سوريون يتخوفون من تدحرج الحرب الإسرائيلية إلى بلدهم

TT

سوريون يتخوفون من تدحرج الحرب الإسرائيلية إلى بلدهم

أطفال في طريقهم إلى سوريا هرباً من لبنان الأربعاء (رويترز)
أطفال في طريقهم إلى سوريا هرباً من لبنان الأربعاء (رويترز)

تتزايد في العاصمة السورية دمشق المخاوف من تدحرج الحرب بين إسرائيل وإيران وميليشياتها وفي مقدمتها «حزب الله»، إلى سوريا. وفي حين يشد كثير من اللبنانيين والنازحين السوريين في لبنان الرحال إلى سوريا هرباً من الحرب التي تحتدم يوماً بعد يوم والغارات الإسرائيلية التي تطول كل المناطق اللبنانية، لا يشعر كثير من السوريين بأنهم في مأمن؛ إذ لا يمر يوم من دون أن تشنّ فيه طائرات إسرائيلية غارات على مناطق سورية بما فيها أحياء بالعاصمة، لا سيما التي تتمركز فيها الميليشيات الإيرانية.

ويبدو جلياً تزايد أعداد المغادرين للأراضي السورية براً باتجاه الأردن، من المغتربين السوريين واللبنانيين ممن لديهم إقامات في دول عربية أو أجنبية؛ خوفاً من تدحرج الحرب إلى الأراضي السورية.

وفي مجمع الاتحاد العربي للنقل البري، الكائن في منطقة القدم جنوب دمشق والذي يضم شركات نقل بري عدة، قال أحد المغتربين السوريين، وهو ينتظر مع عشرات المسافرين تجهيز الحافلة: «الأوضاع غير مطمئنة. المغادرة أفضل». وأضاف المغترب لـ«الشرق الأوسط»: «القصف الإسرائيلي للأراضي السورية تزايد، والأمر في أي لحظة ممكن أن يسوء اكثر».

بدورها، كشفت موظفة في إحدى الشركات عن أن أعداد المغادرين السوريين والعرب، خصوصاً اللبنانيين، آخذة في الارتفاع مع تصاعد حدة الحرب الإسرائيلية على لبنان قبل نحو أسبوع. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «قبل تصاعد الحرب كانت الأعداد أقل، ولكن حالياً هناك ضغطاً. لدينا رحلة يومية إلى الرياض، وبسبب الضغط هناك من يتم تأجيل سفره إلى اليوم التالي».

معبر نصيف

مصدر محلي من أهالي مدينة درعا جنوب سوريا ويعمل في معبر نصيب الحدودي مع الأردن، أكد أن أغلبية المغتربين السوريين من أبناء المحافظة يغادرون خوفاً من أن تصل الحرب إلى الأراضي السورية، خصوصاً أن هناك أنباء تتحدث عن حشود إسرائيلية على جبهة الجولان بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي على جنوب لبنان.

منطقة المزة التي تعرضت لغارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «ليس فقط المغتربون السوريون من يغادرون، بل هناك أعداد كبيرة من اللبنانيين ممن لديهم إقامات في دول الخليج يغادرون عبر المعبر».

جديدة يابوس

وبينما لم تعلن اليوم حتى ساعة إعداد هذا التقرير أرقام جديدة لأعداد الوافدين من لبنان، أكد سائقون سوريون يعملون على سيارات نقل ركاب (تاكسي) على خط دمشق – بيروت لـ«الشرق الأوسط»، تواصَل تدفّق هؤلاء عبر معبر المصنع – جديدة يابوس.

وكانت صحيفة «الوطن» المحلية، نقلت عن مصدر في إدارة الهجرة والجوازات السورية، أن عدد هؤلاء وصل حتى ليل الثلاثاء - الأربعاء، إلى نحو 64777 ألف لبناني، ونحو 195 ألف سوري.

معبر العريضة

كما نقلت الصحيفة عن حسان نديم حسن، أمين عام محافظة طرطوس على الساحل السوري، أن عدد الوافدين عبر معبر العريضة الحدودي مع لبنان بلغ حتى بعد ظهر أمس 4588 لبنانياً و7779 سورياً و219 أجنبياً، مشيراً إلى أن عدد الوافدين اللبنانيين المسجلين لدى مركز الاستقبال المؤقت (معسكر الطلائع) بلغ 1571 بقي منهم ضمن المركز 298 في حين تمت استضافة 3160 في بيوت المواطنين.

صمت دمشق

إلى ذلك، التزمت دمشق حتى ساعة إعداد هذا التقرير الصمت إزاء إطلاق إيران، مساء الثلاثاء، مئات الصواريخ الباليستية على مدن إسرائيلية عدة؛ ثأراً لمقتل زعيمي «حزب الله» حسن نصر الله و«حماس» إسماعيل هنية، والقيادي في «الحرس الثوري» عباس نيلفروشان، إذ لم يصدر أي موقف رسمي حيال ذلك، واقتصرت تغطية وسائل الإعلام الرسمية على نقل الأخبار الصادرة من طهران.

سوريون نازحون من لبنان عند معبر جوسية الأربعاء (رويترز)

في المقابل، قلل كثير من السكان من أهمية الرد، وعبَّروا عن صدمتهم من نتائجه. وقال طالب جامعي في دمشق لـ«الشرق الأوسط»: «إسرائيل دمرت غزة وأبادت أهلها وقتلت رئيس حركة (حماس) ومعظم المسؤولين فيها وأمين عام (حزب الله) ومعظم قيادات الحزب، والصواريخ الإيرانية لم تقتل ولا حتى مستوطناً!»، مستهجناً أن «الصواريخ الإيرانية قتلت مواطناً فلسطينياً فقط».

هذا الموقف لا ينسحب على كل سكان العاصمة السورية؛ إذ أشار ياسر، وهو موظف حكومي، إلى أن هناك تعاطفاً مع اللبنانيين بسبب ما يتعرضون له من «عدوان». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الاحتقان مما تقوم به إسرائيل يعتمل جداً في النفوس، وفي ظل عربدتها التي تزداد يومياً ربما بهذا الرد يتم ردعها».

وفي السياق، نشرت صفحة «اللاذقية الآن» في موقع «فيسبوك» مقطع فيديو يظهر مسيرة سيارات، قالت إنها خرجت ليل الثلاثاء في أوتوستراد المزة وسط دمشق ابتهاجاً بالرد الإيراني. ويظهر المقطع عدداً من السيارات تسير خلف بعضها بعضاً وهي تطلق أصوات الزمامير، بينما يرفع المشاركون شارات النصر من نوافذها.


مقالات ذات صلة

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)

«النجوم تلمع أملاً» من أجل فنان لبنان المُلقى في النسيان

3 عقود في الإعلام والحوارات، جعلت اسم ريكاردو كرم اختزالاً للصدقية والشفافية. وبالتحاق الشغف والمحبة بالفضيلتَيْن المتراكمتَيْن، يضمن التجاوب وحماسة الخيِّرين.

فاطمة عبد الله (بيروت)
تحليل إخباري آليات الجيش تدخل مركزاً للتنظيمات الفلسطينية (مديرية التوجيه)

تحليل إخباري لبنان يبدأ إزالة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات

بدأ لبنان عملية إزالة السلاح الفلسطيني المنتشر خارج مخيمات اللاجئين، والذي يتركز بيد فصائل متحالفة مع النظام السوري السابق.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه.

محمد شقير
المشرق العربي أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)

«الإنتربول» الأميركي يطالب بيروت بتوقيف مدير المخابرات الجوية في نظام الأسد

في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، باشرت الإجراءات القضائية الدولية بملاحقة رموز هذا النظام؛ إذ تلقّى النائب العام التمييزي في…

يوسف دياب

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

تتواصل مساعي الوسطاء في المفاوضات الرامية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لسد «فجوات»، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

وأفاد مصدر فلسطيني تحدث لـ«الشرق الأوسط» بأن «الفجوات لا تزال مستمرة على طاولة المفاوضات بسبب طرح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عراقيل جديدة، بطلب جديد خاص بالرهائن، يتمثل في إطلاق سراح 11 رهينة من عمر الشباب مع القائمة المتفق عليها والتي تضم 23 آخرين»، وسط تحفُّظ من «حماس» ومطالبتها بإعادة الحديث بشأن مقابلهم من الأسرى الفلسطينيين، الذي حددته بنحو 200 إلى 300 عن كل أسير بما يصل إجمالاً إلى 3 آلاف، وهو ما يلاقي رفضاً إسرائيلياً.

ويتوقع المصدر أن الصفقة الجزئية تنتظر «الحسم» هذا الأسبوع بين لقاءات بالقاهرة والدوحة، لسد الفجوات، وإنهاء عراقيل نتنياهو باتفاق يحدث قبل بدء الرئيس الأميركي المنتخب ولايته في 20 يناير (كانون الثاني) على أن يُعْلَن ويُنَفَّذ على الأرجح، بداية العام المقبل.

فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع غارة إسرائيلية بدير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

وكشفت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، الأحد، أن إسرائيل قدمت قائمة تضم 34 محتجزاً تطالب بالإفراج عنهم في المرحلة الأولى من الاتفاق، بما في ذلك 11 اسماً لا تنطبق عليهم معايير «حماس» للاتفاق.

ونقلت الصحيفة عن مصادر، لم تسمِّها، أن المناقشات تركز على شروط الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من ممر فيلادلفيا وكذلك «القائمة الإنسانية» التي تعطي الأولوية لإطلاق سراح الذين تتعرض حياتهم لخطر واضح وفوري، لافتة إلى بعض الأسماء الواردة في القائمة الإسرائيلية التي تضم محتجزين تعدهم «حماس» جنوداً، بينما تقول الأخيرة إنَّها ستفرج فقط عن المرضى وكبار السن والأطفال.

ووفق المصادر، ستشمل المرحلة الأولى من الصفقة إطلاق سراح 250 أسيراً فلسطينياً، ليس بينهم القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي الذي يرفض الاحتلال الإفراج عنه، مقابل إطلاق سراح محتجزين إسرائيليين.

وتطالب «حماس» بضمانات لإنهاء الحرب في حال تم التوصل إلى صفقة مستدامة، لكن الإصرار الإسرائيلي على القضاء على حكم الحركة في غزة قد يعرقل هذه المطالب، ما يجعل المرحلة الثانية من الصفقة التي تشمل إطلاق سراح الجنود وبقية الرهائن أكثر تعقيداً، بينما تركز المرحلة الثالثة على إعادة الجثث، وفق المصادر نفسها.

وبرأي الخبير المختص بالشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، فإن «حماس» لو قدمت تنازلات أكثر إزاء هذه الضغوط الإسرائيلية، وقبلت بالانسحاب الرمزي الإسرائيلي وعدد الرهائن المطلوب، يمكن أن نرى اتفاقاً، لكن هذا غير مطروح من الحركة حالياً.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه كلما اقترب الاتفاق من مراحله الأخيرة اعتدنا أن نرى مثل تلك الضغوط الإسرائيلية لتعظيم المكاسب، متوقعاً أن تبذل القاهرة والدوحة جهوداً مكثفة لإنهاء أي فجوات أو شروط جديدة.

ووسط حالة الضبابية بشأن مخرجات المحادثات المستمرة في الدوحة، منذ الأسبوع الماضي، لا يزال التفاؤل يجد مكاناً بوسائل الإعلام الإسرائيلية، ونقلت «هيئة البث»، السبت عن مصدر مشارك في المفاوضات الجارية بشأن الصفقة قوله إن «المحادثات تسير في الاتجاه الصحيح»، على الرغم من مغادرة رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز قطر، الخميس، موضحاً أن مغادرة بيرنز لا تعني بالضرورة أن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود.

وكان بيرنز قد التقى رئيس وزراء قطر في الدوحة لمناقشة اتفاق لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وفقاً لما نقلته وكالة «رويترز» بهدف تضييق الفجوات المتبقية بين إسرائيل و«حماس».

وكشف مسؤولون إسرائيليون مطَّلعون على المفاوضات أن «العملية في مراحلها النهائية، وأن الاتجاه إيجابي، لكن الأمور لا تزال غير محسومة»، مؤكدين أنه «لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، وأنه سيجري تحديد المسار النهائي خلال أسبوع».

قضايا عالقة

رغم التقدم في المحادثات، فإن هناك قضايا خلافية لا تزال تعوق التوصل إلى اتفاق نهائي، وتشمل هذه القضايا: الوجود في محور «فيلادلفيا وبقطاع غزة، وعودة السكان إلى شمال القطاع، وآلية الإفراج عن الرهائن وعددهم، وإدارة المعابر الحدودية، وفق (هيئة البث)».

وإزاء التسريبات الإسرائيلية بشأن مدة الأسبوع والتقدم بالمحادثات، يرى عكاشة، أن «هناك ألغاماً كثيرة حالياً أمام الاتفاق، وبخلاف أن وسائل إعلام بإسرائيل تروج للتقدم فهناك أخرى تتحدث عن فشله»، معتقداً أن «المشكلة في حل تلك العراقيل أنها قد تقود إلى محاولة الذهاب لاتفاق هش غير منضبط بإطار ملزم، ويخرج في سياق عام، ومن ثم سيشهد خروقات كما رأينا في اتفاق الحرب بلبنان».

وبتقدير عكاشة، فإن هذا الاتفاق المحتمل لن يحدث قريباً، في ظل مخاوف نتنياهو بانهيار حكومته، واعتقاد «حماس» أن أي تنازل جديد سيكون بمثابة انتحار آيديولوجي، خصوصاً وهي لا تمتلك ما تخسره، وأفضل لها أن تذهب لتموت وهي تناضل كما تقول.

وبالمقابل، يتوقع الرقب أن تثمر جهود الوسطاء تجاوُزَ الخلافات، وإنضاج اتفاق يُنهي الفجوات التي تواجهه بحلول وسط في أقرب وقت، متوقعاً أن يحدث ذلك قبلة مهلة ترمب.

«تصريحات متناقضة»

توعد ترمب في منشور على منصة «تروث سوشيال» أوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي بـ«مشكلة خطيرة» في الشرق الأوسط ما لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة قبل تنصيبه في 20 يناير المقبل.

لكن عكاشة يستبعد أن يكون هناك تأثير لمهلة ترمب في مسار عقد الاتفاق، وأرجع ذلك إلى أن تصريحه السابق بشأن المهلة إنشائي ومتناقض مع مساعيه لإبرام السلام بالمنطقة، متسائلاً: «كيف سيحقق السلام وهو يتوعد بإشعال المنطقة إن لم تتم الصفقة؟»، قبل أن يجيب: «قد لا نرى هذا الاتفاق بنسبة 60 أو 70 في المائة وننتظر لما بعد وصول ترمب».