استهداف إسرائيل الجيش اللبناني... «أخطاء عسكرية» أم رسائل ترهيب لإبعاده عن الحدود؟

سقوط 25 جندياً خلال الحرب بينهم 10 خلال قيامهم بمهامهم

عناصر من الجيش اللبناني في منطقة جونيه إثر غارة إسرائيلية استهدفت المنطقة ما أدى إلى مقتل قيادي في «حزب الله» وزوجته من الجنسية الإيرانية (إ.ب.أ)
عناصر من الجيش اللبناني في منطقة جونيه إثر غارة إسرائيلية استهدفت المنطقة ما أدى إلى مقتل قيادي في «حزب الله» وزوجته من الجنسية الإيرانية (إ.ب.أ)
TT

استهداف إسرائيل الجيش اللبناني... «أخطاء عسكرية» أم رسائل ترهيب لإبعاده عن الحدود؟

عناصر من الجيش اللبناني في منطقة جونيه إثر غارة إسرائيلية استهدفت المنطقة ما أدى إلى مقتل قيادي في «حزب الله» وزوجته من الجنسية الإيرانية (إ.ب.أ)
عناصر من الجيش اللبناني في منطقة جونيه إثر غارة إسرائيلية استهدفت المنطقة ما أدى إلى مقتل قيادي في «حزب الله» وزوجته من الجنسية الإيرانية (إ.ب.أ)

يطرح استهداف إسرائيل جنود الجيش اللبناني وآلياته علامة استفهام حول أهدافها، ولا سيما في ظل الحديث الجدي اليوم حول دور الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة والوعود التي أطلقها المسؤولون اللبنانيون لجهة تطبيق القرار 1701 وزيادة عدد الجنود والضباط عند الحدود اللبنانية إلى عشرة آلاف.

فالجيش الجيش اللبناني خسر منذ بدء الحرب بجنوب لبنان في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، من جنوده 25، بينهم 10 سقطوا خلال قيامهم بعملهم، حيث تم استهدافهم إما بشكل مباشر أو قُتلوا نتيجة قصف على مقربة منهم، وهو ما يطرح علامة استفهام حول هدف هذا الاستهداف.

وكان آخر هؤلاء، ثلاثة عسكريين قُتلوا باستهداف آليتهم العسكرية بشكل مباشر، ونعتهم قيادة الجيش، الاثنين، مشيرة إلى «أنهم استُشهدوا الأحد، من جراء استهداف العدو الإسرائيلي الآلية العسكرية في منطقة عين إبل».

لكن الجيش الإسرائيلي قال، الاثنين، إنه لم يكن على علم بأن الآلية التي استهدفها تابعة للجيش اللبناني. وأشار إلى أنه «قصف شاحنة الأحد، كانت قد دخلت منطقة كان قد استهدف فيها سابقاً شاحنة تابعة لـ(حزب الله) وكانت تنقل قاذفة وصواريخ»، لافتاً إلى أن جنوده «لم يكونوا على دراية أن الشاحنة الثانية تابعة للجيش اللبناني»، وأضاف: «الجيش الإسرائيلي لا يعمل ضد الجيش اللبناني، ويعتذر عن الملابسات غير المرغوب فيها»، وفق ما نقلت «وكالة الأنباء الألمانية».

وقبل نحو عشرة أيام كانت إسرائيل قد استهدفت أيضاً مركزاً للجيش في منطقة كفرا في الجنوب؛ ما أدى إلى سقوط شهيدين، لتعود بعدها وتقول إن قواتها لم تكن على علم بوجود منشأة للجيش اللبناني.

وهذه التوضيحات لا تعفي إسرائيل من مسؤوليتها عن مقتل العسكريين، ولا سيما أنها تتجاوز كل الخطوط الحمر، وفق ما يؤكد مصدر عسكري يقول لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الاستهدافات المتكررة للجيش اللبناني «قد تكون رسائل من إسرائيل لمنع تواجد عناصره وتحركاتهم عند الحدود على غرار ما يفعل مع قوات (يونيفيل)، ومن الواضح أنه بحجة المنطقة الآمنة التي يسعى لإقامتها يريد منطقة مهجورة ومحروقة، وبالتالي لا يمكن أن يردعه أي شيء ولا يرى أمامه أي خطوط حمراء».

ويوجد اليوم عند الحدود الجنوبية نحو 4500 عسكري، كانت مهمتهم بشكل أساسي مراقبة تطبيق القرار 1701 والخروق التي تحصل، وكان قد أعيد انتشارهم بالتراجع ما بين 3 و4 كيلومترات، عند بدء التصعيد الإسرائيلي بإعادة تموضع العناصر في مراكز خلفية محصنة ومجهزة للدفاع إذا ما حصل أي تقدم للجيش الإسرائيلي»، بحسب المصدر.

وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، خلال جلسة لمجلس الوزراء في بداية الشهر الحالي، أنه كلّف قائد الجيش العماد جوزف عون «القيام بما يراه مناسباً من أجل حماية لبنان والمؤسسة العسكرية في ضوء العدوان الإسرائيلي الذي يتعرض له لبنان».

وفي هذا الإطار، يؤكد العميد المتقاعد وليد عون، أنه «لا يمكن القول اليوم إن هناك قراراً واضحاً من إسرائيل لضرب الجيش اللبناني، ولا سيما أنها لا تستهدف مراكز ونقاطاً ثابتة». ويذكّر عون في حديثه لـ«الشرق الأوسط» باستهداف إسرائيل ثكنة للجيش اللبناني في منطقة الجمهور في جبل لبنان عام 2006؛ بحجة اشتباهها بقاعدة صواريخ، حيث ذهب ضحية الاعتداء أكثر من 20 عسكرياً، إضافة إلى القصف الذي يطال مدنيين ومسعفين في حربها اليوم ضدّ «حزب الله»، من هنا، يرى أن إسرائيل، لتحقيق أهدافها لا تضع في الحسبان أي أمور أخرى، وبالتالي اذا تواجد الجيش على مقربة من هدف لها لن تتوانى عن استهدافه، بغض النظر عن النتائج.

عناصر من الجيش اللبناني في بلدة بعلول في البقاع الغربي إثر غارة استهدفت المنطقة (رويترز)

وفي حين يرى عون أن هذه الاستهدافات إذا استمرت لا شك أنها تنعكس سلباً على الجيش الذي يفترض أن يكون في المرحلة المقبلة القوة الأساسية المتواجدة على الحدود وفق القرار 1701، يلفت إلى أن دور الجيش اللبناني خاضع للقرار السياسي والحكومة اللبنانية هي التي تكلّفه بهذا الأمر، موضحاً «واليوم الجيش ليس مكلفاً مواجهة العدو، وفي هذا الإطار أتت إعادة انتشاره قبل أسابيع، وهو الذي كان يقوم بمهمة المراقبة على الحدود ولا يستطيع عناصره الدفاع عن أنفسهم في النقاط المتواجدين فيها».

ويضيف: «الجيش اللبناني مكلف - بحسب قانون الدفاع الوطني - الدفاع عن الأراضي اللبنانية، لكن إذا لم يكن مكلفاً ذلك في بلد تركيبته السياسية مثل لبنان هذا الأمر سيتحول مواجهة داخلية بدلاً من أن تكون مواجهة مع العدو».

ومع تأكيده أنه إذا اتخذ القرار السياسي فلا بد وأن يقوم الجيش بواجبه والتضحية للدفاع عن أرضه وتطبيق القرارات الدولية رغم ضعف قدراته وعدم تسليحه، بغض النظر عن النتائج، يقول: «الواقعية تفرض علينا الإقرار بتفوق إسرائيل عسكرياً حتى لو تم تسليحه، لكن عند احترام الاتفاقيات الدولية ووجود القرار السياسي الواضح لا يمكن أن يكون هناك ذرائع وحجج لإسرائيل ليحصل ما حصل اليوم».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:42

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف قلب إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

​تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارة الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء موقعين

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب) play-circle 00:37

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني بالجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)

هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً

لم تكن الغارة الإسرائيلية الثالثة التي استهدفت منطقة البسطة وسط بيروت ذات طابع عسكري فقط؛ بل كان لها بُعدٌ رمزي يتمثل في ضرب منطقة أضحت بيئة مؤيدة لـ«حزب الله».

يوسف دياب (بيروت)

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)
TT

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأحد، إن مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر.

وأوضح الوزير، في مؤتمر صحافي بالكويت، إن «مزيداً من العسكرة في البحر الأحمر يضر ضرراً بالغاً بالتجارة العالمية والاقتصاد المصري»، وفقاً لوكالة «رويترز».

وتابع عبد العاطي: «خاصة أن هناك تراجعاً كبيراً في عائدات قناة السويس نتيجة التصعيد (غير المقبول) في البحر الأحمر».

وقال عبد العاطي إنه تحدث مع وزير خارجية الكويت عن الأوضاع «الكارثية» في البحر الأحمر والتصعيد الحالي، الذي يؤثر على حركة الملاحة الدولية.

وأضاف: «إذا كانت هناك جدية لمنع التصعيد، لا بد من معالجة جذور المشكلة وهي بطبيعة الحال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وأيضا على لبنان حتى لا نعطي الذريعة لأي طرف».

وأكد أن «الاستقرار أمر هام جداً ولن يتحقق الاستقرار إلا بمعالجة جذور المشكلة ووقف هذا العدوان الغاشم».

وتشن جماعة «الحوثي» اليمنية هجمات تستهدف السفن في مدخل البحر الأحمر تقول إنها ضد سفن متجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.