نازحون لبنانيون يشكون من ارتفاع تكلفة الإنترنت في زمن الحرب

يطالبون وزارة الاتصالات بإيجاد حل

أم نازحة من جنوب لبنان مع طفلها في أحد مراكز الإيواء (رويترز)
أم نازحة من جنوب لبنان مع طفلها في أحد مراكز الإيواء (رويترز)
TT

نازحون لبنانيون يشكون من ارتفاع تكلفة الإنترنت في زمن الحرب

أم نازحة من جنوب لبنان مع طفلها في أحد مراكز الإيواء (رويترز)
أم نازحة من جنوب لبنان مع طفلها في أحد مراكز الإيواء (رويترز)

يعاني غالبيّة النازحين، خصوصاً أولئك الذين وجدوا في مراكز الإيواء الملاذ الأخير لهم، من ارتفاع تكلفة باقات الإنترنت التي يحتاجونها بشّدة للاتصال والتواصل من أجل الدراسة والعمل عن بعد، وكذلك للاطمئنان على العائلة والأقارب والأصدقاء، ومتابعة الأخبار والأحداث وآخر تطورات العدوان.

تقول الشابة العشرينيّة عبير الحاج لـ«الشرق الأوسط»: «استهلكت باقة الـ10 غيغا خلال ستة أيام من النزوح، وكلفتني 13 دولاراً»، وتضيف: «هي تكلفة مرتفعة جداً، لكن لا يوجد جهاز تلفاز في مركز الإيواء الذي نزحت إليه أنا وعائلتي في دار بشتار في الكورة (شمال لبنان) بعدما تركنا منزلنا في الشياح، ولا وسيلة أخرى غير الإنترنت نتابع من خلالها الأخبار».

وفي أوقات كثيرة من اليوم، تتصفح عبير صفحتها في «فيسبوك»، وتقرأ الأخبار، وتتابع تطبيقات إخبارية، وتتواصل مع أقاربها عبر «الواتساب»: «أقيم أنا وشقيقتي ووالدي هنا، لكن لنا أحباب وأصدقاء وأقارب نتواصل معهم ونطمئن إلى أحوالهم، وكذلك نتواصل لأجل تدبير أمورنا وحاجياتنا، كأن أطلب مثلاً المساعدة أو الحصول على خدمة معينة».

ولا يتوقف الأمر عند هذا. تقول عبير: «على أقل تقدير، تحتاج عائلتنا المؤلفة من 4 أفراد إلى 120 دولاراً شهرياً تكلفة إنترنت فقط، فما بالك بتكلفة الحاجات الأخرى؟». وهي تعد أن هذه الخدمة ستكون خارجة عن قدرتهم في حال طال عمر الحرب؛ «إذ إن أشغالنا متوقفة، ومدخراتنا شارفت على الانتهاء».

المعاناة واحدة لدى كل النازحين

وعبير ليست سوى نموذج واحد يحكي حال النازحين في مراكز الإيواء، الذين يحتاجون إلى ميزانية كبيرة لتشريج باقات الإنترنت عبر الجوال. ومن هؤلاء أُم بيان، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «التكلفة مرتفعة جداً. نزحت أنا وأسرتي المؤلفة من 20 شخصاً إلى أحد المراكز، خصوصاً أن ابنتي تحتاج لمتابعة دراستها (أونلاين) في اختصاص الصيدلة، وأنا معلمة في إحدى مدارس الجنوب، ومن المحتمل أن يُطلب مني بدء التعليم عن بُعد».

هذه المعاناة تشمل كل النازحين، وتزيد من هموم الناس والمصاعب التي يعيشونها.

تقول هيام، وهي سيدة ستينية، لـ«الشرق الأوسط»: «أتمنى أن تتوفر خدمة الإنترنت حيث نوجد وفي كل أماكن النزوح، إذ إنها تشكّل حاجة لنا جميعاً في الوقت الراهن، لمعرفة ما إذا كان أولادنا وأقاربنا على قيد الحياة أم لا. نحن في مركز الإيواء في الجامعة اللبنانية في صيدا (جنوب لبنان)، ولكن لنا أحباب نزحوا إلى أماكن أخرى». وتسأل: «لماذا لم تلتفت الدولة لمثل هذا الأمر؟ التكلفة مرتفعة جداً علينا».

في الوحدات السكنيّة أيضاً

ولا تقتصر هذه الأزمة على أماكن النزوح في مراكز الإيواء، إذ يعيشها الناس أيضاً في الوحدات السكنية التي استأجروها، وحتّى في أماكن النزوح لدى الأقارب والأصدقاء.

تقول مهى إسماعيل لـ«الشرق الأوسط»: «في البيوت الثلاثة التي تنقلت فيها منذ بدء العدوان، وحتّى في الفندق حيث أقمنا لخمسة أيام، كنت أعاني من مشكلة شبكة الإنترنت. فهي بطيئة جداً ولا تسمح لي بإنجاز عملي، لذلك استعنت، وما زلت، بخدمة الإنترنت عبر الجوال، وكلفني ذلك نحو 45 دولاراً».

وزارة الاتصالات تسعى

وانتظر نازحون كثر أن توفر وزارة الاتصالات اللبنانية إمكانيّة الاتصال، أقله في مراكز الإيواء، لكن الجهات المعنية في الدولة اللبنانية لم تلتفت لمثل هذا الأمر، ولم تتخذ الإجراءات اللازمة لتأمين هذه الخدمة للناس، باستثناء تمديد فترة صلاحية الخطوط الشهرية مسبقة الدفع لسبعة أيام فقط، وتأجيل دفع الفواتير لمدة شهر.

وعن عدم توفير هذه الخدمة مجاناً، يقول وزير الاتصالات اللبناني جوني القرم لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزارة لا تزال تدرس كيفية توفير الإنترنت مجاناً في مراكز الإيواء، وفق الإمكانات المتاحة، خصوصاً أن عدد المراكز قد فاق الألف».

حاجة ضرورية في ظل الحرب

ويقول مدير برنامج الإعلام في منصة «سميكس» عبد قطايا، لـ«الشرق الأوسط» إن «توفير باقات محددة للاتصال والتواصل مجاناً عبر الإنترنت بات أمراً مهماً للغاية في ظل الحرب على لبنان، خصوصاً أن مدّخرات الناس نفدت باستئجار المنازل واللوازم الأساسية الأخرى»، علماً بأن فاتورة الاتصالات والإنترنت مرتفعة جداً في لبنان وبالدولار، وبالتالي «كان يفترض أن تمدد فترة السماح للخطوط الخليوية لشهر أو حتّى لسنة، على أساس أن صلاحية الخطوط في لبنان تنتهي بعد شهر واحد فقط، وهذا أمر غير منطقي ولا مثيل له في بلدان العالم الأخرى»، كذلك يجب «أن تمنح وزارة الاتصالات باقة إنترنت 5 أو 10 غيغا كي يتمكن الناس من الاطمئنان على بعضهم بعضا، أو أن يتمّ تجهيز مراكز الإيواء بالإنترنت المجاني للجميع» وفق قطايا، على أساس أن التكلفة المرتفعة يفترض أن تقابلها خدمة وباقات أفضل.

وعن تفسير عدم مبادرة الحكومة أو وزارة الاتصالات إلى تقديم هذه الخدمات مجاناً، يشرح قطايا كيف يقارب المعنيون مسألة الاتصالات في لبنان: «هي أشبه بضريبة غير مباشرة يدفعها الناس. فالدولة تنظر إلى قطاع الاتصالات بوصفه آلية للجباية وليس خدمة عامة، وهذه المقاربة لم تختلف ومستمرة حتّى في زمن الحرب؛ كونها متجذرة في الذهنية اللبنانية».

وكان ديوان المحاسبة قد وثق إيرادات عالية جداً للقطاع وصلت إلى 17 مليار دولار خلال عشر سنوات في الفترة الممتدة من 2010 إلى 2020، حّول منها 11 ملياراً إلى خزينة الدولة، فيما صرفت 6 مليارات بوصفها نفقات تشغيلية شابها شبهات فساد كثيرة، وفق الديوان.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يطلب من سكان 10 قرى في جنوب لبنان إخلاءها

المشرق العربي تصاعد الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت بلدة الخيام جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يطلب من سكان 10 قرى في جنوب لبنان إخلاءها

أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الناطق باللغة العربية أفيخاي أدرعي، اليوم (الخميس) بياناً عاجلاً إلى سكان جنوب لبنان، يدعوهم خلاله مجدداً إلى الإخلاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا تصاعد الدخان من المباني التي تعرّضت لقصف جوي إسرائيلي في صور جنوب لبنان (أ.ب)

السيسي يؤكد على أهمية وقف إطلاق النار العاجل في لبنان وغزة

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الخميس)، خلال استقباله رئيس المخابرات الأميركية، أهمية التوصل بشكل عاجل لوقف إطلاق النار في لبنان وغزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي جندي من الجيش اللبناني يقف بالقرب من مركبة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة «اليونيفيل» في مرجعيون (رويترز)

«يونيفيل»: تعرّضنا لأكثر من 50 استهدافاً هذا الشهر في جنوب لبنان

أعلن المتحدث باسم القوة المؤقتة للأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، أندريا تيننتي، أن القوة الدولية تعرّضت لأكثر من 50 استهدافاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان من موقع الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت بلدة الخيام في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

تواصل الاشتباكات في بلدة الخيام بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله»

 تواصلت الاشتباكات في بلدة الخيام اللبنانية بين الجيش الإسرائيلي وعناصر «حزب الله» حيث تحاول القوات الإسرائيلية التقدم مستخدمة كل أنواع الأسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عمال الإنقاذ يصلون إلى موقع قصف إسرائيلي استهدف سيارة على طريق بيروت- دمشق الدولي في منطقة عاريا شرق بيروت (أ.ف.ب)

لبنان: استهداف سيارة على طريق عام بجبل لبنان

استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، سيارة على طريق عام في عاريا بمحافطة جبل لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تزعم ضرب مراكز قيادة لـ«حزب الله» في بعلبك والنبطية

تصاعد أعمدة الدخان من موقع غارة إسرائيلية استهدفت مدينة بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)
تصاعد أعمدة الدخان من موقع غارة إسرائيلية استهدفت مدينة بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تزعم ضرب مراكز قيادة لـ«حزب الله» في بعلبك والنبطية

تصاعد أعمدة الدخان من موقع غارة إسرائيلية استهدفت مدينة بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)
تصاعد أعمدة الدخان من موقع غارة إسرائيلية استهدفت مدينة بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء أنه استهدف "مراكز قيادة ومنشآت" لحزب الله، في ضربات شنها خلال النهار على مدينتي بعلبك في شرق لبنان والنبطية في جنوبه.

واتهم الجيش الحزب في بيان بأنه "يستخدم بشكل منهجي منشآت مدنية ومناطق مختلفة في لبنان لتحضير نشاطات إرهابية وتنفيذها متعمدا تعريض حياة مدنيين لبنانيين للخطر".

من جهة ثانية، قتل 19 شخصا على الأقل في غارات إسرائيلية على بلدتين في بعلبك في شرق لبنان، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية. وجاء في بيان لمركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة أن "غارة العدو الإسرائيلي على مزرعة صليبي في بعلبك أدت إلى استشهاد أحد عشر شخصا من بينهم ثلاث نساء، وإصابة ثلاثة بجروح استدعت إدخالهم العناية المركزة"، كما أشار المركز إلى أنه "في بدنايل في بعلبك أدت غارة العدو الإسرائيلي على البلدة إلى استشهاد ثمانية أشخاص".