نازِحو غزة يصنعون ملابس الشتاء من البطاطين

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
TT

نازِحو غزة يصنعون ملابس الشتاء من البطاطين

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)

على أبواب فصل الشتاء البارد والممطر، يصنع فلسطينيون نازِحون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين، في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء، بعد اضطرارهم للسكن في خيام وملاذات مؤقتة قرب شاطئ البحر.

وتقوم نداء عطية (31 عاماً) وآخرون بأخذ المقاسات، وقص قماش البطاطين وخياطتها في خيمة بالقرب من الشاطئ في المواصي بخان يونس جنوب قطاع غزة.

ويتم العمل بالكامل يدوياً، ويتطلّب جهداً شاقاً، وفي غياب الكهرباء، حيث يتسنى لهم توليد الطاقة باستخدام دواسات دراجة متصلة بحزام بماكينة الخياطة الخاصة بهم. وقالت نداء لـ«رويترز»: «قدوم فصل الشتاء للمرة الثانية والناس من دون أي ملابس».

وفي مكان قريب، وقف طفل صغير على طاولة، بينما كانت امرأة أخرى تأخذ مقاساته لتصنع له سترة تحميه من برد الشتاء. وقالت نداء: «ما في أي ملابس دخلت البلد، حاولنا وفكّرنا ملياً إحنا كيف يمكن نُوجِد حل لعدم توافر الأقمشة، فطلعنا بفكرة إعادة تدوير البطانيات الحرارية لملابس شتوية».

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)

وتعتمد مبادرة (إبرة وخيط) التي أطلقتها نداء في سبتمبر (أيلول) في الغالب على متطوعين، لكن بعضهم يحصلون على مبلغ صغير، وتُباع الملابس بما يتراوح بين 70 و120 شيقل (18 إلى 30 دولاراً)، لكن الأسعار تكون أقل لمن يُحضرون معهم البطانيات.

قد يكون الشتاء في غزة قاسياً؛ إذ يتّسم بدرجات حرارة منخفضة ورياح قوية، وفي العام الماضي غمرت الأمطار الغزيرة بعض الملاجئ. وبعد مرور ما يزيد على عام على اندلاع الحرب، صار الكثيرون من سكان غزة بلا دخل، ويحاول بعضهم بيع ممتلكاته، ومنها ملابس مستعمَلة، لكن قلة فقط منهم صار بإمكانهم تحمّل أسعار السلع الأساسية.

ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، انخفض حجم المساعدات الدولية التي تدخل غزة إلى أدنى مستوى له على مدى العام، في حين حذّر تقرير مرصد دولي لمراقبة الجوع من مجاعة وشيكة.

نازحون

نزح معظم سكان غزة، البالغ عددهم نحو مليوني شخص، بسبب الهجوم الإسرائيلي المتواصل على القطاع الساحلي.

وقالت سميرة طموس، التي تنحدر من مدينة غزة في شمال القطاع، ولكنها تعيش الآن في مأوى مؤقت في المواصي: «بقالنا سنة نازحين وزيادة، إجى علينا شتا، وهاي إجى علينا كمان شتا».

وأضافت، بينما كانت ابنتها البالغة من العمر 13 عاماً والمصابة بمتلازمة داون ترتدي ملابس مصنوعة في إطار المبادرة: «ما عندناش أي ملابس شتوية بالمرة، لا في السوق، ولا ألبّس بنتي المريضة عندي كمان، والمعابر مسكّرة، اضطريت آخد الغطا البطانية علشان أعملها لبس لبنتي علشان تتدفى؛ لأن إذا أنا استحملت البرد هي ما تستحمل البرد».

وبدأ الهجوم الإسرائيلي على غزة رداً على هجوم قاده مسلّحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقال مسؤولون إسرائيليون إن هجوم «حماس» أدى لمقتل 1200 شخص، واحتجاز نحو 250 رهينة.

وتقول وزارة الصحة في القطاع إن الهجوم الإسرائيلي أسفر حتى الآن عن مقتل نحو 43 ألف شخص.


مقالات ذات صلة

الكنيست الإسرائيلي يقر مشروع قانون يحظر أنشطة الأونروا

شؤون إقليمية من داخل الكنيست الإسرائيلي (إ. ب. أ)

الكنيست الإسرائيلي يقر مشروع قانون يحظر أنشطة الأونروا

أقر الكنيست الإسرائيلي اليوم الاثنين تشريعا يحظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) من العمل داخل إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الولايات المتحدة​ شاحنات محمّلة بالمساعدات الإنسانية لغزة تنتظر السماح لها بالعبور (أ.ف.ب)

الخارجية الأميركية: نشعر بقلق بالغ إزاء تشريع إسرائيلي مقترح لحظر «الأونروا»

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن الولايات المتحدة أوضحت لإسرائيل أنها تشعر بقلق عميق إزاء التشريع الإسرائيلي الذي قد يحظر «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا متظاهرون في العاصمة الفرنسية باريس يحتجون على الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة 27 مايو 2024 (إ.ب.أ)

فتحُ تحقيق في فرنسا بشأن نائب سابق وصف سكان غزة بـ«السرطان»

فُتِحَ تحقيق في فرنسا بعد شكوى قدمتها الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان بشأن تصريحات أدلى بها النائب السابق ميير حبيب شبه فيها فلسطينيي قطاع غزة بـ«السرطان».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي فلسطينية تخطو يوم الاثنين فوق أنقاض منزل دمرته الغارات الإسرائيلية على بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: اختتام جولة تفاوض... وأخرى قريبة بحضور «حماس»

أعلن رئيس فريق التفاوض الإسرائيلي، دافيد برنياع، بعد عودته من الدوحة، أن هناك اتفاقاً على جولة مفاوضات قريباً حول وقف النار في غزة، بحضور جميع الأطراف.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (غزة)
أفريقيا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا (رويترز)

جنوب أفريقيا تقدم «الأدلة» على «الإبادة» الإسرائيلية في غزة لمحكمة العدل

قدّمت جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية «أدلة» على «الإبادة الجماعية» التي تتّهم بريتوريا، إسرائيل، بارتكابها في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبرغ)

«هدنة غزة»: اختتام جولة تفاوض... وأخرى قريبة بحضور «حماس»

فلسطينية تخطو يوم الاثنين فوق أنقاض منزل دمرته الغارات الإسرائيلية على بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينية تخطو يوم الاثنين فوق أنقاض منزل دمرته الغارات الإسرائيلية على بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: اختتام جولة تفاوض... وأخرى قريبة بحضور «حماس»

فلسطينية تخطو يوم الاثنين فوق أنقاض منزل دمرته الغارات الإسرائيلية على بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينية تخطو يوم الاثنين فوق أنقاض منزل دمرته الغارات الإسرائيلية على بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

قالت مصادر من حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة تبلور ردها على مقترحات الهدنة، مشيرة إلى أنها أكدت لمصر وقطر أنها «ستبدي أي مرونة في سبيل توقف الحرب بشكل كامل» والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.

في المقابل، أعلن رئيس فريق التفاوض الإسرائيلي، دافيد برنياع، لدى عودته من الدوحة، الاثنين، أن هناك اتفاقاً على استئناف المفاوضات حول صفقة تبادل لوقف النار في قطاع غزة، في الأيام القريبة، بحضور جميع الأطراف، بما فيها «حماس» والوسطاء الثلاثة، مصر وقطر والولايات المتحدة.

جاء ذلك بعد جولة محادثات جرت خلال 12 ساعة في العاصمة القطرية، انتهت الاثنين، ونقل موقع «واينت» الإلكتروني، عن مصادر إسرائيلية مطلعة، القول إن تقدماً حصل في «فحص خطط جديدة قد يتم قبولها في حال طرحها على الطاولة».

وشارك في اللقاء رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية (الموساد)، برنياع، ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، ورئيس وزراء قطر وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. بينما تقرر عقد الاجتماع المقبل، بحضور مدير المخابرات العامة المصرية حسن رشاد، وممثل عن حركة «حماس» سيجلس في غرفة منفصلة، لتجنب التعاطي المباشر مع المفاوضين الإسرائيليين.

ووفق ما نقل الموقع العبري، فإنه سيتم البحث خلال الاجتماع المنتظر في مزيج من الاقتراحات، بما فيها المقترح المصري، الذي يبدأ في «صفقة صغيرة»، ويقضي بأن تفرج «حماس» عن 4 رهائن إسرائيليين، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من الأسرى الفلسطينيين وهدنة ليومين، واقتراح أميركي يقضي بإبرام صفقة كاملة تتضمن إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين ومئات الأسرى الفلسطينيين ووقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من القطاع.

ومع أن هذا الإعلان أثار موجة تفاؤل، فإن مصادر إسرائيلية نفت إمكانية حدوث تقدم في المحادثات، وقالت إن التقدم يحتاج إلى تقديم تنازلات من الطرفين، وهما غير مؤهلين لذلك.

عرقلة نتنياهو

ففي إسرائيل، يواصل نتنياهو عرقلة المفاوضات لأنه معني باستمرار الحرب حتى يستمر في الحكم. وفي «حماس» يريدون التأكيد على أنهم لم يضعفوا بعد مقتل زعيم الحركة، يحيى السنوار، وتواصل التمسك بمطالبها من أجل التوصل إلى اتفاق، التي تشمل وقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، أولاً، ثم التقدم في صفقة التبادل.

وقال أحد المصادر الإسرائيلية: «نتداول في خطة واسعة تأخذ المبادرة المصرية بالحسبان. وتبلورت هذه المبادرة في الأسبوعين الأخيرين، والمحادثات كانت جيدة، ونعتزم عقد قمة رباعية الأسبوع الحالي وبدء مشاركة فرق عمل كي نرى إذا كان هناك مسار يسمح بالوصول إلى صفقة».

وكان نتنياهو قد تطرق إلى مقترح الصفقة المصرية، خلال اجتماع لكتلته البرلمانية، الاثنين، فراح يفسر سبب رفضه له، وقال إنه «لو كانت هناك صفقة لتحرير 4 مخطوفين وتشمل وقف إطلاق نار ليومين، لوافقت عليها فوراً، لكن المقترح المصري يقضي بوقف إطلاق بعد 10 أيام لمدة أسبوعين لاستكمال المفاوضات حول صفقة كاملة».

وأفادت القناة 13 للتلفزيون الإسرائيلي بأن أحدث التقديرات أنه لن تتخذ قرارات بخصوص مقترح تبادل أسرى قبل انتخابات الرئاسة الأميركية، التي ستجري يوم الثلاثاء من الأسبوع المقبل.

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» يوليو الماضي (د.ب.أ)

أكدت القناة أن القيادة العسكرية والأمنية والغالبية الساحقة من أعضاء المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابنيت) وفي الكنيست تؤيد الصفقة فوراً، ونتنياهو بات معزولاً حتى داخل ائتلافه ولا يؤيده سوى الوزيرين المتطرفين؛ بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.

وأكدت أن مسؤولين أمنيين يطالبون نتنياهو بتليين مواقف إسرائيل «بعد تحقيق هدف الحرب بالقضاء على قدرات (حماس) وتفكيك قيادتها واغتيال السنوار، حان الوقت لتحقيق هدف الحرب الآخر المتمثل بإعادة المخطوفين»، وفقاً للقناة.

ولفتت القناة إلى أن سموتريتش وبن غفير يرفضان أي مقترح لتبادل أسرى، ويهددان بإسقاط الحكومة إذا وافقت على أي مقترح، وفي المقابل يطالبان باستمرار الحرب والعودة إلى الاستيطان في القطاع، «ما يتناقض كلياً مع إمكانية التوصل إلى صفقة».

«حماس» تدرس

بدورها، قالت مصادر فلسطينية من داخل حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك انفتاحاً على دراسة المقترح المصري وغيره من المقترحات، والحركة بصدد بلورة رد بعد دراسة كل ما وصل إليها»، واستدركت: «من المبكر القول إنه تمت الموافقة أو الرفض لأي مقترح».

وشرحت المصادر أن رئيس فريق التفاوض ورئيس الحركة بغزة خليل الحية استمع للعرض المصري خلال لقاء عُقد في القاهرة منذ أيام، ونقله لاحقاً لقيادة الحركة لدراسته.

وبينت المصادر أن «حماس» أكدت لاحقاً لمصر وقطر أنها ستبدي أي مرونة في سبيل توقف الحرب بشكل كامل وبما يضمن تلبية شروطها التي تتعلق بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل كلي من قطاع غزة.

فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية يوم 26 أكتوبر في حي الزرقاء شمال مدينة غزة (أ.ف.ب)

رجحت المصادر أن الحركة «قد ترفض جزئياً ما عُرض عليها وتطرح مقترحاً آخر، يشمل إطلاق سراح أسيرين من المدنيين، وتسليم جثتين لأسيرين آخرين، مقابل مدة 48 ساعة، وربما تسمح بزيادة المدة لتصل مثلاً لفترة أسبوع مقابل أسير آخر حي وجثة أخرى، وقد ترفض تماماً كل المقترحات الجزئية لأن الهدف الأسمى والمتفق عليه بإجماع داخل الحركة هو وقف هذه الحرب وعدم منح نتنياهو فرصة استعادة أي أسير بلا ثمن يدفعه سواء بما يقابله أسرى أو بما يقابله سياسياً وميدانياً».

ضمانات واضحة

وقدرت مصادر أخرى من فصائل فلسطينية مقربة من حركة «حماس» وعلى اطلاع وثيق بالتفاصيل، أن المقترح المصري الذي نقلته لجميع الفصائل إلى جانب «حماس» يستهدف «إظهار إمكانية أن يكون هناك (حُسن نية) يُبنى عليه على أمل التقدم بشكل أسرع نحو اتفاق أشمل».

ولفتت المصادر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قيادة الفصائل، خصوصاً «حماس»، تلقت من الوسطاء تأكيداً على أن قمة الدوحة التي هدفها إيجاد «صيغة توافقية تضمن من جانب زيادة عدد أيام وقف إطلاق النار، وتحديد هوية 4 إلى 5 أسرى إسرائيليين سيطلق سراحهم لأسباب إنسانية، ومن جانب آخر وضع أرضية مشتركة للخروج نحو أفق أوسع يشمل ويضمن وقف إطلاق النار في قطاع غزة تزامناً مع حراك آخر يهدف إلى اتفاق أيضاً يتعلق بلبنان، باعتبار أن الوضع في غزة ينعكس إيجاباً على الوضع في بيروت».

ولفتت المصادر إلى أن «الفصائل الفلسطينية تريد ضمانات واضحة بوقف الحرب بشكل كامل، وأن أي اتفاق يجب أن يشمل ذلك بنص صريح وواضح من قبل الوسطاء، ونقلت رسالة للوسطاء توضح ذلك بشكل لا لبس فيه».