لبنان: الموقوفون الإسلاميون ماضون بإضرابهم عن الطعام ويلوّحون بالتصعيد

طالبوا بالعفو العام وتخفيض السنة السجنية وعدم تسليم السوريين للنظام

إضراب نزلاء سجن رومية يدخل الأسبوع الثاني (الوكالة الوطنية للإعلام)
إضراب نزلاء سجن رومية يدخل الأسبوع الثاني (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

لبنان: الموقوفون الإسلاميون ماضون بإضرابهم عن الطعام ويلوّحون بالتصعيد

إضراب نزلاء سجن رومية يدخل الأسبوع الثاني (الوكالة الوطنية للإعلام)
إضراب نزلاء سجن رومية يدخل الأسبوع الثاني (الوكالة الوطنية للإعلام)

يعيش السجناء في لبنان أوضاعاً مأساوية جرّاء الإهمال المتمادي صحيّاً واجتماعياً وحتى إنسانياً، وتراجُع قدرة الدولة على تلبية حاجاتهم؛ وهذا ما تُرِجم بعشرات حالات الوفاة التي شهدتها السجون، وآخرها السجين عمر حميّد الذي قضى قبل أسبوعين نتيجة أزمة قلبية ألمّت به في سجن رومية، والتأخّر بنقله إلى المستشفى، على حدّ زعم رفاقه نزلاء المبنى «ب» المخصص للموقوفين الإسلاميين، الذين دخلوا أسبوعهم الثاني من الإضراب عن الطعام؛ احتجاجاً على تردي أوضاعهم ولا مبالاة الدولة بمعاناتهم، ملوحين بـ«تحرّك واسع سيؤدي حتماً إلى انفجار يصعب تداركه».

كلّ المحاولات التي قام بها ضباط وعناصر قوى الأمن المسؤولون عن حماية سجن رومية، لثني السجناء الإسلاميين عن وقف إضرابهم عن الطعام وامتناعهم عن تسلّم الوجبات اليومية باءت بالفشل، وأفاد أحد السجناء الذي يقود مع رفاق له حركة الاعتراض، بأنهم «سلّموا إدارة السجن لائحة بمطالبهم، أولها مقابلة موفد عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي؛ للبحث معه في تحريك قانون العفو العام ووضعه على جدول اهتمام الحكومة ومجلس النواب، وتخفيض السنة السجنية إلى ستة أشهر بدلاً من تسعة أشهر، وتحديد سقف زمني لعقوبة المؤبد والإعدام التي لا تنفّذ». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «السجناء بشر يحق لهم العيش بكرامة حتى وإن كانوا فاقدي الحريّة، نحن نعاني وضعاً سيئاً للغاية؛ إذ لا طعام ولا شراب مستوفي الشروط والسجناء محرومون من وجبة اللحم أو الدجاج منذ أشهر طويلة، ولا خدمات صحيّة ولا وجود لأطباء داخل السجن إلّا في أيام محددة وأوقات محددة، وهذا ما عرّض حياة كثيرين للخطر، وتسبب بوفاة عشرات السجناء كان آخرهم الشاب عمر حميّد». ورأى السجين الذي رفض ذكر اسمه، أن «تردّي أوضاع السجون والسجناء وغياب الدولة عن هذه المعاناة سيقودان إلى انفجار حتمي في سجن رومية وكلّ السجون اللبنانية، وعندها يصبح تدخل الدولة والوعود بالإصلاح بلا جدوى».

ومنذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان أواخر عام 2019، تراجعت حالات التصادم والاحتكاك ما بين السجناء وضباط وعناصر الأمن المولجين حماية السجون، خصوصاً مع الموقوفين الإسلاميين نزلاء المبنى «ب» في سجن رومية، والذين كانوا يحفّزون السجون الأخرى على رفع الصوت؛ وذلك تحسساً منهم بأن قوى الأمن «ليست مسؤولة عن الأزمة»، ويسعى المعنيون بحماية المبنى المذكور لإيصال الوجبات إلى الزنازين، إلّا أن محاولاتهم تبوؤ بالفشل جرّاء إغلاق النوافذ لمنع إدخال الطعام منها، وأوضح مصدر أمني معني بملفّ السجون لـ«الشرق الأوسط»، أن القوى الأمنية «تتعاطى بمسؤولية حيال مطالب السجناء المضربين عن الطعام». وأشار إلى أن «إدارة سجن رومية تحاول تحقيق المطالب التي تقع ضمن اختصاصها وإمكاناتها». وقال: «بما خصّ مطالب مقابلة السجناء لعائلاتهم خارج القضبان، قدّم الصليب الأحمر اللبناني قاعة مخصصة لهذه المقابلات، وقريباً جداً يبدأ التنفيذ». أما بشأن غياب وجبات الطعام التي تحتوي اللحوم، فلفت إلى أن «هذا الواقع ينال كلّ السجناء، وكانت هناك مبادرة من دار الفتوى لإدخال وجبات على حسابها، لكن في إحدى المرات ضُبط تهريب هواتف داخل وجبات الطعام، ومنذ ذلك الوقت توقّفت هذه المبادرة».

ويحتوي المبنى «ب» على نحو 500 محكوم وموقوف قيد المحاكمة بينهم 200 سوري، وكشف المصدر الأمني، عن أن نزلاء هذا المبنى المضربين عن الطعام «أضافوا مطلباً جديداً إلى قائمتهم، يتمثّل بعدم تسليم السوريين الذين ينهون تنفيذ عقوباتهم إلى النظام السوري؛ حتى لا يجري تصفيتهم». وقال: «هذا الأمر عُرض على جهاز الأمن العام الذي تعهّد دراسة ملفات هؤلاء، وأن كلّ سجين لديه وضع أمني مع بلاده تجري معالجة ملفّه وفق القوانين المرعية الإجراء».

وإزاء غياب الاهتمام الرسمي بأوضاع السجون، يبرز دور الجمعيات والمنظمات التي تحاول التخفيف من هذه الأزمة، ودخلت مؤسسة «ريستارت» لمناهضة التعذيب، على خطّ المعالجة وتقديم بعض الخدمات التي تسدّ غياب الدولة، وأكدت رئيسة المؤسسة سوزان جبّور لـ«الشرق الأوسط»، أن السجون اللبنانية وخصوصاً سجن رومية «تعاني أوضاعاً صعبة للغاية، خصوصاً في موضوع الطبابة». وقالت: «إذا أرادت قوى الأمن الداخلي التعاقد مع أطباء، فإنها تحتاج إلى كلفة مالية غير متوفرة حالياً، عدا عن أن أغلب الأطباء لا يقبلون هذا التعاقد بالنظر لصعوبة التعامل مع السجون وأوضاعها الأمنية والإنسانية والمسؤوليات التي تترتب عليهم».

ورأت جبّور أن «الجمعيات تسعى للتخفيف من معاناة السجناء وسدّ بعض الثغرات، لكنها ليست بديلة عن الدولة»، مشيرة إلى أن «موضوع السجون يحتاج إلى ورشة كبيرة وواسعة وخطة لهيكلتها وإيجاد الموارد الكافية لتصحيح أوضاعها على كل الصعد»، لافتة إلى أن «المبادرات الفردية لا تكفي لتحقيق كلّ المطالب؛ لأن الدولة هي المسؤولة عن السجون والسجناء أولاً وأخيراً».

من جهته، كتب النائب اللواء أشرف ريفي عبر منصة «إكس»: «لليوم السابع يستمر إضراب السجناء في المبنى (ب) في رومية وسط غيابٍ تام للمعالجة في المطالب الإنسانية المحقة والبديهية». وقال: «حذّرنا وننبّه بأن استمرار الوضع الكارثي في سجن رومية وباقي السجون سيؤدي إلى وضع صعب جداً؛ لذلك أدعو الدول الصديقة وكل المهتمين بالشأن الإنساني إلى مدّ يد المساعدة لتفكيك القنبلة الموقوتة في السجون اللبنانية».


مقالات ذات صلة

نحو 3000 إصابة في الخرق الأمني على «حزب الله»

المشرق العربي عناصر أمنية أمام أحد المستشفيات في بيروت لتسهيل مرور سيارات الإسعاف التي تنقل المصابين (أ.ف.ب)

نحو 3000 إصابة في الخرق الأمني على «حزب الله»

وصل عدد الإصابات نتيجة الخرق الأمني الإسرائيلي الذي استهدف «حزب الله» إلى نحو 2800 إصابة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سيارات إسعاف تحيط بالناس عند مدخل المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت، في 17 سبتمبر 2024، بعد أن ضربت الانفجارات مواقع في عدة معاقل لحزب الله في أنحاء لبنان (أ.ف.ب)

الصحة اللبنانية تعلن مقتل 9 وإصابة 2750 بتفجير أجهزة اتصال محمولة

قالت وزارة الصحة اللبنانية إن تسعة قتلوا ونحو 2750 أصيبوا، منهم 200 في حالة حرجة، في سلسلة انفجارات متزامنة لأجهزة اتصال محمولة (بيجرز) في أنحاء لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية عبوة ناسفة كانت خلية مزعومة لجماعة "حزب الله" تخطط لاستخدامها في هجوم ضد مسؤول أمني إسرائيلي كبير سابق في 17 سبتمبر 2024 (جهاز شين بيت الإسرائيلي)

إسرائيل تحبط مخططاً لـ«حزب الله» لاغتيال مسؤول أمني سابق

أعلن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي ("شين بيت")، اليوم (الثلاثاء)، أنه أحبط مخططا لجماعة "حزب الله" اللبنانية لاغتيال مسؤول دفاعي كبير سابق خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي تظهر هذه الصورة الملتقطة من إسرائيل على طول الحدود مع جنوب لبنان دخاناً يتصاعد فوق قرية الوزاني اللبنانية أثناء القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

بعد قصف آلية للدفاع المدني... لبنان يشكو إسرائيل في مجلس الأمن

أعلن لبنان اليوم (الثلاثاء) تقديم شكوى أمام مجلس الأمن بعد استهداف إسرائيل آلية تابعة للدفاع المدني في جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من بلدة حولا حيث قتل عنصر في «حزب الله» وإصابة 4 أشخاص في قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

«حزب الله» يؤكد جهوزية «المقاومة» للمواجهة في حال توسّع الحرب

جدّد مسؤولو «حزب الله» التأكيد أن «المقاومة جاهزة للمواجهة في حال توسيع الحرب» مقابل التهديدات المستمرة التي يطلقها المسؤولون الإسرائيليون.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

جرحى جراء انفجار أجهزة لاسكية في سوريا

سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى مستشفى في بيروت في 17 سبتمبر 2024، بعد وقوع انفجارات في العديد من معاقل «حزب الله» في جميع أنحاء لبنان وسوريا (أ.ف.ب)
سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى مستشفى في بيروت في 17 سبتمبر 2024، بعد وقوع انفجارات في العديد من معاقل «حزب الله» في جميع أنحاء لبنان وسوريا (أ.ف.ب)
TT

جرحى جراء انفجار أجهزة لاسكية في سوريا

سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى مستشفى في بيروت في 17 سبتمبر 2024، بعد وقوع انفجارات في العديد من معاقل «حزب الله» في جميع أنحاء لبنان وسوريا (أ.ف.ب)
سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى مستشفى في بيروت في 17 سبتمبر 2024، بعد وقوع انفجارات في العديد من معاقل «حزب الله» في جميع أنحاء لبنان وسوريا (أ.ف.ب)

أفادت مصادر في شرطة العاصمة السورية، اليوم (الثلاثاء)، بانفجار سيارة على الطريق الواصل بين نفق المواساة ودوار كفرسوسة بدمشق.

وأشارت المصادر إلى انفجار جهاز لاسلكي داخل السيارة، وتم نقل أربعة أشخاص إلى مشفى المواساة بدمشق، حسب وكالة الأنباء الألمانية. ويأتي الانفجار بالتزامن مع تفجير أجهزة لاسلكية في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت أسفر عن إصابة العشرات من الأشخاص.

من جهته، أفاد «المرصد السوري» بوصول عدد من عناصر «حزب الله» اللبناني إلى المستشفيات في دمشق ومحافظة ريف دمشق إثر تعرضهم لإصابات بعد انفجار أجهزة الاتصال.

عاجل «حزب الله» يحمل إسرائيل مسؤولية انفجار أجهزة الاتصالات في لبنان ويقول إن «المجرم» سينال بالتأكيد قصاصه العادل