بري لـ«الشرق الأوسط»: لسنا بوارد تغيير حرف واحد في الـ1701

قال إنه أنجز تفاهماً مع هوكستين «والكرة عند نتنياهو»

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مجتمعاً مع المبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مجتمعاً مع المبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت (أ.ف.ب)
TT

بري لـ«الشرق الأوسط»: لسنا بوارد تغيير حرف واحد في الـ1701

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مجتمعاً مع المبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مجتمعاً مع المبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت (أ.ف.ب)

يترقب لبنان الرسمي مدى تجاوب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مع المسعى الذي يقوده الرئيس الأميركي جو بايدن للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في جنوب لبنان بإيفاده مستشاريه آموس هوكستين وبريت ماكجورك إلى تل أبيب للقائه، خصوصاً وأنه يشكّل الفرصة الأخيرة التي تسبق موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

ومع أن لبنان الرسمي بلسان رئيسَي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، يفضلان التريث وعدم استباق النتائج، وهذا ما عكسه الأخير لدى انتهاء اجتماعه به من دون أن يدلي بتصريح، مكتفياً بوضعه، كما تقول مصادر نيابية، في أجواء اللقاءات المتنقلة التي عقدها طوال فترة وجوده خارج البلد. لكن تريثهما، وإن كان في محله، فإن الرئيس بري أراد التذكير بالخطوط العريضة التي كان توصّل إليها مع هوكستين وتتعلق بوقف النار وبنشر الجيش اللبناني في الجنوب تمهيداً لتطبيق القرار الدولي 1701 وذلك، كما قال لـ«الشرق الأوسط» لقطع الطريق على ما يُروَّج له من أفكار لم تكن حاضرة في مفاوضاته معه ولا تمُت بصلة لا من بعيد أو قريب لتطبيقه.

وأكد الرئيس بري، في معرض نفيه كل ما يشاع من خارج ما اتفق عليه مع هوكستين، بأن «ما كُتب قد كُتب ولسنا بوارد تغيير ولو حرفاً واحداً في القرار 1701». وقال إن الوسيط الأميركي لم يأتِ على ذكر القرار 1559 أو إحلال قوات متعددة الجنسية مكان قوات الطوارئ الدولية (يونيفيل) الموجودة أصلاً بموجب هذا القرار في جنوب الليطاني لمؤازرة الجيش اللبناني لتطبيقه.

ولفت إلى أنه من جانبه أنجز كل النقاط المتعلقة بوقف النار ونشر الجيش وتطبيق الـ1701. وقال إنه تفاهم عليها مع هوكستين، ونحن «ننتظر منه أن يتفاهم مع نتنياهو على ما أنجزناه سوياً»، نافياً أن يكون طرح معه مباشرة أو مواربة إدخال تعديلات عليه، كما يروّج له البعض. وأضاف أنه «لا بد من توفير الضمانات لتطبيقه بعد الاتفاق على آلية تنفيذه في خلال الفترة الزمنية التي نتفاهم عليها لسريان مفعول وقف النار»، وأكد بأن «لبنان مستعد للالتزام به في أي لحظة، ومنذ الآن، في حال تفاهم هوكستين مع نتنياهو على ما أنجزناه».

وشدد الرئيس بري على أن «الكُرة الآن في مرمى نتنياهو، فهل يبدي كل استعداد للسير في التفاهم الذي توصلنا إليه مع هوكستين؟ أم أنه مثل العادة سينقلب عليه كما فعل عندما وافق على النداء الأميركي - الفرنسي المدعوم دولياً وعربياً لوقف النار، ليتراجع عنه فور وصوله إلى نيويورك؟ مع أننا كنا بُلّغنا من الوسيط الأميركي أنه وافق عليه، ونحن من جانبنا لم نتردد بالترحيب به والالتزام بتطبيقه فوراً».

في هذا السياق، قالت المصادر النيابية لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الله» باقٍ على تفويضه للرئيس بري للتوصل إلى وقف النار في الجنوب، وهذا ما أكده نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، قبل أن يتوافق عليه مجلس شورى الحزب لخلافة سلفه حسن نصر الله بعد مضي شهر على اغتياله. وأكدت بأن لا عودة عن التفويض، وأن التواصل بداخل «الثنائي الشيعي» يكاد يكون يومياً، نافيةً ما تردد بأن التوافق عليه تم أثناء غيابه لوجوده في طهران التي انتقل إليها بناء لنصيحة إيرانية لقطع الطريق على استهدافه من قِبل إسرائيل، مؤكدة بأنه لم يغادر لبنان وهو لا يزال إلى جانب القيادة العسكرية لـ«لمقاومة الإسلامية» يتابع سير المواجهة جنوباً، ويواكب تحرك نواب كتلة «الوفاء للمقاومة» بالانفتاح على الكتل النيابية لشرح موقفهم من العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، والاتصالات الجارية للتوصل لوقف النار.

ورداً على سؤال قالت المصادر بأن الجهود اللبنانية تهدف لوقف النار، وأن التوصل إليه أمر ضروري اليوم قبل الغد، وأن الربط بين الجنوب وغزة لم يعد قائماً؛ لأنه أصبح بمثابة أمر واقع لا يمكن القفز فوقه في ضوء ما آلت إليه المواجهة في القطاع، وبالتالي فإن لبنان يعطي الأولوية لوقف الحرب بالجنوب وعدم الربط بين الجبهتين لئلا يتذرع بها نتنياهو للهروب من الضغوط التي تمارَس عليه لوقف النار.

لذلك؛ تبقى الأنظار مشدودة إلى لقاء موفَدَي الرئيس الأميركي بنتنياهو للتأكد ما إذا كانت الفرصة الأخيرة، مع اقتراب موعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي الأميركي، ستتوج باتفاق لوقف النار إنما على الطريقة اللبنانية بخلاف تلك الغزاوية التي سجلت تراجع نتنياهو عن اتفاقات لإنهاء الحرب في القطاع كان توصل إليها فريقه المفاوض مع ممثلين عن الولايات المتحدة ومصر وقطر.

فالساعات المقبلة التي تفصلنا عن لقاء موفَدَي بادين بنتنياهو تدعونا، كما تقول المصادر النيابية، إلى حبس الأنفاس، بينما المواجهة تشتد بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» الذي يخوض حالياً منازلة غير مسبوقة في بلدة الخيام لمنعه من التوغل بداخلها وإخلاله بتوازن الردع وصولاً لفرض أمر واقع يستقوي به لإلزامه التسليم بشروطه لتطبيق الـ1701 إنما على طريقته.

 

وعليه، فإن المسار العام للحرب الدائرة في الجنوب وتوسيعها بقاعاً ستحضر على طاولة المفاوضات بين نتنياهو وموفدي بايدن، وهذا ما يدفع بـ«حزب الله» إلى الصمود لمنع الجيش الإسرائيلي من التوغُّل في عمق الجنوب بعد أن سيطر على عدد من المواقع قبالة الشمال الإسرائيلي.


مقالات ذات صلة

الإنذارات والغارات الإسرائيلية تحوّل بعلبك إلى مدينة أشباح

المشرق العربي سحابة من الدخان الكثيف ناتجة عن الغارات الإسرائيلية تعلو قلعة بعلبك الأثرية في شرق لبنان (الشرق الأوسط)

الإنذارات والغارات الإسرائيلية تحوّل بعلبك إلى مدينة أشباح

أكد رئيس بلدية بعلبك أن المدينة «تتعرض لتهجير منظّم»، معلناً أن «نسبة النزوح تخطّت 80 في المائة».

حسين درويش (شرق لبنان)
شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يسكب «ماء بارداً» على المتحمسين لوقف إطلاق النار في لبنان أو غزة

وضع نتنياهو شروطاً جديدة للاتفاق مع لبنان، وأبدى إصراره على أن يتضمن الاتفاق بنداً يحفظ لإسرائيل حرية العمليات في لبنان في إطار أي تسوية لإنهاء الحرب.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي ميقاتي: التصعيد الإسرائيلي لا يبعث على التفاؤل بوقف إطلاق النار

ميقاتي: التصعيد الإسرائيلي لا يبعث على التفاؤل بوقف إطلاق النار

تنتظر الحكومة اللبنانية من المبعوث الرئاسي الأميركي، آموس هوكستين، نتائج اتصالاته في تل أبيب

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص لمياء فرحات إلى جانب خيمتها في منطقة الرملة البيضاء في بيروت (الشرق الأوسط)

خاص أحلام لمياء النازحة إلى كورنيش بيروت: مكان مسقوف قبل هطول الأمطار

تقول فرحات لـ«الشرق الأوسط»: «أتيت إلى هنا من الضاحية، بعد أن اختبرت العيش في مراكز إيواء مختلفة، وفضلت العيش في العراء».

حنان حمدان (بيروت)
شؤون إقليمية نقل جثمان امرأة قُتلت في حيفا الخميس (أ.ف.ب)

مقتل 7 أشخاص في إسرائيل بهجمات «حزب الله»

في أكبر حصيلة من القتلى المدنيين الإسرائيليين منذ الهجوم البري على الأراضي اللبنانية قبل 37 يوماً، قُتل 7 أشخاص وأُصيب ثامن بجروح خطيرة في خليج حيفا والمطلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الإنذارات والغارات الإسرائيلية تحوّل بعلبك إلى مدينة أشباح

سحابة من الدخان الكثيف ناتجة عن الغارات الإسرائيلية تعلو قلعة بعلبك الأثرية في شرق لبنان (الشرق الأوسط)
سحابة من الدخان الكثيف ناتجة عن الغارات الإسرائيلية تعلو قلعة بعلبك الأثرية في شرق لبنان (الشرق الأوسط)
TT

الإنذارات والغارات الإسرائيلية تحوّل بعلبك إلى مدينة أشباح

سحابة من الدخان الكثيف ناتجة عن الغارات الإسرائيلية تعلو قلعة بعلبك الأثرية في شرق لبنان (الشرق الأوسط)
سحابة من الدخان الكثيف ناتجة عن الغارات الإسرائيلية تعلو قلعة بعلبك الأثرية في شرق لبنان (الشرق الأوسط)

منعت إسرائيل العائدين إلى مدينة بعلبك في شرق لبنان، من ارتياد منازلهم التي أخلوها الأربعاء، حين جددت إنذاراتها بإخلاء المدينة التي تعرضت لعشرات الغارات الجوية، في وقت أكد رئيس بلدية بعلبك أن المدينة «تتعرض لتهجير منظّم»، معلناً أن «نسبة النزوح تخطّت 80 في المائة».

وخلت مدينة بعلبك وأحياؤها من السكان بشكل شبه كامل، مع إصدار الجيش الإسرائيلي تحذيرات الخميس، أنتجت حالة من الهلع والذعر في نفوس الأهالي. وشهد أوتوستراد بعلبك - الهرمل زحمة غير مسبوقة باتجاه طريق البقاع الشمالي، حيث توجه النازحون من المدينة إلى بلدات عرسال ودير الأحمر شمالاً، وإلى زحلة في البقاع الأوسط، والبقاع الغربي جنوباً، في حين افترش عدد كبير من العائلات سياراتهم ليبيتوا فيها، هرباً من القصف، في حين أكد رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر، جان الفخري، حاجة النازحين إلى التدفئة والطعام.

الدخان يتصاعد من موقع استهداف إسرائيلي لسهل قرب بعلبك (أ.ف.ب)

وبعد الإنذار الأول يوم الأربعاء الذي أفرغ المدينة من سكانها، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذاراً ثانياً ظهر الخميس، يطالب سكان بعلبك ومحيطها بإخلائها. وتلقى المواطنون اتصالات على شبكة الاتصالات الثابتة الأرضية ووسائل التواصل الاجتماعي، حذر فيها الجيش من عودة السكان، وباستئناف الغارات على المدينة في دورس وعين بورضاي.

تنفيذ الإنذارات

وبدأ الجيش الإسرائيلي تنفيذ إنذاراته بالإخلاء؛ إذ شن بعد ظهر الخميس سلسلة من غاراته على مدينة بعلبك في دورس وطريق عين بورضاي والكيال، مستهدفاً المنطقة بحزام ناري جديد، وتوسعت الغارات باتجاه مقنة الواقعة شمال مدينة بعلبك، مستهدفة مبنى، وأسفرت الغارة عن سقوط قتلى وجرحى.

واختلط دخان الغارات على المدينة بألسنة الدخان المنبعث من منشآت تحتوي على مادة المازوت المشتعل منذ يوم الأربعاء في دورس؛ ما تسبب بنسبة تلوث مرتفعة في أجواء المنطقة باتت تهدد صحة الأهالي.

لبنانيون يتفقدون الحطام الناتج عن غارات إسرائيلية في شرق لبنان (أ.ف.ب)

مدينة أشباح

وإثر الغارات، تحولت بعلبك إلى مدينة أشباح، وشُلّت الأحياء والسوق التجارية، في حين التزم من تبقى من الأهالي منازلهم، رغم أن إسرائيل ارتكبت الأربعاء خمس مجازر بحق المدنيين، أضيفت إلى المجازر السابقة.

وأبادت الغارات الإسرائيلية عائلتين في بدنايل صباح الخميس، حيث قتلت الغارات ثمانية أشخاص، كذلك الأمر في سحمر في البقاع الغربي، كما استهدف الطيران الحربي ليلاً، منزلاً مأهولاً في بيت أبو صليبي شرق شمسطار، أسفر عن سقوط أربعة عشر شخصاً من بينهم عدد من النساء والأطفال.

وفي بعلبك توقفت الجرافات عن العمل بحثاً عن ضحايا بعدما انتشل الدفاع المدني عائلة من رب أسرة وزوجته، خشية تجدد الغارات والإنذارات، قبل أن يستأنف العمل الخميس، حيث انتشل طفلهما من تحت الأنقاض.

الغارات تلف محيط مدينة بعلبك (الشرق الأوسط)

وكان الطيران الإسرائيلي شن الأربعاء خمس عشرة غارة على مدينة بعلبك وأحيائها، وصولاً حتى شمسطار، بعد إنذارات بالإخلاء، وأحدثت الغارات المكثفة في أقل من ساعة، دماراً هائلاً وخراباً بكل الاتجاهات في حي العسيرة شرق بعلبك، وعمشكي وايعات غرب بعلبك، ومنتزه رأس العين وحي الشراونة، وصولاً حتى مرتفعات شمسطار التي استُهدفت بغارة، كما استُهدفت المنشآت النفطية في دورس، مشكّلة سحابة دخانية سوداء غطت سماء المنطقة على مسافة عشرة كيلومترات.