تراجع لهجة وعمليات «حزب الله» يقابله مواصلة إسرائيل قصفها المكثف

مسؤول في الحزب: ليس أمامنا إلا الصبر والصمود

غارة إسرائيلية تستهدف أحراج بلدة زبقين في جنوب لبنان (رويترز)
غارة إسرائيلية تستهدف أحراج بلدة زبقين في جنوب لبنان (رويترز)
TT

تراجع لهجة وعمليات «حزب الله» يقابله مواصلة إسرائيل قصفها المكثف

غارة إسرائيلية تستهدف أحراج بلدة زبقين في جنوب لبنان (رويترز)
غارة إسرائيلية تستهدف أحراج بلدة زبقين في جنوب لبنان (رويترز)

دخلت المواجهات العسكرية بين «حزب الله» وإسرائيل منذ فترة في مرحلة من الاستقرار النسبي، بعدما بات واضحاً أن لا اتجاهاً لدى الطرفين، أقله في المرحلة الراهنة، بتوسعة القتال. لكن تراجع لهجة وعمليات «حزب الله» يقابله مواصلة إسرائيل قصفها المكثف للقرى والبلدات اللبنانية الواقعة بشكل أساسي جنوب نهر الليطاني.

الصبر والصمود

ورغم تراجع حدة خطاب مسؤولي «حزب الله» بعد الرد على اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر، الذي وُصف بـ«المحدود»، كون أن التهديد والوعيد الذي سبق الرد كان يوحي باستعداد الحزب لضربة كبيرة تؤدي تلقائياً لتوسعة الحرب، فإن ذلك لم يمنع هؤلاء من تأكيد مواصلة القتال طالما أن الحرب مستمرة في غزة.

وفي تصريح له، الجمعة، عدَّ نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله»، الشيخ علي دعموش، أنه طالما «من المستبعد أن يرضخ نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) لأي ضغوط داخلية أو خارجية، فإنه سيواصل عدوانه على غزة والضفة ولبنان، ليس أمامنا في فلسطين ولبنان ومحور المقاومة سوى مواصلة المعركة والصبر والصمود والتمسك بالأرض والحقوق ومواصلة جبهات الإسناد لاستنزاف العدو والضغط عليه في الميدان»، مشدداً على أنه «الطريق الوحيد لإيقاف عدوانه وإفشال مشاريعه».

أعمدة الدخان تتصاعد من موقع استهدفه الجيش الإسرائيلي في قرية كفركلا الحدودية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تراجع لهجة الحزب

ويعزو رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري- أنيجما»، رياض قهوجي، عودة إسرائيل و«حزب الله» إلى قواعد الاشتباك التي كانت سائدة قبل اغتيال شكر، لـ«قرار واضح من (حزب الله) بعدم التصعيد. فحتى لو شهدنا عمليات اغتيال أخرى، فهي لن تتجاوز ما شهدناه بعيد اغتيال شكر»، متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» عن «قناعة لدى الحزب بأن نتنياهو بات متمرداً على القرار الأميركي وسيواصل محاولاته لجر واشنطن إلى مواجهة كبيرة مع إيران ومحور الممانعة». وأضاف أن: «الحزب يعي تماماً أن القواعد التي كانت سائدة على حدود لبنان قبل الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) لن تبقى كما كانت، وهناك تغيير قادم حتماً، لذلك نلحظ تراجعاً كبيراً في لهجته وخطاباته كما في ردوده العسكرية المحدودة جداً، إذ نراه تقريباً يقصف المواقع نفسها يومياً».

خطر نتنياهو

ويشير قهوجي إلى أنه في مقابل كل ذلك «لا نلحظ تراجعاً من إسرائيل، فقد استمرت بوتيرة غاراتها، كما أنها تتحين الفرص لاستهدافات واغتيالات لعناصر وقياديي الحزب، وإن لم تكن بمستوى الفترة الماضية نفسه؛ لأن تحركات الحزب على الأرض تراجعت، وبالتالي عدد الأهداف المتاحة لإسرائيل بات أقل».

وقال قهوجي: «عندما تكون هناك فرصة للطرف الإسرائيلي كي يصعّد فهو لن يتوانى عن التصعيد حتى التوصل لاتفاق دبلوماسي يستطيع أن يسوقه على شكل إنجاز بالنسبة إليه. أما الحرب الموسعة التي كان كثيرون يخشونها فقد تراجعت احتماليتها نتيجة قرار الحزب بعدم الانجرار إليها، ونتيجة الضغوط الأميركية على إسرائيل»، لافتاً إلى أن الخطر الوحيد يبقى في أن استمرار وجود نتنياهو يعني استمرار محاولاته توسعة الحرب».

قصف إسرائيلي مكثف

ميدانياً، واصلت إسرائيل، الجمعة، قصفها المكثف للقرى والبلدات اللبنانية الجنوبية، فاستهدفت بلدة عيترون وحرج بلدة كونين، وأطراف بلدة بيت ليف لجهة بلدة القوزح، وبلدة ميس الجبل. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن شن غارة استهدفت أحد المنازل في بلدة عيترون، أعقبتها بعد أقل من عشر دقائق غارة ثانية دمرت خلالها المنزل بالكامل. كذلك أُفيد عن تعرض المنطقة الواقعة بين تل نحاس والحمامص باتجاه سهل مرجعيون، لقصف مدفعي بالقذائف الفوسفورية، ما تسبب باندلاع النيران. وطال القصف أيضاً بلدات كفركلا والضهيرة وجبل اللبونة والعلام في القطاع الغربي.

في المقابل، أعلن «حزب الله» عن قصف مبانٍ وتجهيزات تجسسية ‏في موقع المطلة وثكنة زبدين وموقع رويسة القرن وموقع ‏معيان باروخ. وفي فترة بعد الظهر، أعلن الحزب عن شن هجوم بـ«مسيرات انقضاضية على تموضعات لقوات العدو في محيط مستوطنة أبيريم، واستهداف مبنى يستخدمه ‏الجنود الإسرائيليون في مستعمرة المنارة».


مقالات ذات صلة

المعارضة ترفض «السلة المتكاملة» لحل الأزمة اللبنانية

المشرق العربي كرسي الرئاسة اللبنانية في قاعة السفراء بقصر بعبدا (غيتي)

المعارضة ترفض «السلة المتكاملة» لحل الأزمة اللبنانية

عاد الحديث مؤخراً في بيروت عن تسويق خارجي وداخلي لطرح يقول بسلة متكاملة للحل، تلحظ اتفاقاً على اسمي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، لكن المعارضة رفضته.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أعضاء من «حزب الله» يحملون الأعلام خلال تجمع إحياءً ليوم شهداء الحزب السنوي في الضاحية الجنوبية لبيروت 11 نوفمبر 2022 (رويترز)

جبهة «إسناد غزة» تكشف الدور الهجومي لسلاح «حزب الله»

فرضت جبهة جنوب لبنان واقعاً جديداً على «حزب الله» الذي بدّل وظيفة سلاحه من الدفاع عن لبنان إلى سلاح هجوم، الأمر الذي يفتح النقاش واسعاً للبحث في مصير هذا السلاح

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (أ.ب)

تحليل إخباري توقيف سلامة يتصدر المشهد السياسي... فهل يعيد خلط الأوراق؟

يتصدر توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، بجرائم مالية، المشهد السياسي، لما يمكن أن يترتب على توقيفه من تداعيات مفتوحة لما لديه من أسرار مالية وسياسية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رياض سلامة قبيل مغادرته مكتبه في «مصرف لبنان» يوم 31 يوليو 2023 بعد 30 عاماً من توليه المنصب (رويترز)

القضاء اللبناني يبقي رياض سلامة موقوفاً ويرحّل استجوابه إلى الاثنين

تسلّم قاضي التحقيق الأول في بيروت ملفّ حاكم «مصرف لبنان» السابق رياض سلامة، وادعاء النيابة العامة المالية ضدّه، وقرر استمرار توقيفه واستجوابه الاثنين المقبل.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الراعي يتوسط النواب آلان عون وإبراهيم كنعان وإلياس بوصعب وسيمون أبي رميا (الوكالة الوطنية)

النواب السابقون بكتلة باسيل يلمّحون إلى «تحالف وطني» بالانتخابات الرئاسية اللبنانية

لمح النائب اللبناني إبراهيم كنعان المستقيل من «التيار الوطني الحر»، إلى محاولة تشكيل «تحالف وطني» بهدف انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

اتفاق عراقي - أميركي على خطة لانسحاب «التحالف الدولي»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يلتقي وزير الدفاع العراقي محمد العباسي في البنتاغون في واشنطن 23 يوليو 2024 (أرشيفية - رويترز)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يلتقي وزير الدفاع العراقي محمد العباسي في البنتاغون في واشنطن 23 يوليو 2024 (أرشيفية - رويترز)
TT

اتفاق عراقي - أميركي على خطة لانسحاب «التحالف الدولي»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يلتقي وزير الدفاع العراقي محمد العباسي في البنتاغون في واشنطن 23 يوليو 2024 (أرشيفية - رويترز)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يلتقي وزير الدفاع العراقي محمد العباسي في البنتاغون في واشنطن 23 يوليو 2024 (أرشيفية - رويترز)

توصلت واشنطن وبغداد إلى اتفاق حول خطة انسحاب قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من الأراضي العراقية. ونقلت «رويترز» عن مصادر عدة أن الخطة تتضمن خروج مئات من قوات التحالف بحلول سبتمبر (أيلول) من عام 2025، والبقية بحلول نهاية العام التالي. وينتظر الاتفاق موافقة قيادة البلدين وتحديد موعد للإعلان عنه. وقال مسؤول أميركي كبير: «توصلنا إلى اتفاق، وحالياً يتعلّق الأمر فقط بموعد الإعلان عنه».

وقالت «رويترز» إن المعلومات استندت إلى 5 مسؤولين أميركيين، ومسؤولين من دول التحالف الأخرى، و3 مسؤولين عراقيين، تحدثوا جميعاً بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مخولين بمناقشة الأمر علناً.

علاقة استشارية

ووفق المصادر، تسعى الولايات المتحدة والعراق أيضاً إلى إقامة علاقة استشارية جديدة يمكن أن تشهد بقاء بعض القوات الأميركية في العراق بعد الانسحاب.

وقال أحد المصادر إنه كان من المقرر في البداية إصدار إعلان رسمي قبل أسابيع، لكنه تأجل بسبب التصعيد الإقليمي المتعلق بالحرب الإسرائيلية في غزة وتسوية بعض التفاصيل المتبقية، لافتاً إلى إمكانية «الإعلان عن الصفقة خلال الشهر الحالي».

وقالت وزارة الخارجية العراقية، الشهر الماضي، إن بغداد قررت تأجيل موعد إعلان انتهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بسبب «التطورات الأخيرة»، في إشارة إلى قصف قاعدة «عين الأسد».

وقال وزير الخارجية فؤاد حسين إن «مفاوضات الانسحاب لم تتوقف، لكن ظروفها تغيّرت».

وقبل ذلك، سربت مصادر عراقية أن «العراق يريد أن تبدأ قوات التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في الانسحاب في سبتمبر المقبل وإنهاء عمل التحالف رسمياً بحلول سبتمبر 2025، مع احتمال بقاء بعض القوات الأميركية بصفة استشارية وفق تفاوض جديد».

وحينها، رأت فصائل مسلحة موالية لإيران تأجيل إعلان انسحاب «التحالف الدولي» من العراق مبرراً لاستئناف هجماتها بـ«وتيرة أعلى»، بعد «فشل الدبلوماسية» و«مماطلة واشنطن» في المفاوضات مع الحكومة العراقية.

صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)

وقال فصيلان منضويان فيما يعرف بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» إنهما «جاهزان لاستئناف العمليات»، وإن «الهدنة التي رعتها الحكومة العراقية انتهت عملياً».

وجاء الاتفاق بعد أكثر من 6 أشهر من المحادثات بين بغداد وواشنطن، التي بدأها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في يناير (كانون الثاني) 2023، وسط هجمات الفصائل المسلحة المدعومة من إيران على القوات الأميركية المتمركزة في القواعد العراقية.

ومنذ فبراير (شباط) الماضي، حافظت الحكومة العراقية على هدنة حرجة مع الفصائل المسلحة، بزعم أنها المسؤولة الحصرية عن مفاوضات انسحاب القوات الأميركية.

وكان الاتفاق بين الحكومة والفصائل، عبر وساطات سياسية شيعية، يستند بالدرجة الأساسية إلى أن أي عمل عدائي ضد الأميركيين سيدمر مفاوضات انسحابهم نهائياً من العراق، كما يقول مسؤولون.