اجتماع مرتقب لـ«فتح» و«حماس» بالقاهرة... مساعٍ لتوافق بشأن مستقبل غزة

إعلام فلسطيني تحدث عن أن اللقاء سيبحث ترتيبات خاصة بـ«معبر رفح»

اجتماع للفصائل الفلسطينية في الصين انتهى بتوقيع إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية (رويترز)
اجتماع للفصائل الفلسطينية في الصين انتهى بتوقيع إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية (رويترز)
TT

اجتماع مرتقب لـ«فتح» و«حماس» بالقاهرة... مساعٍ لتوافق بشأن مستقبل غزة

اجتماع للفصائل الفلسطينية في الصين انتهى بتوقيع إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية (رويترز)
اجتماع للفصائل الفلسطينية في الصين انتهى بتوقيع إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية (رويترز)

في تحريك للمياه الراكدة بشأن حلول الأزمة في قطاع غزة، يعيد اجتماع فلسطيني مرتقب بين حركتي «فتح» و«حماس» في القاهرة آمالاً جديدة بشأن «مصالحة» تُحيي فرص التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في القطاع الذي يواجه حرباً إسرائيلية مدمرة منذ ما يقرب من عام، وسط أحاديث فلسطينية عن أنه سيتناول ترتيبات خاصة بإدارة القطاع والجانب الفلسطيني من معبر رفح الذي كانت تسيطر عليه «حماس» قبل الحرب.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن الاجتماع الذي أعلنت حركة «فتح» الفلسطينية عقده، الأربعاء، حال لم يتأجل جراء تصاعد التوترات بالمنطقة «ربما يحمل فرصة مهمة لتغيير المشهد في ظل صعوبته مع التصعيد بلبنان وإيجاد موضع قدم لحلول وتفاهمات وتقديم المصلحة الفلسطينية على أي أمر آخر»، لافتين إلى أن «إدارة قطاع غزة والجانب الفلسطيني من معبر رفح ترفض إسرائيل أن يكونا تحت سلطة «حماس»، وبالتالي التوصل لتفاهمات قد يخرج كل الأطراف من المأزق الحالي».

ويأتي الاجتماع وسط جمود مفاوضات هدنة غزة منذ أسابيع، على خلفية تمسك رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بعدم الانسحاب من الجانب الفلسطيني من معبر رفح ومحور فيلادلفيا، الحدودي مع مصر، ورفض بقاء «حماس» بالسلطة في اليوم التالي من انتهاء الحرب.

وبينما لم تؤكد «حماس» اللقاء، أفاد إعلام فلسطيني، الاثنين، بأن «الاجتماع سيبحث بعض الترتيبات الخاصة حول معبر رفح وملفات إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية والعدوان على غزة»، ونقل عن مصادر لم يحدد هويتها أنه «قد يؤجل اللقاء المرتقب إلى الأسبوع المقبل»، وهو ما لم تعلق عليه حركة «فتح».

ووفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، فإن اللقاء يأتي بعد تقارير إعلامية خرجت منتصف سبتمبر (أيلول) الحالي، تشير إلى توافق حركتي «فتح» و«حماس»، على عقد لقاء ثنائي، في العاصمة المصرية القاهرة، بهدف التوصل إلى «تفاهمات» بشأن إدارة قطاع غزة بما يتجاوز الخلافات السياسية الكبيرة القائمة بين الحركتين حول الشراكة السياسية وغيرها، ويتغلب على العقبات التي تضعها إسرائيل.

وبرأي هريدي، «سيكون هذا الاجتماع لبحث ذلك التشكيل الإداري ووضع التفاصيل؛ هل الإدارة ستكون تكنوقراط، هل من أعضاء (فتح) أم موظفين من إدارة (حماس) السابقة وغير محسوبين عليها؟».

لذا هذا الاجتماع «يحمل خطوة مهمة في طريق الوحدة الوطنية الفلسطينية والقضاء على الانقسام وترقب التوصل لتفاهمات بين حركتي (فتح)، و(حماس) لليوم التالي للحرب»، وفق تقدير السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، مؤكداً «ضرورة أن تكون السلطة الفلسطينية مسؤولة عن غزة والضفة ولا بد أن تكون هناك تفاهمات تحقق ذلك ونوايا صادقة».

وحسب الخبير السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، فإن الاجتماع سيُعقد في موعده، «ولا خيارات أمام (حماس) أو الفلسطينيين سوى الذهاب لمسار تفاهمات في أسرع وقت وإلا فستكون الخسائر فادحة وأكثر من الواقع».

وعلى «حماس» أن تقرأ المشهد جيداً وتدرك أن «فرصة البقاء السياسي متوفرة» لها إذا تم التوصل لتفاهمات بهذا الاجتماع، وتدرك أهمية الابتعاد عن تحالفات خارجية خاصة مع إيران التي تخلت عنها وعن (حزب الله)»، وفق مطاوع.

ولم تعلق «حماس» على اجتماع القاهرة بعد، لكن باسم نعيم، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» نفى، الخميس الماضي، الأنباء التي ترددت عن توافق حركتي «حماس» و«فتح» على قيام السلطة الفلسطينية بإدارة القطاع والمعابر «مدنياً»، وقال نعيم: «غير صحيح»، لافتاً إلى أنه سيتم اتخاذ قرار بهذا الشأن الأسبوع الحالي خلال لقاء بين الحركتين.

وبتقدير السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، فإن «(حماس) لن تقبل باستبعادها من إدارة غزة وتعتبر هذه القضية حياة أو موت لها»، مستدركاً: «لكن لا أحد يتوقع المشهد كيف سيسير في ظل صعوبته والتصعيد الإسرائيلي في لبنان بجانب القطاع».

وإزاء المخاوف من رفض «حماس» التوافق، يؤكد هريدي أهمية أن «يخرج الاجتماع بنتائج أن فلسطين تتحدث بصوت واحد وأن قرارها فلسطيني ومتحد للخروج من الأزمة الحالية سريعاً».

ولا يريد الخبير السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن يرفع سقف التوقعات والرهانات على الاجتماع، مؤكداً أنه يعوّل على أن الحس الوطني والمسؤولية التاريخية إذا توفّرت فيمكن أن نذهب لإنهاء سنوات الانقسام وتحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني في إنهاء الحرب.

ويلفت إلى أنه في السنوات الماضية شهدت لقاءات مماثلة بين الحركتين واتفاقات ومصالحة لم تترجم على أرض الواقع، غير أنه يرى في هذا الاجتماع المقبل نضوجاً كاملاً للمشهد والمتغيرات أمام الحركتين، محذراً من أن التخلف عن إنهاء الانقسام والذهاب لتفاهمات ستكون خسائره فادحة.

وسبق أن وقّعت حركتا «حماس» و«فتح» اتفاق مصالحة في العاصمة المصرية، القاهرة، في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، ورحّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس آنذاك به ووصفه بالاتفاق النهائي لإنهاء الانقسام الفلسطيني، دون أن يترجم على أرض الواقع.

كما شهد يوليو (تموز) الماضي تحقيق الدبلوماسية الصينية اختراقاً جديداً على مسار تعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مع توصل 14 فصيلاً فلسطينياً، بما في ذلك حركتا «فتح» و«حماس»، إلى إعلان تاريخي للمصالحة الوطنية في بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية.

وبرأي السفير حسين هريدي، فإن مسار الاتفاقات بين الحركتين متكرر على مدار سنوات، وكانت القاهرة في قلب من استضاف تلك الاجتماعات، مشدداً على أن التعويل فقط على الإرادة الفلسطينية لدى الحركتين في الذهاب لاتفاق خلال اجتماع القاهرة المقبل يحقّق مطالب الشعب الفلسطيني.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعبر الحدود بعد انسحاب الجيش اللبناني

المشرق العربي جنود إسرائيليون بالقرب من دبابات وناقلات جند مدرعة في شمال إسرائيل وسط أنباء عن عملية برية وشيك داخل لبنان 30 سبتمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:23

إسرائيل تعبر الحدود بعد انسحاب الجيش اللبناني

قتل عسكري في الجيش اللبناني للمرة الأولى منذ بدء المواجهات بين لبنان وإسرائيل، وسط توقعات باجتياح بري وشيك للأراضي اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت) علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي مفوض وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني (إ.ب.أ)

«الأونروا»: لم نكن نعلم أن الموظف الموقوف أبو الأمين كان قائداً لـ«حماس» في لبنان

نفى مفوض «الأونروا»، الاثنين، معرفته بأن الموظف الموقوف فتح شريف أبو الأمين كان قائداً لـ«حماس» بلبنان، ودعا الدول إلى الرد على الهجمات الإسرائيلية على الوكالة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي فتح شريف أبو الأمين متوسطاً طالبات «ثانوية دير ياسين» في لبنان (فيسبوك)

ماذا نعرف عن قيادي «حماس» المتخفي في لبنان؟

حتى اغتالته إسرائيل في مخيم البص بلبنان، لم يكن فتح شريف أبو الأمين معروفاً على نطاق واسع في الضفة أو غزة بوصفه أحد قادة «حماس».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية نتنياهو يخاطب الإيرانيين في تسجيل مصور بث على منصة «إكس» اليوم play-circle 00:33

نتنياهو للإيرانيين: لا مكان في الشرق الأوسط لا يمكن لإسرائيل الوصول إليه

حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في رسالة مُوجّهة إلى الشعب الإيراني، الاثنين، بأنه «لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لا يمكن لإسرائيل الوصول إليه».

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يرتدون نظارات رؤية ليلية خلال العمليات العسكرية في غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

تقرير: قوات خاصة إسرائيلية تسللت إلى لبنان استعداداً لهجوم بري ضد «حزب الله»

قال مسؤولون عسكريون إن وحدات خاصة تسللت فترةً قصيرةً إلى داخل الأراضي اللبنانية استعداداً لاحتمال تنفيذ هجوم بري واسع يستهدف «حزب الله».


هل ينهار «محور المقاومة» الإيراني تحت وطأة الهجمات الإسرائيلية؟

مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

هل ينهار «محور المقاومة» الإيراني تحت وطأة الهجمات الإسرائيلية؟

مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

سلطت شبكة «إن بي سي» الأميركية الضوء على الغارات التي شنتها إسرائيل خلال الفترة الأخيرة على «حزب الله» اللبناني وغيره من حلفاء إيران، وقالت إن إسرائيل ألحقت أضراراً غير مسبوقة بـ«محور المقاومة» الإيراني، وأصبحت طهران تواجه معضلة.

وأضافت الشبكة أن إيران اعتمدت لعقود من الزمن على «حزب الله» ووكلاء آخرين كخط دفاع أول، لكن مسؤولين استخباراتيين ومحللين سابقين في الولايات المتحدة أكدوا أن الضربات الجوية الإسرائيلية التي قضت على كبار قادة «حزب الله» وتركت أمنه الداخلي في حالة سيئة، تشكل ضربة مدمرة لمشروع إيران الذي استمر عقوداً لفرض النفوذ والسلطة في الشرق الأوسط من خلال الوكلاء.

ففي غضون أسابيع، عانت إيران، و«حزب الله» الذي يعتبر وكيلها الأكثر أهمية، من إخفاقات أمنية كارثية، فقد اخترقت إسرائيل شبكة اتصالات «حزب الله» ودمرتها، وقتلت العديد من كبار الشخصيات، وقتلت زعيم «حزب الله» القوي والمؤثر حسن نصر الله، الذي لا يمكن استبداله بسهولة.

وقال مسؤولون أميركيون إن الضربات الجوية الإسرائيلية قتلت معظم قادة «حزب الله» ودمرت مستودعات أسلحة، مما تسبب بأضرار غير مسبوقة.

ونظر النظام الإيراني إلى «حزب الله» باعتباره حجر الزاوية في استراتيجية لتطويق الخصوم المتفوقين عسكرياً بالوكلاء المسلحين، الممولين والمدربين من قبل «الحرس الثوري» الإيراني، وأطلقت عليهم طهران اسم «محور المقاومة».

ومن خلال تزويد «حزب الله» بترسانة من الصواريخ والقذائف، إلى جانب جماعات أخرى في غزة والعراق وسوريا واليمن، راهنت إيران على أنها يمكن أن تضعف إسرائيل والولايات المتحدة وتستعرض عضلاتها، مع تجنب المواجهة المباشرة التي لا يمكنها الفوز بها، لكن استراتيجية إيران قللت من تقدير كيفية رد إسرائيل على الهجوم الذي شنته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) وإطلاق «حزب الله» للصواريخ.

ملصق ضخم يتضمن صورة نصر الله رُفع في طهران (أ.ف.ب)

وقال ضباط استخبارات سابقون ومحللون لمكافحة الإرهاب في أميركا إن طهران بالغت أيضاً في تقدير قوة شبكة وكلائها.

وقال الخبير في شؤون الإرهاب بروس هوفمان، الأستاذ في جامعة جورج تاون: «لقد تم تمزيق حساباتهم بالكامل، فبالنسبة لإسرائيل، هذا تحول مذهل عن الأحداث التي وقعت قبل عام تقريباً»؛ في إشارة إلى هجوم «حماس» الذي فاجأ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. وأضاف هوفمان: «لقد استعادت الاستخبارات الإسرائيلية هالة الردع التي فقدتها بعد كارثة أكتوبر».

وحولت إسرائيل تركيزها إلى «حزب الله» بعد أن ألحقت أضراراً جسيمة بـ«حماس» في قطاع غزة على مدار العام الماضي.

ورغم تعرض «حزب الله» لهجوم لا هوادة فيه في الأيام الأخيرة، فقد أثبتت إيران عجزها وربما عدم رغبتها في حماية حلفائها في لبنان، وفقاً للشبكة الأميركية.

وذكر مسؤولون سابقون في الاستخبارات والدفاع أن هذا قد يثير تساؤلات لدى بعض المقاتلين في المجموعات التابعة لإيران حول ما إذا كانت طهران راعية موثوقة.

وقال ماثيو سافيل من معهد الخدمات المتحدة الملكي في لندن، الذي كان مسؤولاً كبيراً في وزارة الدفاع البريطانية، إن شبكة وكلاء طهران كان من المفترض أن تعمل كرادع للهجوم الإسرائيلي المباشر على إيران نفسها، لكن الأحداث الأخيرة «كشفت الضعف في قلب» استراتيجية إيران.

وأضاف: «بينما ستستخدم إيران شركاءها للدفاع عن نفسها، فإن العكس ليس صحيحاً، ومن غير المرجح أن تخوض حرباً مع إسرائيل لإنقاذ أحد هؤلاء الشركاء».

واتفق غلين كورن، وهو ضابط كبير سابق في وكالة المخابرات المركزية، مع هذا الرأي. وقال: «لم تتمكن إيران حتى الآن من القيام بأي شيء مهم لدعم وكلائها».

وذكر كورن وضباط استخبارات سابقون آخرون أن قدرة إسرائيل على ضرب الدائرة الداخلية لـ«حزب الله» بنجاح تأتي بعد سنوات من العمل الاستخباراتي منذ عام 2006، عندما حاولت إسرائيل وفشلت في قتل نصر الله وهزيمة الحزب بشكل دائم، وأضاف كورن أن العمل الاستخباراتي الطويل الأمد «يؤتي ثماره».

ووفقاً للشبكة، أجبرت العمليات الإسرائيلية الناجحة إيران و«حزب الله» أيضاً على مواجهة سؤال محير: كيف ومتى ترد دون التعرض لمزيد من النكسات؟

إذا اختارت إيران أو «حزب الله» إطلاق وابل من الصواريخ والقذائف على إسرائيل الآن، فإن ذلك يخاطر برد انتقامي هائل من قبل إسرائيل وحرب شاملة لا تمتلك طهران المعدات اللازمة للفوز بها.

وهناك أيضاً خطر إسقاط القوات الإسرائيلية والأميركية في المنطقة للعديد من الصواريخ، كما حدث في أبريل (نيسان)، عندما أطلقت إيران أكثر من 300 طائرة من دون طيار وصاروخ على إسرائيل دون أي تأثير تقريباً.

بالنسبة لرئيس إيراني جديد يقول إن حكومته مستعدة لإحياء الدبلوماسية النووية مع الغرب، فإن الصراع المتصاعد مع إسرائيل من شأنه أن ينسف أي فرصة للمفاوضات أو تخفيف العقوبات اللازمة لإحياء الاقتصاد الإيراني.

ولكن إذا اختارت طهران عدم الرد، فسوف تبدو إيران ضعيفة وأنها تتراجع أمام إسرائيل.

وقال المحلل كريم سجادبور، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام، إن المرشد علي خامنئي «يواجه الآن معضلة من صنعه، فمن خلال عدم الرد بقوة، فإنه يستمر في فقدان ماء وجهه، ومن خلال الرد بقوة مفرطة، قد يفقد رأسه»، مضيفاً أن «هذه الإذلالات ستغذي الحديث عن الخلافة في طهران».

وذكر مسؤولون سابقون أن خياراً آخر أمام إيران و«حزب الله» يتمثل في تنفيذ هجمات في الخارج، وملاحقة أهداف أكثر ضعفاً مرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم.

وقال مارك بوليميروبولوس، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية: «القلق الوحيد الذي ينبغي أن ينتابنا هو العودة إلى النوع القديم من العمليات الإرهابية، والأهداف السهلة مثل السفارات في الخارج، سواء كانت إسرائيلية أو أميركية، ومن المؤكد أن هذا السيناريو سيكون أكثر ترجيحاً».

صور نصر الله على أحد المباني في ضاحية بيروت الجنوبية (إ.ب.أ)

وذكر ضباط استخبارات سابقون أن التوغلات العسكرية الإسرائيلية السابقة في لبنان، وآخرها في عام 2006، أتت بنتائج عكسية، ويمكن أن توفر رؤية القوات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية دفعة قوية لقوات «حزب الله» وقضيته.

وقال كورن إن الفوضى داخل «حزب الله» وغياب زعيم قوي من المرجح أن يخلقا فراغاً في بيروت، ومن غير الواضح ما إذا كانت الحكومة اللبنانية ستحاول إعادة تأكيد نفسها بعد أن هيمن عليها «حزب الله» لسنوات.

وتساءل كورن: «من سيملأ هذا الفراغ؟ هل ستكون الدولة اللبنانية؟ هل سيكون تنظيم (داعش)؟ هل ستكون مجموعة أخرى؟ والسؤال الكبير هو ما إذا كانت القوات المسلحة اللبنانية مستعدة للتدخل والسيطرة على بلدها، وهو ما لم تتمكن من القيام به حتى الآن، لأن (حزب الله) كان القوة العسكرية والسياسية الأولى في لبنان».

وقال نورمان رول، الذي عمل لمدة 34 عاماً في وكالة المخابرات المركزية وأشرف على عمليات الاستخبارات بشأن إيران، إن المهمة الأولى لإيران ستكون إعادة بناء «حزب الله» ووكلائه الآخرين؛ فرغم الأضرار الجسيمة، فإن «الجماعات لا تزال على قيد الحياة، ولم تتضاءل سيطرتها على المناطق الجغرافية الخاصة بها إلى الحد الذي يجعل بقاءها موضع شك، وسوف يكون الهدف الأساسي لإيران هو المساعدة في بقاء هذه الجماعات وتعافيها».

وذكر أن «الحملة الإسرائيلية أزالت جيلاً من قادة (حزب الله)، وإذا ما استمرت الهجمات الإسرائيلية، فإن عملية صنع القرار في (حزب الله) سوف تكون في حالة من الفوضى، لكن الجماعة تظل قوة كبيرة».

وقال: «لا يزال هناك عشرات، إن لم يكن مئات، من القادة من المستوى الأدنى إلى المتوسط، إلى جانب الآلاف من المؤيدين المسلحين في كثير من الأحيان».