هل «حزب الله» قادر على خوض حرب موسعة بعد الهجمات التي طالته؟

بعد الضربتين اللتين تلقّاهما وحيَّدتا مئات من مقاتليه وشبكة اتصالاته

مقاتلو «حزب الله» يؤدون اليمين خلال مراسم التأبين لإحياء ذكرى مرور 40 يوماً على مقتل القيادي فؤاد شكر (إ.ب.أ)
مقاتلو «حزب الله» يؤدون اليمين خلال مراسم التأبين لإحياء ذكرى مرور 40 يوماً على مقتل القيادي فؤاد شكر (إ.ب.أ)
TT

هل «حزب الله» قادر على خوض حرب موسعة بعد الهجمات التي طالته؟

مقاتلو «حزب الله» يؤدون اليمين خلال مراسم التأبين لإحياء ذكرى مرور 40 يوماً على مقتل القيادي فؤاد شكر (إ.ب.أ)
مقاتلو «حزب الله» يؤدون اليمين خلال مراسم التأبين لإحياء ذكرى مرور 40 يوماً على مقتل القيادي فؤاد شكر (إ.ب.أ)

تركت الهجمات السيبرانية الإسرائيلية، التي تعرَّض لها «حزب الله»، هذا الأسبوع، والتي أدت إلى مقتل وجرح الآلاف من عناصره وكوادره، أثراً كبيراً على استعداداته لخوض حرب موسعة، في حال كان هناك قرار إسرائيلي بذلك، إذ إن تحييد تل أبيب كل هذا العدد من العناصر، سواء أكانوا مقاتلين أم مسؤولين عسكريين أم غيرهم، بالتزامن مع توجيه ضربة مُوجعة جداً لشبكة الاتصالات التي كان يعتمد عليها «حزب الله» للتواصل بين غرفة عمليات القيادة والعناصر المرابِطة على الجبهة الجنوبية في مواجهة إسرائيل، لإدارة المعركة والعمليات الميدانية، شكّلتا ضربتين كبيرتين تستدعيان إعادة النظر بالخطط التي كان الحزب قد وضعها للتعامل مع أي تصعيد إسرائيلي مرتقب.

وانتقل الحزب، في الساعات الماضية، من موقع المُهاجم، بوصفه هو مَن كان قد قرر فتح النار على إسرائيل، متخذاً جبهة لبنان جبهة دعم وإسناد لغزة، إلى موقع متلقي الضربات دون أن يتمكن حتى من الدفاع عن نفسه؛ نظراً لاعتماد إسرائيل على عنصر المفاجأة والصدمة في هجماتها. إلا أن الحزب سيكون مجبَراً على الرد على الضربات التي تلقّاها؛ لحفظ ماء وجهه. فهل سيكون قادراً على خوض حرب موسَّعة قد يؤدي إليها هذا الرد؟

لا قدرة على الهجوم

يَعدّ الناشط السياسي المعارض لـ«حزب الله»، علي الأمين، أن «الثابت هو أن إسرائيل نجحت في استهداف عدة آلاف من عناصر وقيادات وسطية في (حزب الله)، من خلال استهداف أجهزة اتصالات من (بيجر) وأجهزة لا سلكية، وهي عملية أمنية حيَّدت هذا العدد وأحدثت إرباكاً غير مسبوق داخل بنية الحزب. وبالتأكيد أفقدت هذه العملية الحزب القدرة التي كان يمتلكها على مستوى الهجوم أولاً، وعلى مستوى الدفاع بدرجة أقل»، لافتاً، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «البعض كان يتوقع أن تكون العملية الإسرائيلية الأمنية، الثلاثاء، مقدّمة لتوغل بري، مستفيدة من نتائجها على الحسم العسكري والأمني والتعبوي، ومن إرباك نظام الاتصال إلى حد كبير. لكن ذلك لم يحصل، والأرجح أن إسرائيل لم تقرر، وربما لا تريد أو غير قادرة على تحمُّل تبِعات قرار حرب برية، ولا سيما أن التوغل في الأراضي اللبنانية يتطلب موافقة أميركية ليست متوفرة، فضلاً عن أن أولوية إسرائيل هي تنفيذ خططها الاحتلالية في غزة والضفة، ولبنان يبقى مشكلة سياسية لا وجودية».

ويضيف الأمين: «أعتقد أن الحرب البرية ليست على طاولة إسرائيل، فنحن أمام استمرار الحرب الأمنية والتكنولوجية، مع ترجيح تنفيذ عمليات قصف جوي، وربما تنفيذ عمليات إنزال في بعض المناطق، كما حصل في مصياف».

ويرى الأمين أن «(حزب الله) لم يكن وليس في وضعٍ، الآن، يمكّنه من خوض حرب؛ أي القيام بالهجوم»، مشيراً إلى أنه «يمكنه الصمود في حرب دفاعية، ويستطيع أن يستوعب الأضرار التي طالته بحدودٍ تمكِّنه من أن يبقى قادراً على المواجهة، ولكن الحرب البرية لم يحِنْ وقتها بعدُ في الحساب الإسرائيلي، وما يجري هو استمرار إسرائيل في تهشيم صورة (حزب الله) العسكرية والأمنية، وهي الحرب التي تبدو نموذجية لإسرائيل».

لا نتائج دراماتيكية

من جهته، يَعدُّ العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر أن «الضربة التي تلقّاها (حزب الله)، في الساعات الماضية، كانت كبيرة، لكنه يعمل على استيعابها، وبالتالي من المستبعد أن يكون لها انعكاس دراماتيكي على الأرض، خاصة أن من أصيبوا في الهجومين قسم منهم من المقاتلين، لكن هناك نحو 40 في المائة يقومون بخدمات إدارية ولوجستية، أضف إلى ذلك أن الإصابات ليست كلها بالغة، بحيث إن 70 في المائة منها يمكن أن تعالَج خلال أسبوعين أو ثلاثة».

ويرى جابر، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أنه رغم ما حصل، فإن «حزب الله» مستعد للحرب وقادر على صد هجوم بري، بحيث إن الإسرائيليين أنفسهم يقولون إن القدرات العسكرية للحزب لم يُستخدم منها، في الأشهر الماضية، إلا ما بين 20 و25 في المائة، مضيفاً: «أما فيما يتعلق بشبكة الاتصالات، فلدى الحزب شبكة سلكية مهمة لا تزال بأمان ولا قدرة على اختراقها إلا عبر عملاء».


مقالات ذات صلة

إطلاق 200 صاروخ من لبنان على إسرائيل اليوم

شؤون إقليمية جانب من الدمار جراء عملية إطلاق صواريخ من لبنان تجاه إسرائيل اليوم (أ.ف.ب)

إطلاق 200 صاروخ من لبنان على إسرائيل اليوم

أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأن نحو 200 صاروخ أُطلقت من لبنان على إسرائيل، اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بيروت (رويترز)

بوريل: لبنان على شفير الانهيار

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الأحد، من بيروت من أن لبنان بات «على شفير الانهيار» بعد شهرين من المواجهة المفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)

«حزب الله»: هاجمنا قاعدة أسدود البحرية وقاعدة استخبارات عسكرية قرب تل أبيب

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيان، الأحد، أنه شن هجوماً بطائرات مسيَّرة على قاعدة أسدود البحرية في جنوب إسرائيل للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز) play-circle 01:54

إسرائيل تطبق الحصار على مدينة الخيام تمهيداً لاقتحامها

قطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد إلى مدينة الخيام، وأحكمت طوقاً على المقاتلين الموجودين فيها، بعد تقدمها إلى بلدة ديرميماس المشرفة على مجرى نهر الليطاني

نذير رضا (بيروت)

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.