ما نعرفه عن انفجارات «بيجرز» ولاسلكي «حزب الله»

جهاز اتصال لاسلكي انفجر داخل منزل في بعلبك شرق لبنان (أ.ب)
جهاز اتصال لاسلكي انفجر داخل منزل في بعلبك شرق لبنان (أ.ب)
TT

ما نعرفه عن انفجارات «بيجرز» ولاسلكي «حزب الله»

جهاز اتصال لاسلكي انفجر داخل منزل في بعلبك شرق لبنان (أ.ب)
جهاز اتصال لاسلكي انفجر داخل منزل في بعلبك شرق لبنان (أ.ب)

في خرق أمني غير مسبوق، انفجرت الآلاف من أجهزة النداء (البيجرز) واللاسلكي التابعة لعناصر من «حزب الله» في مختلف أنحاء لبنان في تفجيرات متزامنة يومي الثلاثاء والأربعاء، مما أسفر عن مقتل 26 شخصاً على الأقل وإصابة الآلاف الآخرين.

وغصت المستشفيات في مختلف أنحاء لبنان بالمصابين بعد تفجيرات أجهزة النداء (البيجرز) يوم الثلاثاء، وتم إنشاء مستشفى ميداني في مدينة صور الجنوبية لاستقبال الجرحى.

وفي حين اتهم «حزب الله» إسرائيل بالتفجيرات وتعهد بالرد، لم تتبنَّ الدولة العبرية التفجيرات، ولكنها جاءت بعد ساعات من إعلان الجيش توسيع أهدافه في الحرب لتشمل قتاله ضد «حزب الله» على طول الحدود مع لبنان.

وفيما يلي ما نعرفه عن التفجيرَين حتى الآن:

كيف انفجرت أجهزة «البيجرز» واللاسلكي؟

بحسب ما قال مصدر أمني لبناني رفيع المستوى لوكالة «رويترز»، فإن كمية صغيرة من المتفجرات زُرعت داخل دفعة جديدة من 5 آلاف جهاز اتصال طلبها «حزب الله» لعناصره. وقال المصدر إن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كانت مسؤولة عن ذلك.

وأشار إلى أن «الموساد وضع لوحة داخل الجهاز تحتوي على مادة متفجرة تتلقى شفرة. من الصعب للغاية اكتشافها بأي وسيلة. حتى باستخدام أي جهاز أو ماسح ضوئي».

وقال مصدر أمني آخر لـ«رويترز» إن ما يصل إلى 3 غرامات من المتفجرات كانت مخبأة في أجهزة الاتصال الجديدة، ولم يتم اكتشافها من قبل «حزب الله» لأشهر عدة.

وأشار إلى أن 3 آلاف من أجهزة الاتصال انفجرت عندما تم إرسال رسالة مشفرة إليها، مما أدى إلى تنشيط المتفجرات في الوقت نفسه.

وأدلى مسؤول أميركي، تحدّث إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من دون الكشف عن هويته، بتصريحات مماثلة، مضيفاً أن الأجهزة تم العبث بها قبل وصولها إلى لبنان.

وورد أن المواد المتفجرة كانت مخبأة في كل جهاز اتصال بجوار البطارية، إلى جانب مفتاح يمكنه تفجير الجهاز عن بُعد.

وبحسب «نيويورك تايمز»، تلقت أجهزة الاتصال اللاسلكي رسالة في الساعة 3.30 بعد الظهر بالتوقيت المحلي، ويبدو أنها جاءت من قيادة المجموعة. ويعتقد بأن هذه الرسالة هي التي أدت إلى تفعيل المتفجرات. ويبدو أن عديداً من مقاطع الفيديو المتداولة للانفجارات تظهر الضحايا وهم يتفقدون أجهزة الاتصال اللاسلكي في الثواني التي سبقت انفجارها.

ولم تتكشف تفاصيل كثيرة عن انفجارات أجهزة الاتصال اللاسلكي أمس (الأربعاء)، لكن مصدراً أمنياً قال لـ«رويترز» إن «حزب الله» اشترى هذه الأجهزة قبل 5 أشهر، أي في الوقت نفسه تقريباً الذي تم فيه شراء أجهزة الاتصال اللاسلكي.

من أين جاءت الأجهزة؟

يبدو أن المؤامرة كانت قيد الإعداد لأشهر عدة، بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، وعُرف أن أجهزة الاتصال اللاسلكي تم شراؤها في الوقت نفسه تقريباً مع أجهزة النداء، وأظهرت صور الأجهزة التي فحصتها «رويترز» لوحة داخلية تحمل علامة «ICOM»، و«صنع في اليابان».

وقالت «ICOM»، في بيان موجز على موقعها على الإنترنت، إنها على علم بتقارير إعلامية تفيد بأن أجهزة اتصال لاسلكي تحمل ملصقات تحمل شعارها انفجرت في لبنان.

وأضافت: «نحاول حالياً إثبات الحقائق، وسنقدم تحديثات على موقعنا على الإنترنت مع توفر معلومات جديدة».

لدى شركة الاتصالات اللاسلكية، ومقرها مدينة أوساكا الغربية، مكاتب في عديد من البلدان الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا والصين. وقالت الشركة سابقاً، إن إنتاج طراز «IC-V82»، الذي يبدو أنه النموذج في الصور، تم التخلص منه تدريجياً في عام 2014.

وفقاً لما نقلت «الغارديان» عن مسؤول لبناني، طلب «حزب الله» 5 آلاف جهاز اتصال لاسلكي تسوّقه شركة «Gold Apollo»، ومقرها تايوان، وكانت هذه الأجهزة الجديدة هي التي انفجرت. وقالت مصادر أخرى لـ«رويترز» إن «هذه الأجهزة تم جلبها إلى البلاد في ربيع نصف الكرة الشمالي».

كما حدد محللون في مجموعة الاستخبارات مفتوحة المصدر «بيلينغ كات» أن أجهزة النداء جاءت من «غولد أبولو».

وقال مصدر مقرب من «حزب الله» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «أجهزة النداء التي انفجرت تتعلق بشحنة استوردها حزب الله أخيراً، والتي يبدو أنها تعرضت للتخريب في المصدر».

إلى ذلك، أشار مصدر لبناني كبير لـ«رويترز» إلى أن الأجهزة، التي تم تحديدها على أنها طراز «AR-924»، تم تعديلها من قبل جهاز التجسس الإسرائيلي «على مستوى الإنتاج».

ولا يوجد ما يشير إلى أن شركة «غولد أبولو» ومقرها تايوان كانت على علم بأن أجهزتها قد تم العبث بها، بحسب «الغارديان».

وقال مؤسس الشركة، هسو تشينغ كوانغ، للصحافيين، يوم الأربعاء، إن أجهزة «البيجرز» المستخدمة في الهجوم لم تصنعها «غولد أبولو» بل شركة «BAC Consulting»، وهي شركة مقرها المجر ولها الحق في استخدام العلامة التجارية للشركة التايوانية.

لكن كريستيانا بارسوني أرسيدياكونو، الرئيسة التنفيذية لشركة «BAC»، قالت لشبكة «إن بي سي»: «أنا لا أصنع أجهزة النداء. أنا مجرد وسيط. أعتقد بأنك أخطأت».

وقال إيليغاه ماغنييه، وهو محلل أمني مقيم في بروكسل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لكي تتمكّن إسرائيل من تضمين محفز متفجر داخل الدفعة الجديدة من أجهزة (البيجرز)، فمن المرجح أنها كانت بحاجة إلى الوصول إلى سلسلة توريد هذه الأجهزة».

تظهر هذه الصورة جهاز اتصال لاسلكي يحمل شعار شركة «Icom» في متجر بمنطقة أكيهابارا الكهربائية في طوكيو (أ.ف.ب)

لماذا يستخدم «حزب الله» أجهزة «البيجرز»؟

يُعرف «حزب الله» باستخدام الأجهزة ذات التقنية المنخفضة للتواصل، لأنها، على عكس الهواتف المحمولة، يمكنها التهرب من تتبع الموقع والمراقبة من قبل الاستخبارات الإسرائيلية.

وقال يوسي ميلمان، أحد مؤلفي كتاب «جواسيس ضد الكارثة»: «كان كثير من عناصر (حزب الله) يحملون أجهزة (البيجرز) هذه، وليس فقط كبار القادة».

يرى الخبراء أن خرقاً أمنياً بهذا الحجم محرج للغاية ومدمر للمعنويات في «حزب الله».

لماذا يمكن تعقب الهواتف المحمولة بهذه الدرجة؟

يدرك «حزب الله» تماماً التهديد الذي يشكّله استخدام الهواتف المحمولة. ففي فبراير (شباط)، حذّر الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، أنصاره من أن هواتفهم أكثر خطورة من الجواسيس الإسرائيليين، قائلاً إنه يتعين عليهم «كسر أو دفن أو قفل الأجهزة».

يمكن استخدام الهواتف المحمولة لتتبع موقع شخص ما؛ لأنها «ترسل إشارات» بشكل منتظم إلى أبراج الاتصالات في أثناء تحركها، مما يسمح لإشاراتها بالانتقال إلى أبراج مختلفة في الشبكة.

وقال آلان وودوارد، أستاذ الأمن السيبراني في جامعة ساري: «يرسل الهاتف إشارات باستمرار للبقاء على اتصال بأي شبكة يستخدمها».

ولذلك، لجأ «حزب الله»، في خطوة من أجل السلامة، إلى أجهزة «البيجرز»، التي تستمع إلى إشارة من شبكات النقل من أجل تلقي رسالة، وأوضح وودوارد إن أجهزة «البيجرز» لا تجري أي اتصال لمراقبتها.

وأشار إلى أنه «لا يمكنك تحديد موقع جهاز النداء».

ومع ذلك، من الواضح أن «حزب الله» لم يتوقع استخدام الجهاز نفسه سلاحاً محتملاً.

أما عن انفجارات أجهزة الاتصال اللاسلكي، أمس، فقال وودوارد إن الأجهزة يمكن تعقبها لأنها تتواصل مع بعضها بعضاً عبر ترددات الراديو، ولكن هذا التعقب كان مهمة صعبة، فلم تكن عرضة للخطر مثل الهواتف المحمولة، وربما كان هذا هو السبب وراء استخدام «حزب الله» لها. ومرة ​​أخرى، لم يبدُ أن المجموعة كانت تشك في أنها ستُستخدَم أسلحةً متفجرةً.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي: سنقصف الليلة مصالح مالية لـ«حزب الله»

شؤون إقليمية تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت فجر اليوم (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي: سنقصف الليلة مصالح مالية لـ«حزب الله»

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، الأحد، إن قوات بلاده «ستبدأ مهاجمة بنى تحتية تابعة لجمعية القرض الحسن التابعة لـ(حزب الله)».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي (يسار) يتحدث مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال اجتماعات مجلس الأمن في نيويورك (أ.ف.ب)

الصفدي في دمشق لاستكمال لقاءات «محور الممانعة»

النشاط الدبلوماسي لعمّان يسعى إلى تخفيف حدة تداعيات حالة عدم الاستقرار على الحدود الشمالية مع سوريا، في ظل التصعيد الذي تشهده المنطقة ودول الجوار.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
خاص هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)

خاص انتخاب رئيس للبنان يتقدم على وقف النار في لقاءات هوكستين

رغم تصدر وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل محادثات الوسيط الأميركي في بيروت، إلا أن مصادر دبلوماسية شككت في فرص الاتفاق، ورجحت التركيز على ملف انتخاب رئيس.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي آلية عسكرية إسرائيلية تتجه إلى موقع سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» من جنوب لبنان (رويترز) play-circle 00:18

إسرائيل تخوض قتالاً للسيطرة على المرتفعات الحدودية بجنوب لبنان

تستهدف العمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان، تدمير المرتفعات الحدودية تمهيداً للسيطرة عليها، وهو ما أظهرته وقائع المعركة البرية في أسبوعها الثالث.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي متطوعون من «الصليب الأحمر» اللبناني يُجْلون امرأة في مدينة النبطية جنوب لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل تتعمد استهداف الطواقم الطبية وعمّال الإغاثة في لبنان

تستهدف إسرائيل عن سابق تصوُّر وتصميم المستشفيات والطواقم الطبية وعمّال الإغاثة وسيارات الإسعاف في مختلف المناطق اللبنانية، لا سيما في جنوب لبنان.

بولا أسطيح (بيروت)

الفلسطينيون يقطفون الزيتون بين رحى الحرب والمستوطنين

فلسطيني يقطف الزيتون من حقله في قرية غرب الخليل (أ.ف.ب)
فلسطيني يقطف الزيتون من حقله في قرية غرب الخليل (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يقطفون الزيتون بين رحى الحرب والمستوطنين

فلسطيني يقطف الزيتون من حقله في قرية غرب الخليل (أ.ف.ب)
فلسطيني يقطف الزيتون من حقله في قرية غرب الخليل (أ.ف.ب)

يختلف موسم الزيتون في الأراضي الفلسطينية، هذا العام، عما سبقه، إذ يعاني من التبعات المدمّرة للحرب المتواصلة منذ عام في قطاع غزة، بينما يخشى مزارعون في الضفة الغربية المحتلة قطاف الأشجار في أراضيهم خشية التعرض لاعتداءات مستوطنين إسرائيليين.

ويقول رامي أبو أسعد مالك حقل زيتون في دير البلح وسط قطاع غزة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نفرح عندما يبدأ موسم الزيتون، ولكننا خائفون في الوقت نفسه لأنها حالة حرب».

يعدّ الزيتون وأشجاره ركناً أساسياً في الهوية الثقافية الفلسطينية، وشكّل على مدى العقود الماضية أحد أبرز رموز الصراع مع إسرائيل.

جنود إسرائيليون يلقون قنبلة صوت لتفريق مزارعين فلسطينيين يحاولون قطف الزيتون شرق رام الله (أ.ف.ب)

هذا العام، بات موسم القطاف تجربة محفوفة بالمخاطر في غزة، حيث يُضطر المزارعون والعمال إلى التنبه لتحليق المسيّرات والطائرات الحربية الإسرائيلية خوفاً من أن تلقي صواريخها على مقربة منهم دون سابق إنذار.

اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إثر هجوم غير مسبوق لـ«حماس» على جنوب الدولة العبرية، أسفر عن مقتل 1206 أشخاص، بحسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند الى أرقام رسمية إسرائيلية.

وترد إسرائيل بحملة من القصف المكثف والعمليات البرية؛ ما أدى لمقتل أكثر من 42 ألف شخص، بحسب أرقام وزارة الصحة في غزة، والتي تعدها الأمم المتحدة موثوقاً بها.

وتسببت المعارك بدمار هائل في القطاع المحاصر. وتؤكد الأمم المتحدة أن نحو 68 في المائة من أراضيه الزراعية تضررت، بينما يعجز المزارعون عن ري المحاصيل، أو الاعتناء بها.

ويضيف أبو أسعد: «أعداد أشجار الزيتون قليلة للغاية مع الوضع. الحال صعبة، والتكلفة عالية للغاية».

إنتاج محدود

يتوقع المهندس الزراعي جمال أبو شاويش انخفاضاً كبيراً في المحصول هذا العام، ويوضح أن «كمية الزيتون في الأعوام السابقة كانت تتراوح بين 37 ألفاً و40 ألف طن. العام الحالي ربما تقل عن 15 ألفاً. حتى جودة الزيتون أو الزيت لا تقارَن بجودته في الأعوام السابقة».

جنود إسرائيليون يشاهدون مزارعين فلسطينيين يقطفون الزيتون في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

توازياً مع هذا التراجع، يرجَّح أن ترتفع أسعار الزيتون والزيت في ظل شح الوقود اللازم لتشغيل مَعَاصر القطاع. والوضع ليس أفضل حال في الضفة الغربية المحتلة، وإن تفاوتت الأسباب.

ويقول المزارع الفلسطيني خالد عبد الله إنه لن يقطف الزيتون من أراضيه المحاذية لمستوطنة بيت إيل هذا الموسم خوفاً من التعرّض لاعتداءات مستوطنين إسرائيليين.

ويضيف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم أفكّر حتى في التوجّه إلى تلك الأراضي القريبة من المستوطنة؛ لأن الوضع خطير جداً».

لهذا السبب، اختار الاكتفاء بما تحمله أرضه الواقعة في قرية جفنا شمال رام الله في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967.

جنود إسرائيليون يشاهدون مزارعين فلسطينيين يقطفون الزيتون في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

ويوضح بينما يقطف بعض أشجار الزيتون مع زوجته ماجدة: «لدينا بالقرب من المستوطنة نحو 42 دونماً مشجّرة بالزيتون، لكن للأسف لا أستطيع الوصول إليها».

اعتاد خالد عبد الله وغيره من الفلسطينيين المالكين أراضي مزروعة بالزيتون قريبة من المستوطنات، التنسيق مع منظمات إسرائيلية غير حكومية للحصول على تصاريح خاصة تمكّنهم من قطف زيتونهم. ويقول: «خوفي الآن ازداد؛ لأنه لم تعد هناك مؤسسات حقوقية قادرة على حمايتنا من هجمات المستوطنين، ولم يعد هناك تنسيق».

ومنذ بداية الحرب، ارتفعت وتيرة التوتر في الضفة؛ حيث ازدادت هجمات المستوطنين على الفلسطينيين والمواجهات بين الطرفين، بالإضافة إلى تكثّف العمليات العسكرية الإسرائيلية.

فلسطينيون يقطفون الزيتون في قرية غرب الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

وتؤكد مؤسسة «يش دين» الإسرائيلية ارتفاع حدة هجمات المستوطنين على الفلسطينيين، الأمر الذي يمنعهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية.

وتقول المتحدثة باسم المؤسسة فادية القواسمي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هذا العام لم يحدث تنسيق لوصول الناس إلى أراضيهم مثل كل عام، والسبب الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر».

وتضيف المحامية، بينما تعمل على تسجيل أسماء أشخاص غير قادرين على الوصول إلى أراضيهم في قرية ترمسعيا: «أصحاب الأراضي خائفون، وخوفهم مبرَّر بسبب ارتفاع وتيرة الاعتداءات من المستوطنين المسلحين».

مدني وعسكري

في قرية مادما جنوب مدينة نابلس في الضفة الغربية (2500 نسمة)، مُنع أصحاب الأراضي من الوصول إليها لقطف الزيتون، الأسبوع الماضي. وتكرّر الأمر 3 أيام، وعمد مستوطنون إلى إعطاب مركباتهم.

ويقول رئيس مجلس قرية مادما عبد الله زيادة: «طُرد أصحاب الأراضي من أراضيهم على أيدي مستوطني يتسهار. وكلّ يوم، هناك مواجهات».ويقع نحو 1500 دونم مزروعة بالزيتون في شمال القرية».

ويضيف زيادة: «لا نستطيع تمييز من يمنعنا إن كانوا مستوطنين أم جنوداً؛ لأنهم مرة يكونون بزيّ مدني ومسلحين، ومرة أخرى بزيّ عسكري».

فلسطيني يقطف الزيتون من حقله في قرية غرب الخليل (أ.ف.ب)

ويتابع: «كنا نتعرّض لاعتداءات من المستوطنين، لكن هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة، ومخاوفنا متضاعفة».

في قرية تل (7 آلاف نسمة) قرب نابلس، يقول رئيس المجلس القروي نعمان رمضان إن سكانها تمكنوا حتى الآن من الوصول إلى نحو ثلث ما وصلوا إليه العام الماضي من الأراضي المزروعة بالزيتون.

ويمتلك أهالي قرية تل نحو خمسة آلاف دونم مزروعة بالزيتون تقع على جانب طريق استيطاني توجد عليه بؤرة «حفات غلعاد» الاستيطانية المحروسة من الجيش.

ويوفّر موسم الزيتون للفلسطينيين مصدر دخل أساسياً من الزيت، وتحديداً للأسر الفقيرة. ووفق معطيات خبراء ووزارة الزراعة الفلسطينية، فإن المساحة الإجمالية المزروعة بالزيتون في الضفة الغربية وغزة تصل إلى 935 ألف دونم.

وحذّر خبراء في الأمم المتحدة من أن المزارعين في الضفة سيواجهون «أخطر موسم زيتون على الإطلاق».

ورأت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، الأسبوع الماضي، أن هجمات المستوطنين في موسم الزيتون و«سرقته» وتقطيع وإحراق الأشجار ومنع أصحابها من الوصول إليها هو «إرهاب دولة منظم».