العراق يرى أن المنطقة على أعتاب «منزلق خطير»

السوداني دعا بايدن والاتحاد الأوروبي إلى التحرك للجم التصعيد

عراقي يرسم صورة لزعيم «حزب الله» الراحل حسن نصر الله خلال احتفال في بغداد يوم الأحد لدعم لبنان والفلسطينيين (رويترز)
عراقي يرسم صورة لزعيم «حزب الله» الراحل حسن نصر الله خلال احتفال في بغداد يوم الأحد لدعم لبنان والفلسطينيين (رويترز)
TT

العراق يرى أن المنطقة على أعتاب «منزلق خطير»

عراقي يرسم صورة لزعيم «حزب الله» الراحل حسن نصر الله خلال احتفال في بغداد يوم الأحد لدعم لبنان والفلسطينيين (رويترز)
عراقي يرسم صورة لزعيم «حزب الله» الراحل حسن نصر الله خلال احتفال في بغداد يوم الأحد لدعم لبنان والفلسطينيين (رويترز)

في وقت تواصل بغداد تحركاتها للجم التصعيد في المنطقة وتجنيب العراق تداعياته، حذّر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من المخاطر التي تحيط بالمنطقة والعالم جراء استمرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتباع ما سمّاها سياسة توسعة نطاق الحرب، في إشارة إلى نقله الحرب ضد حركة «حماس» في غزة إلى لبنان ضد «حزب الله».

وجاء كلام السوداني في وقت أعلنت فصائل ما يُعرف بـ «المقاومة الإسلامية في العراق» أنها أطلقت فجر الاثنين مسيّرة ضد هدف عسكري في إسرائيل «نصرة لأهلنا في فلسطين ولبنان»، مؤكدة أنها مستمرة في «دكّ معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة».

وأكد السوداني، في رسالة وجهها إلى الرئيس الأميركي جو بايدن ودول الاتحاد الأوروبي بمناسبة مرور سنة على أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، أن «المنطقة تقف على أعتاب منزلق خطير قد يجرّها والعالم لحروب مستمرة».

وأضاف رئيس الوزراء السوداني، في بيان، أنه «مع مرور عام على اندلاع أحداث 7 أكتوبر 2023، واستمرار العدوان الصهيوني على غزة، وامتداده إلى لبنان الشقيق، وتهديد المنطقة بأسرها، يذكّر العراق بموقفه المبكر، الذي حذّر فيه من مغبة سعي الكيان الغاصب إلى توسعة الحرب والصراع ونتائج تركه يتمادى في ارتكاب الجرائم، وسط عجز المجتمع الدولي عن القيام بدوره».

وتابع السوداني: «اليوم، في ظل التداعيات الخطيرة التي تشهدها المنطقة، نوجّه رسالتنا إلى كل الأصدقاء، وبالخصوص الرئيس الأميركي جو بايدن، ودول الاتحاد الأوروبي، بأننا نقف على أعتاب منزلق خطير قد يجرّ المنطقة والعالم إلى حروب مستمرة، ويهز الاقتصاد العالمي، ويعرّض التنمية إلى انتكاسة كبرى، لا سيما أن منطقتنا تمثّل الرئة التي يتنفس منها العالم بالطاقة». وثمّن السوداني ما عدّه موقفاً مهماً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «الذي دعا فيه إلى وقف توريد السلاح للكيان الغاصب، والعمل على إنهاء الحرب؛ لأنه موقف ينبع من تقدير حقيقي لخطورة الأوضاع في المنطقة».

وبشأن موقف حكومته، قال السوداني: «لقد عملت حكومتنا بجهد كبير لتجنيب العراق آثار هذا التصعيد، ونجحنا في ذلك بمعيتكم وبالتعاون مع جميع الأصدقاء في العالم، وتتطلب المرحلة الراهنة مضاعفة جهودنا، وأن يكون على رأس أولوياتنا إيقاف استهداف المدنيين، وإنقاذ المنطقة من شرور حرب لا تُبقي ولا تذر، ولن يكون فيها رابح سوى منطق القتل والتخريب والدمار، كما نؤكد أن العراق سيواصل جهوده ومساعيه مع الدول الصديقة والشقيقة، والعمل المشترك من أجل التهدئة، وعدم اتساع الصراع الذي يؤثر على أمن المنطقة والعالم».

إلى ذلك، وبالتزامن مع رسالة السوداني، بحث وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مع السفيرة الأميركية في بغداد، ألينا رومانوسكي، تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط. وقال بيان لوزارة الخارجية الأحد إن «اللقاء تناول نتائج زيارة الوزير (حسين) إلى واشنطن والمباحثات التي أجراها مع كبار المسؤولين الأميركيين». وأشار البيان إلى أن «النقاش تطرق إلى الأوضاع الخطيرة في منطقة الشرق الأوسط وإمكانية اندلاع حرب تشمل عدة دول، مما يستدعي من الحكومة الأميركية ممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية في غزة ولبنان، ومنع توسيع دائرة الصراع إلى دول أخرى في المنطقة».

مسلحون من جماعة عراقية يحتفلون في البصرة (جنوب العراق) بإطلاق إيران صواريخ باليستية ضد إسرائيل يوم 1 أكتوبر الجاري (رويترز)

مخاوف... وبنك أهداف

وتتباين المخاوف داخل العراق من إمكانية انخراط البلد في المواجهة المحتملة بين إيران وإسرائيل، لا سيما بعد تصاعد التهديدات بين الطرفين. وكان لافتاً نفي الفصائل العراقية المسلحة التي تطلق على نفسها «فصائل المقاومة الإسلامية»، مسؤوليتها عن مقتل جنديين إسرائيليين قُتلا بمسيرّة أُطلقت من العراق، بحسب ما قالت تل أبيب. وجاء النفي في وقت تتباين المواقف إزاء المدى الذي يمكن أن تصل إليه أي عملية استهداف إسرائيلية للفصائل العراقية، في ظل حديث عن بنك أهداف عراقي يمكن أن تطاله الضربات الإسرائيلية.

وفي هذا السياق، أعلن القيادي في «منظمة بدر»، معين الكاظمي، أن «عدم استخدام الفصائل العراقية للأراضي السورية في استهداف إسرائيل، يعود إلى احترام القرار والسيادة السورية، إلى جانب حسابات أخرى» لم يكشف عنها. لكن الكاظمي عدّ، في تصريح صحافي، أنه «من حق (المقاومة الإسلامية) استهداف إسرائيل من كل مكان، لكنها تحترم الحدود والسيادة الوطنية لدول المنطقة»، على حد قوله. وبالرغم من أن «منظمة بدر» التي يتزعمها هادي العامري هي جزء من تحالف سياسي اسمه «نبني»، وهي طرف في المعادلة السياسية ضمن قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي الحاكم، فإن التصريحات الصادرة من أحد قيادييها تعني إمكانية توسيع نطاق المواجهة بحيث لا تقتصر على الفصائل المسلحة الموالية لإيران وغير المنخرطة في العملية السياسية في البلاد. وطبقاً للكاظمي، وهو عضو في البرلمان العراقي، فإن «الحرب الوحشية التي يقودها الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ عام كامل، والممارسات الوحشية لجيش الاحتلال في مناطق جنوب لبنان، وقصف بنى تحتية ومواقع مهمة في اليمن، والتجاوزات المستمرة على السيادة السورية والعراقية... تجعل (المقاومة الإسلامية) في العراق تدافع عن كل المناطق التي يتم استهدافها من منطلق عقائدي ووطني وإسلامي، وبالتالي فإن إسرائيل لم تحترم الحدود والسيادة الوطنية لكل هذه الدول».


مقالات ذات صلة

مع زيادة التوتر... شركات طيران تعلّق رحلاتها إلى الشرق الأوسط

العالم العربي مطار «رفيق الحريري الدولي» في بيروت (رويترز)

مع زيادة التوتر... شركات طيران تعلّق رحلاتها إلى الشرق الأوسط

دفعت المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط شركات طيران عالمية إلى تعليق رحلاتها إلى المنطقة أو تجنّب المجالات الجوية المتأثرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت (إكس)

رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق يدعو إلى توجيه ضربة للمنشآت النووية في إيران

دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت إلى توجيه ضربة حاسمة لتدمير المنشآت النووية في إيران.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ مدير الـ«سي آي إيه» ويليام بيرنز (رويترز)

بيرنز يحذر: «سوء التقدير» قد يؤدي لتصعيد الصراع في الشرق الأوسط

حذر مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز أمس (الاثنين) من احتمال انتشار الصراعات المتصاعدة في الشرق الأوسط عبر المنطقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية عباس عراقجي يتحدّث خلال مؤتمر صحافي عقب لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري 4 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

عراقجي: أي هجوم على البنية التحتية الإيرانية سيتبعه رد

أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم (الثلاثاء)، أن أي هجوم على البنية التحتية الإيرانية سيتبعه رد.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يزور قاعدة نيفاتيم الجوية الأحد (د.ب.أ)

أميركا لإقناع إسرائيل بضربةٍ لا تستدعي رداً إيرانياً

تسعى واشنطن إلى إقناع تل أبيب بتوجيه ضربة محدودة لإيران، «بغرض مساعدة طهران على استيعابها والامتناع عن الرد بهجوم آخر على إسرائيل».

نظير مجلي (تل أبيب)

أزمة النزوح تثير مخاوف وتوترات بين اللبنانيين

نازحون ينامون على الأرض في بيروت (أ.ف.ب)
نازحون ينامون على الأرض في بيروت (أ.ف.ب)
TT

أزمة النزوح تثير مخاوف وتوترات بين اللبنانيين

نازحون ينامون على الأرض في بيروت (أ.ف.ب)
نازحون ينامون على الأرض في بيروت (أ.ف.ب)

على وقع القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية، تدفّق عشرات الآلاف من سكان المنطقة إلى بيروت وضواحيها، ما يثير حساسيات وارتياباً وتوترات في بعض المناطق، في بلد لطالما عانى من المشاحنات والانقسامات الطائفية والسياسية.

وتروي شابة تدعى كريستينا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن عائلتها استقبلت أسرة نازحة في منزلها في بيروت، لكنها سرعان ما أُرغمت على مطالبة العائلة الشيعية القادمة من الضاحية الجنوبية بالرحيل، بعدما عبّر جيرانها عن ذعر وخشية من أنّ تضم الأسرة عناصر في «حزب الله» قد تستهدفهم إسرائيل.

وتقول الشابة (30 عاماً)، التي فضّلت عدم إعطاء اسمها كاملاً بسبب حساسية المسألة: «اكتشف جيراننا أننا نستضيف أشخاصاً من الضاحية، وشعروا بالذعر وبدأوا في طرح أسئلة».

وتضيف: «هناك توتر وارتياب متزايد تجاه النازحين المنتمين إلى الطائفة التي ينتمي إليها عناصر (حزب الله)».

وفي حين يتمتع «حزب الله»، وهو التنظيم الوحيد الذي لم يسلّم سلاحه بعد الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990)، بدعم كبير في صفوف الطائفة الشيعية، يحمّله عدد كبير من اللبنانيين مسؤولية إدخال البلاد في حرب مع إسرائيل لا يريدونها.

وبعد عام من فتحه ما سماه «جبهة إسناد» لقطاع غزة من لبنان ضد إسرائيل؛ دعماً لحركة «حماس» التي تخوض حرباً مع الدولة العبرية، تحوّلت المناوشات الحدودية إلى حرب مفتوحة منذ 23 سبتمبر (أيلول)، مع تكثيف إسرائيل قصفها على مناطق تعتبر معاقل للحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية. لكنها أيضاً تستهدف أماكن في مناطق غير محسوبة على الحزب مثل منطقة عاليه في الجبل والشمال والوسط.

وتقول إسرائيل إن كل استهدافاتها هي لمستودعات أسلحة أو قياديين أو بنى تحتية أو منشآت للحزب الشيعي.

وأدّى القصف منذ 23 أكتوبر (تشرين الأول) إلى مقتل أكثر 1100 شخص، بحسب أرقام رسمية، ونزوح أكثر من مليون شخص.

أطفال نازحون بمراكز إيواء في مدينة بيروت (رويترز)

«رجال ملتحون»

وافترش عدد كبير من النازحين الطرق في عدد من شوارع بيروت، أو تكدّسوا داخل مدارس تحوّلت إلى مراكز إيواء. أما الأكثر حظاً، فتمكنوا من استئجار منازل أو الاحتماء عند أقارب لهم.

وخلال الأسبوعين الماضيين، باتت بيروت أكثر اكتظاظاً، وزحمة السير فيها خانقة أكثر من العادة، وكل ذلك يثير قلق كثيرين.

وتقول سهير (58 عاماً)، وهي ربة منزل، إنّ الذعر انتاب جيرانها بعدما انتقلت إلى مبنى سكنهم عائلة شيعية ترتدي نساؤها العباءة الشرعية السوداء.

وتروي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنها تلقت اتصالاً هاتفياً من جارة مذعورة نازحة، بدورها قالت لها: «لم نهرب من الجنوب لنموت هنا».

وتقول إنّ ليس للأسرة انتماء سياسي، بل «هم مجرد أناس متدينين».

وتضيف: «أصبحنا نرى بشكل متزايد نساء يرتدين العباءة السوداء، ورجالاً ملتحين وشباباً يرتدون الأسود، وهو اللباس المعتاد لعناصر (حزب الله)»، وهذا «مشهد لم نعتد رؤيته» في وسط بيروت.

«ريبة»

وتتحدّث المرأة عن جوّ عام من الريبة بين السكان، مشيرة إلى أنها باتت تشعر به هي أيضاً. فعندما ذهبت لتناول القهوة في منزل صديقتها، اكتشفت أن هذه الأخيرة تستضيف نازحين، من بينهم رجال ملتحون. فقطعت زيارتها لأنها كانت قلقة من أنهم قد يكونون أعضاء في «حزب الله».

وتتابع: «ينظر الناس إلى بعضهم البعض بريبة في الشوارع. إنهم خائفون من بعضهم البعض».

ولا يقتصر هذا التوتر على بيروت، إذ امتد أيضاً إلى مجتمعات خارج العاصمة في بلد لا يتجاوز عدد سكانه الستة ملايين نسمة، بينهم نحو مليون ونصف المليون لاجئ، ولم تندمل فيه جروح الحرب الأهلية تماماً بعد.

سيدة لبنانية نزحت من الضاحية الجنوبية تنام على الأرض قرب خيمة خلفها مبانٍ فارهة في بيروت (د.ب.أ)

ويقول عماد (68 عاماً) الذي يعيش في قرية درزية في جبل لبنان: «اعتاد الناس تأجير المنازل لأي شخص، لكنهم الآن يتوخّون الحذر الشديد».

وفي قرية مسيحية قريبة من بيروت، يقول إيلي (30 عاماً) إن أحداً لم يؤجر شققاً لنازحين في القرية.

ويضيف: «الناس خائفون لأننا لا نعرف من منهم، وإذا كانوا أعضاء في (حزب الله)».

ويتابع: «يخشون أيضاً أن يبقى النازحون عندهم بشكل دائم أو شبه دائم؛ لأن العديد من منازلهم دمرت».

استيلاء على المنازل

في بيروت، اقتحم بعض النازحين مباني فارغة بحثاً عن مكان للنوم، ما أعاد إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية التي قتل فيها أكثر من 150 ألف شخص، وانتشرت خلالها على نطاق واسع عادة «مصادرة المنازل» الفارغة من أصحابها.

وأعلنت قوى الأمن الداخلي، في بيان الأسبوع الماضي، أن «عدداً صغيراً جداً» من النازحين «احتلوا ممتلكات خاصة»، مضيفة أنها «تعمل على إخراجهم» بعد «تأمين سكن بديل لهم».

ويقول رجل الأعمال رياض (60 عاماً)، الذي يعيش في الخارج، إن شقيقة زوجته انتقلت إلى شقته منعاً لدخول أي غريب.

ويقول: «شهدنا هذا في السبعينات والثمانينات»، عندما كانت مجموعات مسلحة تستولي على الشقق وتعطيها لعائلة نازحة.

وقال: «استغرق الأمر من بعض الناس عقداً من الزمن قبل استعادة منزلهم. لهذا السبب يشعر الناس بالذعر». وتابع: «حدث ذلك من قبل وسيحدث مرة أخرى».