المعركة البرية في جنوب لبنان: تمهيد ميداني إسرائيلي بالنار والتوغّل رهن النتائج

المواجهات الفعلية لم تبدأ واستهداف «اليونيفيل» لتأمين مسافة مناورة كافية

TT

المعركة البرية في جنوب لبنان: تمهيد ميداني إسرائيلي بالنار والتوغّل رهن النتائج

جنود إسرائيليون على متن آلية عسكرية عند الحدود الشمالية على مقربة من الحدود اللبنانية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون على متن آلية عسكرية عند الحدود الشمالية على مقربة من الحدود اللبنانية (إ.ب.أ)

بعد أكثر من 10 أيام على بدء المعركة البرية التي أعلنها الجيش الإسرائيلي، يسود الغموض مسارها، وإن كانت المعطيات الميدانية تؤكد حتى الآن عدم دخول القوات الإسرائيلية في العمق اللبناني، واقتصار عملياتها على محاولات التوغّل في بعض القرى ومن ثم الانسحاب.

وبعدما اعتاد «حزب الله» على إصدار بيانات مقتضبة حول تصدي عناصره لكل هذه المحاولات، واستهداف تجمعات لجنود إسرائيليين، أصدر مساء الجمعة بياناً تفصيلياً متحدثاً عن «فشل الإسرائيلي في محاولات تقدمه في الأيام الأخيرة، واستحداثه محاور تقدم جديدة في القطاع الغربي محاولاً الاستفادة من التضاريس التي يعتقد أنها ستساعده». في المقابل وفي حين يعتمد الإسرائيلي على نشر مقاطع فيديو يقول إنها لأنفاق ومخازن أسلحة لـ«حزب الله» في الجنوب، أعلن السبت أنه منذ بدء المعركة البرية قتل 500 عنصر في «حزب الله» الذي كان قد توقّف عن نعي مقاتليه منذ نهاية الشهر الماضي.

وفي حين كان لافتاً في بيان «حزب الله» إعادة ربطه جبهة لبنان مع جبهة غزة بتعهّده لأمينه العام السابق حسن نصر الله «بأن مستوطنات شمال فلسطين المحتلة ستبقى خالية من المستوطنين حتى وقف الحرب على غزة ولبنان»، أكد فشل الإسرائيلي من السيطرة على أي من التلال التي يحاول التقدم إليها، ويكتفي بالوصول إلى بعض المنازل على أطراف بعض القرى الحدودية بهدف أخذ الصور وتنظيم زيارات إعلامية.

وانطلاقاً من الوقائع الميدانية، يعدُّ العميد المتقاعد، الخبير العسكري، حسن جوني، أن المواجهات البرية لم تبدأ بعد، ويضع استهداف الجيش الإسرائيلي لقوات «اليونيفيل» في إطار السعي لتحييدها لتأمين مسافة مناورة كافية له.

ويوضح لـ«الشرق الأوسط»، رغم قول الجيش الإسرائيلي أن العملية البرية المحدودة بدأت، لكن عملياً ما قام به الإسرائيلي هو تنفيذ طلائع القوات الخاصة ما يسمى «الاستطلاع بالنار»، للعمل على كشف مراكز «حزب الله» الأمامية وتشكيلات الدفاع ونوعية الأسلحة من خلال استفزازها بالنيران للتعامل معها عبر الجو والبحر والمدفعية تمهيداً لدخول التشكيل الرئيس للمهاجمة.

من هنا يلفت إلى أن «هذا التشكيل الرئيسي لم يدخل بعد لأن هذه القوة فشلت في تنفيذ مهمتها، وتبين أن الحزب هو الذي يكمن لها، وحدد طريقة دخولها، واشتبك معها بالطريقة المناسبة، ما أدى إلى قتل وجرح معظم عناصرها»، مشيراً إلى أن هذا الفشل ظهر مرات عدة عبر مناوشات محدودة، ما حال دون القدرة على تهيئة الميدان لهجوم بري. ويلفت جوني كذلك إلى أن الجيش الإسرائيلي ليس مستعداً لخسائر بشرية إضافية أمام مجتمعه الذي كان قد قال له إنه دمّر منظومة «حزب الله»، وقضى على قيادته، ليتبيّن أن الحزب لا يزال يواجه ميدانياً.

ورغم ذلك، يعدُّ جوني أن «هذا لا يعني أن الهجوم توقف وربما يحاول الجيش الإسرائيلي تطوير الموقف بما يناسبه عبر الاستمرار بالاستهدافات الجوية والبحرية والمدفعية على المناطق الأمامية، ولذلك بدأ باستهداف قوات (اليونيفيل) كي يحيّدها من الطريق لتوفير مسافة مناورة كافية، ربما لأنه يريد التعامل بمنطق الأرض المحروقة في هذه المنطقة ويتمكن من التقدم ولو قليلاً».

وفي حين يلفت إلى مدى عمق التقدم بما يرتبط بهدف الحرب يشير إلى المواقف الإسرائيلية الأخيرة التي بدأت تتحدث عن القضاء على «حزب الله»، وهو ما يعدُّ أنه ليس سهلاً تحقيقه، ويقول: «الإسرائيلي بات اليوم في مأزق، وإذا كان يريد فعلاً تحقيق هدفه عليه أن يتوغل براً، وبأعداد كبيرة، وعليه بالتالي أن يشتبك ويلتحم مع عناصر الحزب، وفي النهاية النتيجة هي التي تحدد ما ستؤول إليه الأمور».

وفي بيان عن غرفة عملياته، تحدث «حزب الله» عن المواجهات في الأيام الأخيرة، وقال في بيان له: «بعد الفشل المدوي والتصدّي البطولي الذي واجهه ويواجهه جيش العدو الإسرائيلي في محاولات تقدمه باتجاه القرى الجنوبية الحدودية في القطاع الشرقي، حاول في اليومين الماضيين استحداث محاور تقدم جديدة في القطاع الغربي من اتجاه موقعي رأس الناقورة وجل العلام باتجاه المشيرفة واللبونة، محاولاً الاستفادة من التضاريس التي يعتقد أنها ستساعده»، مشيراً إلى أنه قبل ذلك، شن سلاح الجو الإسرائيلي عشرات الغارات بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف من البر والبحر على بلدات الضهيرة وعلما الشعب والناقورة.

وأشار البيان إلى أنه بالتزامن مع هذه المواجهات «تواصل مجموعات الإسناد الناري استهداف تحشيدات وتموضعات وخطوط دعم جيش العدو الإسرائيلي في المواقع والثكنات العسكرية على طول الحافة الأمامية وداخل المستوطنات الحدودية، كما استهداف قواعد عسكرية ومستوطنات في الشمال».


مقالات ذات صلة

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف وسط بيروت

المشرق العربي موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (ا.ب)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف وسط بيروت

سُمع دوي انفجارات عدة مدوية في العاصمة اللبنانية، فجر اليوم، مع دخول الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله شهرها الثالث.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:54

مقتل مدير مستشفى و6 من زملائه في قصف إسرائيلي على شرق لبنان

قُتل مدير مستشفى دار الأمل قرب بعلبك في شرق لبنان مع ستة من زملائه العاملين في المستشفى، الجمعة، في ضربة إسرائيلية استهدفت منزله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
TT

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه السابق يوآف غالانت، على خلفية جرائم حرب في غزة، يسود قلقٌ في إسرائيلَ من إمكان أن تشمل الملاحقات أيضاً قادة جيشها.

وإذا كان المتهمان الأساسيان بجرائم غزة هما نتنياهو وغالانت، فإنه يوجد منفذون أيضاً هم قادة الجيش الكبار والصغار وألوف الجنود والضباط الذين نشروا صوراً في الشبكات الاجتماعية يتباهون فيها بممارساتهم ضد الفلسطينيين.

ولم يشهد سكان غزة، أمس، ما يدعوهم للأمل في أن يؤديَ أمرا اعتقال نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات جديدة.