لا استعدادات لدى دمشق لخوض عمل عسكري في جنوب البلاد

إنهاء القيادة العامة للجيش استدعاء الاحتياط يعني برودة جبهة الجولان

محافظ القنيطرة معتز أبو النصر جمران يدلي بتصريحات للصحافيين من قرية كودنة بريف القنيطرة (سانا)
محافظ القنيطرة معتز أبو النصر جمران يدلي بتصريحات للصحافيين من قرية كودنة بريف القنيطرة (سانا)
TT

لا استعدادات لدى دمشق لخوض عمل عسكري في جنوب البلاد

محافظ القنيطرة معتز أبو النصر جمران يدلي بتصريحات للصحافيين من قرية كودنة بريف القنيطرة (سانا)
محافظ القنيطرة معتز أبو النصر جمران يدلي بتصريحات للصحافيين من قرية كودنة بريف القنيطرة (سانا)

أثارت أنباء تواردت في الأيام القليلة الماضية، حول توغل إسرائيل مرات عدة في قرى بمحافظة القنيطرة محاذية لخط فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل، اهتمام المراقبين، الذين رأوا في ذلك احتمالات وجود نية لدى تل أبيب بتوسيع حربها على لبنان وقطاع غزة، لتشمل جبهة الجولان. لكن سوريا نفت رسمياً حصول أي توغل إسرائيلي، وهو ما عدَّته مصادر متابعة في دمشق، رسالة مفادها، أن سوريا «لا تستعد لأي عمل عسكري كبير» في جنوب البلاد.

وأشارت المصادر المتابعة في دمشق إلى أنه قبل النفي السوري الرسمي، كانت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في سوريا، قد أصدرت في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أمراً إدارياً بإنهاء استدعاء الاحتياط، أو الاحتفاظ بضباط وصف ضباط. وعلقت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «توقيت إصدار الأمر الإداري، لافت؛ لأن الأمر في العادة يُفترض أن يكون على العكس من ذلك، أي استدعاء الاحتياط والإجراءات الأخرى، لوجود عمليات عسكرية قريبة من حدودنا»، في إشارة إلى الحرب في لبنان.

أرشيفية لمدينة القنيطرة في الجولان السوري

وأضافت: «الرسالة أن دمشق لا تستعد لأي عمل عسكري كبير»، وهي موجهة بالأساس إلى إسرائيل، بأن «سوريا لن تكون طرفاً في محور الحرب الحالية». وأشارت المصادر إلى زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، لسوريا في الخامس من أكتوبر الجاري، وقالت: «الزيارة لا تهدف إلى دفع دمشق للمساهمة في الحرب، وفتح جبهة الجولان، لأنه يعرف الموقف السوري من جهة، ويعرف أن دمشق حيّدت نفسها عسكرياً، لضعفها، كما أن هناك تخوفاً من إدماجها في الحرب إلى جانب «حزب الله»؛ ما يشكِّل خطراً كبيراً على النظام (السوري)، ومن ثم على كل المحور.

جنود إسرائيليون خلال تدريبات في مرتفعات الجولان عند الحدود مع لبنان وسوريا مايو الماضي (إ.ب.أ)

وتقوم إسرائيل في هذه الآونة بتشديد رقابتها على كل الأراضي السورية، لاستهداف ما تقول إنه محاولات لتهريب الأسلحة إلى «حزب الله».

وقبل نحو أسبوعين، تحدثت تقارير عن حشود عسكرية إسرائيلية في الجولان المحتل مقابل قريتي بئر عجم وبريقة في القنيطرة، وقيامها بعملية تجريف أراضٍ وفتح طرقات.

بعد ذلك تحدث موقع «تجمُّع أحرار حوران»، السبت الماضي، نقلاً عن «مصدر خاص»، أن قوّة إسرائيلية، توغلت، يوم الجمعة، في الأراضي الزراعية قرب بلدة كودنة، في ريف القنيطرة الجنوبي، وجرفت الأراضي الزراعية، على امتداد 500 متر وعرض 1000 متر، ثم ضمتها إلى الجانب الإسرائيلي عبر وضع شريط شائك.

أثارت تلك الأنباء اهتمام المراقبين والمحللين، كونها تتزامن مع تصعيد إسرائيل غاراتها الجوية على مناطق مختلفة في لبنان، ومواصلة عملياتها العسكرية في قطاع غزة، على أساس أنها تشير إلى احتمال وجود نية لدى إسرائيل بتوسيع حربها لتشمل جبهة الجولان، بسبب انتشار ميليشيات إيرانية و«حزب الله» في المناطق السورية المحاذية للجبهة التي ظلت هادئة أكثر من 50 عاماً.

نقطة عسكرية روسية قرب الجولان المحتل (أرشيفية - المرصد السوري)

وترددت معطيات وفق تقرير نشرته «الشرق الأوسط» عن إخلاء القوات العسكرية الروسية، بشكل مفاجئ، مواقع «نقاط مراقبة» في المنطقة، أبرزها نقطة مراقبة في تل الحارة بريف درعا الشمالي، لكن تبع ذلك أنباء عن عودة القوات الروسية إلى تلك النقاط.

يُذكر أن القوات الروسية نشرت في أوقات سابقة في المنطقة، 17 نقطة مراقبة عسكرية، وسيَّرت دوريات قرب خطوط التماس لتثبيت وقف التصعيد بين ميليشيات إيران و«حزب الله» من جهة، وإسرائيل من جهة ثانية.

أطفال سوريون في ريف محافظة القنيطرة أثناء جولة الصحافيين السوريين (سانا)

موقف سوريا الرسمي سارع بعد الأنباء عن توغل إسرائيل في كودنة بالجولان إلى نفي ذلك، وجرى تنظيم جولة لإعلاميين في القرية برفقة محافظ القنيطرة معتز أبو النصر جمران الذي أكد في تصريحات للصحافيين من هناك، أنه لا صحة إطلاقاً لما يروج له بعض الإعلام والصفحات المدسوسة عن توغل إسرائيلي لأمتار باتجاه كودنة، مشدداً على أن كل ما يُنشر حول خرق وتوغل لقوات الاحتلال الإسرائيلي في كودنة هو من محض خيال من ينشر ومن يروج لهذه الشائعات.

وقال: «نحن في حرب إعلامية تقوم بها بعض المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي المعادية، التي تعمل على نشر معلومات مغلوطة حول الأمن والأمان في المحافظة».

من جهته، نفى «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، حدوث أي توغل للقوات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، وأضاف: «ما تقوم به إسرائيل هو تحصين المنطقة الفاصلة بين الجولان السوري المحتل مع القنيطرة وريف درعا الغربي، خشية عمليات تسلل من قبل (حزب الله) إلى الجولان السوري المحتل».


مقالات ذات صلة

بايدن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» سيدخل حيز التنفيذ صباح الغد

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» سيدخل حيز التنفيذ صباح الغد

أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم (الثلاثاء) على أن التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان «نبأ سار وبداية جديدة للبنان».

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض صاروخاً من لبنان على ميناء حيفا 26 نوفمبر 2024 (أ.ب)

«حزب الله» يطلق وابلاً من الصواريخ على بلدات إسرائيلية

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، أن «حزب الله» أطلق وابلاً من الصواريخ على عدة بلدات بعمق 80 كيلومتراً داخل إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)

خاص «الشرق الأوسط» تنشر النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان

حصلت «الشرق الأوسط»على النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان الذي يتضمن 13 بنداً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة للدخان الناجم عن 20 غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب) play-circle 00:33

المشهد الأخير لحرب إسرائيل على لبنان: تصعيد لرسم «صورة النصر»

يتسابق كل من «حزب الله» وإسرائيل لرسم صورة الانتصار أمام جمهوره في الساعات الأخيرة للحرب.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
TT

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

كشفت مصادر وثيقة الاطلاع على المفاوضات الجارية لهدنة الأيام الـ60 بين لبنان وإسرائيل عن أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، موافق على الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس جو بايدن لإخراج مقاتلي «حزب الله» وأسلحتهم من منطقة عمليات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق، على أن يترافق ذلك مع مفاوضات إضافية عبر الوسطاء الأميركيين.

وأفادت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» بأن «مباركة» ترمب لجهود بايدن حصلت خلال لقائهما في البيت الأبيض قبل أسبوعين.

وبينما سادت حالة الترقب للمواقف التي ستعلنها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو والبيان المشترك «الوشيك» من بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، علمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة الخماسية التي تقودها الولايات المتحدة، وتضم أيضاً فرنسا بالإضافة إلى لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل»، ستُشرف على تنفيذ عمليات إخلاء «حزب الله» من مناطق الجنوب «على 3 مراحل تتألف كل منها من 20 يوماً، على أن تبدأ الأولى من القطاع الغربي»، بما يشمل أيضاً انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها في هذه المنطقة بموازاة انتشار معزز لقوات من الجيش اللبناني و«اليونيفيل». وتشمل المرحلة الثانية في الأيام الـ20 التالية بدء عمليات الإخلاء والانسحاب من مناطق القطاع الأوسط، وتُخصص الأيام الـ20 الأخيرة لتطبيق المبدأ نفسه في القطاع الشرقي. وسُربت معلومات إضافية عن أنه «لن يُسمح لسكان القرى الأمامية في جنوب لبنان بالعودة على الفور إلى هذه المناطق بانتظار اتخاذ إجراءات تحفظ سلامتهم، بالإضافة إلى التأكد من خلو هذه المناطق من أي مسلحين أو أسلحة تابعة لـ(حزب الله)». ولكن سيسمح بعودة السكان المدنيين الذين نزحوا مما يسمى بلدات وقرى الخط الثاني والثالث جنوب نهر الليطاني.

الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما في البيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)

بقاء اللجنة الثلاثية

وتوقع مصدر أن تضطلع الولايات المتحدة بـ«دور فاعل» في آلية المراقبة والتحقق من دون أن يوضح ما إذا كانت أي قوات أميركية ستشارك في هذه الجهود. ولكن يتوقع أن تقوم بريطانيا ودول أخرى بـ«جهود خاصة موازية للتحقق من وقف تدفق الأسلحة غير المشروعة في اتجاه لبنان». ولن تكون الآلية الخماسية بديلاً من اللجنة الثلاثية التي تشمل كلاً من لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل».

وتعامل المسؤولون الأميركيون بحذر شديد مع «موجة التفاؤل» التي سادت خلال الساعات القليلة الماضية، آملين في «عدم الخروج عن المسار الإيجابي للمفاوضات بسبب التصعيد على الأرض».

ومن شأن اقتراح وقف النار، الذي توسط فيه دبلوماسيون أميركيون وفرنسيون أن يؤدي إلى إحلال الاستقرار في جنوب لبنان «إذا وفت كل الأطراف بالتزاماتها». غير أن العديد من الأسئلة حول الاقتراح لا تزال من دون إجابة، بما في ذلك كيفية ممارسة الجيش اللبناني سلطته على «حزب الله».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»، عن دبلوماسي غربي مطلع على المحادثات، أن الجانبين مستعدان للموافقة على الاتفاق. لكنه «حض على توخي الحذر» بعدما «عشنا بالفعل لحظات كان فيها الاتفاق وشيكاً قبل اتخاذ خطوات تصعيدية كبيرة»، كما قال منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، مضيفاً أن المسؤولين الأميركيين «يعتقدون أن المسار يسير في اتجاه إيجابي للغاية».

الوسيط الأميركي آموس هوكستين (أ.ب)

قرار أممي جديد؟

وكانت «الشرق الأوسط» أول من نقل، الاثنين، عن مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيسين الأميركي والفرنسي يستعدان لإعلان الهدنة بعد ظهور مؤشرات إلى «تفاؤل حذر» بإمكان نجاح الصيغة الأميركية لـ«وقف العمليات العدائية» بين لبنان وإسرائيل على أساس الإخلاء والانسحاب المتبادلين لمصلحة إعادة انتشار «اليونيفيل» والجيش اللبناني في المنطقة بإشراف «آلية مراقبة وتحقق» جديدة «تحدد بدقة كيفية تنفيذ القرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن عام 2006».

ويتوقع أن يصدر مجلس الأمن «قراراً جديداً يضع ختماً أممياً على الاتفاق الجديد» ويتضمن «لغة حازمة» حول الالتزامات الواردة في الاتفاق، من دون أن يشير إلى أنه سيكون بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يخوّل المجتمع الدولي اتخاذ «إجراءات قهرية» لتنفيذ ما ورد في القرار 1701.

ويتضمن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه انسحاب القوات الإسرائيلية إلى الحدود الدولية طبقاً لما ورد في القرار 1701، أي إلى حدود اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل في 23 مارس (آذار) 1948، على أن «تجري عملية إخلاء مقاتلي (حزب الله) وأسلحتهم من منطقة عمليات (اليونيفيل) طبقاً للقرار نفسه الذي ينص أيضاً على وجوب عدم وجود مسلحين أو أسلحة غير تابعين للدولة اللبنانية أو القوة الدولية على امتداد المنطقة بين الخط الأزرق وجنوب نهر الليطاني. وبالإضافة إلى التحقق من تنفيذ الاتفاق، ستبدأ محادثات للتوصل إلى تفاهمات إضافية على النقاط الحدودية الـ13 التي لا تزال عالقة بين لبنان وإسرائيل، بما فيها الانسحاب الإسرائيلي من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمالاً. وينص الاتفاق على «وقف الانتهاكات من الطرفين» مع إعطاء كل منها «حق الدفاع عن النفس».