كيف يؤثر مقتل السنوار على «حماس» وحرب غزة؟

السنوار بين أعضاء حركته في 2021 (أ.ب)
السنوار بين أعضاء حركته في 2021 (أ.ب)
TT

كيف يؤثر مقتل السنوار على «حماس» وحرب غزة؟

السنوار بين أعضاء حركته في 2021 (أ.ب)
السنوار بين أعضاء حركته في 2021 (أ.ب)

لم يكن أحد في إسرائيل أو فلسطين يتخيل أن يقتل الجيش الإسرائيلي، رئيس حركة حماس يحيى السنوار، وهو الذي شغل العالم منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بطريق «الصدفة»، وفق الرواية الإسرائيلية السائدة حتى الآن.

وأعلنت إسرائيل، رسمياً، مقتل زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار، مصادفة، خلال قصف على منزل في رفح جنوب قطاع غزة، بعد بضع ساعات من إعلان الجيش التحقيق في احتمال تصفيته. وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس، مقتل السنوار، معتبراً أنه «نصر كبير».

ومنذ هجوم «حماس» ضمن عملية «طوفان الأقصى» التي هندسها السنوار تحول إلى المطلوب رقم 1 بالنسبة لإسرائيل، وطالما تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانتـ ورئيس الأركان هيرتسي هاليفي، بقتل السنوار، وسخّروا كل مقدرات الجيش واستخباراته، مستعيين كذلك بالولايات المتحدة ودول غربية من أجل الوصول إليه، وتحول قتله إلى أحد أهداف الحرب.

السنوار يتحدث إلى الصحافيين في مكتبه عام 2018 (أ.ب)

نقطة تحول

بلا شك، تدخل الحرب «نقطة تحول»، باعتبار أن مقتل الرجل قد يسمح لاسرائيل بانهاء الحرب، من جهة، وقد يعطي لـ«حماس» مرونة أكبر بعد رحيل زعيم صقورها الذي غيّر شكلها إلى حد كبير في السنوات الأخيرة.

وحتى قبل أن تتأكد اسرائيل من النتيجة النهائية لاغتيال السنوار، طار وزير الدفاع يواف غالانت ورئيس هيئة الاركان هيرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار إلى الحدود مع غزة، وأجروا تقييماً أمنياً للوضع، فيما تمت لإحاطة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بشأن «تحقق إسرائيل من اغتيال السنوار».

ويقول المحلل السياسي مصطفى إبراهيم، لـ«الشرق الأوسط» إن «اغتيال السنوار ستتبعه تأثيرات وتحولات كبيرة على الأحداث»، بينما وصف مصدر في «حماس» وقع النبأ على الحركة بأنه «صدمة».

وبعدما أكد المصدر لـ«الشرق الاوسط» أن قيادات «حماس» أحيطت بمعلومات تؤكد مقل السنوار، قال: «بدأت مشاورات واسعة في الحركة، لجهة المستقبل بما في ذلك الرئيس اللاحق والمواجهة الحالية والمفاوضات حول وقف النار».

السنوار خلال مهرجان خطابي في خان يونس عام 2011 (أ.ب)

وقيّمت مصادر أخرى مطلعة على القرار في «حماس» أن «غياب السنوار سيعيد القرار للخارج (قيادة الحركة خارج قطاع غزة)، وهو ما قد يساعد في دفع مفاوضات وقف النار، لتكون أسهل وأسرع، ويبدو أن إسرائيل ذلك كما يبدو».

وقالت هيئة البث الرسمية «كان» إنه بعد قتل السنوار جرت مباحثات طارئة بين فريق المفاوضات والمؤسسة الأمنية.

والسنوار هو أحد المحررين في صفقة تبادل الاسرى بين حماس واسرائيل عام 2011، وكان أحد اعضاء كتائب القسام قبل اعتقاله، وصعد سريعا بعد ذلك إلى سدة الحكم في الحركة، وانتخب أول مرة على رأس حماس في غزة عام 2017 خلفا لإسماعيل هنية، الذي تولى منصب القائد العام للحركة (رئيس المكتب السياسي)، بديلا لخالد مشعل، واغتيل يوليو الماضي، قبل أن يستلم السنوار منصب رئاسة الحركة في أغسطس (آب) الماضي.

سيطرة جذرية

أهم أبرز السمات التي زرعها السنوار في «حماس» وغيرت شكلها «الحزم الشديد» وفق ما يقول مصدر آخر مقرب من قيادة «حماس»، ويضيف: «كان قائداً شاملاً، كما أنه رفع وأقصى شخصيات الحركة بحسب إرادته».

ويتابع المصدر أن «السنوار نجح في دفع التيار العسكري وسيطر على القرار بشكل جذري، وظهر هذا في تسلمه منصب رئيس الحركة فيما كان الاتصال به صعباً ومعقداً ومنقطعاً لفترة».

وكانت غالبية قيادات «حماس» في الخارج بما في ذلك قيادات قطاع غزة والضفة الغربية، وهم من أعضاء المكتب السياسي ومجلس الشورى ولجنته التنفيذية التي تتواجد في لبنان وتركيا قطر ومناطق أخرى، شاركوا في الاجتماعات الحاسمة، ووافقوا على السنوار رئيسا للحركة بلا منافس.

السنوار خلال اجتماع لحركته في غزة عام 2022 (أ.ب)

وعكس اختيار السنوار تحكم قيادة قطاع غزة في كل المفاصل المهمة داخل حماس للدورة الثانية على التوالي، وهي القيادة التي خرج منها هنية ثم السنوار، وعملت بشكل حثيث على ضم حماس إلى المحور الذي تقوده إيران، وفق تقديرات محللين.

مراجعة شاملة

وقال مصدر مقرب من «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إن «الحركة تلقت ضربة قوية بفقدها معظم الصقور الذين قادوها في الفترة الأخيرة، والأرجح أن تجري مراجعة شاملة لسياستها وليس بالضرورة تغييرها».

وبشان التأثيرات المحتملة، قدّر المصدر أنها تتضمن: «أولاً: سيعود قرار الحركة إلى الخارج وهذا سيغير الكثير، وثانيا: ستتضطر الحركة لتقديم تنازلات كانت صعبة في وجود السنوار. فيما يخص مباشرة الحرب والأسرى وحتى العلاقة مع السلطة الفلسطينية، وثالثا: ستحاول الحركة النجاة من الأحداث الحالية، وهذا يحتاج إلى الكثير من المشاورات».

وشكل اغتيال السنوار ضربة اخرى لحماس التي تئن تحت ضربات متتالية.

لقطة من فيديو نشره الإعلام العسكري لحركة «حماس» تُظهر مقاتلاً من «كتائب القسام» خلال هجوم 7 أكتوبر (رويترز)

وأقر مسؤول في الحركة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بان «الاغتيال سيكون له تأثير كبير على الحركة»، كلن أضاف: «استشهاده أمر متوقع بالنسبة لنا، لكننا أمام مرحلة جديدة.. سيكون هناك قرار من من قبل قيادة الحركة بالتشاور في الداخل والخارج».

ويتفق المحلل مصطفى إبراهيم مع لارأي السابق، مستشهدً بان «التداعيات على معنوييات الحركة غير مسبوقة، خاصة وأنها لم تمر بمثل هذا الموقف الصعب منذ اغتيال مؤسسها أحمد ياسين، وكذلك عبد العزيز الرنتيسي»

وأضاف «لاشك ستواجه الحركة بعض الصعوبات في انتخاب أو اختيار البديل، ولكنها ستواصل مشوارها لأن لديها جماهير وشعبيتها كبيرة ولديها القدرة على إنتاج قادة آخرين رغم الظروف القاسية».


مقالات ذات صلة

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

شؤون إقليمية عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

حذر عسكريون إسرائيليون، في تسريبات لوسائل إعلام عبرية، من أن عرقلة نتنياهو لصفقة تبادل أسرى، تؤدي إلى تقوية حركة «حماس»، وتمنع الجيش من إتمام مهماته القتالية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رجل يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية على مدرسة في مخيم النصيرات للاجئين بغزة (أ.ف.ب)

غزة: 71 قتيلاً جراء القصف الإسرائيلي في يوم واحد

أعلنت وزارة الصحة  الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم (الخميس)، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 44 ألفاً و56 قتيلاً، إلى جانب 104 آلاف و268 إصابة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت (رويترز)

بن غفير وسموتريتش يتهمان غالانت بالسماح لـ«حماس» بالاستمرار في حكم غزة

انتقد أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية غالانت بعد أن حذر من أنّ تحمل المسؤولية عن توزيع المساعدات الإنسانية في غزة قد يجر إسرائيل للحكم العسكري.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون جثمان أحد القتلى جراء القصف الإسرائيلي على النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ب)

قصف طال مدرسة وخيمة للنازحين... الجيش الإسرائيلي يقتل 16 فلسطينياً بغزة

قتل الجيش الإسرائيلي اليوم (الأربعاء) 16 فلسطينياً على الأقل في هجمات جوية على مناطق مختلفة بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)
هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)
هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

عدّت مسؤولة بالأمم المتحدة، أمس، أن الغارات الإسرائيلية على مدينة تدمر، أول من أمس، هي «على الأرجح الأكثر فتكاً» في سوريا حتى الآن، فيما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن عدد قتلى هذه الغارات ارتفع إلى 82.

وأوضح «المرصد السوري» أن 56 من القتلى ينتمون إلى فصائل موالية لإيران من جنسية سورية، و22 من جنسية غير سورية، غالبيتهم من حركة «النجباء» العراقية، بينما ينتمي 4 آخرون إلى جماعة «حزب الله» اللبنانية. وأشار أيضاً إلى إصابة 31 آخرين، بينهم 7 مدنيين.

وقالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «مرة أخرى، ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق... أمس (الأربعاء)، قُتل عشرات الأشخاص في غارة قرب تدمر، هذه الضربة الإسرائيلية هي على الأرجح الأكثر فتكاً حتى الآن».

وأضافت رشدي: «تقول إسرائيل إن ضرباتها تستهدف مواقع مرتبطة بإيران أو (حزب الله) أو (الجهاد الإسلامي) الفلسطيني. لكننا مرة أخرى نشهد سقوط ضحايا من المدنيين، جراء غارات ضخمة على مناطق سكنية في وسط دمشق».

كما أعربت عن قلقها حيال «الوضع المتفجر» في الجولان المحتل، وأعمال العنف الأخرى «في العديد من مواقع العمليات الأخرى»، خصوصاً في شمال غربي البلاد. وحذّرت من أن «هذا العام يتجه ليكون الأكثر عنفاً منذ 2020، وأن خطر حدوث دمار أكبر يلوح في الأفق».

وتابعت رشدي: «من الواضح أن الأولوية الملحة بالنسبة لسوريا هي وقف التصعيد. فالبلاد تشهد عواصف متواصلة ناتجة من نزاع إقليمي وموجات متزايدة للنزاع على أراضيها». وأشارت إلى أنه «مع تضاؤل المساعدات الإنسانية وتكثيف الخطابات والأعمال العدائية، يضطر السوريون إلى العيش في ظروف صعبة وغير محتملة على نحو متزايد».

وأشارت إلى أن تقارير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تظهر أن أكثر من نصف مليون شخص فروا من الضربات الجوية الإسرائيلية في لبنان، وعبروا إلى سوريا منذ أواخر سبتمبر (أيلول)، ولا يزال هناك تدفق مستمر، مضيفة أن السوريين يشكلون نحو 63 بالمائة من هؤلاء النازحين، ومعظمهم من النساء والأطفال.

وقالت المسؤولة الأممية: «نحن الآن في لحظة محورية لدفع العملية السياسية إلى الأمام، بالتزام حقيقي وعمل جاد»، وطالبت جميع الأطراف السورية والدولية بأن «ترسل إشارة بأنها على استعداد لوضع جميع القضايا على الطاولة».

وعدّت أيضاً أن الوقت مناسب لصياغة مسار يسمح للشعب السوري بتحقيق تطلعاته المشروعة، واستعادة سيادة سوريا ووحدتها وحماية السلم والأمن الدوليين.