«الصفقة» تتراجع و«الضم» يتقدّم... ماذا تُدبّر إسرائيل لغزة الآن؟

قادة أمنيون يتحدّثون عن خلافات بشأن تكثيف العمليات شمالاً

فلسطينيون ينزحون من مناطق شمال مدينة غزة السبت الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينزحون من مناطق شمال مدينة غزة السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

«الصفقة» تتراجع و«الضم» يتقدّم... ماذا تُدبّر إسرائيل لغزة الآن؟

فلسطينيون ينزحون من مناطق شمال مدينة غزة السبت الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينزحون من مناطق شمال مدينة غزة السبت الماضي (أ.ف.ب)

أكّدت مصادر رفيعة في أجهزة الأمن الإسرائيلية ما يقوله الفلسطينيون، من أن حكومة اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو، لا تكتفي بعرقلة صفقة التبادل، بل إنها تدفع نحو «ضم زاحف» لأجزاء كبيرة في قطاع غزة بدلاً من إنهاء الحرب وإعادة المخطوفين.

وقالت هذه المصادر، حسب صحيفة «هآرتس»، إن قادة المخابرات والقيادات العليا للجيش يقولون في محادثات مغلقة إن احتمالية التوصل إلى اتفاق حول صفقة تبدو الآن ضئيلة، ضمن أمور أخرى؛ لأنه منذ تم وقف الاتصالات حول عقد الصفقة لم يتم إجراء أي محادثات في هذا الشأن مع أي جهة دولية.

إضافةً إلى ذلك، حسب قولها، لم يتم إجراء نقاش على المستوى السياسي مع جهات رفيعة في جهاز الأمن حول وضع المخطوفين منذ ذلك الحين.

متظاهرون في تل أبيب خلال احتجاجات الشهر الماضي للمطالبة بإطلاق سراح الرهائن لدى «حماس» (أ.ف.ب)

ونقلت الصحيفة عن «قادة ميدانيين»، القول إن قرار الانتقال للعمل في شمال القطاع حالياً اتُّخذ من دون نقاش معمّق، ويبدو أن هذه الخطوة استهدفت بالأساس الضغط على سكان غزة الذين يُطلَب منهم الانتقال مرة أخرى من هذه المنطقة إلى منطقة الشاطئ، في حين أن الشتاء على الباب.

«خطة الجنرالات»

وأنه من غير المستبعَد أن ما يُنفّذ الآن يمهّد الأرض لقرار للمستوى السياسي لإعداد شمال القطاع لتنفيذ خطة الجنرالات، التي وضعها جنرال الاحتياط غيورا آيلاند، الذي بحسبه سيتم إخلاء كل سكان شمال القطاع إلى مناطق إنسانية في جنوب القطاع، ومن سيختار البقاء في شمال القطاع سيُعدّ ناشطاً في «حماس»، وسيكون بالإمكان المسّ به عسكرياً، واتباع إجراءات عقابية تحجب عنهم المساعدات الإنسانية حتى يجوعوا.

وقالت هذه الجهات الرفيعة في جهاز الأمن التي طُلب منها الرد على الخطة التي طرحها آيلاند، إنها «خطة خطيرة لا تتلاءم مع القانون الدولي، وإن احتمالية أن تؤيدها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ضئيلة جداً، وحتى أنها ستمسّ بالشرعية الدولية لمواصلة القتال في غزة».

لكن الجيش الذي يتجنب الصدام مع «رفاق الأمس» من جنرالات اليمين، يأخذ بعض الجوانب في الخطة، وهذا يوقعه في حبائل الحكومة.

وكانوا في الجيش الإسرائيلي قد استعدّوا لعملية توغّل واسعة في شمال القطاع بعد تفجّر الاتصالات لعقد الصفقة، من أجل الضغط على «حماس» للعودة إلى طاولة المفاوضات، ولكن في نهاية المطاف تَقرّر نقل مركز القتال إلى الحدود الشمالية.

والفرقة 162 التي تم الإبقاء عليها في جنوب القطاع، تلقّت تعليمات بالاستعداد لاقتحام واسع في جباليا التي تقع في الشمال، برغم أنه لم تكن هناك أي معلومات استخبارية تبرّر ذلك.

صورة بثّها الجيش الإسرائيلي لمدرّعات قال إنها في شمال غزة 6 أكتوبر الحالي (إ.ب.أ)

وقالت الصحيفة العبرية، إنه «لم يكن هناك اتفاق في المواقف بين كبار ضباط جهاز الأمن فيما يتعلق بضرورة هذه الخطوة».

وفي الجيش وفي «الشاباك» كان هناك من اعتقدوا أن الخطة يمكن أن تعرّض حياة المخطوفين للخطر.

وقالت المصادر التي تحدثت مع الصحيفة، إن الجنود الذين دخلوا إلى جباليا لم يصطدموا مع مخرّبين وجهاً لوجه، ومن دفع قُدماً بهذه العملية هو قائد المنطقة الجنوبية الجنرال يارون فنكلمان، قُبَيل إحياء الذكرى السنوية الأولى للحرب.

وأوضحوا في الجيش، حسب التقارير العبرية، مؤخراً أن النشاطات البرية في القطاع تعرّض حياة المخطوفين للخطر، وذلك منذ العثور على 6 مخطوفين موتى بعد أن أطلقت النار عليهم بعد اقتراب القوات من المكان الذي احتجزوا فيه.

«حماس» ما زالت تسيطر

ومنذ فترة غير بعيدة نقلت تقارير أن «حماس» أمرت عناصرها بمنع عمليات إنقاذ المخطوفين بأي ثمن، وإعدام المخطوفين في حالة اقتراب الجيش الإسرائيلي من المنطقة.

ومن اللافت أن قيادة الجيش تعترف بأن «حماس» ورغم 12 شهراً من القتال ضدها، ما زالت تسيطر تماماً على كل المجالات المدنية في القطاع، وأنها تصادر المساعدات الإنسانية وتتاجر بها، وتفرض عليها ضرائب، وتجبي أرباحاً تقدّر بنحو 600 مليون دولار خلال الشهور الـ7 الماضية.

وفي جهاز الأمن طرحوا على المستوى السياسي الحاجة إلى مسؤولية دولية على القطاع، لكن المستوى السياسي رفض حتى الآن كل اقتراح طرحه كبار قادة جهاز الأمن.

وترك الرفض الحكومي في الموقف فراغاً ملأته «حماس» بإقامة وحدة شرطة باسم «قوة السهم»، ويشارك فيها مئات النشطاء، وتعمل ضد من يحاول تقويض سلطة «حماس» في القطاع.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

وبالنسبة لـ«حماس» فإن الضغط الأكثر شدةً على قيادتها هو الوضع المدني الصعب في القطاع، خوفاً من أن يجعل السكان ينتفضون، ومع ذلك، فبعد سنة على الحرب فإن الكثير من الغزيّين يعتقدون أن الحركة ستواصل الإمساك بالسلطة حتى بعد الحرب، لذلك فإنهم يخشون من التعبير علناً ضدها.

«حماس» تحاول أيضاً منع السكان من الانتقال من مكان إلى آخر في أعقاب توجيهات الجيش الإسرائيلي. وبرغم طلبات «حماس»، فإن معظم السكان يغادرون خوفاً على حياتهم.

ومع ذلك، بعد أن تم تهجيرهم من بيوتهم عدة مرات في السنة الماضية فإن المزيد من السكان على استعداد للمخاطرة، والبقاء في مناطق القتال.

ويرون في جهاز الأمن الإسرائيلي أنه برغم أن الذراع العسكرية تضررت بشكل كبير فإنه في المجال المدني ما زالت «حماس» هي السلطة الوحيدة، وحسب قولها فإن اعتماد السكان على الحركة ازداد حقاً؛ لأن كثيرين معنيون بالعمل في هذه المنظمة من أجل كسب الرزق حتى لو كانوا لا يؤمنون بنهجها أو يؤيدونها.


مقالات ذات صلة

«لا مكان آمناً»... دبابات إسرائيلية توسّع التوغل في شمال قطاع غزة

المشرق العربي شاب فلسطيني يبكي أمام جثث أقاربه الذين قُتلوا بغارة إسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«لا مكان آمناً»... دبابات إسرائيلية توسّع التوغل في شمال قطاع غزة

وسَّعت القوات الإسرائيلية التوغل في شمال قطاع غزة، ووصلت الدبابات إلى الأطراف الشمالية لمدينة غزة، حيث قال سكان إنها دكّت بعض المناطق في حي الشيخ رضوان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص فلسطيني يبكي أقاربه الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على مخيم جباليا ليلة الجمعة (أ.ف.ب)

خاص هل بدأ تنفيذ «خطة الجنرالات» في شمال قطاع غزة؟

وسّعت إسرائيل، السبت، بشكل مفاجئ عمليتها العسكرية في شمال قطاع غزة، وطلبت إخلاء مزيد من المناطق المجاورة لمخيم جباليا الذي بدأت اجتياحاً له قبل 8 أيام.

المشرق العربي جنود في مقبرة بالقدس يوم 6 أكتوبر الحالي خلال تشييع عسكري قُتل بهجوم بطائرة مسيّرة يُعتقد أنها أُطلقت من العراق (أ.ف.ب)

عشرات جنود الاحتياط يرفضون الخدمة في إسرائيل

كشفت مصادر إعلامية في تل أبيب عن اتساع ظاهرة التذمر في صفوف الجيش، وسط معلومات عن رفض 130 جندياً الخدمة في جيش الاحتياط.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي القيادي بحركة «حماس» خالد مشعل (وسط الصورة) خلال كلمة له في الدوحة (رويترز - أرشيفية)

خالد مشعل: السابع من أكتوبر أعاد إسرائيل إلى «نقطة الصفر»

قال خالد مشعل، رئيس حركة «حماس» في الخارج، إن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «جاء نتيجة تصاعد جرائم التنكيل بالأسرى، وزيادة التضييق على الفلسطينيين».

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)
تحقيقات وقضايا سيدة فلسطينية تبحث عن ابنها المفقود عبر صورته على هاتفها في مخيم جباليا (رويترز)

الغزّيون ملّوا الحروب ويحلمون بحياة تشبه الحياة

الغزيون مرهقون بأسئلة صعبة: مَن يعيد الأحبة والبلاد؟ من يبني البيوت؟ أين يجدون جثامين أحبائهم لدفنهم؟ غالبيتهم يبحثون عن الهجرة ولا يفكرون بمن يحكم القطاع غداً.

«الشرق الأوسط» (غزة)

غوتيريش: الهجمات على الـ«يونيفيل» قد ترقى إلى مستوى جريمة حرب

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)
TT

غوتيريش: الهجمات على الـ«يونيفيل» قد ترقى إلى مستوى جريمة حرب

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الأحد)، من أن أي هجمات على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) «قد تشكل جريمة حرب»، وذلك بعد أن اقتحمت دبابتان إسرائيليتان بوابات قاعدة لقوات حفظ السلام في جنوب لبنان.

وقالت الـ«يونيفيل» إنّ دبابتين إسرائيليتين دخلتا أحد مواقعها «عنوة»، اليوم، في بلدة لبنانية حدودية، بعد منع قوات إسرائيلية وحداتها في اليوم السابق من المرور قرب بلدة حدودية أخرى.

وأوردت «القوة»، في بيان، أنه بعد عبور قوات إسرائيلية الحدود في بلدة رامية، دمرت «دبابتان من طراز (ميركافا) تابعتان للجيش الإسرائيلي البوابة الرئيسية للموقع ودخلتاه عنوة»، ثم غادرتا «بعد نحو 45 دقيقة».

وقالت إن إطلاق رشقات نارية لاحقاً شمال الموقع ذاته «أدى إلى انبعاث دخان كثيف» عانى على أثره «15 جندياً لقوات حفظ سلام من آثار ذلك، بما في ذلك تهيج الجلد ومشكلات في المعدة».

جاء ذلك بعدما كان جنود إسرائيليون أوقفوا أمس «حركة لوجيستية شديدة الأهمية لـ(يونيفيل) بالقرب من ميس الجبل، ومنعوها من المرور»، وفق البيان.