مساعٍ عراقية لاحتواء غضب الأطباء

الحكومة قررت تعيين نحو 30 ألف خريج... و«الداخلية» تتبرأ من العنف

TT

مساعٍ عراقية لاحتواء غضب الأطباء

جانب من مظاهرة للأطباء في بغداد (إكس)
جانب من مظاهرة للأطباء في بغداد (إكس)

شددت الحكومة العراقية، الأربعاء، على منع تكرار استخدام العنف ضد المتظاهرين، فيما أكد مسؤول بارز أن القوات الأمنية باشرت التحقيق في أحداث «المنطقة الخضراء».

وكانت الشرطة العراقية قد فضت بالقوة احتجاجاً لآلاف الأطباء؛ تظاهروا أمام «المنطقة الخضراء»، وسط بغداد، للمطالبة بوظائف، فيما أعلنت وزارة الداخلية أن عناصرها «تعرضوا للضرب بالحجارة».

وقرر رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، فتح تحقيق في ملابسات العنف، وشدد على أن جميع العراقيين «يتمتعون بحق التظاهر السلمي لضمان حقوقهم المشروعة».

وقالت الحكومة إن رئيس الوزراء «وجه قائد (عمليات بغداد) بالوجود الميداني في كل مظاهرة مستقبلاً؛ من أجل منع تكرار ما حصل من احتكاك بين القوات الأمنية والمتظاهرين».

وقال حسين علاوي، وهو أحد مستشاري رئيس الحكومة، إن «قيادة العمليات المشتركة شكلت لجنة تحقيق وبدأت جمع الأدلة والحقائق حول مظاهرة خريجي المهن الصحية أمام (المنطقة الخضراء)، التي شهدت احتكاكاً مع القوات الأمنية».

وأوضح علاوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «رئيس الحكومة شدد بوضوح على عدم تكرار ما حصل، من خلال معالجة جذر المشكلة بإجراءات شاملة».

وفي وقت لاحق، أصدرت الحكومة قراراً بتعيين نحو 29 ألفاً من خريجي المهن الطبية والتمريضية.

خريجون عراقيون في مظاهرة قرب «المنطقة الخضراء» للمطالبة بوظائف (أرشيفية - إ.ب.أ)

تعيين إلزامي

بدوره، أكد الخبير القانوني علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تعيين ذوي المهن الصحية إلزامي وفق التعيين المركزي، عملاً بـ(قانون المهن الصحية لعام 2006)».

وقال التميمي إن «التعديل الرابع لهذا القانون الذي أقر عام 2024 لا يطبق على خريجي السنوات السابقة... وأعطى صلاحية للوزير بأن يكون التعيين وفق الحاجة».

وأوضح التميمي أن «الخريجين المتضررين من (عدم) التعيينات يمكنهم الطعن أمام المحكمة الإدارية، أو طلب استجواب الوزير المختص من قبل مجلس النواب».

في المقابل، نشرت وزارة الداخلية مقاطع مصورة أظهرت إلقاء متظاهرين حجارة على القوات الأمنية.

وكتب الناطق باسم وزارة الداخلية، العميد مقداد ميري، على منصة «فيسبوك»، إن المتظاهرين من ذوي المهن الطبية اعتدوا على القوت الأمنية، وأرفق مقطع فيديو بشأن ذلك.

وتابع ميري: «تعرض أكثر من 15 منتسباً لجروح؛ بعضها بليغة؛ نتيجة اعتداء بعض المتظاهرين على أفراد الوحدة المكلفة حماية المظاهرة؛ مما تسبب في الاحتكاك».

إلى ذلك، رجحت اللجنة المالية في البرلمان إمكانية أن تتعرض البلاد لأزمة مالية بسبب انخفاض أسعار النفط وازدياد أعداد الموظفين والعاملين في القطاع الحكومي الذين بلغوا أكثر من 6 ملايين موظف ومتقاعد.

وحتى مع قدرة الحكومة على الإيفاء بتعهدها وقرارها تعيين خريجي هذا العام، فإن معظم المصادر الطبية ترجّح «استحالة قدرتها» في السنوات المقبلة، مع الزيادة المفرطة في أعداد الخريجين في الكليات الطبية.

وحذّرت نقابة أطباء الأسنان في العراق المواطنين من تسجيل أبنائهم الطلبة في كليات طب الأسنان في العام الدراسي المقبل.

وكذلك تحذّر نقابة الصيادلة، وبدرجة أقل، نقابة الأطباء منذ سنوات من الأعداد الكبيرة للخريجين التي تفوق الطاقة الاستيعابية لحجم السكان في البلاد ومؤسساتها الطبية.

وتقول مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة الخريجين ستتفاقم مع مرور الوقت، وستجد الحكومة نفسها عاجزة تماماً عن استيعاب أعدادهم الكبيرة، ويُتوقع أن تكون من بين أقوى التحديات المطروحة على أجندة الحكومات المقبلة».

ويُشاع على نطاق واسع في العراق أن غالبية الجامعات والكليات الأهلية مملوكة لشخصيات وأحزاب سياسية نافذة، بالنظر إلى المداخيل العالية التي تحققها.

وتقول مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تكلفة السنة الواحدة للطالب لا تقل عن 10 ملايين دينار (نحو 7 آلاف دولار)، لكن معظم المختصين في المجال الصحي يشتكون من ضعف مستويات الخريجين لعدم التزام تلك الكليات بالمعايير الصحيحة لتدريس الطلبة علوم الطب الحديث.


مقالات ذات صلة

رئيس «النزاهة» العراقية: قاضي «سرقة القرن» أمر باعتقالي

المشرق العربي رئيس «هيئة النزاهة» القاضي حيدر حنون (يمين) خلال مؤتمر صحافي في أربيل

رئيس «النزاهة» العراقية: قاضي «سرقة القرن» أمر باعتقالي

في مؤتمر صحافي غلب عليه التوتر والصراخ، كشف رئيس «هيئة النزاهة» العراقية عن صدور مذكرة قبض بحقه على خلفية التحقيق في «سرقة القرن».

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي تصاعد الدخان من موقع هجوم بسيارة مفخخة في شمال العاصمة بغداد في 9 يونيو 2014 (رويترز)

مقتل 3 أشخاص باستهداف مسيّرة لمركبتهم في كردستان العراق

قُتل ثلاثة أشخاص، اليوم الأربعاء، حين استهدفت مسيّرة مركبتهم في كردستان العراق، على ما قال مسؤول محلي في الإقليم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي خريجون عراقيون في مظاهرة بالقرب من المنطقة الخضراء للمطالبة بوظائف (أرشيفية - إ.ب.أ)

«عنف مفرط» لفض احتجاج الأطباء في بغداد

خرج الآلاف من خريجي المهن الطبية مع عائلاتهم في مظاهرات ببغداد، (الثلاثاء)، أمام أبواب المنطقة الخضراء الحكومية؛ احتجاجاً على عدم تعيينهم في القطاع العام.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي نائب قائد العمليات المشتركة في موقع الغارة المشتركة غرب الأنبار (إعلام حكومي)

الجيش العراقي يستولي على وثائق مهمة لـ«داعش»

كشف العراق عن ارتفاع عدد قتلى تنظيم «داعش» في الغارة والإنزال المشتركين مع القوات الأميركية غرب محافظة الأنبار، وقال إن «الجيش استولى على وثائق مهمة».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي العلم السويسري يرفرف في مدينة لوسيرن (رويترز)

بعد 33 عاماً... سويسرا تعيد فتح سفارتها في العراق

أعادت سويسرا فتح سفارتها في العراق بعد فترة إغلاق دامت 33 عاماً.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

مقرّبون من نتنياهو يسعون إلى إطاحة غالانت وهليفي

بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت في صورة تعود إلى 28 أكتوبر 2023 (رويترز)
بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت في صورة تعود إلى 28 أكتوبر 2023 (رويترز)
TT

مقرّبون من نتنياهو يسعون إلى إطاحة غالانت وهليفي

بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت في صورة تعود إلى 28 أكتوبر 2023 (رويترز)
بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت في صورة تعود إلى 28 أكتوبر 2023 (رويترز)

بعد أن تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن قراره إقالة وزير دفاعه، يوآف غالانت، وقادة الأجهزة الأمنية؛ خوفاً من رد الفعل الجماهيري، قام عدد من المقربين منه بإطلاق حملة لممارسة ضغوط جماهيرية عليهما دفعهما إلى التنحي.

وفي هذا الإطار، بعث وزير الشتات الإسرائيلي، عميحاي شيكلي، وأربعة أعضاء كنيست من حزب الليكود، الأربعاء، برسالة إلى الوزير غالانت، قالوا له فيها: «إذا كنت متعباً - نناشدك الاستقالة».

وكتب شيكلي وأعضاء الكنيست موشيه سعادة، وعميت هاليفي، وأريئيل كيلنر وأفيحاي بورون: «حتى الآن امتنعنا عن توجيه نداء عام مشترك إليكم من منطلق الرغبة في تخفيف التوترات، لكن أحداث الأيام القليلة الماضية تركت أثرها، ولم تُبقِ لنا أي خيار. إن شعب إسرائيل ومقاتليه يستحقون وزير أمن يقودهم إلى النصر والحسم، وزيراً يكره العدو ويتسم بالعناد الصارم ضده. وزير أمن لا يستسلم للإرهابيين بل يخضعهم. وزير أمن يدرك أن مقتل الأبناء يجب ألا يذهب سدى، الوزير الذي يحترم الجمهور الذي أرسله لتنفيذ سياسة الأمن القومي بروح جدار جابوتنسكي الحديدي».

وتستخدم الرسالة لغة الجماعة، في إشارة إلى جميع قادة أجهزة الأمن، رئيس الأركان هيرتسي هليفي، ورئيس الموساد دافيد بارنياع ورئيس المخابرات العامة (الشاباك)، رونين بار، وتقول: «إن كنتم متعبين من الطريق وغير قادرين على الثبات في وجه الباحثين عن قتلنا، فنناشدكم أن تذهبوا وتعودوا إلى منازلكم وتتركوا العمل المقدس في أيدي الآخرين القادرين على ذلك والذين يستحقون جيل النصر الرائع الذي أشرق أمام أعيننا وتفاني الجنود وتضحياتهم».

وفي مواجهة المطلب الجماهيرية من نتنياهو بأن يتحمل مسؤولية الإخفاقات عن هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يدير اليمين حملة تُستخدم فيها الكلمات نفسها ضد غالانت وقادة الجيش والمخابرات: «أنتم مسؤولون عن الإخفاق فلماذا لا تتحملون المسؤولية وتستقيلون؟».

وكان مراقب الدولة الإسرائيلي، متنياهو إنغلمان، وهو أيضاً مقرب من نتنياهو، قد وجه انتقادات شديدة إلى المستويين السياسي والعسكري، وطالب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ورئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، ورئيس الشاباك، رونين بار، وكذلك المستشارة القضائية لحكومة، غالي بهاراف ميارا، بالتوقف عن إحباط تحقيقات حول الإخفاقات الإسرائيلية في 7 أكتوبر وقبله وبعده والعودة الى القيم التي ميزت إسرائيل في الماضي حول تحمّل المسؤولية. وقال إنغلمان في كلمة أمام مؤتمر نقابة المحامين المنعقد في تل أبيب، إن إسرائيل ستحيي قريباً مرور سنة على أحداث 7 أكتوبر، «وعلينا الآن أن نشير باستقامة إلى إحدى النتائج الصعبة خلال الشهور السابقة، وهي تآكل خطير وغير مسبوق في إحدى القيم الأساسية، قيمة تحمل المسؤولية». وأضاف أنه «لا يوجد في إسرائيل اليوم تحمل مسؤولية، لا في المستوى السياسي ولا في المستويين الأمني والمدني. بل على العكس. مواطنو إسرائيل يشهدون تسريبات منهجية، هدفها إلقاء المسؤولية على جهة أخرى. ولا توجد رقابة أو تقصي حقائق موضوعي لا يجري من خلال وضع عراقيل».

ومع أن إنغلمان شمل نتنياهو في انتقاده، إلا أن المقربين منه أكدوا أن غرضه هو القول إن نتنياهو ليس وحده يتحمل المسؤولية، بل كل رؤساء الأمن.