استراتيجية «حزب الله» الجديدة: تصعيد تدريجي والأولوية للقتال البري

أكد جهوزية قوته الصاروخية لاستهداف «كل مكان في فلسطين»

صورة عماد مغنية مرفوعة إلى جانب راجمات صواريخ لـ«حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان (أرشيفية)
صورة عماد مغنية مرفوعة إلى جانب راجمات صواريخ لـ«حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان (أرشيفية)
TT

استراتيجية «حزب الله» الجديدة: تصعيد تدريجي والأولوية للقتال البري

صورة عماد مغنية مرفوعة إلى جانب راجمات صواريخ لـ«حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان (أرشيفية)
صورة عماد مغنية مرفوعة إلى جانب راجمات صواريخ لـ«حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان (أرشيفية)

بعد الضربات الكبرى التي تلقاها «حزب الله» منذ 17 سبتمبر (أيلول)، وهو اليوم الذي شهد تفجير أجهزة «البيجر»، بلور على ما يبدو مؤخراً استراتيجية عسكرية جديدة كان قد وضعها لمواجهة إسرائيل في أي حرب موسعة تشنّها على لبنان.

وتعتمد هذه الاستراتيجية بصفة أساسية على التصعيد التدريجي في استخدام الصواريخ، واختيار الأهداف الحيوية، مع إعطاء الأولوية للقتال البري وصد الهجمات الإسرائيلية التي توسعت مؤخراً لتشمل القطاع الغربي، بعد أسبوع على انطلاق العمليات البرية في القطاعين الشرقي والأوسط.

وفي بيان أصدره، مساء الثلاثاء، أكد الحزب «جهوزية القوة الصاروخية لاستهداف كل مكان في فلسطين المحتلة تقرره قيادة المقاومة»، محذراً من أن «تمادي العدو الإسرائيلي سيجعل من حيفا وغير حيفا بالنسبة إلى صواريخ المقاومة بمثابة كريات شمونة والمطلة وغيرهما من المستوطنات الحدودية مع لبنان»، ومنبهاً إلى أن نيرانه باتجاه «العمق الصهيوني لن تقتصر على الصواريخ ولا المسيرات الانقضاضية».

الحزب يستعد لمعركة طويلة

ويعد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد حسن جوني، أنه «لا يمكن الحديث عن انتهاج الحزب استراتيجية جديدة»، لافتاً إلى أننا «في مرحلة جديدة من استراتيجية وُضعت في وقت سابق، لأن المرحلة الراهنة لا يفترض أن تكون مرحلة إعداد استراتيجيات، وإنما مرحلة تطبيق خطط وُضعت سابقاً تبعاً لمقتضيات الميدان».

ويشير جوني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «أننا بتنا في مرحلة التصعيد في استخدام الصواريخ واختيار الأهداف باعتبار أنه في الساعات الماضية وُجّهت ضربات موجعة إلى حيفا»، موضحاً أنه «بالنسبة إلى البر، فاستراتيجية الحزب بسيطة وواضحة وثابتة، وتقوم على مقاومة التوغل الإسرائيلي، بحيث يُكبّد العدو خسائر في أثناء التقدم. ففلسفة عمل المقاومة ليست منع الاحتلال، إنما منع العدو من الاستقرار بعد حصول الاحتلال»، مضيفاً: «أما اعتماد (حزب الله) على التصدي لطلائع القوات الإسرائيلية في الخطوط الأمامية، فهدفه التأثير في المعنويات، كما استغلال بعض النقاط المعدة في الميدان».

ويرى جوني أن «حديث الشيخ نعيم قاسم عن أن إطالة أمد المعركة تُدخل إسرائيل في وضع مأزوم، يؤكد أن الحزب يتعامل مع المعركة على أنها طويلة، ويتدرّج في استعمال الأسلحة والصواريخ، لأنه يعلم أن زمن المواجهة طويل».

حيفا مقابل الضاحية

من جهته، يوضح المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى «اليونيفيل»، العميد منير شحادة، أن «حزب الله» يقاتل راهناً على أساس أنه «لم يعد هناك شيء يخسره بعدما اغتالت إسرائيل أمينه العام وقادة الصف الأول، وهجّرت بيئته ودمّرت القرى والبلدات»، لافتاً إلى أنه «من الآن وصاعداً سيكون هناك تصعيد تدريجي واستهداف أماكن أبعد من حيفا وتل أبيب. وقد بدأ (حزب الله) استهداف المناطق السكنية في حيفا، وبدأ يعمل وفق معادلة حيفا مقابل الضاحية». ويشير شحادة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «(حزب الله) يعتمد على الحرب البرية والالتحام على المسافة صفر؛ لكي يؤكد تماسكه وقدرته بعد ضربات قاسية جداً تلقاها، وكان يفترض أن تؤدي إلى استسلامه أو انهياره».

القرار إيراني

أما العميد المتقاعد جورج نادر فلا يرى أن «أي استراتيجية قديمة أو جديدة قادرة على انتشال (حزب الله) من مصابه، خصوصاً بعدما تم استهداف قادة الصف الأول والثاني والمخازن الكبيرة للصواريخ»، لافتاً إلى أنه «بات هناك خلل في بنيان الحزب، فهو وإن كان لا يزال قادراً على القتال في البر، فلن يتمكن من صد اجتياح مثل الذي تُعد له إسرائيل معتمدة على آلاف الجنود».

أما من ناحية احتمال ضرب أهداف إسرائيلية، فيلفت نادر إلى أنه «لو كان الحزب يريد أو يستطيع ضرب أهداف استراتيجية في الداخل الإسرائيلي لأقدم على ذلك. لكن، بات محسوماً أن القرار في هذا الشأن هو لإيران وليس له».


مقالات ذات صلة

غارة إسرائيلية جديدة على بيروت

المشرق العربي ألسنة اللهب والدخان تتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

غارة إسرائيلية جديدة على بيروت

سمع دوي انفجار وسقوط صواريخ، مساء الخميس، وسط العاصمة اللبنانية بيروت، وفق ما أفاد شهود لوكالة «رويترز» للأنباء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون على متن مركبة عسكرية في شمال إسرائيل، بالقرب من الحدود مع لبنان 10 أكتوبر2024 (إ.ب.أ)

إسرائيل تريد نقل قوات «يونيفيل» لـ5 كيلومترات شمالاً

قال داني دانون، مبعوث إسرائيل لدى الأمم المتحدة، الخميس، إن إسرائيل توصي بنقل قوات «يونيفيل» في لبنان لمسافة 5 كيلومترات شمالاً «لتجنّب الخطر مع تصاعد القتال».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا أحد أفراد الشرطة العسكرية الروسية في الجولان السوري المحتل (أرشيفية - أ.ف.ب)

تراجع «تكتيكي» لموسكو في سوريا وتبدل أولوياتها

أثارت الانسحابات العسكرية الروسية من نقاط مراقبة قرب خطوط التماس مع الجولان السوري التساؤلات حول التموضع الروسي في إطار المواجهة المتفاقمة في لبنان.

رائد جبر (موسكو)
العالم العربي صورة لمنطقة الناقورة جنوب لبنان (إ.ب.أ)

«حزب الله» يستهدف جنوداً إسرائيليين جنوب لبنان

أعلن «حزب الله» اللبناني في 3 بيانات منفصلة أن عناصره استهدفوا بالصواريخ، الخميس، تجمعات لجنود إسرائيليين بمحيط جبانة بلدة يارون جنوب لبنان، وفي مستوطنة يرؤون.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود عسكريون على متن آلية عسكرية في منطقة حدودية قريبة مع لبنان (إ.ب.أ)

«حزب الله» يحاول استعادة الردع بقصف فرق انتشال المصابين والمدن الإسرائيلية

أطلق أوسع مروحة من الصواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية المأهولة رداً على استهدافات القرى الجنوبية والضاحية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حزب الله» يحاول استعادة الردع بقصف فرق انتشال المصابين والمدن الإسرائيلية

جنود عسكريون على متن آلية عسكرية في منطقة حدودية قريبة مع لبنان (إ.ب.أ)
جنود عسكريون على متن آلية عسكرية في منطقة حدودية قريبة مع لبنان (إ.ب.أ)
TT

«حزب الله» يحاول استعادة الردع بقصف فرق انتشال المصابين والمدن الإسرائيلية

جنود عسكريون على متن آلية عسكرية في منطقة حدودية قريبة مع لبنان (إ.ب.أ)
جنود عسكريون على متن آلية عسكرية في منطقة حدودية قريبة مع لبنان (إ.ب.أ)

بدأ «حزب الله» تطبيق الاستراتيجية نفسها التي تطبقها القوات الإسرائيلية في لبنان، تجاه سحب المصابين والجثث، حيث أعلن استهداف قوة لجنود إسرائيليين، أثناء محاولتها، للمرة الثالثة، سحب الإصابات من الآلية المستهدَفة في رأس الناقورة، واستهداف مروحية لنقل المصابين في القطاع الشرقي، بموازاة إطلاق أوسع مروحة من الصواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية المأهولة؛ رداً على استهدافات القرى الجنوبية والضاحية؛ وذلك في محاولة لإيجاد «ردع» جديد، وفق ما يقول خبراء عسكريون.

ومنذ الأسبوع الماضي، تمنع المُسيّرات الإسرائيلية طواقم الإسعاف من الوصول إلى موقع استهداف رئيس الهيئة التنفيذية لـ«حزب الله»، هاشم صفي الدين، الذي أعلنت إسرائيل اغتياله، كما تمنع الاستهدافات الجوية المُسعفين والدفاع المدني من الوصول إلى مواقع استهداف منازل في جنوب لبنان، وفق ما تقول مصادر ميدانية، لـ«الشرق الأوسط»، فضلاً عن الاستهدافات المتكررة لطواقم الإسعاف والدفاع المدني، وكان آخِرها في بلدة ديردغيا، حيث جرى استهدافهم، إلى جانب كنيسة، مما أسفر عن مقتل 5 مسعفين ورجال إطفاء، على الأقل.

وأعلن «حزب الله»، الخميس، استهداف مقاتليه دبابة إسرائيلية، أثناء تقدمها إلى رأس الناقورة، بالصواريخ الموجهة، مما أدى إلى احتراقها وتدميرها، وسقوط طاقمها بين قتيل وجريح. وفي بيان لاحق، أعلن استهداف قوة «أثناء محاولتها سحب الإصابات من منطقة رأس الناقورة، بصلية صاروخية، وأصابوها إصابة مباشرة»، كما أعلن، مساء، استهداف قوة ثالثة «أثناء محاولتها، للمرة الثالثة، سحب الإصابات من الآلية المستهدفة في رأس الناقورة، بصلية صاروخية». وأفادت وسائل إعلام الحزب بأن الجيش الإسرائيلي «يفشل، منذ ساعات، في الوصول إلى الدبابة المستهدفة في رأس الناقورة، وذلك باستهداف القوة المتقدمة».

وأفادت وسائل إعلام محلية بأن الدفاع الجوي لـ«حزب الله» استهدف مروحية عسكرية إسرائيلية، أثناء محاولات الهبوط لانتشال مصابين إسرائيليين في القطاع الشرقي، مما دفعها للمغادرة، وذلك بعد وقوع إصابات بصفوف الجنود.

مروحيتان إسرائيليتان تحلقان فوق جنوب لبنان مقابل الجليل الأعلى (إ.ب.أ)

وتؤشر تلك الاستهدافات إلى محاولة من الحزب تنفيذ الاستراتيجية الإسرائيلية نفسها التي تتبعها في جنوب لبنان، منذ بدء التوسعة النارية والعمليات البرية في جنوب لبنان. ويقول هؤلاء إن ذلك يندرج ضمن إطار «المحاولات لاستعادة الردع»، ويتمثل ذلك أيضاً في «الضغط العسكري عبر إطلاق الصواريخ باتجاه المستعمرات والمدن المأهولة».

ودوَّت صفارات الإنذار في كريات شمونة، 6 مرات، الخميس، وأعلن الجيش الإسرائيلي، صباحاً، رصد إطلاق 40 صاروخاً من لبنان، وسقوط صاروخ على منزل في مرغليوت، في إصبع الجليل، واعتراض 5 صواريخ، في إصبع الجليل، بعد تفعيل صافرات الإنذار. ولاحقاً، تحدثت معلومات عن تسلل طائرة مُسيّرة.

الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

وأعلن «حزب الله» استهداف كريات شمونة، واستهداف تجمعات للجنود قرب قاعدة بيت هلل، وكفر جلعادي، ومعيان وخلة الشنديبة غرب بوابة المنارة، وهي في القطاع الشرقي، فضلاً عن استهداف تحرك لجنود إسرائيليين في تلة المجدل، في ميس الجبل، وتحرك آخر قرب منطقة الكنَيسة بين ميس الجبل ومحيبيب، فضلاً عن استهداف تجمعات في محيط جبانة يارون وفي المنارة ويرؤون. كما أعلن استهداف مدينة كرمئيل، ومنطقة زوفولون شمال مدينة حيفا، بصليات صاروخية كبيرة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، بدوره، رصد 50 صاروخاً أُطلقت من لبنان باتجاه نهاريا وعكا، في حين أعلن المتحدث باسم الجيش قتل جندي إسرائيلي من اللواء 228 في معارك جنوب لبنان، كما أصيب جندي آخر بجروح خطيرة.

رجال إنقاذ في موقع استهداف مركز للدفاع المدني ببلدة ديردغيا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وفي المقابل، واصل سلاح الجو تنفيذ غارات في مناطق متفرقة بجنوب وشرق لبنان، وأفاد الدفاع المدني اللبناني بسقوط «9 شهداء و14 جريحاً على أثر غارة إسرائيلية استهدفت 3 مبان في بلدة الكرك بالبقاع الأوسط»، وذلك بعد غارة استهدفت مركزاً للدفاع المدني في ديردغيا بشرق صور، وواصلت فرق الإسعاف البحث عن مفقودين تحت أنقاض الكنيسة ومركز الدفاع المدني اللبناني، بعد انتشال 5 قتلى من الموظفين العملانيين من عديد مركز صور الإقليمي للدفاع المدني.