هل يسترد «حزب الله» هيبته رداً على «اجتياح» إسرائيل لأجهزته؟

جمهوره أصيب بصدمة... ويطالبه بالحقيقة بلا مجاملة

تشييع قتلى سقطوا بتفجير أجهزة «البيجر» التابعة لـ«حزب الله» في ضواحي بيروت (إ.ب.أ)
تشييع قتلى سقطوا بتفجير أجهزة «البيجر» التابعة لـ«حزب الله» في ضواحي بيروت (إ.ب.أ)
TT

هل يسترد «حزب الله» هيبته رداً على «اجتياح» إسرائيل لأجهزته؟

تشييع قتلى سقطوا بتفجير أجهزة «البيجر» التابعة لـ«حزب الله» في ضواحي بيروت (إ.ب.أ)
تشييع قتلى سقطوا بتفجير أجهزة «البيجر» التابعة لـ«حزب الله» في ضواحي بيروت (إ.ب.أ)

يقف جنوب لبنان على مشارف الدخول في تصعيد عسكري غير مسبوق يتخطى المواجهة المشتعلة بين «حزب الله» وإسرائيل، مع قيامها بتوسيع الحرب من جانب واحد باختراقها الاستخباراتي لأجهزة التواصل والاتصال اللاسلكي التابعة للحزب، في أكبر عملية أمنية منذ انخراطه في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ما يضطره للرد لاسترداد هيبته وإخراج حاضنته من الصدمة التي أصابتها في الصميم، وحالة الإرباك التي سيطرت على السواد الأعظم من مقاتليه الذين لا يزالون يرزحون تحت تأثيرها، وخصوصاً أن تفجير الأجهزة اللاسلكية استهدف بشكل أساسي الجسم المقاتل الموجود في الخطوط الأمامية على امتداد الحدود اللبنانية الواقعة قبالة إسرائيل.

ومع أن الكلمة الفصل في رد الحزب على الاختراق الإسرائيلي تبقى للميدان، على خلفية خريطة الطريق التي رسم معالمها وعناوينها الرئيسية أمينه العام حسن نصر الله في خطابه الذي ألقاه عصراً، فإن قاعدته الشعبية تتطلع إلى أن يأتي الرد بحجم «الزلزال» الذي ألحقته إسرائيل بالحزب، بخلاف الرد على اغتيالها للقائد العسكري فؤاد شكر، الذي بقي محدوداً من وجهة نظر الغالبية الشعبية المؤيدة له، ولم يحقق توازن الرعب المطلوب لردع إسرائيل ومنعها من مواصلة اختراقها لأجهزته على غرار ما حصل في اليومين الأخيرين، والذي تتعامل معه قاعدته الشعبية على أنه أشبه بغارة لم توفر ما لديه من أجهزة تواصل واتصالات.

مصداقية «حزب الله» في الميزان

ولم يعد أمام قيادة الحزب سوى الاعتراف بحصول الاجتياح الإسرائيلي لأجهزته كأساس لتدارك الخلل وتصويبه، والذي إن دل على شيء فإنه يدل على تفوق تل أبيب في المجالين التكنولوجي والاستخباراتي، لأن مجرد تغييب قيادة الحزب للتقصير وتحديد أسبابه لن يفي بالغرض المطلوب لتجاوز الضربة التي تُعتبر الأقسى، باعتراف الغالبية، في تاريخ الصراع المفتوح بين الحزب وإسرائيل.

فقيادة الحزب، وإن كانت حسمت أمرها في الرد على إسرائيل بطريقة غير تقليدية كشرط لاستعادة مصداقيتها، ليس أمام محازبيها وجمهورها فحسب، وإنما أمام الرأي العام اللبناني أولاً، والمنقسم على نفسه بين مؤيد له ومعارض، فهي في المقابل محكومة بإجراء تحقيق داخلي بلا مجاملة لتبيان الخلل الذي أتاح لإسرائيل التسلُّل منه لتفجير أجهزة «البيجر» التي تُستخدم لتوجيه النداءات والاستدعاءات للعاملين في القطاعات التابعة للحزب، والأخرى اللاسلكية المخصصة لمجموعاته القتالية والحرّاس المكلفين بحماية القيادات الحزبية.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن قيادة الحزب باشرت التحقيق بتكليف خبراء لديهم الإلمام الكافي بكل ما يتعلق بالاتصالات، وآخرين فنيين في مجال التفخيخ والتفجير، وذلك بالتلازم مع قيام الجيش بإجراء تحقيق شامل تحت إشراف مدير المخابرات العميد طوني قهوجي، وهو صاحب اختصاص بكل ما يتعلق بقطاع الاتصالات، ومنها اللاسلكية.

تعاون بين الحزب وقيادة الجيش

وكشفت مصادر أمنية رفيعة مواكبة لانطلاق التحقيقات أنه لا بد من التعاون بين الحزب والأجهزة الأمنية، وعلى رأسها قيادة الجيش التي استحصلت على جهاز الـ«بيجر» وباشرت الكشف عليه. وقالت إنه لا بد من التأكد من المصدر الذي استورد منه الحزب أجهزة التواصل المخصصة لتوجيه النداءات للعاملين في القطاعات التابعة له، إضافة إلى أجهزة الاتصال اللاسلكية التي يبدو أنها مفخخة بطريقة عالية التقنية.

وسألت المصادر الأمنية: هل استورد الحزب هذه الأجهزة مباشرة من الشركة التي تتولى إنتاجها أم عبر الوسطاء؟ أم أنه حصل عليها من طريق دولة صديقة، في إشارة إلى إيران، من دون أن يتبع القوانين المعمول بها للحصول على تصريح من وزارة الاتصالات تسمح له باستيرادها شرط تمريرها على القسم الفني في مخابرات الجيش للكشف عليها تمهيداً للسماح له باستخدامها؟

فريق فني للتحقيق

وتضيف المصادر أن قيادة الحزب باشرت الاستماع إلى الفريق الفني الذي كان كُلِّف بالكشف على هذه الأجهزة، وتقول إنه لا بد من مطابقة أقواله مع ما ستتوصل إليه قيادة الجيش في هذا الخصوص، على قاعدة أن تفجير الأجهزة حصل في وقت واحد.

وتستبعد المصادر نفسها أن تكون إسرائيل قد تمكنت من اختراق شبكة الاتصالات التابعة للحزب تمهيداً لتفجير أجهزته الخاصة به، والذي حدث بكبسة زر فور تسطير رسالة لحاملي الأجهزة. وتقول إن لدى الحزب أجهزة لم تتأثر بالتفجير وبقيت تعمل كالمعتاد، وكان استوردها منذ فترة طويلة، وهذا ما يدحض كل ما يتردد حول اختراقها للشبكة، وتؤكد أن مقاتلي الحزب المنتشرين على الخطوط الأمامية في الجنوب لا يستخدمون أجهزة الـ«بيجر»، ومن غير المسموح لهم بحملها أثناء تواجدهم في مواقع المواجهة مع إسرائيل، وتقول إن التقارير لم تسجل حصول إصابات في صفوفهم، بخلاف الذين سقطوا ضحية تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية.

أجهزة تنصت

وكان تردد أن إسرائيل زرعت أجهزة تنصت دقيقة للغاية في أجهزة الـ«بيجر» يصعب رؤيتها أو اكتشافها، واستعانت بها في ملاحقتها لعدد وافر من قادة وكوادر المحاور أثناء تنقلهم في منطقة جنوب الليطاني الخاضعة لسيطرة الجيش والقوات الدولية (يونيفيل)، أو تلك الواقعة خارجها، وتمكنت من اغتيالهم مستخدمة المسيّرات، لكن لا يوجد شيء مؤكد حتى الساعة، ويبقى التأكد من مدى صحتها بعهدة التحقيق المزدوج الذي يتولاه الحزب وقيادة الجيش، على أن يتقرر التفاهم على آلية التعاون لتبيان الحقيقة من الشائعة.


مقالات ذات صلة

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

تحركات مصرية مكثفة سياسية وإنسانية لدعم لبنان في إطار علاقات توصف من الجانبين بـ«التاريخية» وسط اتصالات ومشاورات وزيارات لم تنقطع منذ بدء الحرب مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«الشرق الأوسط» تنشر النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان

دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)
TT

«الشرق الأوسط» تنشر النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان

دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)

حصلت «الشرق الأوسط» على النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان الذي سيعرض على مجلس الوزراء الإسرائيلي بكامل هيئته في وقت لاحق من، مساء اليوم (الثلاثاء)، متضمناً 13 بنداً، هي التالية:

1- «حزب الله» وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية لن تقوم بأي عمل هجومي ضد إسرائيل.

2- إسرائيل، بدورها، لن تنفذ أي عملية عسكرية هجومية ضد أهداف في لبنان، بما في ذلك من البر والجو والبحر.

3- تعترف إسرائيل ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701.

4- يحتفظ الطرفان بحق الدفاع الذاتي ضمن أطر المواثيق الدولية.

5- القوات الأمنية والعسكرية الرسمية للبنان ستكون الجهة المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو استخدام القوات في جنوب لبنان.

6- كل بيع أو توريد أو إنتاج للأسلحة أو المواد المتعلقة بالأسلحة إلى لبنان سيكون تحت إشراف وسيطرة الحكومة اللبنانية.

7- سيتم تفكيك جميع المنشآت غير القانونية المعنية بإنتاج الأسلحة والمواد المتعلقة بها.

8- سيتم تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية، وستتم مصادرة أي أسلحة غير قانونية لا تتماشى مع هذه الالتزامات.

9- سيتم تشكيل لجنة مقبولة على إسرائيل ولبنان للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات.

10- ستقوم إسرائيل ولبنان بالإبلاغ عن أي انتهاك محتمل لهذه الالتزامات إلى اللجنة وقوة «اليونيفيل» (القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان).

11- ستنشر لبنان قواتها الأمنية الرسمية وقوات الجيش على طول جميع الحدود، ونقاط العبور، والخط الذي يحدد المنطقة الجنوبية وفقاً لخطة الانتشار.

12- ستقوم إسرائيل بسحب قواتها تدريجياً من الجنوب باتجاه الخط الأزرق خلال فترة تصل إلى 60 يوماً.

13- ستدفع الولايات المتحدة لمفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان من أجل التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البرية.