فوجئ سكان العاصمة السورية دمشق، بتوجيه محافظة دمشق دعوة إليهم للانضمام إلى جلسات الحوار التي ستجريها تحت عنوان «من أجل دمشق نتحاور باعتبار أن كل مواطن مسؤول»، للمشاركة في حوار حول مستقبل مدينتهم.
وقالت المحافظة في بيان صادر عنها نشرته وسائل الإعلام، إنها ستقيم «جلسات حوارية تشاركية تهدف للتعرف على آراء ومقترحات أهالي المدينة حول المشروعات والخدمات اللازمة لتنمية الأحياء وتطويرها». وأكد البيان سعي المحافظة لأن تكون جلسات الحوار «فرصة قيّمة» للمساهمة الفعالة في رسم المستقبل، عادّاً آراء ومقترحات المواطنين «المفتاح لتحقيق تنمية مستدامة تلبي احتياجات جميع أفراد المجتمع والأجيال القادمة». ودعت محافظة دمشق كل من يرغب بالمشاركة للانضمام إلى الحوار ليكونوا «جزءاً من هذا الحوار البناء والمثمر».
وعدّت صحيفة «الوطن» المحلية هذه المبادرة الأولى من نوعها في سوريا، لافتة إلى أنها تأتي في إطار «اللامركزية الإدارية، وانطلاقاً من مبدأ: كل مواطن مسؤول». وقالت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه السابقة لافتة في توقيتها المتزامن مع توقيع محافظة دمشق وبلدية طهران «اتفاق توأمة» لتعزيز وتعميق التعاون وتبادل الخبرات في مختلف المجالات.
وقالت المصادر إن الإسراع في توقيع اتفاق التوأمة يؤكد وجود إلحاح إيراني ضاغط على الحكومة السورية لتنفيذ مشروعات مدنية تشارك فيها إيران، بهدف تجذير وجود إيران في العاصمة دمشق وفرض سيطرتها عليها. ورجحت المصادر أن تكون محافظة دمشق قد لجأت إلى دعوة الأهالي للمشاركة بطرح آرائهم عبر الحوار «لرمي كرة التباطؤ في ملعب الرأي العام المحلي»، لأنه معلوم مسبقاً أن الوجود الإيراني في دمشق يستفز الدمشقيين عموماً.
وكان رئيس بلدية طهران، علي رضا زاكاني، صرح الخميس، عقب توقيع اتفاقية التوأمة مع محافظ دمشق، بأن الاتفاقية تهدف إلى «تنمية التعاون بشتى المجالات». وقال إن «أهم الأعمال والمشروعات تنفذها طهران في مجال النقل العام، وما وصلت إليه فيما يخص مترو الأنفاق وتحويل جميع حافلات النقل العام إلى العمل بالطاقة الكهربائية وإدارة ملف النفايات الصلبة، وغيرها من المشروعات للنهوض بالواقع الخدمي والاقتصادي للمدينة».
وأبدى محافظ دمشق، طارق كريشاتي، استعداد محافظة دمشق للتعاون مع بلدية طهران للنهوض بمستوى الخدمات والمساهمة في تنفيذ مجموعة من المشروعات الاستراتيجية التي تحتاج إليها دمشق، مثل مترو الأنفاق وملف النفايات وقطاع النقل، وفق ما نقلته وكالة «سانا» الرسمية.
ومن المشروعات المطروحة في دمشق مترو الأنفاق لتخفيف الازدحام المروري، ويتألف كمرحلة أولى من 16 محطة بطول 17 كيلومتراً كمرحلة أولى، ويمتد من منطقة المعضمية غرب المحافظة إلى منطقة القابون شرقاً، علماً بأن منطقتي المعضمية والقابون دمرتا بنسبة تصل إلى 70 في المائة خلال الحرب. ومن المشروعات إحداث مواقف للسيارات تحت الحدائق العامة، وهي مشروعات تم تداول أنباء عن إقامة أحدها تحت حديقة السبكي مع بداية الحرب قبل أكثر من 10 سنوات، ولم يتحقق رغم تهديم الحديقة وإعادة بنائها ببطء، وتم خلالها إغلاقها مع أنها تعدّ من أهم المساحات الخضراء التي تتنفس منها العاصمة.
وعادت تلك المشروعات لتطرح مؤخراً، لكن تحت حديقة الجاحظ العريقة، الأمر الذي نفته المحافظة بعد موجة انتقادات لتلك الأفكار التي عدّت نوعاً من تخريب ذاكرة المدينة.
وأثارت دعوة محافظة دمشق إلى التحاور من أجل دمشق كثيراً من الاستغراب، إذ سبق وجرى تمرير كثير من المشروعات الكبرى التي من شأنها تغيير وجه العاصمة من دون اهتمام يذكر بالانتقادات الكثيرة التي أثيرت حولها، وما قد تلحقه من أضرار بالسكان، بحسب ما وصل إليه تحقيق استقصائي.
ونشرت منصة «سيريا إنديكيتور» تحقيقاً حول وضع سكان منطقة المزة - بساتين الرازي في دمشق، بعد تهجيرهم من بيوتهم عام 2017 تنفيذاً لمرسوم رئاسي صدر في 2012، نص على إحداث مشروعي «ماروتا سيتي» و«باسيليا سيتي». وبحسب التحقيق، تُقدر العائدات الاستثمارية المتوقعة من «ماروتا سيتي» وحدها بما يراوح بين 52 و105 تريليونات ليرة تقريباً (ما يُعادل ما بين 3.5 و7 مليارات دولار).
وبحسب المنصة، ينطوي ملف المشروعين على تفاصيل «يتداخل فيها الفساد بسوء التخطيط والإدارة، وتأثير العقوبات بصراع على النفوذ والمال»، حيث تحول ملاك العقارات الذين هجروا إلى «متسولين على أبواب محافظة دمشق، وأبواب المكاتب العقارية»، بحسب تعبير أحد المتضررين.
ومن بين 7500 عائلة أخليت من بيوتها، استحقت 5500 عائلة «مساكن بديلة»، على أن تُسدد أثمانها، إلا أن أحداً لم يتسلم منزله، حيث تسير أعمال مشروع «ماروتا سيتي» ببطء شديد.