إسرائيل تعيد تفعيل معتقل «سدي تيمان» الرهيب

نقلت إليه مئات الفلسطينيين المعتقلين في شمال قطاع غزة

معتقلون فلسطينيون معصوبو الأعين خلال نقلهم في شاحنة إسرائيلية للتحقيق في غزة 8 ديسمبر الماضي (أ.ب)
معتقلون فلسطينيون معصوبو الأعين خلال نقلهم في شاحنة إسرائيلية للتحقيق في غزة 8 ديسمبر الماضي (أ.ب)
TT

إسرائيل تعيد تفعيل معتقل «سدي تيمان» الرهيب

معتقلون فلسطينيون معصوبو الأعين خلال نقلهم في شاحنة إسرائيلية للتحقيق في غزة 8 ديسمبر الماضي (أ.ب)
معتقلون فلسطينيون معصوبو الأعين خلال نقلهم في شاحنة إسرائيلية للتحقيق في غزة 8 ديسمبر الماضي (أ.ب)

أفادت مصادر حقوقية فلسطينية بأن الجيش الإسرائيلي أعاد تفعيل معتقل «سدي تيمان» والذي كُشف عن إجراء عمليات تعذيب بداخله، ونُقل إليه مئات المعتقلين الفلسطينيين.

وقالت «مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان» في غزة، إنها تتابع من كثب قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ حملة اعتقالات واسعة بحق المدنيين الفلسطينيين من داخل مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وتنقلهم إلى معسكر «سدي تيمان» العسكري بصورة مهينة، مكبلي الأيدي ومعصوبي العينين.

ورفضت المحكمة العليا الإسرائيلية، في وقت سابق، مطالبات حقوقية بإغلاق السجن سيئ السمعة، لكنها ألزمت الجيش الذي يديره بتقليص عدد المعتقلين فيه، وإجراء ترميم يتيح للمعتقلين فيه حياة آدمية.

وكشفت المؤسسة أن المعتقلين «يُنقلون عبر شاحنات كبيرة؛ حيث يتعرضون للمعاملة القاسية والضرب المبرح من الجنود، وباستخدام الهراوات والعصي وأعقاب البنادق والركل بالأقدام خلال نقلهم إلى المعسكر؛ حيث يجري استقبالهم من قبل الجنود ووحدة القمع، ومعهم الكلاب المتوحشة بالضرب والتنكيل المستمر والمتواصل خلال وجودهم، ومنع تقديم العلاج لهم، وعدم تقديم الأغطية والفراش، والطعام الكافي والمناسب كماً ونوعاً».

وأكدت أن «معظم حالات الاستشهاد للمعتقلين من قطاع غزة تمت في شهر مارس (آذار) الماضي في السجن؛ حيث قتل 36 معتقلاً في هذا المعسكر على الأقل»

وبحسب المؤسسة فإن «عدداً من المعتقلين الفلسطينيين خرجوا من (سدي تيمان) معوقين، ووفقاً لإفادات المعتقلين التي حصلت، والفيديوهات المُسربة من داخل المعتقل، فإن الجنود مارسوا العنف والاعتداء الجنسي بحق المعتقلين، وتم منع كل الجهات الدولية والحقوقية من زيارتهم، والاطلاع على أوضاعهم».

فلسطينيون معتقلون في قاعدة «سدي تيمان» العسكرية بجنوب إسرائيل (أ.ب)

ودعت المؤسسة الحقوقية اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى العمل وفق مسؤولياتها لمتابعة أوضاع المعتقلين، وتكثيف زياراتهم لمعتقلي غزة، وطالبت كذلك «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي بفتح تحقيق فوري وجاد في أوضاع المعتقلين والأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلية، بوصفها جرائم حرب، بل ترقى إلى «جرائم ضد الإنسانية».

وسجن «سدي تيمان»، وتعني «سهل اليمن»، أقيم بوصفه مخيماً لاستقبال اليهود المهاجرين من اليمن في الفترة 1949 - 1950، ثم جرى تحويله إلى سجن، وتم احتجاز آلاف الفلسطينيين الغزيين فيه، خلال العمليات الحربية الإسرائيلية على قطاع غزة، حتى 2014، ولكنه أغلق فيما بعد نتيجة انكشاف ظروفه وعدم ملاءمته لحياة البشر.

لكن في الحرب الأخيرة، جرى تفعيله من جديد، وحشر فيه نحو 4 آلاف فلسطيني، جرى اعتقالهم في قطاع غزة، وأطلقت عليهم صفة «مقاتلين غير شرعيين».

وعدّت «جمعية حقوق المواطن» في إسرائيل ظروف الاعتقال المتردية للغاية في «سدي تيمان» جريمة بحق الإنسانية.

وتوجهت الجمعية إلى المحكمة العليا في القدس مطالبة بإغلاقه، لكن المحكمة رفضت ذلك، وفي الوقت نفسه ألزمت الجيش بتقليص عدد المعتقلين فيه، وإجراء ترميم يتيح للمعتقلين فيه حياة آدمية.

وقالت الجمعية عنه: «يأكل المعتقلون وأعينهم معصوبة وأيديهم مكبلة. وهناك كثافة رهيبة للمعتقلين داخله، فينامون على فرشة رقيقة تفصلهم عن الأرض، ويقضون حاجاتهم وأعينهم معصوبة، ولا يوجد مكان للاستحمام، وفي بعض الأحيان يمنعون من الوصول إلى المراحيض، ويستخدم بعضهم الحفاضات». وفي وقت سابق أعلن الجيش أنه يتجه لإغلاق هذا المعسكر، إلا أنه أعاد تفعيله.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعتقل العشرات في مستشفى كمال عدوان بشمال غزة

المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون في موقع تعرَّض لضربة إسرائيلية في وسط غزة اليوم (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعتقل العشرات في مستشفى كمال عدوان بشمال غزة

أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها استعادت الاتصال بالموظفين في مستشفى «كمال عدوان» المحاصر في شمال غزة، وتبيَّن أن 3 من العاملين الصحيين أصيبوا، وتم احتجاز 44.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في قمة «بريكس بلس 2024» بمدينة قازان الروسية (الخارجية السعودية)

وزير الخارجية السعودي: استمرار العدوان الإسرائيلي يشكل خطراً إقليمياً ودولياً

أعرب وزير الخارجية السعودي عن قلق الرياض من تصاعد التوترات العالمية، مؤكداً أن استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة يشكل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي والدولي.

«الشرق الأوسط» (قازان)
شؤون إقليمية صورة بثها الإعلام الإسرائيلي تُظهر الضرر في نافذة منزل نتنياهو

«مندوب في كل صحيفة»... كيف تراقب إسرائيل الإعلام خلال الحرب؟

أثار قرار الرقابة الإسرائيلية بنشر صور تُظهِر أضراراً تعرض لها منزل لنتنياهو بعد 3 أيام على حدوثه ردوداً ساخرة لكنه سلَّط الضوء مجدداً على دور الرقابة العسكرية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي المبعوث الخاص بالرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، يلتقي وفد «حماس» في موسكو (أرشيفية)

«حماس» تطلب من روسيا تشجيع عباس على تشكيل حكومة وحدة

قال القيادي في حركة «حماس» موسى أبو مرزوق، إن الحركة تريد من روسيا حث الرئيس الفلسطيني محمود عباس على بدء مفاوضات بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية تدير غزة بعد الحرب

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي طبيب يقوم بإعطاء طفل فلسطيني في خان يونس جنوب قطاع غزة لقاح شلل الأطفال 19 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية» تؤجل حملة تطعيم شلل الأطفال في شمال غزة بسبب القصف الكثيف

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الأربعاء، إن القصف المكثف والنزوح الجماعي وصعوبة الوصول إلى شمال قطاع غزة تفرض تأجيل حملة التطعيم ضد شلل الأطفال.

«الشرق الأوسط» (برلين )

نازِحو غزة يصنعون ملابس الشتاء من البطاطين

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
TT

نازِحو غزة يصنعون ملابس الشتاء من البطاطين

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)

على أبواب فصل الشتاء البارد والممطر، يصنع فلسطينيون نازِحون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين، في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء، بعد اضطرارهم للسكن في خيام وملاذات مؤقتة قرب شاطئ البحر.

وتقوم نداء عطية (31 عاماً) وآخرون بأخذ المقاسات، وقص قماش البطاطين وخياطتها في خيمة بالقرب من الشاطئ في المواصي بخان يونس جنوب قطاع غزة.

ويتم العمل بالكامل يدوياً، ويتطلّب جهداً شاقاً، وفي غياب الكهرباء، حيث يتسنى لهم توليد الطاقة باستخدام دواسات دراجة متصلة بحزام بماكينة الخياطة الخاصة بهم. وقالت نداء لـ«رويترز»: «قدوم فصل الشتاء للمرة الثانية والناس من دون أي ملابس».

وفي مكان قريب، وقف طفل صغير على طاولة، بينما كانت امرأة أخرى تأخذ مقاساته لتصنع له سترة تحميه من برد الشتاء. وقالت نداء: «ما في أي ملابس دخلت البلد، حاولنا وفكّرنا ملياً إحنا كيف يمكن نُوجِد حل لعدم توافر الأقمشة، فطلعنا بفكرة إعادة تدوير البطانيات الحرارية لملابس شتوية».

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)

وتعتمد مبادرة (إبرة وخيط) التي أطلقتها نداء في سبتمبر (أيلول) في الغالب على متطوعين، لكن بعضهم يحصلون على مبلغ صغير، وتُباع الملابس بما يتراوح بين 70 و120 شيقل (18 إلى 30 دولاراً)، لكن الأسعار تكون أقل لمن يُحضرون معهم البطانيات.

قد يكون الشتاء في غزة قاسياً؛ إذ يتّسم بدرجات حرارة منخفضة ورياح قوية، وفي العام الماضي غمرت الأمطار الغزيرة بعض الملاجئ. وبعد مرور ما يزيد على عام على اندلاع الحرب، صار الكثيرون من سكان غزة بلا دخل، ويحاول بعضهم بيع ممتلكاته، ومنها ملابس مستعمَلة، لكن قلة فقط منهم صار بإمكانهم تحمّل أسعار السلع الأساسية.

ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، انخفض حجم المساعدات الدولية التي تدخل غزة إلى أدنى مستوى له على مدى العام، في حين حذّر تقرير مرصد دولي لمراقبة الجوع من مجاعة وشيكة.

نازحون

نزح معظم سكان غزة، البالغ عددهم نحو مليوني شخص، بسبب الهجوم الإسرائيلي المتواصل على القطاع الساحلي.

وقالت سميرة طموس، التي تنحدر من مدينة غزة في شمال القطاع، ولكنها تعيش الآن في مأوى مؤقت في المواصي: «بقالنا سنة نازحين وزيادة، إجى علينا شتا، وهاي إجى علينا كمان شتا».

وأضافت، بينما كانت ابنتها البالغة من العمر 13 عاماً والمصابة بمتلازمة داون ترتدي ملابس مصنوعة في إطار المبادرة: «ما عندناش أي ملابس شتوية بالمرة، لا في السوق، ولا ألبّس بنتي المريضة عندي كمان، والمعابر مسكّرة، اضطريت آخد الغطا البطانية علشان أعملها لبس لبنتي علشان تتدفى؛ لأن إذا أنا استحملت البرد هي ما تستحمل البرد».

وبدأ الهجوم الإسرائيلي على غزة رداً على هجوم قاده مسلّحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقال مسؤولون إسرائيليون إن هجوم «حماس» أدى لمقتل 1200 شخص، واحتجاز نحو 250 رهينة.

وتقول وزارة الصحة في القطاع إن الهجوم الإسرائيلي أسفر حتى الآن عن مقتل نحو 43 ألف شخص.