صباغ، إنه أطلع وزير الخارجية البيلاروسي على تداعيات الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، وكذلك العدوان الإسرائيلي المستمر على الفلسطينيين واللبنانيين، مؤكداً موقف سوريا الثابت بضرورة وقف هذا العدوان فوراً، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي العربية المحتلة، بما فيها الجولان السوري المحتل، وإدانة جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والمطالبة بمحاسبة مرتكبيها وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.


مقالات ذات صلة

وزارة الداخلية الإماراتية: نواصل البحث عن شخص من الجنسية المولدوفية

الخليج عَلم الإمارات (رويترز)

وزارة الداخلية الإماراتية: نواصل البحث عن شخص من الجنسية المولدوفية

أعلنت وزارة الداخلية الإماراتية، السبت، عن «ورود بلاغ من عائلة شخص من الجنسية المولدوفية يدعى زفي كوغان يفيد بتغيبه وانقطاع الاتصال به منذ يوم الخميس الماضي».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
رياضة عالمية فابيو ليما (رويترز)

ليما يحيي آمال الإمارات في العودة للمونديال بعد 36 عاماً

تحوّل فابيو ليما البرازيلي المولد رمزاً لحملة الإمارات لما يمكن أن يكون صعودها لكأس العالم لكرة القدم بعد غياب 36 عاماً، بتسجيله 4 أهداف بالفوز الساحق على قطر.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الخليج عبد الله بن زايد وأنتوني بلينكن يبحثان القضايا الإقليمية

عبد الله بن زايد وأنتوني بلينكن يبحثان القضايا الإقليمية

بحث الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي مع أنتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، القضايا الإقليمية.

الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
رياضة عربية لاعبو الإمارات يحتفلون بالفوز الكبير على قطر (أ.ف.ب)

«تصفيات المونديال»: رباعية ليما تقود الإمارات لفوز كبير على قطر

سجّل فابيو ليما 4 أهداف، وأضاف يحيى الغساني الهدف الخامس، في فوز الإمارات 5 - صفر على ضيفتها قطر.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية بالتوصل إلى وقف إطلاق النار، بتحديد العناوين الرئيسية لخريطة الطريق في مقاربته لمرحلة ما بعد عودة الهدوء إلى جنوب لبنان، بانسحاب إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها تمهيداً لتطبيق القرار الدولي «1701»، وتعد بأنها تأتي في سياق استعداد الحزب للعبور من الإقليم -أي الميدان- إلى الداخل اللبناني عبر بوابة الطائف.

فالبنود التي حددها قاسم في مقاربته لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار تنم، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، عن رغبته في إضفاء اللبننة على توجهات الحزب وصولاً إلى انخراطه في الحراك السياسي، في مقابل خفض منسوب اهتمامه بما يدور في الإقليم في ضوء تقويمه لردود الفعل المترتبة على تفرُّده في قرار إسناده لغزة الذي أحدث انقساماً بين اللبنانيين.

وتعدّ المصادر أنه ليس في إمكان الحزب أن يتجاهل الوقائع التي فرضها قرار إسناده لغزة، وأبرزها افتقاده لتأييد حلفائه في «محور الممانعة»، وكاد يكون وحيداً في المواجهة، وتؤكد أن تفويضه لرئيس المجلس النيابي، نبيه بري، للتفاوض مع الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، وتوصلهما إلى التوافق على مسوّدة لعودة الهدوء إلى الجنوب، يعني حكماً أنه لا مكان في المسوّدة للربط بين جبهتي غزة والجنوب وإسناده لـ«حماس».

انكفاء الحزب

وتلفت المصادر نفسها إلى أن عدم اعتراض الحزب على المسوّدة يعني موافقته الضمنية على إخلاء منطقة الانتشار في جنوب الليطاني والانسحاب منها، إضافة إلى أن قواعد الاشتباك المعمول بها منذ صدور القرار «1701»، في آب (أغسطس) 2006، أصبحت بحكم الملغاة، أسوة بإنهاء مفعول توازن الرعب الذي كان قد أبقى على التراشق بينهما تحت السيطرة.

وتقول المصادر نفسها إنه لا خيار أمام الحزب سوى الانكفاء إلى الداخل، وإن ما تحقق حتى الساعة بقي محصوراً في التوصل إلى وقف إطلاق النار العالق سريان مفعوله على الوعود الأميركية، فيما لم تبقَ الحدود اللبنانية - السورية مشرّعة لإيصال السلاح إلى الحزب، بعدما تقرر ضبطها على غرار النموذج الذي طبقه الجيش على مطار رفيق الحريري الدولي، ومنع كل أشكال التهريب من وإلى لبنان، إضافة إلى أن وحدة الساحات كادت تغيب كلياً عن المواجهة، ولم يكن من حضور فاعل لـ«محور الممانعة» بانكفاء النظام السوري عنه، رغبة منه بتصويب علاقاته بالمجتمع الدولي، وصولاً إلى رفع الحصار المفروض عليه أميركياً بموجب قانون قيصر.

لاريجاني

وفي هذا السياق، تتوقف المصادر أمام ما قاله كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي لاريجاني، لوفد من «محور الممانعة» كان التقاه خلال زيارته إلى بيروت: «إيران ترغب في إيصال المساعدات إلى لبنان لكن الحصار المفروض علينا براً وبحراً وجواً يمنعنا من إرسالها، ولم يعد أمامنا سوى التأكيد بأننا شركاء في إعادة الإعمار».

وتسأل ما إذا كان التحاق الحزب بركب «اتفاق الطائف»، الذي هو بمثابة ملاذ آمن للجميع للعبور بلبنان إلى بر الأمان، يأتي في سياق إجراء مراجعة نقدية تحت عنوان تصويبه للعلاقات اللبنانية - العربية التي تصدّعت بسبب انحيازه إلى «محور الممانعة»، وجعل من لبنان منصة لتوجيه الرسائل بدلاً من تحييده عن الصراعات المشتعلة في المنطقة؟ وهل بات على قناعة بأنه لا خيار أمامه سوى التوصل إلى وقف إطلاق النار، رغم أن إسرائيل تتمهل في الموافقة عليه ريثما تواصل تدميرها لمناطق واسعة، وهذا ما يفتح الباب للسؤال عن مصير الوعود الأميركية، وهل توكل لتل أبيب اختيار الوقت المناسب للإعلان عن انتهاء الحرب؟

تموضع تحت سقف «الطائف»

ولم تستبعد الدور الذي يعود لبري في إسداء نصيحته للحزب بضرورة الالتفات إلى الداخل، والتموضع تحت سقف «اتفاق الطائف»، خصوصاً أن المجتمع الدولي بكل مكوناته ينصح المعارضة بمد اليد للتعاون معه لإخراج لبنان من أزماته المتراكمة.

وتقول إن الحزب يتهيب التطورات التي تلازمت مع إسناده لغزة، وتسأل هل قرر إعادة النظر في حساباته في ضوء أن رهانه على تدخل إيران لم يكن في محله؛ لأن ما يهمها الحفاظ على النظام وتوفير الحماية له، آخذة بعين الاعتبار احتمال ضعف موقفها في الإقليم؟

لذلك فإن قرار الحزب بأن يعيد الاعتبار للطائف، يعني أنه يبدي استعداداً للانخراط في الحراك السياسي بحثاً عن حلول لإنقاذ لبنان بعد أن أيقن، بحسب المصادر، بأن فائض القوة الذي يتمتع به لن يُصرف في المعادلة السياسية، وأن هناك ضرورة للبحث عن القنوات المؤدية للتواصل مع شركائه في البلد، وأولهم المعارضة، مع استعداد البلد للدخول في مرحلة سياسية جديدة فور التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس، ليأخذ على عاتقه تنفيذ ما اتُّفق عليه لتطبيق الـ«1701».

وعليه لا بد من التريث إفساحاً في المجال أمام ردود الفعل، أكانت من المعارضة أو الوسطيين، على خريطة الطريق التي رسمها قاسم استعداداً للانتقال بالحزب إلى مرحلة سياسية جديدة، وهذا يتطلب منه عدم الاستقواء على خصومه والانفتاح والتعاطي بمرونة وواقعية لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، واستكمال تطبيق «الطائف»، في مقابل معاملته بالمثل وعدم التصرف على نحو يوحي بأنهم يريدون إضعافه في إعادة مؤسسات البلد، بذريعة أن قوته اليوم لم تعد كما كانت في السابق، قبل تفرده في إسناده لغزة، وما ترتب عليها من تراجع للنفوذ الإيراني، بالتلازم مع عدم فاعلية وحدة الساحات التي تتشكل منها القوة الضاربة لـ«محور الممانعة» الذي لم يكن له دور، ولو بحدود متواضعة، بتوفير الدعم للحزب كونه أقوى أذرعته في الإقليم، وبالتالي هناك ضرورة لاحتضانه لاسترداده إلى مشروع الدولة.