عشرات جنود الاحتياط يرفضون الخدمة في إسرائيل

بعضهم ينتقد «فشل نتنياهو» وآخرون يتحدثون عن حرب بلا نهاية وبلا هدف

جنود إسرائيليون يشاركون في العمليات الهجومية قرب الحدود مع لبنان يوم 8 أكتوبر الحالي (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يشاركون في العمليات الهجومية قرب الحدود مع لبنان يوم 8 أكتوبر الحالي (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)
TT

عشرات جنود الاحتياط يرفضون الخدمة في إسرائيل

جنود إسرائيليون يشاركون في العمليات الهجومية قرب الحدود مع لبنان يوم 8 أكتوبر الحالي (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يشاركون في العمليات الهجومية قرب الحدود مع لبنان يوم 8 أكتوبر الحالي (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)

كشفت مصادر إعلامية في تل أبيب عن اتساع ظاهرة التذمر والاحتجاج داخل صفوف الجيش، وسط معلومات عن إعلان 130 جندياً إسرائيلياً رفضهم الخدمة العسكرية في جيش الاحتياط. وقالت المصادر إنه وعلى الرغم من محاولات كبت هذه المظاهر في الجيش ووسائل الإعلام، فإنه لم يعد ممكناً في الحقيقة إخفاؤها.

وأكدت المصادر أن جنود الاحتياط المتذمرين ما زالوا يشكلون أقلية داخل الجيش لكنهم يعكسون جو الإحباط الذي بدأ ينتشر في صفوف العسكريين، من جراء إطالة الحرب.

وقال أوريا لوبربوم، رئيس حركة «براشيت»، التي تنظم احتجاج جنود الاحتياط، إن هذه الحركة ليست سياسية ولا حزبية وهي تضم جنوداً وضباطاً ينتمون إلى اليمين وإلى اليسار، موضحاً أن هناك من يطالب الحكومة بإنهاء الحرب بالحسم العسكري القوي، في حين يطالب آخرون بوقف الحرب فوراً والتوجه إلى صفقة تبادل أسرى، كما أن بينهم أيضاً مَن يطلب وقف العمليات ضد الفلسطينيين. لكن ما يوحّد كل هؤلاء هو أنهم يرون في إدارة الحرب فشلاً ذريعاً يُضاف إلى إخفاقات منع هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهي إخفاقات يُلقون بالمسؤولية فيها على الحكومة بالأساس وعلى الجيش أيضاً.

وكان هناك من الجنود المعترضين من اختار الاحتجاج بكتابة شعارات على السيارات العسكرية، وبينها «(بنيامين) نتنياهو جيّد للعرب»، ويقصدون بها أن فشل نتنياهو يخدم أعداء إسرائيل.

جنود في مقبرة بالقدس يوم 6 أكتوبر الحالي خلال تشييع عسكري قُتل بهجوم بطائرة مسيّرة يُعتقد أنها أُطلقت من العراق (أ.ف.ب)

وقد بدأت حملة الاحتجاج هذه في مطلع السنة الحالية، عندما بدا أن الجيش الإسرائيلي طالب بوقف الحرب والتوجه إلى صفقة تبادل أسرى مع «حماس». لكنها اتخذت شكلاً صامتاً وتعمدت العمل داخل الجيش بلا ضجيج حتى لا تخدم «العدو». وفي شهر يونيو (حزيران)، ظهرت إلى العلن للمرة الأولى بكتابة شعارات احتجاجية، والتي انتقدها الناطق باسم الجيش قائلاً: «ليس من المقبول أن يتصرف الجنود بهذا الشكل عموماً، فكم بالحري في خضم الحرب».

والأربعاء، نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، رسالة موقعة من 130 جندياً تتضمن تحذيراً من أنهم لن يخدموا بعد الآن ما لم تعمل الحكومة على الحصول على صفقة بشأن الأسرى ووقف إطلاق النار. ووجِّهت الرسالة إلى رئيس الحكومة والوزراء ورئيس أركان الجيش، ووقع عليها جنود احتياطيون ومجندون، ينتمون إلى سلاح المدرعات، وسلاح المدفعية، وقيادة الجبهة الداخلية، والقوات الجوية والبحرية. وقد وقع 67 منهم باسمه الصريح، في حين وقع الباقون بالأحرف الأولى من أسمائهم. ومع أن غالبيتهم يخدمون في جيش الاحتياط، فإن 14 منهم ينتمون إلى الجيش النظامي أيضاً، الذي يؤدي الخدمة الإجبارية.

وجاء في الرسالة: «من الواضح الآن أن استمرار الحرب في غزة لا يؤخر عودة الأسرى فحسب، بل يعرّض حياتهم للخطر أيضاً: فقد قُتل الكثير منهم بضربات الجيش الإسرائيلي، أكثر بكثير من أولئك الذين تم إنقاذهم في العمليات العسكرية».

وأجرت «هآرتس» مقابلات مع عدد من الموقعين، فقال «يريف» (اسم مستعار) إنه مستعد للعودة إلى الجيش والقتال في كل لحظة يتم استدعاؤه فيها للقتال ضد هجوم عسكري، و«لكن ليس في معركة كاذبة لا تنتهي ولا نعرف متى وكيف تكون نهايتها. فلا يعقل أن تدير الحكومة حرباً كهذه بلا هدف واضح، نتمكن من القول إننا مستعدون للموت في سبيله». وأضاف: «زوجتي أبلغتني أنه في حال قُتلت في الحرب ستكتب على الشاهد فوق القبر كلمة واحدة: أهبل. فهي تعتقد أننا نضحي بأرواحنا لأجل حكومة تعمل من منطلقات شخصية وغير وطنية».

وقال أساف (29 عاماً)، الذي قاتل في غزة والضفة الغربية، إن الحرب شوهت نفسيته. وأضاف: «نحن نشعر بأننا نضحي بحياتنا وعائلاتنا لأجل مجموعة من المتطرفين الذين يريدون إبادة الفلسطينيين. ليس لنا ما نفعله في غزة ولا في الضفة. هناك ندافع عن سياسة متطرفة لخدمة الاستيطان والقوى الدينية المتطرفة، التي باتت تغزو الجيش».

جنديتان في موقع لإحياء ذكرى إسرائيليين قُتلوا أو خُطفوا خلال هجوم «حماس» على غلاف غزة يوم 7 أكتوبر العام الماضي (أ.ف.ب)

وقال يوتام فليك، الذي يقود فيلقاً ويقود دبابة وحارب في السنة الماضية طيلة 230 يوماً، إنه يعتبر نفسه رافض خدمة لأسباب ضميرية. ولم يعد مستعداً للقتال في سبيل أهداف غير صهيونية. وقال: «إسرائيل لا تفعل شيئاً لإطلاق سراح المخطوفين. تنازلت عن أبنائها. وأنا أنظر إلى نفسي وإلى ما نفعله للفلسطينيين في غزة ولا أستطيع أن أنظر في المرآة. إسرائيل خانتني وخانت المبادئ الإنسانية التي أومن بها. المطلوب الذهاب إلى صفقة».

ويقول ماكس كيرش (28 عاماً)، وهو أميركي هاجر إلى إسرائيل في سنة 2014، إنه اختار الخدمة في الإسعاف العسكري لأنه لم يرد أن يكون قاتلاً في أي ظروف. وخلال الخدمة التقى كثيرين من الجنود والضباط المحبطين، الذين يتذمرون بصوت خافت. ويضيف: «بقيت في الخدمة بدافع الرغبة أن يبقى هناك صوت عاقل في الفرقة. وتحمّست للقتال عندما فهمت أن قوات (حزب الله) تريد احتلال الجليل. ولكن الوقت طال ونحن نرى أننا نحارب بلا هدف وبلا نهاية وأن الحديث عن تهديد وجودي لإسرائيل هو محض كذب وافتراء. وفي الجيش تنمو قوة من المتطرفين الذين يطلقون شعارات غير إنسانية تجاه الفلسطينيين. وهم يرددون أقوالاً متطرفة للوزراء المتطرفين. قيادة كهذه لا تستحق القتال تحت كنفها».


مقالات ذات صلة

دعم نفسي ولمحة من الحياة العادية... مصفِّفا شعر يُقدمان تسريحات مجانية للنازحين اللبنانيين (صور)

المشرق العربي الشابة كريستي رحّال وزميلها «أبولو» يقدمان خدمة تصفيف الشعر المجانية للبنانيين النازحين بسبب الحرب في بيروت (الشرق الأوسط)

دعم نفسي ولمحة من الحياة العادية... مصفِّفا شعر يُقدمان تسريحات مجانية للنازحين اللبنانيين (صور)

تضع الشابة العشرينية كريستي رحّال معدات الحلاقة داخل سترة سوداء ترتديها، وتحمل كرسياً متحركاً معها خلال تجولها في شوارع العاصمة بيروت لمساعدة النازحين.

تمارا جمال الدين (بيروت)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون قتلى جراء غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في دير البلح اليوم (رويترز)

«الهلال الأحمر» يعلن مقتل 28 شخصاً بضربة إسرائيلية على مدرسة في غزة

أفاد «الهلال الأحمر» الفلسطيني، اليوم (الخميس)، بمقتل 28 شخصاً وإصابة 54 جراء ضربة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بدير البلح في غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية تصاعد النار جراء صواريخ أطلقها «حزب الله» على شمال إسرائيل (أ.ب)

«حزب الله» يستهدف كريات شمونة بالصواريخ... وإسرائيل تستهدف قادته الميدانيين

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، رصد إطلاق 40 صاروخاً من لبنان على منطقة الجليل الأعلى، في حين قال «حزب الله»، اليوم، إنه استهدف مستوطنة كريات شمونة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية دبابة إسرائيلية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)

إسرائيل تعلن اغتيال عضو بـ«حزب الله» ينشط في الجولان

قالت إسرائيل إنها قتلت عضواً في «حزب الله» في سوريا كان ينقل معلومات استخباراتية ضد إسرائيل في الجولان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية آثار الدمار من جراء قصف إسرائيلي على المزة في دمشق (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن أنه قتل عضواً في «حزب الله» خلال ضربة في سوريا

أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء الأربعاء، أنه قتل في سوريا عضواً في «حزب الله» في ضربة جوية في منطقة القنيطرة في سوريا بمحاذاة الجولان السوري.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نجا من 4 محاولات اغتيال... من قائد «كتيبة بلاطة» الذي قتلته إسرائيل؟

TT

نجا من 4 محاولات اغتيال... من قائد «كتيبة بلاطة» الذي قتلته إسرائيل؟

قائد «كتيبة بلاطة» وسط مخيم بلاطة شمال الضفة الغربية في أبريل 2023 (الشرق الأوسط)
قائد «كتيبة بلاطة» وسط مخيم بلاطة شمال الضفة الغربية في أبريل 2023 (الشرق الأوسط)

اغتالت قوات خاصة إسرائيلية 4 فلسطينيين وسط مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، إذ استهدفت مركبة كانت تقلّهم وسط المدينة.

وقالت «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية» (وفا) إن «قوة من المستعربين (القوات الخاصة) تسللت إلى مدينة نابلس وأطلقت النار على مركبة كان يستقلّها أربعة شبان قرب السوق الشرقية، فيما دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات كبيرة إلى شارع القدس قادمة من جهة حاجز حوارة العسكري، ثم انسحبت عقب ذلك».

ومن بين من استهدفتهم القوات الخاصة الإسرائيلية، عصام الصلّاج، قائد «كتائب شهداء الأقصى – الثأر والتحرير» التابعة لحركة «فتح» في مخيم بلاطة بالمدينة.

قائد «كتيبة بلاطة» وسط مخيم بلاطة شمال الضفة الغربية في أبريل 2023 (الشرق الأوسط)

وكان الصلّاج قائداً لـ«كتيبة بلاطة» التي ضمّت في تشكيلاتها عناصر من «فتح» و«حماس» والجهاد الإسلامي» قبل الإعلان عن تشكيل مسلح جديد. وتتهم إسرائيل الكتيبة بتنفيذ سلسلة من العمليات ضد أهداف للجيش والمستوطنين في شمال الضفة الغربية وتلاحق قادتها وعناصرها منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

وولد الصلّاج عام 1993 في مخيم بلاطة، أكبر مخيمات الضفة الغربية، والتحق بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا» قبل الانضمام لصفوف حركة «فتح» بالمخيم والالتحاق بجناحها العسكري.

ونجا الصلّاج من 4 محاولات اغتيال سابقة وأصيب في إحداها بإصابات بالغة قبل أن تتمكن الوحدات الخاصة الإسرائيلية من الوصول إليه، الأربعاء، في نابلس. وكانت إسرائيل تتهم الصلّاج بالتخطيط وتنفيذ عمليات مسلحة ضدها وتصنيع العبوات الناسفة.

لقاء مع «الشرق الأوسط»

وكانت «الشرق الأوسط» التقت الصلّاج بين أزقة مخيم بلاطة في أبريل (نيسان) 2023، في ذروة نشاط مجموعته المسلحة، إذ قال الشاب المقنع حينها والمسلح ببندقيته إن قراره ورفاقه حملَ السلاح مجدداً جاء مدفوعاً بتصاعد هجمات الجيش والمستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية.

قائد «كتيبة بلاطة» وسط مخيم بلاطة شمال الضفة الغربية في أبريل 2023 (الشرق الأوسط)

ولفت الصلّاج، في الحوار الذي تستعيده «الشرق الأوسط»، إلى الاختلال في موازين القوى بين أسلحة عناصر الكتيبة الفردية وقدرات الجيش الإسرائيلي العسكرية، مشيراً إلى أن المواجهة هذه «لا تعكس إلا حجم العناد» لدى جيل جديد من الفلسطينيين على وقع تصاعد العنف وارتفاع وتيرة سياسات الضم والاستيطان.

ويتصاعد العنف في الضفة الغربية منذ بدء حرب إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس» في قطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وقُتل المئات من الفلسطينيين في اشتباكات مع قوات إسرائيلية، بمن في ذلك مقاتلون مسلحون وشبان يرشقون القوات بالحجارة ومدنيون.