مشاعر الخوف من الوجود الإيراني تتعزّز في سوريا

اتهامات لإيران بدفع السوريين إلى خطر الموت المُحدِق

أرشيفية لمبنى القنصلية الإيرانية بدمشق بعد الغارة الإسرائيلية في 1 أبريل قُتل فيها سوريون يسكنون المبنى نفسه (رويترز)
أرشيفية لمبنى القنصلية الإيرانية بدمشق بعد الغارة الإسرائيلية في 1 أبريل قُتل فيها سوريون يسكنون المبنى نفسه (رويترز)
TT

مشاعر الخوف من الوجود الإيراني تتعزّز في سوريا

أرشيفية لمبنى القنصلية الإيرانية بدمشق بعد الغارة الإسرائيلية في 1 أبريل قُتل فيها سوريون يسكنون المبنى نفسه (رويترز)
أرشيفية لمبنى القنصلية الإيرانية بدمشق بعد الغارة الإسرائيلية في 1 أبريل قُتل فيها سوريون يسكنون المبنى نفسه (رويترز)

«إذا إيراني الله يبعده عنا»، قال سائق التاكسي لركاب سيارته وهو يبحث عن مسار آخر بعيداً عن سيارات سوداء كانت قريبة من قلعة دمشق بالمدينة القديمة، أحد الركاب ردّ ممازحاً: «لا تخَف، الضربات دقيقة وتعرف من تصيب»!!

قد يكون هذا نموذجاً من الحوارات السريعة في الشارع الدمشقي بعد تزايُد الضربات الإسرائيلية على سيارات ومواقع قياديين إيرانيين ولبنانيين بـ«حزب الله» في سوريا، بالتوازي مع التصعيد العنيف ضد الحزب في لبنان، وقد وصل عددها إلى 13 ضربة توزّعت بين 11 جوية، و2 برية، كما استهدفت الضربات مواقع عسكرية وأمنية، وسيارات في مناطق مختلفة، منها 5 في دمشق وريفها، و4 في حمص.

مصادر متابعة في دمشق أشارت إلى تنامي الشعور بين السوريين بأنهم يدفعون ثمن الحرب «بين إيران وإسرائيل»، وأنها حرب «لا ناقة لهم فيها ولا جمل».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن مخاوف المدنيين من الوجود الإيراني في سوريا راحت تتعزَّز مع التصعيد الإسرائيلي في لبنان، وأنه حتى المنتفعون من الوجود الإيراني باتوا يخشون على مصالحهم وممتلكاتهم من الاستهداف. ولفتت إلى أن هؤلاء كانوا يبرّرون ارتباطهم بإيران كونها محور دول «المقاومة»، وأنها «داعمة لقضية فلسطين كما دافعت عن سوريا في مواجهة الإرهاب»، لكن هذه المبرّرات تزعزعت جرّاء «ضعف رد الفعل الإيراني» على اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، وعدد كبير من قياديّي الحزب، وتدمير الضاحية الجنوبية في بيروت، فبدا وكأن إيران «ضحّت بهم».

في سياق متصل تحدّث مصدر أهلي في دير الزور لـ«الشرق الأوسط» عن حالة خديعة تعرّض لها متطوعون في الميليشيات الإيرانية تم تجنيدهم لصالح القتال في غزة.

وأشار المصدر إلى أن الميليشيات الإيرانية قبل 8 أشهر، دعت الشباب في دير الزور إلى التطوع للقتال في غزة مقابل مبالغ مالية، وقد استجاب نحو 50 شاباً خضعوا لدورة تدريب عسكري، وتأهيل نفسي لـ20 يوماً، درّبهم خلالها عراقيون ولبنانيون، بإشراف قياديين إيرانيين، لكن بعد انتهاء الدورة وبدل إرسالهم إلى فلسطين، فُرز قسم منهم على المعابر المائية في نهر الفرات لمواجهة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، بوصفها «عدواً داخلياً».

أما القسم الآخر فقد فُرز لحراسة مقرّات ومستودعات الميليشيات الإيرانية ببادية دير الزور، ويقول المصدر إن «بعض المتطوعين تنبّهوا للخديعة وهربوا، وعلى خلفية ذلك جرت مهاجمة منازل ذويهم واعتقال بعضهم».

المرصد السوري لحقوق الإنسان، من جهته، اتهم في تقرير له، الثلاثاء، إيران والميليشيات الإيرانية بدفع «السوريين لخطر الموت المحدق بهم غير آبِهة بحياتهم».

وقال المرصد إن الميليشيات التابعة لإيران اختلقت رواية إعلامية جديدة لتجنيد المدنيين السوريين، وهي «الدفاع عن أهالي غزة»، و«المقاومة»، وقد تركّزت الحملات في محافظة دير الزور ومحافظات حلب وريف دمشق وحماة وحمص أيضاً، حيث خضع المجنّدون حديثاً لدورات عسكرية في كل من بادية حمص الشرقية، وفي منطقة البوكمال شرق دير الزور، وتلقوا خلالها تدريبات على استخدام السلاح الخفيف والمتوسط، ودروساً عقائدية، ليتم توزيع قسم على مستودعات ومواقع ومقرات عسكرية تابعة للميليشيات الإيرانية في ريفَي حمص وحماة، بالإضافة لدير الزور وريف دمشق، وقسم ثانٍ أُرسل إلى قتال «قسد» في دير الزور، وقسم آخر أُرسل إلى حراسة مواقع محتمل استهدافها من قِبل إسرائيل.

ونقل المرصد عن منتسب سابق في صفوف «كتائب أهل الحق» المدعومة من «الحرس الثوري» الإيراني، في مدينة البوكمال، القول إنه جرى إعلامهم بأنه سيتم إدخالهم إلى فلسطين عن طريق أنفاق من جنوب لبنان، حيث أُخضعوا لدورة عسكرية ضمن معسكر الإمام الصادق في البوكمال، بجانب مطار الحمدان، ومدتها 45 يوماً.

وبعد الانتهاء من الدورة تم تقسيمهم إلى مجموعات، أُرسلت إحداها إلى بادية دير الزور لإجراء حملات تمشيط في عمق البادية لأيام، وتابع المنتسب السابق الذي كان في هذه المجموعة: «فقَدنا الاتصال بـ3 عناصر كانوا معنا، وجميعاً كنا سوريين»، وعند إطلاع قيادة الكتائب لم يرسلوا تعزيزات لإنقاذ العناصر الـ3، بل طلبوا عودتنا.

وفي سياق متصل، أفاد المرصد في تقرير آخر، بتزايُد التردد بين سكان محافظات سورية عدة من تأجير منازل للبنانيين والعراقيين الميسورين الذين يدخلون سوريا أفراداً وليس عائلات.

وقال المرصد إن هذا التخوف يأتي في سياق نزوح عشرات الآلاف من اللبنانيين والسوريين من لبنان، والخشية من ارتباط بعض هؤلاء الأفراد بـ«حزب الله» اللبناني، ما يجعلهم أهدافاً محتملة للغارات الإسرائيلية التي تستهدف مواقع الحزب وأفراده، ويتركز هذا التخوف بدرجة أكبر في بعض الأحياء الراقية بدمشق، مثل المالكي، وأبو رمانة، والمزة، وكذلك في منطقة السيدة زينب جنوب العاصمة.

وقد تصاعدت هذه المخاوف بعد حادثة اغتيال صهر حسن نصر الله، بشقة داخل مبنى في حي المزة فيلات الغربية، في الثالث من الشهر الحالي.

وحسب المرصد، خلال أسبوع واحد فقط سُجّلت 8 حالات لعائلات طالبت بإخلاء منازلها، منها واحدة في طرطوس، وحالتان في حمص، والبقية في أحياء العاصمة دمشق.


مقالات ذات صلة

بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

المشرق العربي لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)

بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

مثل رجلان بريطانيان من أصول لبنانية أمام محكمة في لندن، الثلاثاء، بعد توجيه اتهامات لهما بالانتماء إلى جماعة «حزب الله»

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي جانب من اجتماع لمجلس الوزراء العراقي (واع) play-circle

الحكومة العراقية تُقيل مسؤولين عن إدراج «حزب الله» و«الحوثي» بقوائم الإرهاب

أعلنت الحكومة العراقية، الثلاثاء، توقيع عقوبات تضمنت إعفاءً لمسؤولين عن نشر قرار بتصنيف جماعة «الحوثي» اليمنية، و«حزب الله» اللبناني، منظمتين إرهابيتين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي حطام سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان وأسفرت عن سقوط قتيل (أ.ف.ب)

غارة إسرائيلية تستهدف ساحل جبل لبنان الجنوبي

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، مساء الثلاثاء، شاحنة صغيرة على ساحل جبل لبنان الجنوبي، في تصعيد لافت بمداه الجغرافي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري عناصر من «اليونيفيل» خلال دورية في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

تحليل إخباري لبنان يأمل من الحراك الدولي خفض قلقه من تهديدات إسرائيل

يولي اللبنانيون أهمية لانعقاد الاجتماع التحضيري للمؤتمر الدولي لدعم الجيش الذي تستضيفه باريس، هذا الخميس، ويليه في اليوم التالي، أي الجمعة، اجتماع لـ«ميكانيزم»

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي سفير المملكة العربية السعودية لدى بيروت وليد بخاري خلال مشاركته في الجولة إلى الجنوب (قيادة الجيش)

جولة لسفراء في جنوب لبنان ومعاينة ميدانية لخطة حصرية السلاح

نظمت قيادة الجيش جولة ميدانية لعدد من السفراء والقائمين بأعمال السفارات والملحقين العسكريين للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة الجيش.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي
TT

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

أكَّدت مصادرُ في حركة «حماس» أنَّ الحركة تسعى إلى عقد جولة تفاوضية غير مباشرة، في ظل الاتصالات والمحادثات المستمرة مع الوسطاء بشأن الوضع في قطاع غزة، وتطورات الانتقال للمرحلة الثانية بما يضمن إمكانية أن تنفذ هذه المرحلة بسلاسة.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنَّ هناك سعياً لعقد جولة تفاوضية غير مباشرة بحضور وفد من إسرائيل، وأيضاً من الجانب الأميركي، بما يدعم إمكانية الضغط الأميركي على الجانب الإسرائيلي؛ بهدف المضي في تنفيذ الخطة الأميركية لتحقيق الاستقرار.

ويبدو أنَّ «حماس» تُعوّل على تغيير تفكير الإدارة الأميركية، بشأن سلاحها، من خلال البحث عن مقترحات حول إمكانية تجميد السلاح، أو تسليمه لجهة يتم الاتفاق عليها.

وينبع هذا التعويل من ‏استراتيجية الأمن القومي الأميركي، التي تصنف الشرق الأوسط منطقة شراكة، بما يشير إلى أنَّ أميركا تحت حكم الرئيس دونالد ترمب، منفتحة على أنَّ أعداءها يمكن أن تكون لديهم الفرصة في حال أثبتوا قدرتهم على أن يصبحوا شركاء نافذين لها بالمنطقة، وأنه لا يهمها من يحكم، إنما يهمها الشراكة المجدية فقط.


بناء سوريا الجديدة يواجه تعقيدات إرث العهد السابق


الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد  أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
TT

بناء سوريا الجديدة يواجه تعقيدات إرث العهد السابق


الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد  أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)

بين شوارع تنبض بالحياة في المدن الرئيسية وأرياف هشّة وفقيرة، ودمار كثيف يعم المناطق السورية، تواجه الدولة الناشئة في دمشق تحديات هائلة ناجمة عن تعقيدات العهد السابق.

فخلف الصورة البراقة للأحياء التي شهدت احتفالات بسقوط نظام الأسد على مدى أيام، تُدار معركة أخرى أقل صخباً وأكثر تعقيداً حيث «يشكل (داعش) والمهاجرون (المقاتلون الأجانب) التحدي الأبرز»، بحسب مصدر أمني.

ولكن في مقابل من يرى في «داعش» والتطرف عموماً «عقدة تقنية» يمكن حلها بمقاربة أمنية، هناك من يعتبر أن «المشكلة الفعلية تكمن في رسم خطط لاستيعاب كتلة بشرية هائلة نشأت خارج أي سياق اجتماعي طبيعي لسنوات عدّة، وبلا منظومة تعليمية أو أسرية أو أي شكل ناظم للحياة».

إنه تحدي إعمار المناطق المدمّرة وإيجاد مصادر رزق، خصوصاً في الأرياف، ولا سيما إدلب، حيث تتشابك الهوّيات السياسية والاجتماعية مع إرث الفصائل المتشددة، ما يجعل المنطقة أرضاً خصبة لصراعات محتملة.

وفي حين تقدم تجربة «الصحوات العراقية» نموذجاً محتملاً لسوريا، بتحويل المتضررين من التطرف إلى رافعات سياسية وأمنية، يبقى العبور من العسكرة إلى السياسة ومن الفصائلية إلى الدولة، المهمة الأصعب أمام سوريا الجديدة.


العراق... الصدر يجمّد قوات «سرايا السلام» في البصرة وواسط

زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
TT

العراق... الصدر يجمّد قوات «سرايا السلام» في البصرة وواسط

زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)

قرر زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر، الثلاثاء، تجميد «سرايا السلام» وغلق مقراتها في محافظتي البصرة وواسط لمدة 6 أشهر.

وقال الصدر في تدوينة له على منصة «إكس»: «تقرر تجميد (سرايا السلام) وغلق المقرات في كل من البصرة والكوت لمدة ستة أشهر لحين النظر في وضع حل للخروق والإساءة المتكررة لسمعة المجاهدين في (سرايا السلام) ولو كان من طرف ثالث».

وأضاف أن «سمعتهم أهم عندي من وجودهم، فسلامي لكل المجاهدين والمنضبطين والواعين للخروق ولمحاولات الفتنة والإساءة من الفاسدين وأضرابهم».