قصف تركي على شمال شرقي سوريا يوقع ضحايا مدنيين

القصف استهدف محطات نفطية ومحوّلات للكهرباء

نيران تتصاعد من موقع استهدفه القصف التركي على شمال سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
نيران تتصاعد من موقع استهدفه القصف التركي على شمال سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قصف تركي على شمال شرقي سوريا يوقع ضحايا مدنيين

نيران تتصاعد من موقع استهدفه القصف التركي على شمال سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
نيران تتصاعد من موقع استهدفه القصف التركي على شمال سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

استهدفت الطائرات الحربية التركية، على مدار الـ24 ساعة الماضية، كامل الشريط الحدودي السوري مع تركيا، وطالت عشرات المواقع والمنشآت النفطية ومحطات توليد الكهرباء، وأسفرت عن سقوط 12 مدنياً وإصابة العشرات، بينهم عناصر لقوى الأمن الداخلي، بعد هجوم على مقر شركة صناعات الطيران والفضاء التركية (توساش) في العاصمة أنقرة، الأربعاء.

وطالبت «الإدارة الذاتية لإقليم شمال شرقي سوريا» قوات التحالف الدولي، بقيادة أميركا والقوات الروسية، بإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات الحربية التركية، التي تشنّ غارات على مواقع في شمال سوريا، في وقت استنكر قائد «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، مظلوم عبدي، القصف التركي، وعدّه «جريمة حرب».

مقاتل من الفصائل السورية الموالية لتركيا خلال التحضير لإطلاق راجمة صواريخ لإطلاقها على مواقع كردية في شمال سوريا (أ.ف.ب)

وأعلنت «قوى الأمن الداخلي (الأسايش)»، الخميس، أن القصف التركي تسبب في مقتل 12 مدنياً، بينهم طفلان، وإصابة 23 آخرين، إلى جانب مقتل عنصر من «الأسايش» وإصابة اثنين آخرين كانوا على رأس عملهم أثناء القصف، الذي طال مناطق متفرقة شمال شرقي سوريا.

كما خيّم ظلام دامس على مدينتي عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، والقامشلي التابعة لمحافظة الحسكة، وبلدة عامودا غرب القامشلي، جرّاء خروج جميع محطات تحويل التيار الكهربائي عن الخدمة، بسبب القصف التركي المستمر.

وقالت عائشة الناصر، مديرة هيئة الطاقة في كوباني، خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: إن القصف التركي «طال محيط محطة كهرباء كوباني، وتسبب في خروج محول المحطة عن الخدمة، وتضرر غالبية العوازل»، وأوضحت أن ورشات الصيانة تحتاج إلى أعمال ترميم وتأهيل فورية، و«تستغرق أكثر من 10 أيام من أجل إصلاح الأعطال وإعادة الكهرباء، إذا توقف هذا القصف الهمجي الجنوني».

بيريفان، وهي مواطنة كردية، تعيش في كوباني، قالت: «عشنا لحظات رعب؛ لأن القصف كان قوياً وممزوجاً؛ حيث كنا نسمع أصوات الطائرات والانفجارات في آنٍ واحد».

مقاتل من الفصائل السورية الموالية لتركيا يحضر راجمة صواريخ لإطلاقها على مواقع كردية في شمال سوريا (أ.ف.ب)

وشنّت الطائرات التركية، ليل الأربعاء - الخميس، سلسلة غارات جوية على مواقع حدودية، مستهدفة محطات للنفط والطاقة، والتهمت ألسنة النيران حقل سعيدة النفطي في ريف بلدة القحطانية، التي تبعُد نحو 30 كيلومتراً من الجهة الشرقية عن مركز القامشلي.

كما استهدف القصف شركة الكهرباء في قرية بانا شكفتيه بمنطقة كوجرات، وتتبع بلدة المالكية أو ديريك، وفق تسميتها الكردية، وطال القصف منطقة رميلان النفطية، التي تتمركز فيها قوات من الجيش الأميركي وقوات التحالف الدولي.

وأفادت «قسد» وهي الذراع العسكرية لـ«الإدارة الذاتية»، في بيان نشر على موقعها الرسمي، الخميس، بأن القصف التركي استهدف أفراناً ومحطات كهرباء ونفط وحواجز أمنية. ووفق البيان تعرضت البنية التحتية الأساسية لحياة الأهالي بشمال شرقي سوريا لهجمات مدمرة. وطال القصف أيضاً التجمعات المدنية وقوى الأمن المسؤولة عن حماية المنطقة، منوهة بـ«أن قواتنا التي تواجه مرة أخرى هذه الموجة من العدوان التركي المستمر، لن تتوانى في القيام بواجباتها لحماية شعبنا ومناطقنا».

وقال مظلوم عبدي، القائد العام لقوات «قسد» في تغريدة على حسابه بموقع «إكس»: إن تركيا «تقصف مناطقنا بشكل عشوائي من دون مبرر، مستهدفة المراكز الخدمية والصحية والمدنيين؛ إنها جريمة حرب حقيقية». وأضاف: «أبدينا جاهزية للحوار، إلا أننا نؤكد أن قواتنا مستعدة للدفاع عن شعبنا وأرضنا».

دخان يتصاعد من مكان طاله القصف التركي (صورة متداولة على وسائل التواصل)

وقالت القيادية الكردية، إلهام أحمد، رئيسة دائرة العلاقات الخارجية بـ«الإدارة الذاتية»، في تغريدة على حسابها بموقع «إكس»: «إن محاولة تركيا فرض قوانينها على المجتمع الدولي كارثة».

ولفتت إلى أن استهداف شمال وشرق سوريا «كلما وقع حادث أمني في تركيا ينتهك القوانين الدولية، وصمت حلفاء تركيا تجاه هذه الانتهاكات يعد جريمة أكبر»، داعيةً المجتمع الدولي وحلفاء تركيا: «إلى كسر صمتهم، وتحمل مسؤولياتهم، ولعب دور الضامن لعملية سياسية حقيقية لحل القضية الكردية في تركيا»، وفق منشور لها.

في حين طالبت «الإدارة الذاتية»، عبر بيان نشر على موقعها الرسمي كلّاً من أميركا وروسيا، اللتين تنشران جيشيهما في مناطق نفوذهما؛ بموجب اتفاقات عسكرية لخفض التصعيد، «بتقديم الجرائم التركية إلى مجلس الأمن واتخاذ القرارات بحق الجهة المنتهكة، لعدم التزام تركيا بقرار وقف إطلاق النار الصادر عن مجلس الأمن بشأن سوريا وعرقلة تطبيق القرار (2254)».


مقالات ذات صلة

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

مفوضية اللاجئين في لبنان: الأسابيع الماضية الأكثر دموية وفداحة منذ عقود

رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
TT

مفوضية اللاجئين في لبنان: الأسابيع الماضية الأكثر دموية وفداحة منذ عقود

رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

حذّر ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين في لبنان إيفو فرايسن، اليوم (الجمعة)، من أن الأسابيع الماضية هي «الأكثر دموية وفداحة منذ عقود» على لبنان والشعب اللبناني.

وأوضح فرايسن أن إسرائيل كثّفت غاراتها الجوية وتوغلاتها البرية، مما عمّق المأساة الإنسانية التي يعاني منها المدنيون.

وقال: «بعد انقضاء شهرين على تصاعد حدة الهجمات على البلاد، قُتل أكثر من 3500 شخص، وأصيب 15 ألفاً، حيث طالت تأثيراتها المباشرة ما يقدر بنحو 1.3 مليون شخص، وأجبرتهم على النزوح من منازلهم».

وطالب الممثل الأممي بالتوصل إلى وقف عاجل لإطلاق النار، وحث المجتمع الدولي على الوقوف إلى جانب لبنان وتوفير التمويل اللازم بشكل عاجل لمساعدة جميع المتضررين، بما في ذلك الذين اضطروا للفرار إلى سوريا وخارجها.

وفيما يتعلق بسوريا، قال فرايسن إن إسرائيل زادت غاراتها الجوية، ما يشكّل مخاطر جسيمة على المدنيين وموظفي المفوضية وشركائها ومرافقها.

وحذّر ممثل المفوضية الأممية من أن الغارات الإسرائيلية بالقرب من المعابر الحدودية تعرض للخطر قدرة الأشخاص على الفرار من الصراع في لبنان، كما تؤثر في قدرة المفوضية على تقديم الدعم لمن هم بأمس الحاجة للمساعدة.