«حزب الله» يتوقف عن نعي قتلاه وتشييعهم لأسباب أمنية و«معنوية»

وصل العدد يوم الاثنين الماضي إلى 510 عناصر

تشييع قتلى تفجيرات الأجهزة اللاسلكية الشهر الماضي في لبنان (أ.ف.ب)
تشييع قتلى تفجيرات الأجهزة اللاسلكية الشهر الماضي في لبنان (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يتوقف عن نعي قتلاه وتشييعهم لأسباب أمنية و«معنوية»

تشييع قتلى تفجيرات الأجهزة اللاسلكية الشهر الماضي في لبنان (أ.ف.ب)
تشييع قتلى تفجيرات الأجهزة اللاسلكية الشهر الماضي في لبنان (أ.ف.ب)

منذ الاثنين الماضي توقّف «حزب الله» عن نعي عناصره بعدما كان قد وصل العدد إلى 510 عناصر، وهو ما فاق عددهم في حرب يوليو (تموز) 2006؛ إذ وصل إلى 450 شخصاً في ثلاثين يوماً من المواجهات، في حين قال الجيش الإسرائيلي الجمعة إن 250 مقاتلاً من «حزب الله» قُتلوا على مدى الأيام الأربعة الماضية بعدما أطلق عمليات برية في جنوب لبنان، بينهم 21 قيادياً.

وبعدما اعتاد «حزب الله» نعي قتلاه يومياً كما تشييعهم في بلداتهم وتنظيم احتفالات تكريمية لهم بحضور مسؤولين فيه، غابت منذ يوم الاثنين الماضي بيانات النعي، بعدما كانت قد اقتصرت في الأيام الأخيرة على إصدار بيانات نعي مع الإشارة إلى أنه «تم تشييعه» أو «سيتم تشييعه» من دون ذكر المكان والزمان، مع إبقاء العبارة التي يعتمدها الحزب منذ بدء الحرب، وهي أنه «سقط شهيداً على طريق القدس».

وآخر المقاتلين الذين نعاهم «حزب الله» في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، هما: أحمد عز الدين ومحمد عجمي، معلناً أنه «تم تشييعهما» في بلدة العباسية، في حين تشير مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه من ذلك الحين يتم التداول بخبر مقتل العناصر عبر المجموعات الإخبارية التابعة للقرى التي يتحدرون منها.

ويأتي هذا التوقف عن النعي مع تصاعد العمليات العسكرية التي تشنّها إسرائيل على لبنان، وتحديداً على معاقل الحزب منذ 23 سبتمبر الماضي، مع ما عُرف بـ«هجمات البيجرز»، ومن ثم اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله.

وتشير المعلومات إلى أن هناك عدداً كبيراً من القتلى المدنيين لا يزالون تحت الأنقاض في ضاحية بيروت الجنوبية والبقاع والجنوب حيث تدور اشتباكات بين مقاتلي «حزب الله» والجيش الإسرائيلي الذي بدأ توغّلاً برياً قبل أيام.

ويقول الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الله» توقف عن نعي مقاتليه يوم الاثنين الماضي، بعدما كان قد وصل عددهم إلى 510 مقاتلين، مشيراً إلى أن الأمر نفسه كان قد حصل في حرب 2006؛ إذ توقف الحزب عن نعي مقاتليه وكان العدد حينها 116، ليعود ويعلن، بشكل غير رسمي، بعد انتهاء الحرب أنه وصل إلى 450 عنصراً.

ويعزو المحلل السياسي علي الأمين توقف «حزب الله» عن نعي مقاتليه إلى أسباب معنوية وأمنية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «انطلاقاً من الوقائع والمعطيات على الأرض، من الواضح أن عدد قتلى (حزب الله) يتزايد نتيجة العمليات والهجمات الإسرائيلية، وبالتالي قد يكون الحزب لا يريد كشف الأسماء والأعداد، لا سيما إذا كانوا قُتلوا ضمن مجموعة كبيرة، أو أن يكشف أسماء معينة»، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من هذه الأسماء يُكشف في القرى التي يتحدر منها المقاتلون، «ما يمكن تسميته بالنعي الأهلي وليس الحزبي».

ويرى الأمين أن التعويض عن النعي الحزبي بالنعي الأهلي له بعد معنوي ونفسي كي لا يظهر العدد الكبير للقتلى، متحدثاً كذلك عن أسباب تقنية على غرار ما يحصل مثلاً في المعارك البرية في جنوب لبنان حيث يقول الجيش الإسرائيلي إن هناك عدداً من القتلى سقطوا خلالها. ويوضح: «هناك عوامل ميدانية قد تؤثر على معرفة مصير المقاتلين، بحيث لا تكون المعلومات متوافرة وموثوقة بالكامل نتيجة انقطاع المسافات وغياب الاتصالات بين المجموعات التي تقاتل على الأرض».

وحتى إذا تم الإعلان عن هوية المقاتلين في القرى، لا يتم تشييعهم كما جرت العادة منذ بدء الحرب في 8 أكتوبر (تشرين الأول)، بحيث يقتصر الأمر اليوم، بحسب الأمين، على عمليات دفن خوفاً من استهداف التجمعات، إضافة إلى أن القرى باتت شبه خالية وغادرها أهلها، وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى ضاحية بيروت الجنوبية.

وهذا التشييع «المحدود» لا يقتصر فقط على مقاتلي «حزب الله»، بل ينسحب على معظم الذين يُقتلون في القصف الإسرائيلي من المقاتلين والمدنيين، للأسباب الأمنية نفسها، إضافة إلى نزوح العائلات التي من المفترض أن تشارك في التشييع.

تشييع لمسعفين في «كشافة الرسالة الإسلامية» التابعة لـ«حركة أمل» (متداول على وسائل التواصل الاجتماعي)

وبحسب الأرقام الرسمية، قُتل أكثر من ألفي شخص في لبنان منذ أكتوبر 2023، بينهم أكثر من ألف منذ بدء القصف الجوي المكثف في 23 سبتمبر على جنوب لبنان وشرقه، وكذلك ضاحية بيروت الجنوبية، في حين قُدّر عدد النازحين بنحو مليون و200 ألف شخص.

ومن بين القتلى نحو 97 عامل إسعاف وإنقاذ قُتلوا بنيران إسرائيلية، بينهم أربعون قضوا خلال الأيام الثلاثة الماضية، على ما أفاد وزير الصحة فراس أبيض الخميس.


مقالات ذات صلة

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف وسط بيروت

المشرق العربي موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (ا.ب)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف وسط بيروت

سُمع دوي انفجارات عدة مدوية في العاصمة اللبنانية، فجر اليوم، مع دخول الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله شهرها الثالث.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:54

مقتل مدير مستشفى و6 من زملائه في قصف إسرائيلي على شرق لبنان

قُتل مدير مستشفى دار الأمل قرب بعلبك في شرق لبنان مع ستة من زملائه العاملين في المستشفى، الجمعة، في ضربة إسرائيلية استهدفت منزله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
TT

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه السابق يوآف غالانت، على خلفية جرائم حرب في غزة، يسود قلقٌ في إسرائيلَ من إمكان أن تشمل الملاحقات أيضاً قادة جيشها.

وإذا كان المتهمان الأساسيان بجرائم غزة هما نتنياهو وغالانت، فإنه يوجد منفذون أيضاً هم قادة الجيش الكبار والصغار وألوف الجنود والضباط الذين نشروا صوراً في الشبكات الاجتماعية يتباهون فيها بممارساتهم ضد الفلسطينيين.

ولم يشهد سكان غزة، أمس، ما يدعوهم للأمل في أن يؤديَ أمرا اعتقال نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات جديدة.