لبنان يقدم لوزير خارجية فرنسا اقتراح «الفرصة الأخيرة» لتجنب الحرب

بري لـ«الشرق الأوسط»: اتفاقي مع نصر الله ما زال سارياً… وميقاتي: مصداقية واشنطن على المحك

رئيس البرلمان نبيه بري خلال اللقاء مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان نبيه بري خلال اللقاء مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
TT

لبنان يقدم لوزير خارجية فرنسا اقتراح «الفرصة الأخيرة» لتجنب الحرب

رئيس البرلمان نبيه بري خلال اللقاء مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان نبيه بري خلال اللقاء مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

قدّم لبنان لوزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، رؤيته لحل «الفرصة الأخيرة» لتجنب انفلات الحرب الإسرائيلية التي تَلوح ضد لبنان، وهي رؤية تنطلق من مبادرة توصَّل إليها رئيس البرلمان نبيه بري مع الموفد الأميركي آموس هوكستين، وتبنتها الولايات المتحدة وفرنسا و8 دول عربية وأجنبية. وتعهد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بإرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب فور وقف النار، وتنفيذ القرار الدولي 1701 الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 2006 وقضى بإنشاء منطقة خالية من سلاح «حزب الله» جنوب نهر الليطاني.

وأكد الرئيس نبيه بري لـ«الشرق الأوسط» أن لبنان ما زال ملتزماً ما تم الاتفاق عليه مع الوسيط الأميركي هوكستين، من مسار ينتهي بوقف إطلاق النار مع إسرائيل وتنفيذ القرار الدولي 1701. لكنه رفض بشدة، في المقابل، ربط وقف النار بمسار الانتخابات الرئاسية، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا علاقة لأحد بموضوع انتخاب رئيس الجمهورية ومن غير المسموح التدخل فيه، لأنه موضوع سيادي. ومع أننا نرحب بأي مساعدة إلا أننا نرفض أي تدخلات ومحاولات إملاء».

وقال الرئيس بري بُعيد لقاءات أجراها مع وزير خارجية فرنسا، ثم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ومن بعده قائد الجيش العماد جوزف عون: «لقد أبلغنا الوزير الفرنسي بالموقف اللبناني الملتزم مضامين نداء الدول العشر الداعي إلى وقف النار وتطبيق القرار 1701 فوراً على الأسس التي تم التوافق عليها مع الموفد الأميركي». وإذ أكد تطابق الموقف مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وتأييده ما صدر عنه، أوضح رداً على سؤال أن التواصل مع «حزب الله» قائم، وأن الحزب «ليس بعيداً عن هذا التوجه».

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو قبيل لقائه رئيس البرلمان نبيه بري (أ.ف.ب)

وقال بري: «هذه المبادرة التي طرحتها سابقاً، كنت قد توافقت عليها مع السيد حسن نصر الله بالتفصيل، وهذا التوافق ما زال ساري المفعول».

بدوره أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، التزام لبنان مسار وقف النار وإطلاق مفاوضات غير مباشرة تؤدي إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية ضد لبنان واللبنانيين. وقال ميقاتي لـ«الشرق الأوسط» بُعيد لقائه وزير الخارجية الفرنسي، وزيارته رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، إن لبنان «يتعهد بإرسال الجيش إلى الجنوب بعد وقف إطلاق النار وإطلاق مسار المفاوضات»، مشدداً على أنه «لا بديل لدينا عن هذا النداء الذي أصدرته عشر دول وازنة في مقدمها الولايات المتحدة وفرنسا».

ورأى أن «الدور هو على المجتمع الدولي، ومصداقية هذه الدول -خصوصاً الولايات المتحدة- باتت على المحك، لأنها إذا لم تتمكن من وقف هذه الحرب الوحشية، فلا أرى من هو قادر على ذلك».

وأوضح ميقاتي أن كلامه بعد لقائه بري «هو تعبير عن وحدة الموقف اللبناني» وأن استعماله تعبير «تعهد، هو تأكيد على متانة هذا الموقف». وشدد رئيس الوزراء على أن هذا المسار «هو المسار الوحيد ولا بديل عنه إلا استمرار الحرب التي لا يعرف أحد كيف ستنتهي».

وجدّد ميقاتي تأكيد أن لبنان مستعد لتطبيق القرار 1701 ومستعد لإرسال الجيش اللبناني إلى الحدود ليقوم بمهامه بالتنسيق مع قوات حفظ السلام الدولية في الجنوب، ونقل عن رئيس البرلمان نبيه بري تأكيده «أنه فور وقف إطلاق النار ستتم دعوة مجلس النواب لانتخاب رئيس توافقي وليس رئيس تحدٍّ لأحد»، في موقف لافت يعكس تبدلاً في موقف بري الذي لطالما كان يربط الدعوة إلى جلسة انتخاب بالحوار الذي ترفضه المعارضة.

يأتي هذا الموقف بعد لقاء كل من ميقاتي وبري وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الذي يزور بيروت للقاء مسؤولين وبحث وقف إطلاق النار وتقديم مساعدات من بلاده لوزارة الصحة، حيث أكد أن «الأولوية هي انتخاب رئيس الجمهورية والعمل على وقف المواجهات المسلحة».

كان موضوع انتخابات الرئاسة حاضراً في اللقاء، حيث قال ميقاتي: «تحدثنا أيضاً عن المسار الرئاسي وضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت»، ناقلاً عن بري تأكيده أنه «فور حصول وقف إطلاق النار ستتم دعوة مجلس النواب إلى انتخاب رئيس توافقي وليس رئيس تحدٍّ لأحد. وهذا الأمر هو من الإيجابيات التي يجب أن نستفيد منها في أسرع وقت من أجل استقامة المؤسسات الدستورية واكتمال عقدها وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة».

وكان ميقاتي قد استقبل وزير خارجية فرنسا وأكد «أن مدخل الحل هو في وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان والعودة إلى النداء الذي أطلقته الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا بدعم من الاتحاد الأوروبي ودول عربية وأجنبية لوقف إطلاق النار»، مشدداً على «أن الأولوية هي لتطبيق القرار الدولي 1701». بدوره شدد وزير خارجية فرنسا على «أولوية انتخاب رئيس الجمهورية والعمل على وقف المواجهات المسلحة»، مؤكداً أن بلاده تدعم لبنان وشعبه على الصعد كافة، وهي مهتمة بدعم الجيش ومساعدته في هذه الظروف الدقيقة.

وتلقَّى ميقاتي اتصالاً من رئيس وزراء كندا جاستن ترودو، الذي عبّر عن تضامنه مع لبنان، مبدياً قلقه الشديد من المواجهات الدائرة، ومشدداً على ضرورة وقف التصعيد والعودة إلى الحلول السلمية. كذلك تلقى رئيس الحكومة اتصالاً من نائب الرئيس الإيراني محمد رضا عارف، الذي عبّر عن «إدانته الاعتداءات الإسرائيلية على المناطق السكنية في لبنان».


مقالات ذات صلة

نتنياهو يدعو الإسرائيليين إلى الالتزام بتعليمات قيادة الجبهة الداخلية

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

نتنياهو يدعو الإسرائيليين إلى الالتزام بتعليمات قيادة الجبهة الداخلية

دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، الإسرائيليين إلى الالتزام بتعليمات السلامة الصادرة عن قيادة الجبهة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي حزب الله يطلق صواريخ على قاعدة جوية في ضواحي مدينة تل أبيب (رويترز)

«حزب الله» اللبناني: إطلاق صواريخ على قاعدة جوية في ضواحي تل أبيب

قالت جماعة «حزب الله» اللبنانية، اليوم الثلاثاء، إنها أطلقت صواريخ على قاعدة جوية في ضواحي مدينة تل أبيب الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري جنود إسرائيليون عند الحدود الشمالية مع لبنان (رويترز)

تحليل إخباري ما هي أهداف إسرائيل من اجتياح لبنان براً؟

تخشى مصادر متعددة في لبنان توسع العملية البرية التي بدأتها إسرائيل، في حال استشعرت تل أبيب ضعف «حزب الله» وتضاؤل قدراته بصد الهجومات.

بولا أسطيح (بيروت)
خاص وقت اللعب يُهدِّئ وطأة أيام لا تليق بالبراءة (الشرق الأوسط)

خاص يوغا وميداليات رياضية لأطفال الحرب النازحين في مدرسة ببيروت

في مدرسة النزوح، بعضهم يرى نفسه رونالدو وآخر ميسي. وتدور المباراة. يتحوّل بعض الأهل جمهور المشجّعين، ويعلو تصفيق من عمق المأساة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
المشرق العربي مركبات ومباني متضررة في أعقاب الضربات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

غارتان إسرائيليتان على ضاحية بيروت الجنوبية إحداهما في محيط مستشفى

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (الثلاثاء) أنّه شنّ غارة جوية على بيروت، هي الأخيرة ضمن سلسلة هجمات تستهدف «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غارات على مواقع ورادارات عسكرية في جنوب سوريا

من موقع الغارة (أ.ف.ب)
من موقع الغارة (أ.ف.ب)
TT

غارات على مواقع ورادارات عسكرية في جنوب سوريا

من موقع الغارة (أ.ف.ب)
من موقع الغارة (أ.ف.ب)

أدانت دمشق الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف منطقة المزة الغربية في مدينة دمشق، فجر الثلاثاء وأسفر عن سقوط ضحايا مدنيين، داعية العالم إلى «وضع حد لإسرائيل».

وبعد ساعات من الهجوم على المزة، استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي بصاروخين كتيبة الرادار، الواقعة بين بلدة القنية ومدينة الصنمين شمال درعا، والتابعة لـ«اللواء 79 دفاع جوي»، في جنوب سوريا، وفق ما أفادت به مصادر إعلامية محلية.

لحظة استهداف أحد المواقع في محيط مدينة إزرع (درعا 24)

وقال موقع «درعا 24» إن قصفاً إسرائيلياً استهدف المواقع العسكرية في محيط مدينة إزرع، كما استهدف «مطار الثعلة» العسكري في ريف السويداء، وكتيبة الرادار شرق بلدة ناحتة شرق درعا، والمطار الزراعي بين بلدة مليحة العطش ومدينة إزرع. وسط توقعات بازدياد الهجمات الإسرائيلية خلال الساعات المقبلة جنوب سوريا.

وقبل صدور بيان رسمي سوري حول هذا الهجوم، قال «‏المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن «غارة إسرائيلية استهدفت كتيبة الرادار ومطار إزرع في ريف درعا». وكانت وسائل الإعلام الرسمي قد أفادت بسماع دوي انفجارات عديدة في محيط دمشق، يوم الثلاثاء، فيما أعلن التلفزيون السوري أن «الدفاعات الجوية تصدت لأهداف معادية في محيط العاصمة».

عناصر أمنية تتحقق من آثار الغارة الإسرائيلية في المزة (أ.ف.ب)

وفي وقت سابق من الثلاثاء، استنكرت وزارة الخارجية السورية، في بيان لها، الانتهاكات الإسرائيلية لسيادة سوريا ودول المنطقة. وقالت إن «العدو الإسرائيلي قام بشنّ عدوانٍ جوي بالطيران الحربي والمسيّر، مستهدفاً عدداً من النقاط في مدينة دمشق، من بينها مناطق سكنية مكتظة بالسكان، ما أدى إلى استشهاد 3 مدنيين وإصابة 9 آخرين، ووقوع أضرار كبيرة في الممتلكات الخاصة». وجدد البيان تأكيد سوريا على «حقها المشروع في الدفاع عن أرضها وشعبها ومقاومة هذه الجرائم بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي».

وعاش سكان العاصمة، دمشق، ليلةً مرعبةً مع سماع دوي انفجارات كبيرة، ثم سُمع بعد ذلك صوتٌ لسيارات الإسعاف في حي المزة، في حين نعت وسائل الإعلام الرسمي و«اتحاد الصحافيين السوريين» المذيعة في التلفزيون السوري الرسمي، صفاء أحمد، التي قضت في الهجوم الإسرائيلي... وبحسب شهود عيان، فقد خلف الهجوم أضراراً مادية بالمحلات التجارية والسيارات في الشارع المستهدف الواقع في آخر أوتوستراد المزة بالقرب من مبنى وزارة الاتصالات.

رفع سيارات متضررة من القصف الإسرائيلي في المزة (أ.ف.ب)

وبينما لم تتسرب معلومات حول المستهدف في الهجوم الإسرائيلي، قال «المرصد السوري» إن سورياً يعمل مع الميليشيات الإيرانية، واثنين آخرَين من جنسية غير سورية، قُتلوا في الهجوم، وسط معلومات عن مقتل اثنين آخرين. كما قُتل 3 مدنيين بينهم إعلامية، وأُصيب 9 آخرون.

وأوضح المرصد أن طائرات مسيّرة إسرائيلية نفّذت بعد منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء ضربات جوية عبر دفعتين، مستهدفة سيارتين بالقرب من «الحديقة الفرنسية» ومبنى يخص السفارة اللبنانية في حي المزة بالعاصمة دمشق. وأن ذلك تزامن مع استهداف الطيران الحربي الإسرائيلي بطاريات دفاع جوي في مطار المزة، ومحيط منطقة الكسوة جنوب غربي دمشق.

من إزالة مخلفات الغارة في المزة (أ.ف.ب)

ويعد حي المزة من الأحياء السكنية الحديثة في دمشق، ويضم كثيراً من السفارات؛ بينها السفارة الإيرانية. كما يسكن به عدد من عناصر وقيادات «حزب الله» اللبناني، و«الحرس الثوري» الإيراني، وقيادات فلسطينية، وتعرّض خلال الأشهر الماضية لكثير من الهجمات الإسرائيلية وحوادث الاغتيال التي استهدفت قياديين إيرانيين وفلسطينيين.