انتقادات لاذعة في دمشق لقرار «شيكات» المائة دولار: غير مدروس وأحرج أكبر مصرف في سوريا

مصدر متابع استبعد إلغاءه لأنه يؤمّن جزءاً من احتياجات البلاد من القطع الأجنبي

صورة نشرتها «الخطوط الجوية السورية» في «فيسبوك» لمسافرين بمطار دمشق
صورة نشرتها «الخطوط الجوية السورية» في «فيسبوك» لمسافرين بمطار دمشق
TT

انتقادات لاذعة في دمشق لقرار «شيكات» المائة دولار: غير مدروس وأحرج أكبر مصرف في سوريا

صورة نشرتها «الخطوط الجوية السورية» في «فيسبوك» لمسافرين بمطار دمشق
صورة نشرتها «الخطوط الجوية السورية» في «فيسبوك» لمسافرين بمطار دمشق

رغم الانتقادات اللاذعة التي وجهت للحكومة السورية بسبب قرارها الجديد بأن يحصل المواطن العائد إلى البلاد عبر مطار دمشق الدولي على «شيك» ورقي بقيمة 100 دولار ملزم بتصريفها قبل دخوله إلى البلاد، على أن يتسلم قيمته لاحقاً من المصارف التجارية بدلاً من الأجهزة الموجودة في المطار، لم تلغِ السلطات القرار، وإنما تراجعت عن بعض ما تضمنه، بينما كشف مصدر متابع في دمشق أن قرار إلزام المواطنين العائدين بتصريف 100 دولار في المنافذ الحدودية، هو من ضمن سياسات السلطة العليا في البلاد، واستبعدت إلغاءه لأنه يؤمن جزءاً من احتياجات البلاد من القطع الأجنبي، عدا عما تكسبه الحكومة من فارق سعر الصرف، إذ تقوم بتصريف الـ100 دولار وفق سعر البنك المركزي، الذي هو أقل بأكثر من 100 ليرة سورية عما هو عليه في السوق السوداء.

وفاجأت وزارة النقل في الحكومة، الخميس الماضي، السوريين العائدين عبر مطار دمشق الدولي بقرار تضمن إعطاءهم «شيكاً» بالمبلغ المالي بالليرة السورية، مقابل الـ100 دولار التي يلتزمون بتصريفها، وفقاً للنشرة الرسمية الصادرة عن المصرف المركزي السوري.

ونقلت الوزارة في صفحتها على موقع «فيسبوك» عن مديرية مطار دمشق الدولي، قولها إنه «بهدف تبسيط وتسريع إجراءات صرف الـ100 دولار من كوات المصرف التجاري السوري، سيتم إعطاء القادمين شيكاً مالياً عوضاً عن المبلغ النقدي».

وذكرت المديرية أن هذا الإجراء «بدأ بشكل تجريبي في مطار دمشق الدولي، وذلك بهدف تخفيف الازدحام الناتج عن تسليم المبلغ من قبل الموظف المختص، وتجنب وقوف القادم لعدّ المبلغ والتأكد منه والتخفيف من عبء حمل مبالغ نقدية»، موضحة أنه يمكن تسلم المبلغ عند تسليم هذا الشيك لأي فرع للمصرف التجاري في جميع المحافظات.

وقال أحد العائدين عبر المطار لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نترقب إلغاء قرار تصريف المائة دولار، ولكن للأسف، تفاجأت بخلق مزيد من التعقيدات، كلنا نشاهد عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي حالات الازدحام الخانقة في المصارف، وأنا أتيت لمدة أسبوع كي أرى أهلي وليس لكي أقضيها في المصارف». ويضيف: «يبدو أن قرار الحكومة الجديد مقدمة لقرارات مستقبلية تتضمن دفع المسافر العائد مائة دولار من أجل دخوله إلى وطنه».

وقوبل القرار بانتقادات لاذعة في المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، إذ كتبت صحيفة «صاحبة الجلالة» المقربة من الحكومة في صفحتها على موقع «فيسبوك»: «فيما يخص قرار الشيك للمائة دولار... لماذا نتحدث عنه بصيغة المتهم المبني للمجهول؟ من اقترح هذا القرار؟ ولماذا؟ ومن وافق عليه؟ حددوا لنا من اقترح ومن وافق، ليس كل قرار غبي يسجل ضد مجهول».

وفي ظل الحرب الدائرة في سوريا منذ عام 2011 والانهيار الاقتصادي والمالي وتراجع الاحتياطي النقدي في المصرف المركزي الحكومي إلى الصفر، بعدما كان نحو 22 مليار دولار في عام 2010، فرضت الحكومة السورية منذ عام 2020 على كل سوري يدخل البلاد عبر المنافذ الحدودية تصريف 100 دولار أميركي وفق سعر «المركزي». وبررت الحكومة آنذاك القرار بحجة «تأمين جزء بسيط من احتياجات البلاد من القطع الأجنبي».

ومنذ صدور القرار يتم صرف الـ100 دولار وفقاً للنشرة الرسمية الصادرة عن «المركزي»، وهو سعر أقل مما هو عليه في السوق السوداء، إذ يصل سعر الدولار الواحد اليوم في الأخيرة إلى أكثر من 14700، في حين يبلغ سعره في نشرة «المركزي» 13600.

وكشف مصدر متابع في دمشق لـ«الشرق الأوسط» أن قرار تصريف 100 دولار في المنافذ الحدودية صدر بتوجيه من السلطات العليا، لافتاً إلى أنه في الفترات العادية يعود إلى البلاد عبر المنافذ الحدودية نحو 5 آلاف شخص يومياً، وفي موسم الصيف يرتفع العدد إلى 30 ألفاً، وبالتالي تحصل الحكومة على مبلغ لا بأس به من العملة الأجنبية، وبالوقت ذاته تجني أرباحاً من فارق سعر الصرف بين نشرة «المركزي» والسوق السوداء.

وبينما أعرب المصدر عن اعتقاده بأن «الجدل على القرار الأخير سيزعج السلطات العليا»، استبعد إلغاء قرار صرف الـ100 دولار في المنافذ الحدودية، وقال إن «التوجه هو لتفعيله وليس لإلغائه».

مصدر في إدارة الهجرة والجوازات بمعبر «جديدة يابوس - المصنع» على الحدود السورية مع لبنان، أوضح بدوره أنه لا يوجد أي طريقة للتملص من تصريف الـ100 دولار بالنسبة للمسافرين السوريين العائدين إلى البلاد. وقال: «الطريقة الوحيدة للإعفاء من تصريف الـ100 دولار هي كتاب موجه من وزير الداخلية اللواء محمد رحمون، وهذا الأمر يحصل أحياناً».

وأشار إلى أن هناك أشخاصاً يُعفون من تصريف الـ100 دولار، بينهم الموظفون الحكوميون ممن لديهم مهمة عمل خاصة خارج البلاد، والدبلوماسيون العائدون من المشاركة بمؤتمرات خارج البلاد، والطلاب الدارسون في جامعات دول عربية أو أجنبية، وكل شخص سنه تحت 18 عاماً.

وفي ظل الانتقادات الحادة للقرار الجديد، أصدر المصرف التجاري يوم الجمعة، وهو يوم عطلة رسمية، توضيحاً صحافياً بشأن القرار الجديد، تضمن تراجعاً بسيطاً عما ورد فيه. ونص التوضيح على «ترك حرية الخيار للمواطن بين تسلم المعادل بالليرات السورية نقداً أو بموجب شيك يتم صرفه ضمن فروع المصرف»، و«اعتبار الشيك الذي يحصل عليه المواطن مقابل تصريف الـ100 دولار قابلاً للتجيير، أي يمكن قبض الشيك من قبل أي شخص آخر يحمل هذا الشيك، مع التأكيد أن الشيك ليست له فترة محددة للصرف».

وأوضح المصرف في توضيحه أنه «سيتم العمل على وضع المقابل النقدي لتصريف الـ100 دولار ضمن ظرف مغلق يتم تسليمه للمواطن من فئة الـ5 آلاف ليرة سورية، وذلك بهدف تسريع العملية وتلافياً لأي نقص»، مشيراً إلى أنه «يمكن للمواطن أن يطلب إيداع المبلغ المقابل في حسابه المصرفي بالمصرف التجاري السوري».

ولم يسلم توضيح «التجاري» من الانتقادات، إذ كتب الخبير الاقتصادي عامر شهدا في صفحته على «فيسبوك»: «إذا كنتم تملكون إمكانية وضع مبلغ المعادل النقدي لمائة دولار بظرف، السؤال؛ لماذا لم يتخذ هذا الإجراء من قبل؟». وأضاف: «من سيقبل الشيك ويقوم بتجييره، ومن سيقبل أن يضع الشيك بحسابه في ظل هذا التضخم؟».


مقالات ذات صلة

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

المشرق العربي رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

في زيارة هي الأولى لزعيم ومسؤول لبناني إلى دمشق بعد سقوط النظام، التقى رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع.

«الشرق الأوسط» (بيروت - دمشق)
المشرق العربي القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز) play-circle 00:32

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وبالتزامن أجرى وزير الدفاع التركي جولة تفقدية على الحدود.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية play-circle 06:14

خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

«هذه ليست غزة. إنه مخيم اليرموك»... لا تكفي قراءة اللافتة مراراً عند مدخل المخيم الفلسطيني المحاذي لدمشق لترسخ هذه الحقيقة في ذهن الزائر.

بيسان الشيخ (مخيم اليرموك (دمشق))
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم

خامنئي: ليس لدينا «وكلاء» في المنطقة

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن بلاده ليس لديها «وكلاء» في المنطقة، مشدداً على أنها «ستتخذ أي إجراء بنفسها دون الحاجة إلى قوات تعمل بالنيابة».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
TT

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)

في زيارة هي الأولى لزعيم ومسؤول لبناني إلى دمشق، بعد سقوط نظام بشار الأسد، التقى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» السابق، وليد جنبلاط، القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع في «قصر الشعب».

وزار جنبلاط، الذي كان أول زعيم ومسؤول لبناني يبادر إلى التواصل مع الشرع، دمشق، على رأس وفد من الحزب وكتلة «اللقاء الديمقراطي»، يضم نجله تيمور، برفقة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، ووفد من المشايخ والإعلاميين.

لعودة العلاقات ومحاكمة عادلة

وتحمل هذه الزيارة، التي هنّأ خلالها جنبلاط، الشرع، بـ«انتصاره»، بعداً وطنياً يرتكز على مستقبل العلاقة بين لبنان وسوريا، فهي تحمل كذلك بعداً درزياً يرتبط بما ستكون عليه علاقة السلطة الجديدة في سوريا مع الأقليات، تحديداً الطائفة الدرزية، في ظل الضغوط الإسرائيلية التي تمارس عليها، وهو ما كان الشرع واضحاً بشأنه في لقائه مع الزعيم الدرزي بالقول: «سوريا لن تشهد بعد الآن استبعاداً لأي طائفة»، مضيفاً أن «عهداً جديداً بعيداً عن الحالة الطائفية بدأ».

وفي كلمة له أثناء لقائه الشرع، هنأ جنبلاط القيادة السورية الجديدة بـ«التحرّر من نظام حكم (بشار) الأسد، والتطلع نحو سوريا الموحدة... عاشت سوريا حرّة أبية كريمة».

أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)

وقال جنبلاط: «من جبل لبنان، من جبل كمال جنبلاط، نحيي هذا الشعب الذي تخلص من الاستبداد والقهر، التحية لكم ولكل من ساهم في هذا النصر، ونتمنى أن تعود العلاقات اللبنانية - السورية من خلال السفارات، وأن يحاسب كل الذين أجرموا بحق اللبنانيين، وأن تقام محاكم عادلة لكل من أجرم بحق الشعب السوري، وأن تبقى بعض المعتقلات متاحف للتاريخ».

وأضاف: «الجرائم التي ارتبكت بحق الشعب تشابه جرائم غزة والبوسنة والهرسك، وهي جرائم ضد الإنسانية، ومن المفيد أن نتوجه إلى المحكمة الدولية لتتولى هذا الأمر والطريق طويل»، مشيراً إلى أنه سيتقدم بـ«مذكرة حول العلاقات اللبنانية السورية».

الشرع: النظام السابق قتل الحريري وجنبلاط والجميل

في المقابل، تعهد الشرع، الذي التقى جنبلاط للمرة الأولى مرتدياً بدلة وربطة عنق، بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة هذا البلد المجاور. وفيما لفت إلى أن «المعركة أنقذت المنطقة من حربٍ إقليميّة كبيرة، وربما من حرب عالمية»، أكد أن «سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني، وهي تقف على مسافة واحدة من الجميع».

ولفت الشرع إلى أن «النظام السابق كان مصدر قلق وإزعاج في لبنان، وهو عمل مع الميليشيات الإيرانية على تشتيت شمل السوريين»، مؤكداً أن «نظام الأسد قتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وكمال جنبلاط وبشير الجميل». وتعهد بأن «يكون هناك تاريخ جديد في لبنان نبنيه سوية بدون حالات استخدام العنف والاغتيالات»، وقال: «أرجو أن تمحى الذاكرة السورية السابقة في لبنان».

أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

وشدد الشرع على حماية الأقليات، قائلاً: «مع اعتزازنا بثقافتنا وبديننا وإسلامنا... لا يعني وجود الإسلام إلغاء الطوائف الأخرى، بل على العكس هذا واجب علينا حمايتهم». وأضاف: «اليوم يا إخواننا نحن نقوم بواجب الدولة في حماية كل مكونات المجتمع السوري».

دروز سوريا

وتحدث عن دروز سوريا تحديداً، مذكراً بأن «الإدارة الجديدة أرسلت وفوداً حكومية إلى مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية في جنوب غرب البلاد»، وقال: «أهلنا في السويداء كانوا سباقين في مشاركة أهلهم في الثورة، وساعدونا في تحرير منطقتهم في الآونة الأخيرة».

وأضاف: «سنقدم خدمات كثيرة، نراعي خصوصيتها، ونراعي مكانتها في سوريا»، وتعهد بتسليط الضوء على ما وصفه بأنه تنوع غني للطوائف في سوريا.

أبي المنى وشعار الدروز

من جهته، قال الشيخ أبي المنى إن «شعب سوريا يستحق هذا السلم، ويستحق الازدهار، لأن سوريا قلب العروبة النابض». وأشار إلى أن «الموحدين الدروز لهم تاريخ وحاضر يُستفاد منه، فهم مخلصون للوطن وشعارهم شعار سلطان باشا الأطرش وشعار الكرامة، وكرامتهم من كرامة الوطن، لذلك نحن واثقون أنكم تحترمون تضحياتهم وهم مرتبطون بوطنهم».

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط في «قصر الشعب» بدمشق قبيل لقائه الشرع (أ.ف.ب)

ارتياح في السويداء

ولاقت زيارة الزعيم الدرزي إلى دمشق ارتياحاً في أوساط السوريين الدروز. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أهلية متقاطعة في السويداء، جنوب سوريا، أن هناك توافقاً بين الزعامات الروحية حول الموقف من «إدارة العمليات» ممثلة بقائدها أحمد الشرع، والتأكيد على العمقين الإسلامي والعربي لطائفة الدروز الموحدين وخصوصية جبل العرب، ودورهم التاريخي في استقلال سوريا كمكون سوري أصيل، وتطلعهم إلى دستور جديد يجمع عليه السوريون.

وحسب المصادر، فإن «هذا الموقف كان مضمون الرسالة التي حملها الوفد الدرزي إلى قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، الأحد، وقد كانت نتائج الاجتماع إيجابية»، واعتبر دروز السويداء أن زيارة جنبلاط «خطوة عقلانية وحكيمة باتجاه الحفاظ على وحدة سوريا، وقطع الطريق على كل من يحاول تخريب العيش المشترك بين جميع السوريين، ووأد الفتن ما ظهر منها وما بطن».

ووفق المصادر، كان وفد درزي من لبنان زار السويداء قبل يوم من زيارة جنبلاط إلى دمشق، والتقى مشيخة العقل في السويداء، حيث قال شيخ العقل حمود الحناوي إنهم يتطلعون إلى «مواقف جنبلاط وأهلنا في لبنان باعتبارها سنداً ومتنفساً للتعاون من أجل مصالحنا كمواطنين سوريين لنا دورنا التاريخي والمستقبلي».

بعد 13 عاماً

ودخل الجيش السوري، لبنان، عام 1976 كجزء آنذاك من قوات عربية للمساعدة على وقف الحرب الأهلية، لكنه تحوّل إلى طرف فاعل في المعارك، قبل أن تصبح دمشق «قوة الوصاية» على الحياة السياسية اللبنانية تتحكّم بكل مفاصلها، حتى عام 2005، تاريخ خروج قواتها من لبنان تحت ضغط شعبي بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في انفجار وجهت أصابع الاتهام فيه إليها ولاحقاً إلى حليفها «حزب الله»، قبل أن تحكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان على اثنين من قادة الحزب بالسجن مدى الحياة، على خلفية قتل 22 شخصاً بينهم الحريري.

ويتهم جنبلاط، دمشق، باغتيال والده كمال في عام 1977 خلال الحرب الأهلية، في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد.

ونُسبت اغتيالات العديد من المسؤولين اللبنانيين الآخرين المناهضين لسوريا إلى السلطة السورية السابقة.

وعلى خلفية هذه الاغتيالات، تأرجحت علاقة الزعيم الدرزي مع النظام السوري السابق، الذي كان قد قاطعه وشنّ هجوماً غير مسبوق على رئيسه المخلوع، واصفاً إياه بـ«القرد» في المظاهرات التي نظمها فريق «14 آذار» إثر اغتيال الحريري عام 2005، قبل أن تعاد هذه العلاقة وترمّم بشكل محدود في عام 2009، لتعود إلى مرحلة العداوة مجدداً مع مناصرة جنبلاط للثورة السورية التي انطلقت عام 2011.

أما اليوم، وبعد 13 عاماً، عاد الزعيم الدرزي إلى دمشق «شامخاً مظفراً بالنصر»، وفق ما وصفه أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، عبر حسابه على منصة «إكس»، مضيفاً: «ها قد عدنا إلى سوريا الحرة مع الأمل الكبير الواعد بأن تنعم سوريا وشعبها بالحرية والديمقراطية والتنوّع والاستقرار والازدهار»، داعياً إلى «بناء أفضل العلاقات التي تحفظ سيادة وحرية واستقلال وطننا الحبيب لبنان وتحفظ سوريا الواحدة الموحدة الأبية».

وتوجه إلى السوريين بالقول: «هنيئاً لكم ولنا الانتصار الكبير، ويبقى الانتصار الأكبر هو الحفاظ على الوحدة الوطنية والحرية والهوية».