حيوانات قطاع غزة الأليفة تشارك الغزيين المصير

تطبيق برنامج علاج نفسي على الحيوانات يقوم على دمجهم مع السكان

TT

حيوانات قطاع غزة الأليفة تشارك الغزيين المصير

توعية سكان غزة بالاهتمام بالحيوانات الأليفة (سلالة فيسبوك)
توعية سكان غزة بالاهتمام بالحيوانات الأليفة (سلالة فيسبوك)

لم تسلم الحيوانات الأليفة، كما البشر في غزة، من الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ ما يقرب 11 شهراً، ومثل السكان هناك، عانت الحيوانات القتل والتدمير والنزوح والجوع، والصدمات النفسية أيضاً.

منذ بداية الحرب، قُتل عدد لا يحصى من الحيوانات الأليفة في منازل هدمت فوق رؤوس ساكنيها، وفي الشوارع وحدائق الحيوانات، بينما خدم الحظ حيوانات أخرى. وفي حين يحاول الغزيون النجاة بحياتهم، فإن أصحاب هذه الحيوانات يبذلون جهداً لإنقاذ حياتها هي أيضاً.

يقول أحمد أبو شبيطة، من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، الذي اضطر في شهر مايو (أيار) الماضي، إلى مغادرة منزل عائلته تاركاً خلفه قطته الوحيدة، إنه منذ عاد بعد 20 يوماً إلى منزله، لم تفارقه القطة حتى أثناء نومه.

قطة مصابة في غزة (الشرق الأوسط)

أضاف لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تركتها شعرت بأني تركت قطعة مني. لم أستطع تخيل أن تموت تحت القصف، كان مشهداً مرعباً بالنسبة لي. لكني وجدتها قد صمدت ونجت وعاشت على بعض الماء. احتضنتها بشدة، ومنذ ذلك الوقت نتقاسم كل شيء، الطعام، الماء وتنام بقربي».

تعيش قطة أبو شبيطة ما يعيشه هو ومن حوله، ساعة بساعة، ويروي كيف أنها تفزع معهم من أصوات القصف. يقول: «تشعر مثلنا تماماً. لكن يؤلمني أني لا أستطيع أن أخفف عنها».

مصير مجهول لمقهى القطط

ظاهرة الاهتمام بالحيوانات الأليفة، حديثة في غزة وازداد في السنوات الأخيرة، اهتمام الغزيين خصوصاً الشبان والشابات، بتربية الحيوانات الأليفة، (القطط وبعض أنواع الكلاب)، وهو أمر كان سابقاً غير مرغوب. وقد دفع ذلك سيدة غزية قبل الحرب بثلاثة أشهر، لافتتاح مقهى أطلقت عليه «مياو كافيه»، مخصص لمحبي القطط. لكن مع بداية الحرب، تضرر بشكل كبير، ولا يُعرف مصير صاحبته أو قططها.

عيادة بيطرية وسط خيام النزوح في غزة (الشرق الأوسط)

وإذا كان أبو شبيطة قرر أن ينجو بنفسه أولاً ثم ندم، فإن نيرمين حمدان من سكان حي الصطفاوي شمال قطاع غزة، رفضت النزوح من منزلها إلى أحد مراكز الإيواء وسط مدينة غزة، قبل 4 أشهر من دون «دوتي»، قطتها التي تعتني بها منذ سنوات.

قالت حمدان لـ«للشرق الأوسط»: «دوتي صاحبتي عاشت معي لحظاتي السعيدة والحزينة، لم أستطع تركها تواجه مصيرها وحدها، قررت أن يكون مصيرنا واحداً».

وأضافت: «هذه روح مثلي مثلها، وأنا متعلقة بها كما هي متعلقة بي، ولا تكاد تتركني في أي مكان أكون فيه».

مستويات الجوع في غزة «كارثية» (رويترز)

لا يوجد اليوم في قطاع غزة من يعتني بالحيوانات، وتكاد الجمعيات المتخصصة أن تختفي مع عدم قدرة العالم على حماية سكان غزة وإطعامهم. ويمكن ملاحظة أعداد أقل من الحيوانات في الشوارع، فهي إما قُتلت أو تشاهد هزيلة بفعل الجوع والحرب.

لم تنس مريم عوض، اللحظة التي وجدت فيها قطتها وابنتها الصغيرة في عداد الموتى بعد أن عادت إلى منزلها المتضرر في مدينة غزة، تقول لـ«لشرق الأوسط»: «حزنت كثيراً وشعرت بالذنب». اعتقدت أنها ستعود بعد ساعات أو أيام من طلب إسرائيل النزوح من مساكنهم في حي الصفطاوي؛ لذا تركت قطتها هناك، لم تعرف أن الأمر سيطول لنحو 3 أشهر.

منذ صُدمت بوفاة قطتها، تساعد مريم عوض صديقتها نيرمين حمدان في الاهتمام بقطتها الموجودة معهما في مركز الإيواء، وتبكي كلما حملتها. «أكثر ما أحزنني أنها ماتت مقتولة. كانت تنزف. كان الدم يملأ المكان»، قالت بتأثر.

ملجأ في رفح

من جهة أخرى، حمل كثير من الغزيين حيواناتهم معهم في رحلات النزوح الطويلة، من أقصى الشمال حتى أقصى الجنوب، وتكدس أكبر عدد ممكن من هذه الحيوانات في رفح بالجنوب؛ ما اضطر عائد نجم الطبيب والمختص البيطري، إلى افتتاح مخيم لإيواء هذه الحيوانات، بعدما كان بقاؤها في مخيمات النازحين أمراً صعباً ومعقداً.

عائد نجم الطبيب الذي يعتني بالحيوانات الأليفة مع فريقه في غزة (الشرق الأوسط)

يقول نجم لـ«الشرق الأوسط»: النازحون الذين اصطحبوا حيواناتهم الأليفة، لم يستطيعوا إبقاءها في خيامهم بسبب العدد الكبير داخلها من أفراد العائلات. حتى حدائق الحيوانات في رفح تحولت مراكز إيواء؛ لذا اضطررنا إلى تجهيز ملجأ صغير توضع فيه القطط والكلاب وغيرها من الحيوانات الأليفة.

وقد أشرف نجم مع مجموعة من زملائه على الملجأ الذي جرى بناؤه في أحد مراكز النزوح، وكان يقدم الرعاية والعلاج وحتى عمليات للحيوانات. وأكد نجم أن أكثر العمليات التي يضطر إلى القيام بها، هي جراحة لحيوانات تعرّضت للبتر أو لعمليات جراحية أخرى.

عيادة بيطرية مؤقتة للدكتور عائد نجم في رفح اضطر نقلها إلى دير البلح مع التهجير الإسرائيلي (الشرق الأوسط)

لكن الأمر لم يدم طويلاً، فانتقل نجم مع الملجأ والحيوانات إلى دير البلح بعد اقتحام رفح، وقام بفتح خيمة ميدانية متواضعة عيادةً طبية. ويعمل نجم على معالجة الحيوانات بما تيسر من أدوات وعلاج. يقول: «نلجأ لبدائل تقليدية منزلية بسيطة».

وإضافة إلى العمليات الجراحية، يهتم نجم ورفاقه بتقديم علاجات للحيوانات التي تعرّضت للصدمة، «الحيوانات تأثرت كما البشر في قطاع غزة بالصدمة نتيجة الحرب، اضطررنا إلى تطبيق برنامج كامل نُفذ في الولايات المتحدة للعلاج النفسي؛ لمساعدة الحيوانات الأليفة، وكان ذلك ناجحاً بعد دمجها مع النازحين والمواطنين». وأضاف: «لمسنا التأثير الإيجابي عليها».

مستلزمات للحيوانات الأليفة في غزة (الشرق الأوسط)

عيادة نجم واحدة بين عيادات أخرى قليلة، بعد أن دمّر القصف معظم العيادات في مناطق متفرقة من القطاع، إضافة إلى المستودعات والمحال المتخصصة لطعام وإكسسوارات الحيوانات الأليفة.

كان لدى نجم عيادة كبيرة في مدينة رفح. لكن وحتى قبل الحرب، كان عدد الأطباء البيطريين في غزة وعياداتهم قليلاً؛ نظراً لأن الاهتمام بالحيوانات بدأ منذ سنوات قليلة.

جمعية «سلالة» تعنى بالكلاب السائبة في غزة (موقع الجمعية)

وأقيمت بين عامي 2008 و2012 بعض حدائق الحيوانات، خصوصاً بعد تهريب الكثير منها عبر الأنفاق مع مصر قبل الحرب. كان يوجد في غزة ما لا يقل عن 8 حدائق للحيوانات تضم أنواعاً مختلفة غالبيتها من الأليفة، لكن هذه الحدائق خرجت بشكل شبه كامل عن الخدمة نتيجة أسباب مختلفة، منها العدوان الإسرائيلي المتكرر على القطاع.

وتحتضن مدينة رفح أكبر حديقة للحيوانات في قطاع غزة، وقد فقدت الكثير من حيواناتها نتيجة قصف طالها بشكل مباشر وكذلك في محيطها، بينما جرى إخلاء الكثير من الحيوانات إلى دير البلح وسط القطاع.

موت الأسود

وقال بعض المشرفين عن الحديقة لـ«الشرق الأوسط»: كان في تلك الحديقة 11 أسداً، منهم 5 لقوا حتفهم في الحرب نتيجة القصف المباشر أو لانعدام الطعام والرعاية الصحية، في حين تم إخلاء 3 من الأسود إلى دير البلح بعد اقتحام المدينة من قِبل الجيش الإسرائيلي، و3 أخرى بقيت هناك في ظروف غير مناسبة ولم يُعرف مصيرها حتى الآن، وسط محاولات من مؤسسات دولية مختصة بالحيوانات للوصول إليها. وبحسبهم، فإن حيوانات أخرى لقت حتفها نتيجة القصف وانعدام توفر الغذاء والدواء لها.


مقالات ذات صلة

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
يوميات الشرق بإمكان الجميع بدء حياة أخرى (أ.ب)

شبل الأسد «سارة» أُجليت من لبنان إلى جنوب أفريقيا لحياة أفضل

بعد قضاء شهرين في شقّة صغيرة ببيروت مع جمعية للدفاع عن حقوق الحيوان، وصلت أنثى شبل الأسد إلى محمية للحيوانات البرّية بجنوب أفريقيا... هذه قصتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق «مو دينغ» يُكثّف نجوميته (أ.ب)

أغنية رسمية بـ4 لغات لفرس النهر التايلاندي القزم «مو دينغ» (فيديو)

إذا لم تستطع رؤية فرس النهر التايلاندي القزم، «مو دينغ»، من كثب، فثمة الآن أغنية رسمية مميّزة له بعدما بات الحيوان المفضَّل لكثيرين على الإنترنت.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
يوميات الشرق عدد الفيلة في النوعين مجتمعين بلغ ما بين 415 ألف و540 ألف فيل حتى عام 2016 (رويترز)

انخفاض كبير في أعداد الأفيال الأفريقية خلال نصف قرن

واختفت الأفيال من بعض المواقع بينما زادت أعدادها في أماكن أخرى بفضل جهود الحفاظ عليها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مهارة مذهلة (إكس)

فِيلة تُذهل العلماء... «ملكة الاستحمام» عن جدارة! (فيديو)

أذهلت فِيلةٌ آسيويةٌ العلماءَ لاستحمامها بنفسها، مُستخدمةً خرطوماً مرناً في حديقة حيوان ألمانية، مما يدلّ على «مهارة رائعة».

«الشرق الأوسط» (برلين)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)
تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)
تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة، و«سيعمل على إعادة المدنيين الأبرياء المحتجزين كرهائن إلى ديارهم».

وأضافت أنه «سيعيد فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران، ومحاربة الإرهاب، ودعم إسرائيل».

ووفقاً لما نقله الموقع عن مصادر، فإن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عندما اتصل بترمب لتهنئته على فوزه في الانتخابات، أخبره هرتسوغ أن إطلاق سراح الرهائن الـ101 «قضية ملحة» وقال لترمب: «عليك إنقاذ الرهائن»، الذي قال رداً على ذلك إن جميع الرهائن تقريباً ماتوا على الأرجح، ولكن الرئيس الإسرائيلي ذكر أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد أن نصفهم ما زالوا على قيد الحياة.

وقال أحد المصادر: «لقد فوجئ ترمب، وقال إنه لم يكن على علم بذلك»، وأكد مصدران آخران أن ترمب قال إنه يعتقد أن معظم الرهائن ماتوا.

وعندما التقى هرتسوغ بايدن في البيت الأبيض في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، طلب منه العمل مع ترمب بشأن هذه القضية حتى يتولى ترمب منصبه.

وبعد يومين، عندما استضاف ترمب في اجتماع لمدة ساعتين في المكتب البيضاوي، أثار بايدن مسألة الرهائن واقترح عليه العمل معاً للدفع نحو التوصل إلى اتفاق.

وقال بايدن لعائلات الرهائن الأميركيين، في اجتماع عقد بعد ساعات قليلة من لقاء ترمب: «لا يهمني إن كان ترمب يحصل على كل الفضل ما دام أنهم سيعودون إلى الوطن».

ولفت الموقع إلى أن المفاوضات بشأن صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار عالقة منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

وفي اجتماع عُقد في وقت سابق من هذا الأسبوع، أخبر قادة الجيش الإسرائيلي والموساد والشين بيت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنهم يعتقدون أن حركة «حماس» من غير المرجح أن تتخلى عن شروطها للانسحاب الإسرائيلي من غزة وإنهاء الحرب.

وأخبروه أنه إذا كانت الحكومة الإسرائيلية مهتمة بالتوصل إلى صفقة، فيجب عليها تخفيف مواقفها الحالية.

وتضع عائلات الرهائن والمسؤولون الإسرائيليون الآن آمالهم في نجاح ترمب، حيث فشل بايدن حتى الآن في إقناع نتنياهو بإنهاء الحرب في غزة مقابل تحرير الرهائن المحتجزين لدى «حماس».

وقبل أقل من شهرين من تنصيب ترمب، يبدو من غير المرجح أن يحدث اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في أي وقت قريب.

وبدلاً من ذلك، من المرجح جداً أن يرث ترمب الأزمة والمسؤولية عن الأميركيين السبعة المحتجزين لدى «حماس»، والذين يُعتقد أن أربعة منهم على قيد الحياة.