الحرب الإسرائيلية مستمرة على جبهتي غزة والضفة

قتلى وجرحى واشتباكات... وتسليم جثامين 88 فلسطينياً في القطاع

طفل فلسطيني وشقيقته يبكيان أمام جثمان والدهما الذي قُتل بغارة إسرائيلية في دير البلح بوسط قطاع غزة الأربعاء (رويترز)
طفل فلسطيني وشقيقته يبكيان أمام جثمان والدهما الذي قُتل بغارة إسرائيلية في دير البلح بوسط قطاع غزة الأربعاء (رويترز)
TT

الحرب الإسرائيلية مستمرة على جبهتي غزة والضفة

طفل فلسطيني وشقيقته يبكيان أمام جثمان والدهما الذي قُتل بغارة إسرائيلية في دير البلح بوسط قطاع غزة الأربعاء (رويترز)
طفل فلسطيني وشقيقته يبكيان أمام جثمان والدهما الذي قُتل بغارة إسرائيلية في دير البلح بوسط قطاع غزة الأربعاء (رويترز)

واصلت إسرائيل حربها على جبهتي قطاع غزة والضفة الغربية بالتوازي مع الهجوم الكبير على جبهة لبنان، فقصفت وقتلت مزيداً من الفلسطينيين في غزة، وكذلك في الضفة التي اقتحم الجيش الكثير من مدنها ومخيماتها.

ومع دخول الحرب على قطاع غزة يومها الـ355، الأربعاء، نفذ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات صباحية ومسائية على مناطق عدة في غزة، فيما سلّم الجيش الإسرائيلي وزارة الصحة في القطاع جثامين 88 فلسطينياً دون أي بيانات توضح هوياتهم.

وقصف الجيش الإسرائيلي منازل في خان يونس ورفح جنوب القطاع وفي مخيمي البريج والنصيرات وسط القطاع، وشاركت المدفعية الإسرائيلية بضرب بعض المناطق، ما خلّف كثيراً من القتلى والجرحى ودماراً في الأحياء والشوارع.

وقالت وزارة الصحة في غزة إن الاحتلال ارتكب 4 مجازر ضد العائلات في القطاع وصل منها للمستشفيات 28 قتيلاً و85 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية.

وأوضحت الوزارة، في بيان أصدرته الأربعاء، أن عدداً من الضحايا ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وجاء القصف الإسرائيلي فيما أعلنت «كتائب القسّام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، قصفها محور «نتساريم» (يشطر القطاع إلى نصفين) بقذائف الهاون من العيار الثقيل. وقالت «كتائب القسّام» في بلاغ عسكري إنها «تمكنت بالاشتراك مع سرايا القدس (التابعة لحركة الجهاد الإسلامي) من قصف موقع هندسي شمال نتساريم بقذائف هاون من العيار الثقيل».

حاوية الجثث في خان يونس الأربعاء (رويترز)

ومع استمرار القصف، ارتفع عدد الضحايا الفلسطينيين في غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي إلى 41495 قتيلاً، و96006 مصابين. ولا تشمل الأرقام جثامين فلسطينيين تحت الأنقاض أو لدى إسرائيل.

وسملت إسرائيل، الأربعاء، وزارة الصحة في غزة شاحنة فيها جثامين 88 فلسطينياً من دون بيانات.

وقال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة إن «هذه الجثامين وصلت عبر حاوية دون أي تنسيق مع الجهات الفلسطينية أو الدولية، وبكل صلف وعنجهية وامتهان لكرامة الشهداء، وهو تصرف غير إنساني».

وأكدت وزارة الصحة أن الجثث الـ88 لا تحمل أي بيانات أو معلومات تدل على هوية أصحابها وأماكن انتشالهم وقت الوفاة.

وقالت الوزارة إنها أوقفت إجراءات تسلم حاوية الجثث لحين استكمال البيانات والمعلومات حول هوية أصحابها أو أسماء الضحايا، معتبرة ذلك أدنى حقوق هؤلاء الأشخاص وذويهم.

وعلّق الصليب الأحمر بالقول إنه لم يشارك في عملية نقل الجثامين في أي مرحلة. وقال إنه قدّم المساعدة الفنية والمادية للمستجيبين والمتخصصين في الطب الشرعي لدعمهم في انتشال الجثث والتعامل معها بما يليق بالكرامة الإنسانية وما يتماشى مع أفضل الممارسات في هذا المجال، وشمل ذلك توفير أكياس الجثث ومعدات الحماية الشخصية.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه تجري حالياً محاولة التعرف على الجثامين في الطب الشرعي.

مخيم بلاطة شرق نابلس بالضفة الغربية يوم 9 سبتمبر الحالي (أ.ف.ب)

ومع مواصلة الحرب في غزة، واصلت إسرائيل حرباً أخرى في الضفة الغربية.

وقتلت إسرائيل فلسطينياً واعتقلت العشرات في سلسلة اقتحامات شملت محاصرة مستشفيات في مدينة جنين شمال الضفة الغربية.

وقالت وزارة الصحة إن جيش الاحتلال قتل، الأربعاء، الشاب يحيى عوض (32 عاماً) بمخيم الفوار قرب الخليل جنوب الضفة الغربية، ليرتفع بذلك عدد الذين قتلتهم إسرائيل في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر إلى 717 شخصاً.

وبحسب الوزارة فإنه يوجد بينهم: 160 من الأطفال، و10 من النساء، و9 من المسنين.

وكان الجيش قد اقتحم الفوار إلى جانب مناطق عدة، بينها جنين شمال الضفة.

وأعلنت «كتائب القسّام» أن مقاتليها خاضوا «اشتباكات بالأسلحة الرشاشة مع قوة صهيونية في حارة السمان بمخيم جنين»، بينما أعلنت «سرايا القدس» التابعة لحركة «الجهاد» خوض اشتباكات والتصدي لقوات الاحتلال المقتحمة في محاور القتال، مضيفة أن مقاتليها «يمطرون التعزيزات العسكرية بزخات كثيفة من الرصاص».

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن آليات الاحتلال الإسرائيلي جرفت شوارع وأحياء في مدينة جنين.

كما اقتحم الجيش قريتي «خربثا بني حارث» و«دير إبزيع» غربي رام الله.

واعتقل الجيش أكثر من 35 فلسطينياً في الضفة فجر الأربعاء.

ومن بين المعتقلين سيدة اعتقلت كرهينة، وأسرى أفرج عنهم مؤخراً غالبيتهم كانوا رهن الاعتقال الإداري، وأعاد الاحتلال اعتقالهم مجدداً، على ما أفاد بيان مشترك صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني.


مقالات ذات صلة

بدء جولة ثانية من التلقيح ضد شلل الأطفال في قطاع غزة

العالم العربي بدء الجولة الثانية من حملة التلقيح ضد شلل الأطفال في وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

بدء جولة ثانية من التلقيح ضد شلل الأطفال في قطاع غزة

بدأت جولة ثانية من حملة التلقيح ضد شلل الأطفال رسمياً اليوم الاثنين في وسط قطاع غزة فيما يواصل الجيش الإسرائيلي ضرباته وعملياته.

«الشرق الأوسط» (دير البلح)
المشرق العربي أبو آلاء الولائي (الثاني من اليمين) وهو الأمين العام لجماعة مسلحة تُعرف بـ«كتائب سيد الشهداء» يلقي كلمة تضامناً مع غزة ولبنان في ساحة التحرير ببغداد يوم 11 أكتوبر الحالي (إ.ب.أ)

الفصائل المسلحة تربك خطط العراق لخفض التصعيد في المنطقة

على رغم اللغة الدبلوماسية الهادئة التي تحدث بها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال زيارته لبغداد، فإن هذه اللغة لم تنعكس على جبهة الفصائل العراقية المسلحة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي لقاء الملك عبد الله الثاني برئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بحضور ولي العهد الأمير حسين في عمّان (أ.ف.ب)

الملك عبد الله الثاني يستقبل ميقاتي: الأردن يبذل أقصى الجهود لوقف الحرب على لبنان

أكد ملك الأردن عبد الله الثاني في لقائه برئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن بلاده «تبذل أقصى الجهود لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تراقب حفارات بالقرب من قرية على الحدود اللبنانية (أ.ب)

لبنان يتمسك ببقاء الـ«يونيفيل» ضمانةً دوليّة

يتمسك لبنان بقوّات الـ«يونيفيل» والقيام بمهامها، ولو كانت محدودة، في ظل تحولها هدفاً للجيش الإسرائيلي الذي طالبها بإخلاء مواقعها، ما رفضته بشكل قاطع.

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري جنود إسرائيليون يعبرون منطقة استهدفتها المسيّرات التي أطلقها «حزب الله» على مستعمرة بينامينا (رويترز)

تحليل إخباري حرب لبنان وصياغة مفاهيم جديدة للحروب بالوكالة

تفاجأت إسرائيل استخباراتياً في تاريخها الحديث مرتين؛ الأولى: في حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، والثانية: في 7 أكتوبر 2023.

المحلل العسكري

الفصائل المسلحة تربك خطط العراق لخفض التصعيد في المنطقة

وزيرا خارجية العراق فؤاد حسين وإيران عباس عراقجي يتحدثان في مؤتمر صحافي ببغداد يوم الأحد (أ.ف.ب)
وزيرا خارجية العراق فؤاد حسين وإيران عباس عراقجي يتحدثان في مؤتمر صحافي ببغداد يوم الأحد (أ.ف.ب)
TT

الفصائل المسلحة تربك خطط العراق لخفض التصعيد في المنطقة

وزيرا خارجية العراق فؤاد حسين وإيران عباس عراقجي يتحدثان في مؤتمر صحافي ببغداد يوم الأحد (أ.ف.ب)
وزيرا خارجية العراق فؤاد حسين وإيران عباس عراقجي يتحدثان في مؤتمر صحافي ببغداد يوم الأحد (أ.ف.ب)

على رغم اللغة الدبلوماسية الهادئة التي تحدث بها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال زيارته لبغداد الأحد، فإن هذه اللغة لم تنعكس، كما يبدو، على جبهة الفصائل العراقية المسلحة. فهذه الفصائل التي أوقفت استهدافها لإسرائيل خلال زيارته، سرعان ما استأنفتها بعد ساعات من مغادرته بغداد متوجهاً إلى مسقط في إطار جولته الإقليمية. وأفادت «وكالة الصحافة الفرنسية»، الاثنين، بأن عراقجي التقى في مسقط محمد عبد السلام، ممثل الحوثيين اليمنيين المدعومين من طهران، بحسب ما أعلنت وزارة الإيرانية.

وكان عراقجي قد تحدث سواء خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره العراقي فؤاد حسين أو لدى لقائه الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد أو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بما يوحي بحرص بلاده على السلام وعدم تعريض الأمن والسلم في المنطقة إلى الخطر. ففي حين حذّرت بغداد، على لسان وزير الخارجية فؤاد حسين، من اتساع نطاق الحرب، فإن عراقجي أكد، من جهته، أن إيران لا ترغب في التصعيد أو الحرب.

وخلال لقائه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، جدد عراقجي موقف بلاده حيال الجهود التي يبذلها العراق للتهدئة. وفي هذا الإطار، أكد السوداني أن «الأولويات التي تعمل عليها الحكومة الحالية، فيما يتعلق بأوضاع المنطقة، تتمثل في وقف العدوان الصهيوني على غزّة ولبنان، ومنع الكيان الغاصب من توسعة ساحة الصراع»، مبيّناً في الوقت نفسه أن «العراق يبذل كل ما في وسعه لوقف إطلاق النار، بالتعاون مع الشركاء والأصدقاء الدوليين، خصوصاً من دول الاتحاد الأوروبي». في المقابل، أعرب عراقجي عن «تقديره للمواقف العراقية في تهدئة الأوضاع، فضلاً عمّا جرى تأمينه من مواد إغاثية للمنكوبين في غزّة ولبنان»، مؤكداً أن زيارته تأتي من أجل المزيد من تنسيق الجهود والتشاور في مسارات الأوضاع، وأن بلاده «تتفق مع المساعي العراقية لمنع اتساع الحرب».

وكان مستشار رئيس الوزراء العراقي هاشم الكرعاوي أكد، من جهته، أن الحكومة العراقية دعت «دول الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات عاجلة وفعالة لإنقاذ المنطقة من منزلق خطير». وقال في تصريح نقلته الوكالة الرسمية للأنباء في العراق إنه «يجب على المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته في حماية المدنيين ومنع التصعيد».

للفصائل رأي آخر

أبو آلاء الولائي (الثاني من اليمين) وهو الأمين العام لجماعة مسلحة تُعرف بـ«كتائب سيد الشهداء» يلقي كلمة تضامناً مع غزة ولبنان في ساحة التحرير ببغداد يوم 11 أكتوبر الحالي (إ.ب.أ)

وبعد ساعات من مغادرة وزير الخارجية الإيراني بغداد، واصلت الفصائل العراقية المسلحة المرتبطة بما بات يسمى «وحدة الساحات»، ضرباتها ضد قواعد وأهداف داخل العمق الإسرائيلي. وقالت الفصائل، في بيان، إنه «استمراراً لنهجنا في مقاومة الاحتلال، ونُصرةً لأهلنا في فلسطين ولبنان، وردّاً على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحقّ المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، هاجم مجاهدو المقاومة الإسلامية في العراق، للمرة الثانية اليوم الاثنين، هدفاً حيوياً في غور الأردن بأراضينا المحتلة، بواسطة الطيران المسيّر». وحمل البيان اسم فصيل جديد هو «سرايا أولياء الدم» الذي كان قد أعلن من قبل مسؤوليته عن ضرب هدفين في حيفا. وأعلنت إسرائيل، الاثنين، أنها تصدّت لهجوم بالمسيّرات جاءت من سوريا. وقال الجيش الإسرائيلي: «قبل قليل، اعترض سلاح الجو مُسيرتين كانتا في طريقهما إلى الأراضي الإسرائيلية من سوريا. تم اعتراض المسيرتيْن قبل اختراقهما إلى داخل الأجواء إسرائيل».

إلى ذلك، شدد الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد على أهمية أن تكون القوات المسلحة العراقية في كامل الجهوزية لمواجهة المخاطر المحتملة. جاء ذلك خلال استقبال رئيس الجمهورية وزير الدفاع ثابت العباسي، الاثنين. وطبقاً لبيان رئاسي، فإن رشيد أكد «ضرورة تركيز الاهتمام على تطوير قدرات القوات الأمنية من نواحي التسليح والتدريب والتجهيز لمواجهة التحديات الأمنية في ظل التوترات التي تشهدها المنطقة». وأضاف البيان أن رشيد «أشاد بالتضحيات التي قدمها رجال القوات المسلحة بتشكيلاتها كافة، واعتزازه بالجهود التي تبذلها الوزارة لتنفيذ جميع المهام والواجبات الملقاة على عاتقها في مختلف الظروف».

من جهته، أكد الدكتور إحسان الشمري، أستاذ السياسات العامة في جامعة بغداد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «على رغم أن الدستور العراقي ينصّ بشكل صريح على أن قرار الحرب يعود إلى السلطات الاتحادية بناءً على تقديرات المصلحة العليا، لكن الفصائل المسلحة أعلنت مؤخراً أنها هي من يمتلك هذا القرار». وتابع أن «مثل هذه التصريحات تتناقض مع الدستور العراقي وتمثّل إحراجاً حقيقياً لمحاولات النأي بالعراق عن الحرب المنتظرة في المنطقة». وأضاف الشمري أن «هذه الجماعات المسلحة لا تزال تلتزم عقيدتها المتمثلة بالعداء لإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وأيضاً بمفهوم وحدة الساحات، وهو ما يعني أنها بعيدة جداً عن المحاولات الأخرى التي يمكن أن تحقق نوعاً من الحلول السياسية». وبيّن الشمري أن «القيام بعمليات من هذا النوع (شنّ الهجمات على إسرائيل) سيضع العراق ضمن الدوائر المشتركة في هذه الحرب، خصوصاً إذا ما علمنا أن بعض هذه الجماعات لها وجود رسمي في سلطات الدولة، مثل السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية»، على رغم أن هذه الجماعات تختلف في مواقفها مع «قرار الدولة» بالتهدئة في المنطقة وعدم الانخراط في الحرب. وأشار إلى أن تصريحات الجماعات المسلحة وعملياتها «ستعرقل المسارات الدبلوماسية التي يمكن أن يمضي بها العراق»، مضيفاً أنه «يجب على الحكومة العراقية أن تمارس فعلاً (سلطتها) على الأرض، وأن تكون أكثر قدرة على تثبيت المصلحة العليا للبلاد».