تقارير: نتنياهو تراجع عن خطة الحكم العسكري لغزة

أكد التمسك بإخلاء شمال القطاع وفق «خطة الجنرالات»

طفل فلسطيني ينتظر الحصول على وجبة غذاء يوم الأربعاء في خان يونس جنوب غزة (رويترز)
طفل فلسطيني ينتظر الحصول على وجبة غذاء يوم الأربعاء في خان يونس جنوب غزة (رويترز)
TT

تقارير: نتنياهو تراجع عن خطة الحكم العسكري لغزة

طفل فلسطيني ينتظر الحصول على وجبة غذاء يوم الأربعاء في خان يونس جنوب غزة (رويترز)
طفل فلسطيني ينتظر الحصول على وجبة غذاء يوم الأربعاء في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

أكّدت مصادر سياسية مطلعة أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تراجع عن خطته تكليف الجيش الإسرائيلي بتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، وإقامة حكم عسكري يتولى مسؤوليات الإدارة المدنية لحياة السكان هناك، ولكنه لم يتخلَّ عن تطبيق «خطة الجنرالات»، الهادفة إلى ترحيل المواطنين من شمال القطاع إلى الجنوب.

وقالت المصادر، وفقاً للمراسل العسكري في «القناة 11» الرسمية الإسرائيلية، روعي شارون، إن نتنياهو قرّر قبول طلب الجيش وبقية الأجهزة الأمنية التي عارضت تولّي الحكم العسكري في القطاع، ولكن المراسل السياسي، سليمان مسودي، نقل عن مصادر سياسية قولها إن نتنياهو غيّر موقفه بناءً على الموقف الأميركي المعارض.

وقال مسودي، خلال تقرير له، إن الجميع يعرفون أن نتنياهو شخصياً، ومعه وزراء كثيرون في اليمين المتطرف، كانوا قد رفضوا فكرة تولّي السلطة الفلسطينية إدارة شؤون القطاع، وأرادوا إدارة عربية ودولية، وعندما فشلوا راحوا يؤيدون فرض حكم عسكري.

رسالة أميركية

لكن الرسالة الجديدة التي تلقّاها نتنياهو من واشنطن، بتوقيع وزير الدفاع، لويد أوستن، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكين، أوضحت له أن «السياسة في غزة يجب أن تتغير، ويجب وضع خطة فوراً لـ(اليوم التالي)، ترمي إلى وضع جديد تتوقف فيه معاناة الفلسطينيين».

وقالت القناة إن الولايات المتحدة تتذمّر من سياسة إطالة الحرب، والامتناع عن الحسم في إسرائيل، وإن «قطاع غزة يعيش اليوم أسوأ قيود على دخول المساعدات الإنسانية منذ بدء الحرب الإسرائيلية قبل أكثر من عام».

لذلك، وجّهت واشنطن تحذيرات لإسرائيل، جاء فيها أن هناك احتمالاً بأن تتأثر المساعدات الأميركية لها، بما في ذلك المساعدات العسكرية الأميركية، في حال لم يسجَّل تحسُّن في تأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

من جهتها، قالت «يديعوت أحرونوت»، إن الإدارة الأميركية قرّرت العمل على تجميد الإجراءات التي اتُّخِذت بضغوط إسرائيلية ضد «الأونروا» في العالم، وإعادة التمويل، وطلبت من إسرائيل الحذر من المساس بنشاطها أو موظفيها في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وإعادة زيارات طواقم «الصليب الأحمر» للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وكان المتحدث باسم الخارجية، ماثيو ميللر، صرّح بأن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، «أكّدا للحكومة الإسرائيلية وجوب أن تجري تعديلات لنرى مجدّداً ارتفاع مستوى المساعدات التي تدخل غزة، عن المستويات المتدنية للغاية التي هي عليها اليوم»، وذلك في رسالة وجّهاها الأحد.

شركة تتولى المساعدات

وحسب «القناة 11»، تَقرّر خلال الاجتماع الذي عُقد الأسبوع الماضي برئاسة نتنياهو، وبحضور وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، دراسة إمكانية إشراك شركة أمن مسلحة خاصة في توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، تحت إشراف إسرائيلي.

ومع ذلك، قالت إن «هذا الأمر يواجه العديد من العقبات، وقد يستغرق وقتاً حتى يتم تطبيقه؛ لذا تعمل إسرائيل على وضع خطوات طارئة فورية لتحسين الوضع الإنساني في القطاع على المدى القصير»، ومن المتوقع أن تُعرض هذه الخطوات على الإدارة الأميركية خلال الأسبوع المقبل.

سيدة وطفل تحت أنقاض منزل مدمّر يوم الأربعاء في خان يونس بغزة (رويترز)

وأوضحت «القناة 11» أن الرسالة التي وجّهها بلينكن وأوستين إلى إسرائيل طالبَتها باتخاذ «إجراءات فورية لضمان عدم تأثر إمدادات الأسلحة، بهدف تحسين الوضع في قطاع غزة قبل فصل الشتاء»، وتشمل المطالب الأميركية: «إدخال ما لا يقل عن 350 شاحنة يومياً، والموافقة على هدن إنسانية، والسماح للنازحين إلى منطقة المواصي بالحركة نحو الشرق قبل فصل الشتاء، والتأكيد على أن إسرائيل لا تخطط لإخلاء شمال القطاع من سكانه».

وأوضحت أن «عدم إظهار التزام مستدام بتنفيذ هذه التدابير والإبقاء عليها قد يكون له آثار على السياسات الأميركية، والقوانين الأميركية ذات الصلة».

تهديد بالمساعدات العسكرية

واستشهدت رسالة الوزيرين الأميركيين بالمادة «620 - آي» من قانون المساعدات الخارجية، التي تقيّد (تحظر) إرسال مساعدات عسكرية للدول التي تعوق إيصال المساعدات الإنسانية الأميركية، كما أشارت الرسالة إلى مذكرة الأمن القومي التي أصدرها الرئيس الأميركي، جو بايدن، في فبراير (شباط) الماضي، والتي تُلزم وزارة الخارجية بتقديم تقرير إلى الكونغرس حول ما إن كانت تجد مصداقية في تأكيدات إسرائيل بأن استخدامها للأسلحة الأميركية لا ينتهك القانون الأميركي أو الدولي.

وفي «القناة 12» عَدُّوا موقف نتنياهو بالتراجع أمام الإدارة الأميركية، مرتبطاً بالتفاهمات التي توصل إليها معها حول إيران، فهو يضع حالياً قضية الدعم الأميركي له في الموضوع الإيراني على رأس الاهتمام، ولا يريد لموضوع غزة أن يشوّش عليه.

موكب لكبير منسّقي الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار بغزة في 15 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

لكن هذا لا يعني أن نتنياهو سيتخلّى عن برنامجه لشمال غزة، ويتوقع أن يُكمل الجيش خطته لتفريغ الشمال حتى يقيم منطقة عازلة، وهي الخطة التي تتجاوب جزئياً مع خطة جنرالات اليمين التي وضعها الجنرال غيورا آيلاند، وتقضي بترحيل سكان الشمال في غضون أسبوع، فمن يبقى في الشمال يُعامَل كما لو أنه من نشطاء «حماس»، بالقتل أو التجويع، وقطع أي إمدادات.

وأصدرت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، بيان إدانة استثنائياً، اقتبست فيه تقرير الأمم المتحدة الذي بحسبه لم تدخل أي إرسالية للمواد الغذائية إلى شمال القطاع منذ أسبوعين وأكثر، وقالت: «يجب على إسرائيل العمل بسرعة لضمان إدخال المساعدات المدنية للمحتاجين في المنطقة، واحترام قواعد القانون الدولي».

وبعد هذا التوبيخ الأميركي اجتمع ممثّلو جهاز الأمن الإسرائيلي مع ممثّلي الولايات المتحدة والأمم المتحدة؛ لإبلاغهم بأن الجيش الإسرائيلي سيسمح بحركة شاحنات المساعدات إلى المنطقة، حيث بدأت هناك في الأسبوع الماضي عملية هجوم جديدة للفرقة 162.

ويبدو أن الإدارة الأميركية لم تقتنع كلياً، فجاء التهديد بمنع إرسال السلاح إلى إسرائيل.

ضغوط في جباليا

ووفق مصادر عسكرية، تتركز العمليات العسكرية الإسرائيلية حالياً على مدخل مخيم جباليا للاجئين، تحت غطاء الأحداث في لبنان والتهديدات الإيرانية، والهدف العلني لها هو ضرب البنى التحتية الإرهابية المتجدّدة لـ«حماس»، في المنطقة التي امتنع الجيش الإسرائيلي عن القيام بنشاطات ناجعة مستمرة فيها منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولكن توجد للجيش اعتبارات أخرى وراء الكواليس.

وبوصفه جزءاً من الضغط على «حماس»، وذريعة حماية السكان المدنيين، فإن الجيش يطلب من سكان جباليا التوجه نحو الجنوب. وفي الخلفية يتدفق سيل كبير من الأنباء عن نوايا سياسية خفية، فأحزاب اليمين المتطرف تشارك في اتخاذ القرارات، وتستعين بضباط احتياط في مقر القيادة والفِرق.

منزل مدمّر في مدينة غزة جرّاء غارة إسرائيلية (رويترز)

ويتّسق هذا مع «خطة الجنرالات» لغيورا آيلاند، وضباط آخرين في الاحتياط، والهدف السامي لهذه الخطة هو دفع مئات آلاف الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوب وادي غزة في الوسط، الذي ما زالوا يوجدون فيه، ويتم طرح أفكار مثل إطلاق نار متعمّد من بين السكان، وحتى عمليات تجويع.

ولم تحصل الخطة على مصادقة رسمية من سلسلة القيادة في الجيش الإسرائيلي، لكن مجرد الانشغال فيها والمشاركة السياسية لأحزاب وجهات إعلامية يمينية، تتغلغل إلى الأسفل.


مقالات ذات صلة

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

مسؤول إسرائيلي يوضّح كيف تسبب نتنياهو في قرار «الجنائية الدولية»

قال مسؤول إسرائيلي كبير إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أمرَيْ اعتقال ضد نتنياهو وغالانت كان من الممكن تجنبه لو سمح نتنياهو بأمر واحد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

تسببت عريضة قدمتها مجموعة من المنظمات غير الحكومية للمحكمة العليا بإسرائيل مطالبة فيها بإصدار أمر إقالة لوزير الأمن الوطني المنتمي لليمين المتطرف إيتمار بن غفير

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

تحليل إخباري الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

لبنان: الأوراق المتاحة لفرنسا للرد على إسرائيل لإزاحتها من مساعي الحل ولجنة الإشراف على وقف النار .

ميشال أبونجم (باريس)

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)
رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)
TT

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)
رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس، إنَّ بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل.

وأكد حسين، في كلمة خلال «منتدى الجامعة الأميركية» بدهوك في إقليم كردستان، أنَّ «القوات المسلحة تلقّت أوامر من رئيس الحكومة بمنع أي هجمات تنطلق من الأراضي العراقية»، وشدد على أن بلاده «لا تريد الحرب، وتسعى لإبعاد خطرها»، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية.

من جهته، قال رئيس البرلمان محمود المشهداني، إنَّ «ما يحدث اليوم في منطقة الشرق الأوسط يمكن تسميته المجالَ الحيوي للنكبة الثانية».

بدوره، حثّ الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، الدول الكبرى على بذل «جهود جادة لحل هذه القضايا وإنهاء الحروب». ودعا رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، إلى «إبعاد العراق عن الحرب».