«عنف مفرط» لفض احتجاج الأطباء في بغداد

الآلاف طالبوا بوظائف بالمستشفيات... والحكومة تفتح تحقيقاً في «الملابسات»

خريجون عراقيون في مظاهرة بالقرب من المنطقة الخضراء للمطالبة بوظائف (أرشيفية - إ.ب.أ)
خريجون عراقيون في مظاهرة بالقرب من المنطقة الخضراء للمطالبة بوظائف (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«عنف مفرط» لفض احتجاج الأطباء في بغداد

خريجون عراقيون في مظاهرة بالقرب من المنطقة الخضراء للمطالبة بوظائف (أرشيفية - إ.ب.أ)
خريجون عراقيون في مظاهرة بالقرب من المنطقة الخضراء للمطالبة بوظائف (أرشيفية - إ.ب.أ)

خرج الآلاف من خريجي المهن الطبية مع عائلاتهم في مظاهرات ببغداد، (الثلاثاء)، أمام أبواب المنطقة الخضراء الحكومية؛ احتجاجاً على عدم تعيينهم في القطاع العام مع مرور أكثر من سنة على تخرجهم.

ويأتي التحرك الجديد بعد أقل من 10 أيام من مظاهرة مماثلة قاموا بها بالقرب من وزارة المالية، المسؤولة عن تخصيص الدرجات الوظيفية في المؤسسات الحكومية.

واحتج كثيرون على استخدام العنف المفرط من قبل الشرطة لقمع الاحتجاج، لكن في المقابل يتحدث مراقبون عن صعوبات في تعيين هذا العدد الكبير من الموظفين، مع احتمالية العجز عن صرف رواتبهم مستقبلاً.

وتعرّض عدد كبير من المتظاهرين إلى حالات ضرب من قبل عناصر مكافحة الشغب التي أحاطت المتظاهرين بطوق أمنى شديد الصرامة؛ ما أدى إلى وقوع أكثر من 25 إصابة بين المتظاهرين.

وتحدّث ناشطون عن «فقدان أثر 11 متظاهراً» يعتقد بأنهم احتُجزوا من عناصر الأمن.

وأفاد شهود عيان بأن قوات الشغب استخدمت الضرب بالهراوات وخراطيم المياه الحارة؛ لتفريق المتظاهرين؛ ما تسبب في إصابات شديدة لدى بعض المتظاهرين.

وخلال مساء الثلاثاء، قرر ئيس الحكومة فتح تحقيق في ملابسات ما حصل مع المتظاهرين، وشدد على أن جميع العراقيين «يتمتعون بحق التظاهر السلمي لضمان حقوقهم المشروعة».

وجاءت المظاهرة بعد يوم واحد من موافقة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على تعيين قرابة 60 ألف من خريجي ذوي المهن الطبية والصحية.

وأعلنت الحكومة «مفاتحة مجلس الوزراء للموافقة على إضافة التخصيصات المالية اللازمة لسد النقص في الدرجات الوظيفية لذوي المهن الطبية والصحية».

لكن يبدو أن «الوعد الحكومي» لم يكن كافياً لامتصاص غضب الخريجين المشككين، خصوصاً مع تكرار تأخر قضية التعيين بالنسبة للاختصاصات الطبية كل عام تقريباً.

«اعتداء متكرر»

وأعربت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، (الثلاثاء)، عن رفضها للاعتداءات المتكررة التي تطال المتظاهرين من ذوي المهن الطبية، مؤكدة حق التظاهر وسلميته.

ودعا رئيس اللجنة أرشد الصالحي، في بيان، وزارة الداخلية إلى «فتح تحقيق عاجل وشامل في تلك الاعتداءات لضمان محاسبة المسؤولين عنها».

وأشار الصالحي، إلى أن «التوسع الكبير في عدد الجامعات الأهلية، خصوصاً في أقسام المجموعات الطبية، قد أدى إلى تقييد قدرة وزارتَي الصحة والمالية على استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين».

وأضاف أن «هذا الوضع غير العادل يتطلب من الدولة توفير الدرجات الوظيفية اللازمة لهؤلاء الخريجين، وعدم تأجيل تعيينهم».

صورة متداولة في «إكس» للحظة هروب متظاهرين من قوات مكافحة الشغب

وطالب الصالحي، بـ«ضرورة إعادة النظر في سياسات قبول الطلاب في أقسام المجموعات الطبية بالجامعات الأهلية؛ لضمان عدم تراكم أعداد الخريجين في السنوات المقبلة».

ويلزم القانون رقم 6 لعام 2000 السلطات بتعيين أصحاب المهن الطبية في المشافي والمؤسسات الصحية حال تخرجهم في الكليات والجامعات.

وحتى مع قدرة الحكومة على الإيفاء بتعهدها وقرارها تعيين الخريجين لهذا العام، فإن معظم المصادر الطبية ترجّح «استحالة قدرتها» في السنوات المقبلة، مع الزيادة المفرطة في أعداد الخريجين في الكليات الطبية.

خريجون فوق الحاجة

وحذّرت نقابة أطباء الأسنان في العراق، المواطنين من تسجيل أبنائهم الطلبة في كليات طب الأسنان في العام الدراسي المقبل.

وكذلك تحذّر نقابة الصيادلة، وبدرجة أقل، نقابة الأطباء منذ سنوات من الأعداد الكبيرة للخريجين التي تفوق الطاقة الاستيعابية لحجم السكان في البلاد ومؤسساتها الطبية.

وتقول مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة الخريجين ستتفاقم مع مرور الوقت، وستجد الحكومة نفسها عاجزة تماماً عن استيعاب أعدادهم الكبيرة، ويُتوقع أن تكون من بين أقوى التحديات المطروحة على أجندة الحكومات المقبلة».

وتضيف أن «خريجي كليات الطب العام ما زالت أمامهم فرصة للتعيين بالنظر لعدم افتتاح كليات أهلية، باستثناء كلية واحدة، والعكس صحيح في حال الكليات الأهلية التي افتُتحت في بقية التخصصات».

وتعتقد المصادر بأن «أكبر جناية ارتكبتها السلطات المتعاقبة وبضغط من الأحزاب والقوى النافذة، هي سماحها بافتتاح العشرات من الكليات الأهلية في تخصصات الصيدلة وطب الأسنان وبقية المهن الطبية».

ويُشاع على نطاق واسع في العراق، أن غالبية الجامعات والكليات الأهلية مملوكة لشخصيات وأحزاب سياسية نافذة بالنظر للمداخيل العالية التي تحققها.

وتقول مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن تكلفة السنة الواحدة للطالب لا تقل عن 10 ملايين دينار (نحو 7 آلاف دولار)، لكن معظم المختصين في المجال الصحي يشتكون من ضعف مستويات الخريجين لعدم التزام تلك الكليات بالمعايير الصحيحة لتدريس الطلبة علوم الطب الحديث.


مقالات ذات صلة

الجيش العراقي يستولي على وثائق مهمة لـ«داعش»

المشرق العربي نائب قائد العمليات المشتركة في موقع الغارة المشتركة غرب الأنبار (إعلام حكومي)

الجيش العراقي يستولي على وثائق مهمة لـ«داعش»

كشف العراق عن ارتفاع عدد قتلى تنظيم «داعش» في الغارة والإنزال المشتركين مع القوات الأميركية غرب محافظة الأنبار، وقال إن «الجيش استولى على وثائق مهمة».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي العلم السويسري يرفرف في مدينة لوسيرن (رويترز)

بعد 33 عاماً... سويسرا تعيد فتح سفارتها في العراق

أعادت سويسرا فتح سفارتها في العراق بعد فترة إغلاق دامت 33 عاماً.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية جانب من تدريبات لمقاتلي حزب «العمال الكردستاني» التركي في شمال العراق (أرشيفية - أ.ف.ب)

تركيا تشنّ غارات ضد «العمال الكردستاني» بشمال العراق

أعلنت تركيا اليوم (الثلاثاء) شنّ غارات جوية جديدة تستهدف حزب العمال الكردستاني في مناطق جبلية بشمال العراق.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من قوات البيشمركة الكردية خلال تدريب الأسبوع الماضي على فاعلية أنظمة التصويت في أربيل مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في كردستان في 20 أكتوبر المقبل (أ.ف.ب)

إضرابات عن العمل في كردستان احتجاجاً على تأخر المرتبات

تجددت احتجاجات الموظفين في إقليم كردستان العراق عقب تأخر وصول مرتباتهم على مدى الشهرين الماضيين، في حين هدد موظفو مؤسسات حكومية بإضراب شامل.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مواطنون قبالة جسر على شط العرب في البصرة جنوب العراق يوم الأحد (أ.ف.ب)

نائب عراقي يتحدث عن «شبهات فساد» بمشروع للسكك الحديدية

التزمت وزارة النقل العراقية الصمت حيال اتهامات فساد تطول عقداً لإنشاء خط للسكك الحديدية يربط جنوب البلاد بشمالها، ويصل كذلك إلى الحدود مع السعودية.

فاضل النشمي (بغداد)

فتاوى عن تربية القطط وعمل المرأة تثير «انتقادات سوشيالية» في مصر

وزير الأوقاف المصري أسامة الأزهري يطعم قطة في صحن المسجد (صفحة الأزهر على «فيسبوك»)
وزير الأوقاف المصري أسامة الأزهري يطعم قطة في صحن المسجد (صفحة الأزهر على «فيسبوك»)
TT

فتاوى عن تربية القطط وعمل المرأة تثير «انتقادات سوشيالية» في مصر

وزير الأوقاف المصري أسامة الأزهري يطعم قطة في صحن المسجد (صفحة الأزهر على «فيسبوك»)
وزير الأوقاف المصري أسامة الأزهري يطعم قطة في صحن المسجد (صفحة الأزهر على «فيسبوك»)

أثارت فتاوى أطلقها دعاة مصريون بشأن تربية الحيوانات الأليفة، ومنها القطط، وكذلك عمل المرأة، انتقادات وجدلاً واسعاً بين روّاد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، ما دفع دار الإفتاء المصرية للرد عليها.

وتصدّر اسم الداعية الإسلامي المصري عبد الله رشدي، الباحث في شؤون الأديان والمذاهب بالأزهر الشريف، «التريند» بعد منشورات متتالية على حساباته حول المرأة العاملة.

وانتقد «رشدي» في منشور له «المرأة التي تجعل عملَها والتَّزَلُّفَ لمديرِها أهمَّ من طاعة زوجِها»، مشدداً على أن «الزوج أولى من العمل».

ثم وجّه في منشور آخر الزوجَ الذي يجد تعالياً من زوجته بـ«إخراجها من حياته»، وهي المنشورات التي تفاعلت مع «السوشيال ميديا»، موجِّهةً سهام نقدها للداعية، مشيرةً إلى أنه يتعمّد إثارة الجدل والبلبلة في الفضاء الإلكتروني لتصدّر «التريند».

واستهجن آخرون ما قاله الداعية واصفين إياه فتنةً مجتمعية، وطالبوه بالعدول عن كلامه، وتصحيح موقفه. كما أشار آخرون إلى أن صاحب المنشور فجّر العديد من الأزمات بتصريحات وآراء وفتاوى مثيرة للجدل، وقُدِّم ضده عدد من البلاغات بدعوى إهانة المرأة، وإثارة الفتن الطائفية.

وتناقل روّاد آخرون منشوراً نشرته الصفحات الرسمية لدار الإفتاء المصرية، الثلاثاء، لتوضيح حُكم خروج المرأة للعمل للإنفاق على أسرتها، مشيرةً إلى أن «المرأة التي تخرج للعمل للإنفاق على نفسها أو بيتها لها بابٌ عظيم من أبواب الأجر والثواب».

وفي المقابل، برّر آخرون موقف الداعية، بداعي أن عمل المرأة هو لـ«الضرورة فقط»، وأن بيتها يظل «أولوية»، لكنهم أشاروا في الوقت ذاته إلى أن النموذج الذي يتحدث عنه رشدي هي «حالات لا تمثل الغالبية في مجتمعاتنا».
على صعيد موازٍ، أطلق أحد مشايخ وزارة الأوقاف المصرية، الداعية محمد أبو بكر، فتوى مثيرة للجدل، كشف خلالها عن حكم تربية القطط، وأفادت الفتوى بتحريم الإسراف في إنفاق الأموال على طعامها.
وأكّد الشيخ، خلال برنامج تلفزيوني، أن الأصل في القطط أن تكون في الشوارع، وليس في البيوت، مشيراً إلى أن الأموال التي تُنفق تخرج للعمل للإنفاق على طعام القطط يجب أن توجّه للبشر الأكثر احتياجاً.
وهو ما تفاعل معه عدد كبير من روّاد التواصل الاجتماعي بانتقاد صاحب الفتوى، كما طالب البعض بمحاسبة مَن يفتي؛ لكون الفتوى نفسها أو بيتها لها أهلها.
واهتم جانب كبير بابٌ عظيم من التعليقات بإبراز أهمية الرحمة والعطف على الحيوانات، مذكّرين بقصة الرجل الذي دخل الجنة لسقيه كلباً، والمرأة التي دخلت النار لتعذيبها قطة.
لكن الشيخ رمضان عاد مجدداً ليؤكد أنه «لا يحرّم إطعام الحيوان أبواب الأجر والثواب، وقد لا يكون للأسرة عائلٌ أو علاجه، لكنه ضد الإسراف ساعٍ على متطلبات المعيشة غيرها، كما أخبر القرآن الكريم في صرف الأموال على الحيوانات». قصَّة موسى عليه السلام عن الفتاتين اللَّتين كانتا ترعيان الغنم لأبيهما {قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى...
وبشكل واسع تناقل عدد من روّاد التواصل الاجتماعي فتوَى صادرة من — دار الإفتاء المصريّة بجواز تربية القطط ورعايتها، التي جاءت كرد فعل على الفتوى.
ومع تفاعل دار الإفتاء مع الفتويَين الأخيرتين، أبدى البعض إشفاقهم على الدار لملاحقتها تلك الفتاوى.
وكان مفتي الديار المصرية، الدكتور نظير عياد، أكّد الأسبوع الماضي، أنّ «دار الإفتاء المصرية ملتزمة بتقديم الفتاوى التي تستند إلى العلم الشرعي الصحيح، وتأخذ في الاعتبار التطورات المعاصرة لتلبية احتياجات المواطنين وتحقيق التوازن بين الأصالة والمعاصرة».
وأضاف، خلال استقباله وكيل لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) ورئيس جامعة الأزهر الأسبق الدكتور أسامة العبد: «نسعى دائماً إلى تطوير آليات الفتوى، وجعلها أكثر ارتباطاً بواقعنا المعاصر، بما يُسهم في تعزيز دَور الفتوى في توجيه الناس نحو الخير والصواب، ويحقّق المصلحة العامة للوطن والأمة».