هدفان للحرب الإسرائيلية... تحطيم «حزب الله» وإعادة نازحي الشمال

قوات الجيش تسعى إلى السيطرة على قمم الجبال وتتوقع كمائن ينصبها مقاتلو «الرضوان»

الدخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على مارون الراس بجنوب لبنان اليوم (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على مارون الراس بجنوب لبنان اليوم (إ.ب.أ)
TT

هدفان للحرب الإسرائيلية... تحطيم «حزب الله» وإعادة نازحي الشمال

الدخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على مارون الراس بجنوب لبنان اليوم (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على مارون الراس بجنوب لبنان اليوم (إ.ب.أ)

مع بدء العملية الحربية الإسرائيلية في جنوب لبنان، التي تتضمن توغلاً برياً متوقعاً، تُطرح تساؤلات في تل أبيب عن مدى إمكانية تحقيق أهدافها ومخاطر جر المنطقة إلى حرب إقليمية.

والأهداف الإسرائيلية المعلنة من عملية لبنان هي إعادة النازحين الإسرائيليين إلى بيوتهم في شمال الجليل بأمان، وتحطيم القوة القتالية لـ«حزب الله». لكن منتقدين لسياسات حكومة بنيامين نتنياهو يقولون إن الهدف الأول كان يمكن تحقيقه بالمفاوضات مع حكومة لبنان، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. ويشدد هؤلاء على أنه لو منحت الحكومة الإسرائيلية وقتاً كافياً لإقناع «حزب الله» بذلك، وتم إدخال إيران على خط الضغط، فإن الأمور كانت ستبدو سالكة من دون حرب أو تصعيد. لكن الحكومة الإسرائيلية، من جهة، و«حزب الله»، من جهة ثانية، قررا الذهاب رأساً برأس. فإسرائيل مقتنعة بأنها منتصرة وتريد فرض شروط الاستسلام عليه، والحزب مقتنع بأنه منتصر في نهاية المطاف، وظلّ يرد على الضربات الإسرائيلية التي تطوله بمزيد من القصف الصاروخي الذي وصل أحياناً حتى تل أبيب.

أما الشرط الإسرائيلي بالقضاء على قدرات «حزب الله»، فهو يشبه إلى حد كبير الهدف الذي وضعته إسرائيل للحرب على غزة: إبادة حركة «حماس» ومنع عودتها إلى الحكم وتحرير المخطوفين. وقد شجّعتها الإدارة الأميركية على هذه الأهداف، وراح المسؤولون الأميركيون يرددون ضرورة تحقيقها (القضاء على حكم «حماس» وتحرير الرهائن الإسرائيليين). لكن الإسرائيليين ما زالوا عالقين في غزة منذ 12 شهراً من دون أن تتحقق أهدافهم. فعلى الرغم من الضربات التي تلقتها «حماس»، فإن أحداً لا يستطيع منافستها حالياً على حكم غزة المدمرة. كما أن الرهائن الإسرائيليين ما زالوا محتجزين في أنفاق «حماس» داخل القطاع.

ويتكرر الآن مشهد غزة في لبنان، حسب ما يقول سياسيون منتقدون لحكومة نتنياهو. ويرى هؤلاء أن إسرائيل تضع هدفاً غير واقعي للعملية الحربية في لبنان. وفي حين تقول واشنطن إنها تتحرك لمنع احتلال إسرائيلي للجنوب اللبناني ومنع التدهور إلى حرب إقليمية، فإن هناك من يعتقد أن إسرائيل تنفذ عملية متدحرجة، تكبر ككرة ثلج ويتسع نطاقها.

آلية إسرائيلية تتحرك قرب الحدود اللبنانية اليوم (أ.ب)

والخطة الموضوعة للحرب في لبنان، نشرها قائد اللواء الشمالي في الجيش، اللواء غوردين، قبل أسبوعين، عندما قام الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، خلال آخر زيارة له إلى تل أبيب وحاول خلالها حث الدولة العبرية على منع التدهور الأمني مع لبنان، مؤكداً أن هناك خطة لتسوية سياسية جاهزة ويمكن إتمامها في حال التوصل إلى اتفاق لوقف النار. وتتضمن الخطة الإسرائيلية توصية إلى رئاسة الأركان تقترح احتلال مقطع من الجنوب اللبناني وتحويله إلى حزام أمني يمنع نشاط «حزب الله» ويضمن عودة آمنة لسكان البلدات الشمالية النازحين. وتؤكد مصادر إسرائيلية أن قادة الجيش الإسرائيلي خاضوا حواراً مع نظرائهم الأميركيين، تم تتويجه بـ«تفاهمات حول التفاصيل الدقيقة» بين وزيري الدفاع، الإسرائيلي يوآف غالانت، والأميركي لويد أوستن. وهكذا أصبحت صيغة الأهداف: حرب ضد «حزب الله» وليس ضد لبنان، عمليات توغل محدودة النطاق جنوب نهر الليطاني، وتحطيم قدرات «حزب الله» العسكرية. كما تم الاتفاق على تجزئة المهمّات العسكرية الإسرائيلية في لبنان إلى عدة مهمات منفصلة بعضها عن بعض، يساندها سلاح الجو وسلاح المدفعية عند الدخول إلى لبنان أو الخروج منه، فإذا وجدت إسرائيل في أي موقع مقاومة من الحزب، تعالجه بشكل عميق أكثر، أي اجتياح بالدبابات والمدرعات.

وهكذا تبدو العملية الإسرائيلية وكأنها تسير في مسار متدحرج. فهي بدأت بسلسلة توغلات نفّذتها القوات الإسرائيلية خلال الشهور الأخيرة، لفحص المنطقة. فعندما أيقنت أن «قوات الرضوان» التابعة للحزب غادرت مواقعها وتركت كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، قامت بتدميرها على أرضها. وخلال هذه العمليات، التحمت القوات الإسرائيلية مع بعض عناصر «حزب الله» الذين بقوا هناك لحراسة المكان، وقامت بتصفيتهم، فيما اعترفت إسرائيل بإصابة عدد من أفراد قوات الكوماندوس. وما حصل الليلة الماضية أن هذه القوات دخلت مرة أخرى لكن بشكل منظم وقوات عديدة واحتلت عدداً من قمم الجبال والتلال المحيطة بالقرى الجنوبية. وأمرت سكان 30 قرية بالرحيل شمالاً، حتى تكمل المهمة فيها. ويُتوقع الآن أن القوات الإسرائيلية المساندة ستدخل إلى هذه القمم في ساعات الليل، في ظل توقعات بأن «قوات الرضوان» ستحاول نصب كمائن لها.

دبابات إسرائيلية في كريات شمونة على الحدود مع لبنان اليوم (د.ب.أ)

وهناك من يعتقد أن الهدف الأول والأساس من هذه العملية هو الضغط العسكري على «حزب الله» حتى يقبل شروطاً جديدة تتضمن آليات مراقبة تضمن ألا يعود إلى مقربة من الحدود الإسرائيلية. ويقول الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إنه في حال عجزت حكومة لبنان ودول العالم عن إرغام «حزب الله» على الرضوخ لهذا المطلب، فإن إسرائيل ستقوم بهذه المهمة من خلال الضغط العسكري والبقاء في الجنوب.

وهناك هدف آخر داخلي للجيش الإسرائيلي في هذا التصعيد، بدأ يتحقق، يتعلق بمكانته بين الناس. فقد تبيّن من استطلاع للرأي أجري في اليومين الأخيرين ونشر الثلاثاء، أن الجيش بدأ يسترد الثقة. ففي حين قال 37 في المائة من الجمهور إنهم يثقون بنتنياهو (مقابل 30 في المائة قبل شهر)، حصل وزير الدفاع، يوآف غالانت، على 57 في المائة من نسبة الثقة (35 في المائة قبل شهر). إلا أن رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، حصل على أعلى مستوى ثقة بين الثلاثة، بنسبة 63 في المائة (46 في المائة سابقاً). وعبّر 89 في المائة من المستطلعة آراؤهم عن ثقتهم بسلاح الجو الإسرائيلي.


مقالات ذات صلة

أوروبا رجل فلسطيني ينظر لجثامين الأطفال الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مستشفى الأهلي العربي في وسط غزة (أ.ف.ب)

«هذه قسوة وليست حرباً»... البابا فرنسيس يدين مقتل أطفال في غارة إسرائيلية على غزة

أدان البابا فرنسيس «قسوة» غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل سبعة أطفال من العائلة ذاتها في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

بينهم 7 أطفال.. مقتل 12 شخصاً من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل12 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال، في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي ينفي تقريراً حول قتل عشوائي للمدنيين في غزة

رفض الجيش الإسرائيلي ما أوردته صحيفة إسرائيلية بارزة نقلاً عن جنود يخدمون في غزة، عن وقوع عمليات قتل عشوائية للمدنيين الفلسطينيين في ممر نتساريم بغزة.

المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض مسيّرة آتية من جهة الشرق

من آثار الصاروخ الذي سقط في تل أبيب (رويترز)
من آثار الصاروخ الذي سقط في تل أبيب (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض مسيّرة آتية من جهة الشرق

من آثار الصاروخ الذي سقط في تل أبيب (رويترز)
من آثار الصاروخ الذي سقط في تل أبيب (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه اعترض، اليوم (السبت)، طائرة مسيّرة آتية من جهة الشرق، وذلك بعد ساعات من إصابة 16 شخصاً بجروح طفيفة في تلّ أبيب، إثر سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون من اليمن.

خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)

وجاء في بيان للجيش: «إثر صفّارات الإنذار التي دوّت قبل قليل في غفولوت وتالمي إلياهو وعين هابسور (قرب قطاع غزة) للتحذير من تسلّل طائرة دون طيار، اعترض سلاح الجو الإسرائيلي طائرة دون طيار عبرت إلى الأراضي الإسرائيلية من جهة الشرق»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

امرأة تتفقد الأضرار أثناء إخلائها منزلها بتل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

وقال الحوثيون في اليمن اليوم (السبت)، إنهم قصفوا هدفاً عسكرياً في منطقة يافا بوسط إسرائيل بصاروخ باليستي.