عملية «بيجر»... إعلان حرب أم بداية تسوية؟

ردّ «حزب الله» سيحدد مسار المواجهات

«حزب الله» يشيّع 4 من عناصره قُتلوا في تفجيرات «بيجر» (أ.ب)
«حزب الله» يشيّع 4 من عناصره قُتلوا في تفجيرات «بيجر» (أ.ب)
TT

عملية «بيجر»... إعلان حرب أم بداية تسوية؟

«حزب الله» يشيّع 4 من عناصره قُتلوا في تفجيرات «بيجر» (أ.ب)
«حزب الله» يشيّع 4 من عناصره قُتلوا في تفجيرات «بيجر» (أ.ب)

قلب «الاختراق الإسرائيلي» لأجهزة اتصالات «حزب الله» كل المقاييس والتوقعات بحيث اعتبره البعض «إعلان حرب» بدأ يلوّح بها الإسرائيلي منذ فترة، فيما رأى البعض الآخر أنها أظهرت تفوقاً واضحاً لصالح الإسرائيلي وصعّبت المهمة على الحزب الذي قد لا يكون قادراً على الرد المماثل والحرب المفتوحة.

ويسود الترقب لما ستؤول إليه الأمور في الساعات والأيام المقبلة وتحديداً كيف سيكون عليه ردّ «حزب الله» الذي أصيب بضربة في صميم أبرز أسلحته. مع العلم أن «حزب الله» سبق أن قام باجتياح عسكري في بيروت وبعض مناطق جبل لبنان للدفاع عن هذا السلاح في لبنان فيما يعرف بـ«أحداث 7 أيار 2008» بعدما أصدر مجلس الوزراء قراراً اعتبر فيه شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة في «حزب الله» غير شرعية وغير قانونية كما أقال قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير المحسوب على الحزب الذي اعتبر القرار «تجاوزاً للخطوط الحمر».

ومع تمسّك المسؤولين الإسرائيليين بقرار تغيير الواقع الأمني في الشمال رغم عدم الرغبة الأميركية بالحرب، يكاد يجمع المراقبون على أن «إعلان الحرب» سيتوقف على ردّ «حزب الله» وإن كان من المرجّح ألا يكون كبيراً، على غرار ما حصل في ردّه على اغتيال القيادي فؤاد شكر.

وفي هذا الإطار، يطرح مدير «معهد المشرق للدراسات الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر سؤالاً مفاده هل «ستؤدي هذه الضربة الموجعة لـ(حزب الله) إلى حرب موسعة أم أنها ستؤدي إلى تسوية؟».

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «مسار الأمور يتوقف على ردّ (حزب الله) وطبيعته، بحيث إنه إذا كان ردّاً كبيراً لا شكّ أن الأمور ستذهب نحو مزيد من التصعيد والحرب المفتوحة»، ويضيف: «أم أن (حزب الله) سيعيد حساباته لأن السؤال الأهم اليوم هو هل لديه الجهوزية العسكرية اللازمة بعد الانكشاف الذي حصل للاستمرار بهذا المسار التصعيدي والذهاب إلى حرب مفتوحة؟ وهو الذي كان يقول إنه لا يريد الحرب ولكنه مستعد لها».

ويرى نادر أنه في قاعدة الربح والخسارة «يمكن القول اليوم إن معادلة القوة ذهبت نحو تل أبيب وبالتالي هل يمكن اليوم الذهاب إلى حرب أم أن وصول الأمور إلى هذا الحد سيفتح الباب أمام التسوية؟»، مضيفاً: «الجواب يبقى رهن الإشارة التي سيطلقها (حزب الله)».

ويلفت إلى أن «كل ظروف الحرب قائمة، من انسداد على المستوى السياسي وفشل كل المساعي، حيث المواقف السياسية لا تزال متباعدة بين أطراف النزاع»، مشيراً إلى أن إعادة النازحين إلى الشمال أصبحت هدفاً أساسياً للحرب الإسرائيلية، إضافة إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يتحدث عن معادلة عسكرية جديدة مختلفة عن القرار 1701 ويطلب الإسرائيليون ضمانات أمنية ومعادلة أمنية جديدة من خلال المنطقة العازلة في الداخل اللبناني.

مواطنون يتجمعون أمام متجر لبيع الجوالات إثر تصاعد الدخان من داخله (رويترز)

ويذكّر نادر في المقابل بالموقف الأميركي الذي لا يريد الحرب لاعتبارات مرتبطة به قبيل الانتخابات، مضيفاً: «يبدو أن ما يقوم به رئيس الحكومة الإسرائيلية اليوم هو الاعتماد على العمليات النوعية كتفجيرات (بيجر)، بحيث لا يورّط الولايات المتحدة من جهة ويمارس ضغوطاً كبيرة على (حزب الله) من جهة أخرى، سعياً منه لجرّه إلى التسوية التي يريدها، وإذا لم ينجح في ذلك يبدو أن الأمور ذاهبة نحو الحرب الحتمية التي لا يمنعها إلا تسوية دبلوماسية مع ضمانات تكون إيران طرفاً فيها، وهو ما لا يبدو ممكناً اليوم».

من جهته، يستبعد المحلل السياسي علي الأمين أن يقوم «حزب الله» بردّ كبير، مرجّحاً أن تستمر تل أبيب في سياسة العمليات النوعية من دون الانجرار إلى حرب واسعة. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «مسار الأمور سيتوقف على رد (حزب الله) الذي من المرجّح أنه لن يخرج عن الإطار الذي وضعته قيادته في إيران، أي عدم الانجرار إلى حرب إقليمية، باعتبار أن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى هذه الحرب وتريدها». ويضيف: «الأرجح أن (حزب الله) سيحاول استيعاب الضربة التي من الصعب استيعابها بسبب حجم الخسائر ونوعيتها، فضلاً عن حال الانكشاف الأمني الذي تهدد إسرائيل ضمناً بالمزيد من كشفه واستهداف الحزب مجدداً».

ويرى الأمين أنه «إذا لم تغير إيران موقفها الذي يستجيب أيضاً لمطلب أميركي، فسنكون أمام تداعيات أي مزيد من الضربات الإسرائيلية الأمنية كبديل عن الحرب البرية؛ حيث تستثمر إسرائيل في حربها التخمة التكنولوجية لديها لمواجهة التخمة الآيديولوجية لدى أطراف محور الممانعة المتصلة أيضاً بخواء تكنولوجي بات فاضحاً».

من هنا يعتبر أن «الخيار أمام (حزب الله) إمّا تجرع (سم) التسوية وإما الذهاب نحو حرب تتجاوز الأوامر الإيرانية وكل الاعتبارات اللبنانية ولا سيما حماية ما بقي من بيئته الحاضنة».


مقالات ذات صلة

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف وسط بيروت

المشرق العربي موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (ا.ب)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف وسط بيروت

سُمع دوي انفجارات عدة مدوية في العاصمة اللبنانية، فجر اليوم، مع دخول الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله شهرها الثالث.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:54

مقتل مدير مستشفى و6 من زملائه في قصف إسرائيلي على شرق لبنان

قُتل مدير مستشفى دار الأمل قرب بعلبك في شرق لبنان مع ستة من زملائه العاملين في المستشفى، الجمعة، في ضربة إسرائيلية استهدفت منزله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف وسط بيروت

موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (ا.ب)
موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (ا.ب)
TT

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف وسط بيروت

موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (ا.ب)
موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (ا.ب)

استهدفت ضربة جوية إسرائيلية، فجر اليوم (السبت)، مبنى سكنياً في قلب بيروت بـ«خمسة صواريخ» ودمرته بالكامل وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية، في حين تدخل الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله شهرها الثالث.

عمال إنقاذ وسكان يبحثون عن ضحايا في موقع غارة إسرائيلية في بيروت (ا.ب)

وأوردت الوكالة الرسمية، أن العاصمة اللبنانية «استفاقت على مجزرة مروّعة، حيث دمّر طيران العدوّ الإسرائيلي بالكامل مبنى سكنياً مؤلفاً من ثماني طبقات بخمسة صواريخ في شارع المأمون بمنطقة البسطة».