القصف الإسرائيلي يمنع سكان الضفة من تلقي الرعاية الصحية

مريضة تحتاج إلى غسل الكلى يتم نقله إلى المستشفى في سيارة إسعاف في جنين (أ.ف.ب)
مريضة تحتاج إلى غسل الكلى يتم نقله إلى المستشفى في سيارة إسعاف في جنين (أ.ف.ب)
TT

القصف الإسرائيلي يمنع سكان الضفة من تلقي الرعاية الصحية

مريضة تحتاج إلى غسل الكلى يتم نقله إلى المستشفى في سيارة إسعاف في جنين (أ.ف.ب)
مريضة تحتاج إلى غسل الكلى يتم نقله إلى المستشفى في سيارة إسعاف في جنين (أ.ف.ب)

أصبح الطريق غير سالك أمام مستشفى جنين في الضفة الغربية المحتلة، بعدما دمّره الجيش الإسرائيلي خلال عملية مؤخراً، وبات التنقل بين أكوام الركام والطين صعباً على المرضى وسيارات الإسعاف، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مدير المستشفى وسام بكر: «من الصعب جداً على المرضى ومن الخطير أيضاً، الوصول إلى المستشفى أثناء الاشتباكات، وبالتالي لا يتمكن كثير من المرضى من الوصول»، لافتاً إلى أنه في غالب الأحيان تتمركز «آليات عسكرية أمام مدخل المستشفى».

وأضاف أن من بين المرضى من «يحتاجون إلى مراقبة منتظمة مثل مرضى غسل الكلى، والنساء الحوامل، ومن يحتاجون إلى علاج كيميائي»، علماً أن تأخر هؤلاء عن تلقي العلاج قد يهدد حياتهم.

سيارة إسعاف تمر عبر طريق متضرر في مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية المحتلة في 9 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

وخلال عام، نفّذ الجيش الإسرائيلي عدة عمليات توغل وصفها بـ«عمليات لمكافحة الإرهاب»، في مخيم اللاجئين في مدينة جنين التي تعدّ معقلاً لفصائل فلسطينية مسلحة.

وقال عاملون في مجال الرعاية الصحية وسكان إن سيارات إسعاف تعرضت لنيران الجيش الإسرائيلي ولتفتيش منهجي.

وأكدوا أيضاً أن المنطقة المحيطة بالمستشفى العام طوّقت.

وقال حازم مصاروة، وهو سائق سيارة إسعاف منذ عقود في المخيم، إن ظروف عمله معقدة جداً.

وأفاد بأن العقبات ازدادت بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تاريخ الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» الفلسطينية على إسرائيل.

وتردّ إسرائيل بحملة قصف مدمّرة وعمليات برّية في قطاع غزة منذ ذلك الحين، بينما تفاقم الوضع في الضفة الغربية.

وأضاف مصاروة: «بعد 7 أكتوبر يغلق (الجيش الإسرائيلي) مداخل المستشفيات في كل مرة يدخل فيها» المنطقة. وأكد أن «هذا واقع» وبات أمراً «روتينياً».

وأكد أنه شهد وفاة شخصين بسبب نقص الرعاية خلال عام واحد في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967.

وفي الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة أيضاً، سجّل الهلال الأحمر الفلسطيني منذ عام «804 انتهاكات» لمهامه الطبية ووفاة 14 شخصاً «لأنهم مُنعوا من تلقي خدمات طبية طارئة كانوا يحتاجون إليها».

وقال الجيش الاسرائيلي، رداً على سؤال لوكالة «فرانس برس»، إن هذه روايات «كاذبة»، لافتاً إلى أن سيارات الإسعاف استخدمها «إرهابيون بشكل مسيء».

«بين الحياة والموت»

خلال ليلة 1 إلى 2 سبتمبر (أيلول)، وبينما كان الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات في المخيم منذ 10 أيام، كانت أميمة عوضين على وشك الولادة، قبل أن تتمكن سيارة إسعاف من الوصول واصطحابها من منزلها.

وجالت سيارة الإسعاف لمدة 4 ساعات، متّبعة أوامر وأوامر مضادة من الجيش الإسرائيلي، بينما كانت انقباضات الولادة تتواتر. وقالت أميمة إنها شعرت أنها «بين الحياة والموت». وأضافت: «سألت نفسي مراراً: من سيعتني بأطفالي؟».

ووصلت أخيراً إلى مستشفى خاص حيث أنجبت طفلها، لكن الأم والابن يعانيان من مضاعفات. وفي الحي الذي تسكن فيه أميمة، تضرر الطريق أيضاً جراء التوغلات، وتبدو آثار الرصاص على المباني. وعلى مسافة غير بعيدة، يحمل عدد قليل من الشباب بنادق «إم 16» ويقفون على مقربة من منازل مدمّرة.

وأكد ممرض في قسم الطوارئ أن «المرضى يدخلون المستشفى بأحذية غارقة بالطين الممزوج بالغبار». وفي الشارع، تنبعث روائح الصرف الصحي الكريهة من أنابيب تحت الأرض دمرتها جرافات.

وتساءلت نجاة، وهي زوجة أحد مرضى غسل الكلى: «هل يمكننا أن نعيش هكذا؟» متحدثة عن عدم تمكن زوجها من الحصول على العلاج بانتظام منذ عدة أشهر.

وقالت: «تواصل إسرائيل مهاجمة الضفة الغربية بالتوازي مع قطاع غزة، ليس بالسلاح فقط، ولكن أيضاً عبر منع الناس من الحصول على علاج». وأضافت: «قد يموت زوجي إذا لم يقم بغسل الكلى».

وأكد بكر أن المستشفى نظّم عمليات نقل مرضى إلى مستشفيات أخرى، ولا سيما نابلس (شمال)، وتقوم منظمات غير حكومية بتدريب بعض السكان على الإسعافات الأولية.

وغادرت أم أكرم مخيم جنين خلال عملية عسكرية، نهاية أغسطس (آب)، إذ لم ترغب أن تبقى ابنتها التي تعاني من ارتفاع في ضغط الدم «10 أيام من دون دواء».

وعندما عادت، وجدت منزلها «مقلوباً رأساً على عقب»، وأوضحت أن الجنود دخلوه. وأعربت عن أسفها لأن حديقتها تعرضت لحريق بعد انفجار، مؤكدة أنها دفعت هذا الثمن للحفاظ على صحة ابنتها.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يقول إنه لم يتلقَّ اقتراحاً بشأن هدنة ليومين في غزة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يقول إنه لم يتلقَّ اقتراحاً بشأن هدنة ليومين في غزة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، الاثنين، إنه لم يتلقَّ اقتراحاً لهدنة لمدة يومين في الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» في غزة تشمل إطلاق سراح رهائن، وفقاً لمكتبه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينية تخطو يوم الاثنين فوق أنقاض منزل دمرته الغارات الإسرائيلية على بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

مفاوضات الدوحة بانتظار رد «حماس»

اختتم مفاوضون من الولايات المتحدة وقطر وإسرائيل، أمس، جولة مفاوضات لإحراز صفقة تبادل للأسرى ووقف إطلاق النار في غزة بين حركة «حماس» وإسرائيل.

نظير مجلي (تل أبيب) عبد الهادي حبتور (الرياض) «الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية من داخل الكنيست الإسرائيلي (إ.ب.أ)

الكنيست الإسرائيلي يقر مشروع قانون يحظر أنشطة «الأونروا»

أقر الكنيست الإسرائيلي، الاثنين، تشريعاً يحظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) من العمل داخل إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الولايات المتحدة​ شاحنات محمّلة بالمساعدات الإنسانية لغزة تنتظر السماح لها بالعبور (أ.ف.ب)

الخارجية الأميركية: نشعر بقلق بالغ إزاء تشريع إسرائيلي مقترح لحظر «الأونروا»

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن الولايات المتحدة أوضحت لإسرائيل أنها تشعر بقلق عميق إزاء التشريع الإسرائيلي الذي قد يحظر «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا متظاهرون في العاصمة الفرنسية باريس يحتجون على الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة 27 مايو 2024 (إ.ب.أ)

فتحُ تحقيق في فرنسا بشأن نائب سابق وصف سكان غزة بـ«السرطان»

فُتِحَ تحقيق في فرنسا بعد شكوى قدمتها الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان بشأن تصريحات أدلى بها النائب السابق ميير حبيب شبه فيها فلسطينيي قطاع غزة بـ«السرطان».

«الشرق الأوسط» (باريس)

نازِحو غزة يصنعون ملابس الشتاء من البطاطين

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
TT

نازِحو غزة يصنعون ملابس الشتاء من البطاطين

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)

على أبواب فصل الشتاء البارد والممطر، يصنع فلسطينيون نازِحون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين، في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء، بعد اضطرارهم للسكن في خيام وملاذات مؤقتة قرب شاطئ البحر.

وتقوم نداء عطية (31 عاماً) وآخرون بأخذ المقاسات، وقص قماش البطاطين وخياطتها في خيمة بالقرب من الشاطئ في المواصي بخان يونس جنوب قطاع غزة.

ويتم العمل بالكامل يدوياً، ويتطلّب جهداً شاقاً، وفي غياب الكهرباء، حيث يتسنى لهم توليد الطاقة باستخدام دواسات دراجة متصلة بحزام بماكينة الخياطة الخاصة بهم. وقالت نداء لـ«رويترز»: «قدوم فصل الشتاء للمرة الثانية والناس من دون أي ملابس».

وفي مكان قريب، وقف طفل صغير على طاولة، بينما كانت امرأة أخرى تأخذ مقاساته لتصنع له سترة تحميه من برد الشتاء. وقالت نداء: «ما في أي ملابس دخلت البلد، حاولنا وفكّرنا ملياً إحنا كيف يمكن نُوجِد حل لعدم توافر الأقمشة، فطلعنا بفكرة إعادة تدوير البطانيات الحرارية لملابس شتوية».

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)

وتعتمد مبادرة (إبرة وخيط) التي أطلقتها نداء في سبتمبر (أيلول) في الغالب على متطوعين، لكن بعضهم يحصلون على مبلغ صغير، وتُباع الملابس بما يتراوح بين 70 و120 شيقل (18 إلى 30 دولاراً)، لكن الأسعار تكون أقل لمن يُحضرون معهم البطانيات.

قد يكون الشتاء في غزة قاسياً؛ إذ يتّسم بدرجات حرارة منخفضة ورياح قوية، وفي العام الماضي غمرت الأمطار الغزيرة بعض الملاجئ. وبعد مرور ما يزيد على عام على اندلاع الحرب، صار الكثيرون من سكان غزة بلا دخل، ويحاول بعضهم بيع ممتلكاته، ومنها ملابس مستعمَلة، لكن قلة فقط منهم صار بإمكانهم تحمّل أسعار السلع الأساسية.

ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، انخفض حجم المساعدات الدولية التي تدخل غزة إلى أدنى مستوى له على مدى العام، في حين حذّر تقرير مرصد دولي لمراقبة الجوع من مجاعة وشيكة.

نازحون

نزح معظم سكان غزة، البالغ عددهم نحو مليوني شخص، بسبب الهجوم الإسرائيلي المتواصل على القطاع الساحلي.

وقالت سميرة طموس، التي تنحدر من مدينة غزة في شمال القطاع، ولكنها تعيش الآن في مأوى مؤقت في المواصي: «بقالنا سنة نازحين وزيادة، إجى علينا شتا، وهاي إجى علينا كمان شتا».

وأضافت، بينما كانت ابنتها البالغة من العمر 13 عاماً والمصابة بمتلازمة داون ترتدي ملابس مصنوعة في إطار المبادرة: «ما عندناش أي ملابس شتوية بالمرة، لا في السوق، ولا ألبّس بنتي المريضة عندي كمان، والمعابر مسكّرة، اضطريت آخد الغطا البطانية علشان أعملها لبس لبنتي علشان تتدفى؛ لأن إذا أنا استحملت البرد هي ما تستحمل البرد».

وبدأ الهجوم الإسرائيلي على غزة رداً على هجوم قاده مسلّحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقال مسؤولون إسرائيليون إن هجوم «حماس» أدى لمقتل 1200 شخص، واحتجاز نحو 250 رهينة.

وتقول وزارة الصحة في القطاع إن الهجوم الإسرائيلي أسفر حتى الآن عن مقتل نحو 43 ألف شخص.